إتصل بنا من نحن إجعلنا صفحتك الرئيسية

ترامب الرئيس والفرق بين الحقبتين


عمان جو- نضال البطاينة
على بُعد أقل من شهر على تنصيب الرئيس دونالد ترامب، بعد فوزه بالإنتخابات الرئاسية الأمريكية التي جرت بداية نوفمبر 2024، متوقع أن تكون الأربع سنوات القادمة "كاملة الدسم" لترامب وحُبلى بالمفاجآت، خاصة بعد التطورات الأخيرة على الصعيد الاستراتيجي والسياسي في الشرق الأوسط.

فعلى الرغم من توافق التوجهات النسبي بين الدورة الأولى والثانية لترامب الرئيس، إلّا أن جملة من المعطيات قد تغيرت في سياق التحالفات مع دول وأنظمة الشرق الأوسط الجديد، الذي أصبح واقعاً، وعلى الأردن خاصة التعاطي معه بذكاء سياسي بحت، فالفترة الرئاسية الثانية لترامب ستكون الأصعب في تاريخ العلاقات الأردنية الأمريكية.

من جهة أخرى، سيدخل ترامب البيت الأبيض للمرة الثانية تحت ضغوط أقل لأن هذه الفترة الرئاسية ستكون هي الأخيرة في مستقبله السياسي، وبالتالي سيكون متحرراً أكثر من ضغوطات اللوبيات وقوى الضغط في الولايات المتحدة، وسيكون أكثر خبرة من ذي قبل، وخاصة في كثير من الملفات التي كان التعامل معها فوضوياً، لا سيما محاولاته المتكررة في الفترة الرئاسية الأولى بإستقطاب ولاءات الكادر الحكومي والإستشاري له وإخضاعهم لرؤيته ولكنه فشل في ذلك، وبتقديري الخاص أرى أنه قد يحصل على ذلك في الفترة الرئاسية الثانية، وذلك بعد تتبع الأسماء التي اختارها لتكون في مواقع قيادية إدارته، حيث قدّم ترامب الولاء على الخبرة، فأخرج الوزراء والمستشارين الخبراء في مجالاتهم، واتجه نحو من يقدّم له الولاء والطاعة وينسجم معه فكريا، وهذا ما سيعزز من قوته في اتخاذ القرارات.

بالتأكيد لن يكون هناك صعوبة في تمرير موافقة الكونغرس على الأسماء المقترحة من الرئيس ترامب للكادر الجديد، خاصة وأن الحزب الجمهوري قد حصد أغلبية مجلسي الشيوخ والنواب، وبفارق مرتفع نسبياً عن الحزب الديمقراطي، وهذا "بتقديري الخاص" سيعطي هامش حركة أكبر للرئيس لتنفيذ أجندته، وهذا ما سيكون له تأثير على الأردن، على اعتبار أن الأردن عانى خلال الفترة الأولى من الجفاء السياسي وكبح الجماح الإستراتيجي، وهذا ربما من شأنه أن يجعل عمان تتجه بإتجاه الإستدارات الإستراتيجية، التي من شأنها أن تفتح آفاق جديدة في صياغة المشهد، وتجنّب عمان صعوبة الأربع سنوات القادمة.

على الصعيد الأردني، حتماً على عمان اتخاذ سياسات ذكية، ودراسة الأسماء بعناية في سياق إعادة صياغة العلاقات الأردنية الأمريكية للتعامل مع الفترة الرئاسية الثانية، بما في ذلك "مهندسي العلاقات" فما زالت عمان تتعامل بذات الأدوات التي كانت تعمل على هندسة العلاقات مع الحزب الديموقراطي، وهذا ما قد يشكّل فجوة في التعامل مع الدبلوماسية الأمريكية، وهذا ما تنبهت له حكومة الإحتلال بإقالة "يؤاف غالانت" الذي كان مهندس العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية في عهد الرئيس بايدن، وقامت بتعيين وزير الخارجية في عهد ترامب الأول "يسرائيل كاتس" وزيراً للدفاع، هذا النوع من التعامل يعطي هامش حركة جديد في المناورات السياسية بين الدول، وهذا ما يضع الأردن أمام خيارات جديدة قد تكون جيّدة في عملية ترميم العلاقات بين واشنطن وعمان مع وجود الرئيس ترامب.

على الرغم من صعوبة المعطيات، إلّا أن الأردن قادر على المناورة السياسية، فالأردن يملك مقومات التأثير على السياسة الأمريكية، ويملك الجرأة نسبياً في اتخاذ مواقف قد لا تتفق مع السياسة الأمريكية وهذا ما ظهر بعد السابع من أكتوبر، فقد اتخذ الأردن موقفاً مغايراً عن مواقف المحور الغربي، وقدّم روايته الخاصة بأن ما يجري هو تراكمات لعدم وجود حل شامل وعادل للقضية الفلسطينية، وهذا قد يكون "مفتاح" عملية إعادة هندسة العلاقة، فالأردن الرسمي برع في عملية تقديم الرواية الحقيقة بأن ما يجري في الشرق الأوسط مصدره واحد، ودرء الرواية المضللة التي تروجها بعض اللوبيات الصهيونية.

الأردن اليوم يحتاج لعدة تدخلات عاجلة على صعيد تمتين الجبهة الداخلية ومعالجة ملفاته الداخلية وإحداث أثر ملموس في متلازمة الفقر والبطالة وإستعادة الثقة في الخطاب الحكومي وتعزيز الهوية الوطنية الأردنية مما يعطي قوة للموقف الأردن في التعاطي مع ما قد يطرأ من أحداث خلال السنوات الأربع المقبلة، وأكرر أنني كغيري من الأردنيين متفائل جدا برئيس الوزراء الحالي بأن يحقق جزء كبيرمن ذلك في ظل قيادتنا الحكيمة.

حمى الله الأردن شعبا وأرضا وقيادة، وسياجنا قواتنا المسلحة وأجهزتنا الأمنية.




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمان جو الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :