المعروف لا ينسى
عمان جو - الدكتور سمير صابر بينو
في صيف عام ١٩٩٢ دعاني الباشا محمد ماجد العيطان رحمة الله عليه، قائد الكتيبة الأردنية التي كانت تشارك في مهمة حفظ السلام في يوغسلافيا السابقة والذي كان آنذاك برتبة عقيد، للحضور إلى احتفال تسليم مداليات الأمم المتحدة للكتيبة الأردنية وكنت حينها قائداً لأول مجموعة مراقبين شرطة دوليين تشارك من مديرية الامن العام مع الأمم المتحدة.
وبعد انتهاء الاحتفال سمعت الباشا العيطان يطلب من أحد ضباطه تأمين واسطة نقل لأحد الضيوف المدعوين، إلى مدينة (زاغرب) والتي كانت تبعد حوالي ٢٠٠ كم عن موقع الكتيبة الأردنية، وحيث أن اتجاهي كان نحو نفس الوجهة فقد عرضت أن أقوم بإيصاله، ولما وصلنا نحو المكان المقصود وكان فندقاً أصر الضيف أن أنزل من أجل تناول القهوة. وبينما نحن جالسين وكنت أرتدي لباس الأمن العام (الدركي)، اقترب أحد الاشخاص من طاولتنا وتوجه نحوي وأشار باتجاه علم الأردن على بدلة الدركي ووضع يده على قلبه وابتسم وتكلم بكلام لم افهمه أنا أو رفيقي، ومع ذلك شكرته فابتعد عنا، وبعد دقائق عاد وبرفقته شخص آخر يتحدث بالإنجليزية، فقال رفيقه نقلا عن ذاك الشخص أنه يحب الأردن والأردنيين لأن الأردنيون يحبون مساعدة الآخرين. وروى لنا كيف أن أفراداً من الكتيبة الأردنية قاموا بمساعدته وأسرته الصغيرة، فشاركوهم في افطارهم والذي كان عبارة عن خبز وبيض مسلوق وجبنة وقاموا بمساعدتهم بالوصول إلى ابعد نقطة يمكنهم ضمن منطقة مسؤوليتهم، وأنهم كانوا قد طلبوا المساعدة من غير الأردنيين لكنهم لم يحفلوا بهم. لذلك فهو يحب كل الأردنيين. وقد ادخل كلامه وعفويته البهجة في قلوبنا بسبب امتنانه وتقديره لعمل بسيط قامت به دورية أردنية هناك.
بينما هنا في الأردن فأن الأرض والناس يشكّلان لوحة فسيفسائية توثق كل الأحداث التي وقعت في المنطقة خلال عقود طويلة من الزمن، سواء الأحداث التي وقعت على أرضه أو في جواره أو من حوله، وأحيانا أبعد من ذلك، وكثير من هذا التوثيق لا يمكن أن تجده على الورق، بل في قلوب من لجأ اليها من تلك الدول وعاش على أرض الأردن، فقاسموا الأردنيين لقمة عيشهم وسقف منازلهم ودفئ الشتاء وكان لهم ما للأردنيين، واما من توجهت أنظاره نحوها ولم يتمكن من الحضور اليها، فقد قام الأردن بالتوجه اليه بالنوايا الطيبة والقلوب الدافئة والاكف المليئة.
وبالرغم من أن الجميع أصبحوا اهلاً في بيت واحد إلا أن هناك ثلة قليلة، لا تستسيغ تناغم مشهده وتناسق مكوناته، مع أنهم ولدوا وعاشوا في هذا البلد وتعلموا وكبرُوا هنا، فيقابلون الإحسان بالجحود والنكران، ولا يستطيعون قول كلمة حق حين يفترض بهم ذلك، بل يتهمون ويتطاولون ويحاولون الإساءة، وما تخفي الصدور قد يكون أعظم، وهذا يؤكد أن النقص ليس ولم يكن في العطاء، بل هو في نفوس الجاحدين والحاقدين، وأن النفوس الكريمة يمكنها أن تحب بلداً وأهله من أجل معروفٍ حتى ولو كان على شكل كسرة خبز.
في صيف عام ١٩٩٢ دعاني الباشا محمد ماجد العيطان رحمة الله عليه، قائد الكتيبة الأردنية التي كانت تشارك في مهمة حفظ السلام في يوغسلافيا السابقة والذي كان آنذاك برتبة عقيد، للحضور إلى احتفال تسليم مداليات الأمم المتحدة للكتيبة الأردنية وكنت حينها قائداً لأول مجموعة مراقبين شرطة دوليين تشارك من مديرية الامن العام مع الأمم المتحدة.
وبعد انتهاء الاحتفال سمعت الباشا العيطان يطلب من أحد ضباطه تأمين واسطة نقل لأحد الضيوف المدعوين، إلى مدينة (زاغرب) والتي كانت تبعد حوالي ٢٠٠ كم عن موقع الكتيبة الأردنية، وحيث أن اتجاهي كان نحو نفس الوجهة فقد عرضت أن أقوم بإيصاله، ولما وصلنا نحو المكان المقصود وكان فندقاً أصر الضيف أن أنزل من أجل تناول القهوة. وبينما نحن جالسين وكنت أرتدي لباس الأمن العام (الدركي)، اقترب أحد الاشخاص من طاولتنا وتوجه نحوي وأشار باتجاه علم الأردن على بدلة الدركي ووضع يده على قلبه وابتسم وتكلم بكلام لم افهمه أنا أو رفيقي، ومع ذلك شكرته فابتعد عنا، وبعد دقائق عاد وبرفقته شخص آخر يتحدث بالإنجليزية، فقال رفيقه نقلا عن ذاك الشخص أنه يحب الأردن والأردنيين لأن الأردنيون يحبون مساعدة الآخرين. وروى لنا كيف أن أفراداً من الكتيبة الأردنية قاموا بمساعدته وأسرته الصغيرة، فشاركوهم في افطارهم والذي كان عبارة عن خبز وبيض مسلوق وجبنة وقاموا بمساعدتهم بالوصول إلى ابعد نقطة يمكنهم ضمن منطقة مسؤوليتهم، وأنهم كانوا قد طلبوا المساعدة من غير الأردنيين لكنهم لم يحفلوا بهم. لذلك فهو يحب كل الأردنيين. وقد ادخل كلامه وعفويته البهجة في قلوبنا بسبب امتنانه وتقديره لعمل بسيط قامت به دورية أردنية هناك.
بينما هنا في الأردن فأن الأرض والناس يشكّلان لوحة فسيفسائية توثق كل الأحداث التي وقعت في المنطقة خلال عقود طويلة من الزمن، سواء الأحداث التي وقعت على أرضه أو في جواره أو من حوله، وأحيانا أبعد من ذلك، وكثير من هذا التوثيق لا يمكن أن تجده على الورق، بل في قلوب من لجأ اليها من تلك الدول وعاش على أرض الأردن، فقاسموا الأردنيين لقمة عيشهم وسقف منازلهم ودفئ الشتاء وكان لهم ما للأردنيين، واما من توجهت أنظاره نحوها ولم يتمكن من الحضور اليها، فقد قام الأردن بالتوجه اليه بالنوايا الطيبة والقلوب الدافئة والاكف المليئة.
وبالرغم من أن الجميع أصبحوا اهلاً في بيت واحد إلا أن هناك ثلة قليلة، لا تستسيغ تناغم مشهده وتناسق مكوناته، مع أنهم ولدوا وعاشوا في هذا البلد وتعلموا وكبرُوا هنا، فيقابلون الإحسان بالجحود والنكران، ولا يستطيعون قول كلمة حق حين يفترض بهم ذلك، بل يتهمون ويتطاولون ويحاولون الإساءة، وما تخفي الصدور قد يكون أعظم، وهذا يؤكد أن النقص ليس ولم يكن في العطاء، بل هو في نفوس الجاحدين والحاقدين، وأن النفوس الكريمة يمكنها أن تحب بلداً وأهله من أجل معروفٍ حتى ولو كان على شكل كسرة خبز.
تعليقات القراء
لا يوجد تعليقات