الأردن في مرحلة «عزل الذات» عن ترتيبات الأمريكيين «الجاهلة» بأمور غزة وضد الفلسطينيين
عمان جو- بسام البدارين - باتت القناعة راسخة في عمق المؤسسة الأردنية بأن الغطاء المحرج الذي يوفره الحلفاء الأمريكيون لحرب قصف الأطفال في غزة يشكل خطراً داهماً لم يعد من الممكن إنكاره على مصالح «دول الجوار المعتدلة» المباشرة.
القناعة واضحة وسط نخبة عمان السياسية أيضاً بأن إدارة الرئيس جو بايدن سمحت لليمين الإسرائيلي بـ «التلاعب» بمصير واستقرار دول مهمة مثل الأردن ومصر في الجوار، فيما التوقيت أصبح قاتلا؛ لأن عمان أبلغت الأمريكيين بقناعتها التامة أن عدم وقف «الإبادة» الإسرائيلية في غزة قبل انعقاد القمة العربية المقررة يعني إنتاج أكبر مساحة ممكنة من الإحراج.
ثمة ما يلمح لأن الظروف الاقتصادية والعامة في المنطقة لا تسمح بانطلاق «ربيع عربي» جديد فكرته قتل أطفال غزة هذه الأيام.
رسائل تحذيرية أردنية وأخرى مصرية في غاية الاستثنائية، وجهت للأمريكيين خلال الـ 24 ساعة الماضية تحت بند التحذير والأهمية القصوى لوقف النار والصراع العسكري قبل أن تختلط الأوراق في مصر والأردن والعراق وسوريا ولبنان ومعها اليمين.
في رأي وتقدير الناشط السياسي البارز في الولايات المتحدة الدكتور سنان شقديح، باتت حرب قتل أطفال غزة تتحول إلى «لعنة» تطارد الرئيس بايدن، والانطباع الآن -كما يبلغ شقديح «القدس العربي»- حتى في الولايات المتحدة بأن بنيامين نتنياهو أمسك بايدن من رقبته عملياتياً وسياسياً، ويجره الآن إلى منطقة في غاية الخطورة حتى يفلت نتنياهو من الحساب والمساءلة.
الملاحظة نفسها سجلها وزير الخارجية الأردني أيمن صفدي على هامش لقاء مغلق بحضور «القدس العربي» عندما أشار إلى أن بعض الدوائر الغربية بدأت تلاحظ أن الإقليم برمته الآن يتورط، لأن نتنياهو يخطط للإفلات من مصيره المحتوم في المساءلة.
لماذا تصاعدت اللهجة الخشنة: «حماس فكرة لا يمكنها أن تموت بالرصاص»؟
الأردن قرر مبكراً ألا يشارك في تلك «اللعبة الخطرة» وما فهم من الصفدي وغيره من كبار المسؤولين أن عهد الحرص على إنزال إسرائيل عن الشجرة «ولى من غير رجعة» اليوم، لأن عواصم مهمة في المعادلة الفلسطينية بدأت فعلاً «تراجع كل المعطيات» ولأن القناعة راسخة بأن التفويض الأمريكي الذي منحه بايدن بعد 7 أكتوبر لعصابة نتنياهو -حسب وصف رئيس الوزراء الأسبق علي أبو الراغب ـ لم يكن راشداً ولا عاقلاً، بل يجازف بمصالح الحلفاء.
سبق أن حذر أبو الراغب عبر «القدس العربي» من «العصابة التي تحكم تل أبيب» مقترحاً إظهار القدرة على دبلوماسية خشنة بدلاً من الناعمة.
عملياً، لا يوجد في قاموس العلاقات الأردنية الإسرائيلية منذ عام 1994 «أخشن» من التعليقات التي اعتمدها الوزير الصفدي وهو يقرر التحدث مع مجموعة نشطة إعلامياً الأربعاء، في مقر بلدية العاصمة عمان.
هنا قال الصفدي ما لم يقل أردنياً سابقاً.. «حماس فكرة لا يمكنها أن تموت بالرصاص».
تلك ملاحظة دفعت الناشط السياسي الإسلامي الدكتور رامي عياصرة لتوثيق الملحوظة وعبر «القدس العربي»: هذا تصريح صادق وجريء ويعكس الحال… إنه خطوة متقدمة بصراحة في الموقف الرسمي.
والأمر لم يقف عند حدود قناعة الصفدي بخصوص «حماس التي لن تموت» فقط؛ لأن الملكة رانيا العبد الله نفسها وفي حديثها الشهير مع «سي إن إن» قالت إن أجيالاً من المقاومين أكثر صلابة من حماس ستولد في ظل ازدواجية المعايير.
مهم في السياق التدقيق بما نقل عن الصفدي في غرفة بلدية العاصمة تحت عنوان «الأردن ليس طرفاً، ولن يكون طرفاً بأي ترتيب تحت عنوان مستقبل قطاع غزة»… ذلك أيضاً تصريح مثير ومهم ويتناسب مع مقتضيات الاشتباك الأردني حتى برأي الناشط النقابي أحمد أبو غنيمة.
سجل الصفدي مفاجآت إضافية ترضي الرأي العام بالقدر ذاته الذي تظهر فيه «حساسية الموقف» الذي وضعت فيه واشنطن أصدقاءها في المنطقة بعد تفويض بايدن لنتنياهو.
عزل الصفدي بلاده تماماً عن أي سياق أمريكي يحاول التفكير بمستقبل غزة بدون حركة حماس، ثم اعتبر أن الأولوية المطلقة الآن لـ «وقف العدوان» الذي يحرج الضمير الإنساني.
صحيح أن تصريحات الصفدي تشكل مفاجأة سارة للنشطاء والمحتارين، لكن الأصح أن الصفدي «لا ينطق عن الهوى» وهي عبارة رددها ثلاث مرات على مسامع «القدس العربي» تحديداً في عدة مناسبات. ما يقوله وزير الخارجية يمثل «التوجيهات العليا» ووسط خبراء في جلسة مغلقة شرح الوزير: «لا أجتهد في النص والتوجيه.. وهذا موقف الدولة الأردنية».
شرح الرجل ببساطة آلية «التعليمات والحراك الدبلوماسي الاشتباكي»: «رسم القرار الدائرة، ووضع الثوابت الأساسية، وتحرك الجميع في مواقع المسؤولية على هذا الأساس.. وعندما يتعلق الأمر بمصلحة الأردن، فالاعتبارات والأولويات وطنية أولاً».
داخل الدائرة المرسومة، فهم الجميع أن التكتيكات والتحالفات والتوازنات مع المجتمع الدولي مسائل «إجرائية وفنية «كلفت بها الأطقم الدبلوماسية، ولكن بمسألة «احترام موقف الشعب الأردني» يتجه الجميع للاستراتيجي الواضح ويتم تحييد التكتيكي.
الأردن متضرر، حكومة وشعباً، من الحرب الإسرائيلية «الدنيئة» على حد تعبير الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ومستوى وحجم التواطؤ الأمريكي الرئاسي بدون الإصغاء إلى «الخبرة الأردنية والمصرية» تحديداً فتح «ثغرة» يتسلل منها الخطاب الرسمي الأردني الذي يقول بلسان الصفدي عملياً للأمريكيين: «لسنا معكم في الترتيب الجاهل».
«القدس العربي»
القناعة واضحة وسط نخبة عمان السياسية أيضاً بأن إدارة الرئيس جو بايدن سمحت لليمين الإسرائيلي بـ «التلاعب» بمصير واستقرار دول مهمة مثل الأردن ومصر في الجوار، فيما التوقيت أصبح قاتلا؛ لأن عمان أبلغت الأمريكيين بقناعتها التامة أن عدم وقف «الإبادة» الإسرائيلية في غزة قبل انعقاد القمة العربية المقررة يعني إنتاج أكبر مساحة ممكنة من الإحراج.
ثمة ما يلمح لأن الظروف الاقتصادية والعامة في المنطقة لا تسمح بانطلاق «ربيع عربي» جديد فكرته قتل أطفال غزة هذه الأيام.
رسائل تحذيرية أردنية وأخرى مصرية في غاية الاستثنائية، وجهت للأمريكيين خلال الـ 24 ساعة الماضية تحت بند التحذير والأهمية القصوى لوقف النار والصراع العسكري قبل أن تختلط الأوراق في مصر والأردن والعراق وسوريا ولبنان ومعها اليمين.
في رأي وتقدير الناشط السياسي البارز في الولايات المتحدة الدكتور سنان شقديح، باتت حرب قتل أطفال غزة تتحول إلى «لعنة» تطارد الرئيس بايدن، والانطباع الآن -كما يبلغ شقديح «القدس العربي»- حتى في الولايات المتحدة بأن بنيامين نتنياهو أمسك بايدن من رقبته عملياتياً وسياسياً، ويجره الآن إلى منطقة في غاية الخطورة حتى يفلت نتنياهو من الحساب والمساءلة.
الملاحظة نفسها سجلها وزير الخارجية الأردني أيمن صفدي على هامش لقاء مغلق بحضور «القدس العربي» عندما أشار إلى أن بعض الدوائر الغربية بدأت تلاحظ أن الإقليم برمته الآن يتورط، لأن نتنياهو يخطط للإفلات من مصيره المحتوم في المساءلة.
لماذا تصاعدت اللهجة الخشنة: «حماس فكرة لا يمكنها أن تموت بالرصاص»؟
الأردن قرر مبكراً ألا يشارك في تلك «اللعبة الخطرة» وما فهم من الصفدي وغيره من كبار المسؤولين أن عهد الحرص على إنزال إسرائيل عن الشجرة «ولى من غير رجعة» اليوم، لأن عواصم مهمة في المعادلة الفلسطينية بدأت فعلاً «تراجع كل المعطيات» ولأن القناعة راسخة بأن التفويض الأمريكي الذي منحه بايدن بعد 7 أكتوبر لعصابة نتنياهو -حسب وصف رئيس الوزراء الأسبق علي أبو الراغب ـ لم يكن راشداً ولا عاقلاً، بل يجازف بمصالح الحلفاء.
سبق أن حذر أبو الراغب عبر «القدس العربي» من «العصابة التي تحكم تل أبيب» مقترحاً إظهار القدرة على دبلوماسية خشنة بدلاً من الناعمة.
عملياً، لا يوجد في قاموس العلاقات الأردنية الإسرائيلية منذ عام 1994 «أخشن» من التعليقات التي اعتمدها الوزير الصفدي وهو يقرر التحدث مع مجموعة نشطة إعلامياً الأربعاء، في مقر بلدية العاصمة عمان.
هنا قال الصفدي ما لم يقل أردنياً سابقاً.. «حماس فكرة لا يمكنها أن تموت بالرصاص».
تلك ملاحظة دفعت الناشط السياسي الإسلامي الدكتور رامي عياصرة لتوثيق الملحوظة وعبر «القدس العربي»: هذا تصريح صادق وجريء ويعكس الحال… إنه خطوة متقدمة بصراحة في الموقف الرسمي.
والأمر لم يقف عند حدود قناعة الصفدي بخصوص «حماس التي لن تموت» فقط؛ لأن الملكة رانيا العبد الله نفسها وفي حديثها الشهير مع «سي إن إن» قالت إن أجيالاً من المقاومين أكثر صلابة من حماس ستولد في ظل ازدواجية المعايير.
مهم في السياق التدقيق بما نقل عن الصفدي في غرفة بلدية العاصمة تحت عنوان «الأردن ليس طرفاً، ولن يكون طرفاً بأي ترتيب تحت عنوان مستقبل قطاع غزة»… ذلك أيضاً تصريح مثير ومهم ويتناسب مع مقتضيات الاشتباك الأردني حتى برأي الناشط النقابي أحمد أبو غنيمة.
سجل الصفدي مفاجآت إضافية ترضي الرأي العام بالقدر ذاته الذي تظهر فيه «حساسية الموقف» الذي وضعت فيه واشنطن أصدقاءها في المنطقة بعد تفويض بايدن لنتنياهو.
عزل الصفدي بلاده تماماً عن أي سياق أمريكي يحاول التفكير بمستقبل غزة بدون حركة حماس، ثم اعتبر أن الأولوية المطلقة الآن لـ «وقف العدوان» الذي يحرج الضمير الإنساني.
صحيح أن تصريحات الصفدي تشكل مفاجأة سارة للنشطاء والمحتارين، لكن الأصح أن الصفدي «لا ينطق عن الهوى» وهي عبارة رددها ثلاث مرات على مسامع «القدس العربي» تحديداً في عدة مناسبات. ما يقوله وزير الخارجية يمثل «التوجيهات العليا» ووسط خبراء في جلسة مغلقة شرح الوزير: «لا أجتهد في النص والتوجيه.. وهذا موقف الدولة الأردنية».
شرح الرجل ببساطة آلية «التعليمات والحراك الدبلوماسي الاشتباكي»: «رسم القرار الدائرة، ووضع الثوابت الأساسية، وتحرك الجميع في مواقع المسؤولية على هذا الأساس.. وعندما يتعلق الأمر بمصلحة الأردن، فالاعتبارات والأولويات وطنية أولاً».
داخل الدائرة المرسومة، فهم الجميع أن التكتيكات والتحالفات والتوازنات مع المجتمع الدولي مسائل «إجرائية وفنية «كلفت بها الأطقم الدبلوماسية، ولكن بمسألة «احترام موقف الشعب الأردني» يتجه الجميع للاستراتيجي الواضح ويتم تحييد التكتيكي.
الأردن متضرر، حكومة وشعباً، من الحرب الإسرائيلية «الدنيئة» على حد تعبير الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ومستوى وحجم التواطؤ الأمريكي الرئاسي بدون الإصغاء إلى «الخبرة الأردنية والمصرية» تحديداً فتح «ثغرة» يتسلل منها الخطاب الرسمي الأردني الذي يقول بلسان الصفدي عملياً للأمريكيين: «لسنا معكم في الترتيب الجاهل».
«القدس العربي»
تعليقات القراء
لا يوجد تعليقات