إتصل بنا من نحن إجعلنا صفحتك الرئيسية

الأردن: وفيات الحج و«الاتجار بالبشر»… أسئلة من الوزن الثقيل سياسياً ووطنياً


عمان جو - بسام البدارين - التحقيق المحتمل والوشيك في وفيات الحجاج الأردنيين على المستوى المحلي يوازي من باب الصدفة المحضة، ملف تحقيق مؤكد الآن بعنوان سماسرة الاتجار بالبشر. وكلاهما يثير؛ أي التحقيق المفترض والآخر المؤكد، أسئلة من الوزن الثقيل والصعب سياسياً ووطنياً.
وهي تلك الأسئلة التي دفعت الإعلامي والصحافي المعروف باسل العكور لنشر مقال موجع بعنوان «وطني يؤلمني».
ولا رابط طبعاً بين حدثين إلا ذلك الذي يعيد تكرار التساؤلات والاستفسارات عن منزلقات الوضع الاقتصادي في البلاد، وعن تراجعات وأحياناً انهيارات مفهوم الإدارة والخدمة العامة، بحيث عايش الأردنيون ـ بسبب التراجع في مستوى إدارة حكوماتهم ـ حدثين خارج المألوف والتراث التاريخي للأردنيين هما:
أولاً، عدد وفيات كبير نسبياً للحجاج أثناء تأدية الفريضة. وثانياً، ما فضح أو تردد أو كشف مستوره عن وجود شبكات للاتجار بالبشر نتج عنها، لأول مرة بالمألوف الأردني، وجود شباب من النشامى عالقين في دول لا يعرف عنها الشعب الكثير، مثل غواتيمالا وبنما وحتى المكسيك.
في الملف الأول المتعلق بوفيات الحجاج، غياب غير مفهوم للمسؤولين والوزراء في الحكومة، الذين ينبغي لهم سد ثغرات التواصل والإعلام والتقدم بروايات وسرديات الجمهور. وفي ملف وفيات الحجاج حالة تلاوم غير مسبوقة أقرب للتكهنات بعنوان من مسؤول عن ماذا؟
تلك حالة غير مسبوقة إدارياً، برأي السياسي الناشط مروان الفاعوري، الذي تحدث لـ«القدس العربي» عن مشكلات طبيعية تنتج عن أزمة الأدوات في الإدارة وعن أسئلة تتكاثر حول طبيعة أداء الحكومة ورموزها بدلاً من تقديم إجابات.

عالم «السماسرة» يطرق أبواب «البيروقراط»

لذلك، في رأي الفاعوري وغيره، تكشف جزئية التلاوم أو التنصل من المسؤوليات في ملف وفيات الحجاج عن ضعف وهشاشة كبيرين، وهو ما أشار له أيضاً ناشط إلكتروني هو مجدي قبالين، عندما طرق مجدداً باب السؤال الذي عبرت منه الحكومة سابقاً في أحداث على شكل فجائع اجتماعية مثل حادثة ميناء العقبة وانهيار بناية جبل اللويبدة».

المسؤولية الأدبية والأخلاقية

وهو يطرق موضوع المسؤولية الأدبية والأخلاقية للوزراء. لكن القناعة وقد سمعتها «القدس العربي» مباشرة في أقرب نقطة في مقر رئاسة الوزراء، مترسخة بأن إقالة وزير أو مسؤول كبير كلما وقعت حادثة، يمكن أن تقع دوماً خطوة قد لا تتميز بالحكمة، خلافاً لأنها خطوة ستعني أن الحكومة لن تشتغل.
ورغم أن مبدأ المسؤولية الأدبية طبق مراراً وتكراراً في الماضي، فإن الإفلات منه حكومياً في أحداث محددة، يربك الجمهور والرأي العام، ويبدو جزئية عصية على الفهم؛ لأن تجميد تطبيق مبدأ المسؤولية الأدبية عموماً يعني المزيد من الاحتقان في المجتمع، لا بل السحب من رصيد الدولة ذاتها وسط الناس.
وفي كل حال، بعض الوزراء لا يعملون ولا يحدثون فارقاً، لكنهم – في إطار لغز ما – يحتفظون بوظائفهم. وبكل حال، ملف وفيات الحجاج المتدحرج هو فرصة إضافية للإطلالة على واقع سياسي في خريطة الأولويات جعل الإصلاح الإداري عموماً في آخر سلك الأولويات والاحتياجات.
حتى إن الحكومة هي التي شكلت لجنة من أجله خلافاً للجان الملكية التي شكلت من أجل نسختي التحديث في التمكين الاقتصادي والمنظومة السياسية.
لا يعجب خبير مثل الدكتور أنور الخفش، أن يتقلص الاهتمام بإصلاح الإدارة عموماً إلى هذا المنسوب. وكل التعليقات التي يمكن رصدها ثم جمعها للمواطنين وللخبراء بعدما حصل في موسم الحج، تشير إلى تقصير إداري بالمقام الأول، كما حصل في الماضي في واقعة وحادثة مستشفى السلط الشهيرة.
ما يحتاجه تحديث منظومة خدمات القطاع العام كما يبدو ـ في رأي الخبراء ـ أكثر من مجرد لجنة تشكلت خلف الستائر ووضعت تقريراً تبنته الحكومة، فيما تضم تلك اللجنة -برأي البرلماني والسياسي الكبير ممدوح العبادي- أشخاصاً لا يعرفون شيئاً عن القطاع العام ولم يسبق لهم أن خدموا فيه.

مصاب كبير

مصاب الأردنيين في حجاجهم كبير، والسؤال عما حصل واضح أنه ينبغي أن يبقى سؤالاً أردنياً بالمعنى البيروقراطي والسياسي بامتياز.
لكن على جبهة التحقيق المؤكد، فتح الملف أخيراً عبر النيابة في مدينة إربد شمالي البلاد، وقد أوقف أحد الأشخاص من قطاع مكاتب خدمات السفر، ومنع سفر شخص آخر على ذمة تحقيق بتهمة الاتجار بالبشر.
ذلك تحقيق مثير وغير مسبوق خلافاً لأنه غير مألوف في وجدان المجتمع الأردني.
اللافت جداً في ملف النيابة التحقيقي هنا أن القوانين والتشريعات الأردنية تضمن متابعة سماسرة ضللوا شباناً أردنيين وعزفوا على وتر الهجرة إلى الولايات المتحدة، فعلق نحو 23 شاباً منذ أسابيع الآن في دول مثل المكسيك وبنما وغواتيمالا، بعدما أغرتهم فكرة دفع أموال للدخول بصورة غير شرعية إلى الولايات المتحدة.
تلك القضية عالجها منذ 10 أسابيع الإعلام في أكثر من تغطية وتقرير ولفت نظر، لكن نيابة مدينة إربد بدأت الإجراءات في ملف مثير لن تبقى تداعياته السياسية على الأقل عند حدود القانون والتحقيق القضائي، بل يفترض أن تصل عاجلاً أم آجلاً إلى البحث في الظاهرة الجديدة جداً التي تحاول إنكارها السلطات الحكومية، والتي انتهت بأردنيين عالقين إما في البحر أو في دول أمريكا اللاتينية، وهو مشهد لم يسبق لذاكرة الأردنيين الجماعية أن احتفظت بمثيل له إلا منذ أسابيع فقط.

«القدس العربي»




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمان جو الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :