السبت, 22 مارس, 2025 إتصل بنا من نحن إجعلنا صفحتك الرئيسية

الأردن في لهجة مختلفة: «ردع العدو»… وعلى إسرائيل «أن تتوقف فوراً»


عمان جو - بسام البدارين - «استئناف القصف بالغ الخطورة.. والانتهاكات في القدس يجب أن تتوقف فوراً». هذا ما قاله العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني على هامش لقاء مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون صباحأمس الأربعاء، فيما كانت العمليات العسكرية الجوية الإسرائيلية تتواصل ضد أهالي قطاع غزة تلهب المناخ الشعبي مجدداً في الأردن، حيث خرج عشرات الآلاف إلى الشوارع بعد صلاة تراويح الثلاثاء، وحيث عاد هتاف الجمهور الأردني الذي يقول «إحنا رجال محمد ضيف» في مقاربة جديدة ترصدها السلطات وتعيد إنتاج كل المخاوف والهواجس المرتبطة بالترحيل والتهجير مجدداً عند الأردنيين عموماً.

حراك شعبي غاضب

في الأثناء، شهدت عدة محافظات ومدن أردنية حتى فجر الأربعاء، فعاليات شعبية صاخبة من الصنف الذي يوحي بإشكالات آنية وسياسية وشعبوية على أن لهجة الحكومة هذه المرة في ظل تفريط الأمريكيين والوسطاء بالضمانات التي منحت لفصائل المقاومة الفلسطينية تغيرت وتبدلت مع إيقاع الحدث.
ثلاثية استئناف القصف ضد غزة والانتهاكات بالقدس واعتداءات المستوطنين بالضفة الغربية، تكررت على اللسان الملكي الأردني حيث التقى الملك عبد الله الثاني الرئيس ماكرون على هامش جولة أوربية له بدأت أمس الأول في إيطاليا. الحراك الدبلوماسي الأردني هنا يوحي بانطباع مسبق بأن الغطاء الأمريكي الذي تم توفيره لحكومة اليمين الإسرائيلي من الصنف والطراز الذي يعيد إنتاج التوتر برمته في المنطقة ويحشر بلداً مثل الأردن عملياً في زاويتين لا ثالث لهما ارتباطاً بقواعد الاشتباك، وهما: أولاً، التنديد والشجب والاستنكار والعزف على وتر المجتمع الدولي الذي لم يعد منتجاً في كبح جماح تصرفات إسرائيل، وثانياً العمل مع الدول الأوروبية باعتبارها تمثل المساحة الوحيدة المتاحة لأي حراك دبلوماسي مضاد للتوجهات الإسرائيلية. لكن المسألة اليوم أكثر تعقيداً، وهو ما لاحظه وزير الخارجية الأردني الأسبق الدكتور مروان المعشر في ندوة خاصة استضافها منتدى الحموري الثقافي مساء الثلاثاء في العاصمة عمان، حيث لا تصور الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في التهجير قابل للتنفيذ على أرض الواقع، ولا ما سمي بالقرار العربي والرؤية المصرية يحظى بموقف عربي موحد ويستطيع النفاذ والتسلل.

«أجندة ثالثة»

وهذا الواقع في حسابات المعشر، يعني أن أجندة ثالثة هي التي تمضي واقعياً، ولم يعد سراً أو لغزاً أنها أجندة اليمين الإسرائيلي المتطرفة. وفي عمان ومع عودة الإيقاع الشعبي الصاخب، غيرت وبدلت نخب ورموز رسمية أردنية في لهجتها؛ فرئيس الوزراء الدكتور جعفر حسان ربط أمس الأول بين استئناف القصف الإسرائيلي الوحشي كما وصفه، وبين عودة شبح تهجير أهالي القطاع.

هل بدأ «التهجير»؟

هنا برز للمرة الأولى تقريباً ما ينطوي على تقدير رسمي أردني بأن التصعيد العسكري الإسرائيلي له أهداف مرتبطة هذه المرة بتهجير الناس على أرض الواقع. يسأل الأردنيون بكثافة منذ عاد القصف، مع تساؤلات بعنوان خيارات الاشتباك بالمقابل لا تقتصر على قوى الشارع بل تشمل أيضاً الشخصيات الرسمية.
عبر عن هذه الخلاصة في التأزيم الإسرائيلي أيضاً رئيسُ مجلس النواب أحمد الصفدي، الذي افتتح جلسة الأربعاء بترديد عبارة لا يرددها المسؤولون بالعادة، وهي تلك التي تقول إن «المحتل ينقض العهود ويجب ردعه».

بعد غارات قتلت المئات من الفلسطينيين في غزة… هل بدأ تهجيرهم؟

وأشار الصفدي هنا بلهجة خشنة إلى ما سماه بالجريمة الشنيعة التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي دون أن يولي اهتماماً لا للقانون الدولي ولا للأخلاق، معتبراً أن ردع إسرائيل هو الأساس اليوم. وكانت أجواء النواب حادة صباح الأربعاء مع إعلان الجانب الإسرائيلي بأن قتله المئات في غزة ليس سوى البداية.
وطالب رئيس المجلس، الصفدي، لأول مرة، الحكومة باتخاذ التدابير رداً على العدوان الإسرائيلي، لكنه لم يذكر أي صنف من التدابير المقترحة هنا، في خطوة يمكن قراءتها سياسياً في سياق رغبة الدولة الأردنية بأن لا يبقى الميكروفون في التنديد بالعدوان المتجدد بين يدي المعارضة الإسلامية فقط.
الأردن الرسمي يبحث عن الخيارات الممكنة، والمعشر ألمح إلى ضربة وجهها الإسرائيليون والأمريكيون لقرارات القمة العربية الأخيرة، والسبب تلك التقارير التي تتحدث عن دول عربية تتداخل خلف الستائر ضد قرارات القمة العربية. عمان بالمستوى الشعبي، يزداد فيها منسوب التوتر ليس فقط بسبب طبيعة الهجمات التي وصفتها الحكومة الأردنية بـ «همجية» ولكن بسبب طبيعة المعطيات الاجتماعية والدينية في شهر رمضان المبارك وعشية عطلة عيد الفطر، حيث عادت الملتقيات الشعبية لاجتماعاتها الطارئة.
ظهر للمراقبين السياسيين أن الدول العربية عاجزة تماماً عن العبور بقرارها الذي يحمل اسم الرؤية المصرية فيما يخص قطاع غزة، في الوقت الذي تعود فيه الاحترازات الأمنية بصيغة مكثفة للمدن الأردنية الكبرى، وتبدو فيه الحكومة مضطرة للانشغال مجدداً بمعطيات الحراك الشعبي المفتوح على الحراكات، خصوصاً مع دخول اليمن مجدداً على خط الاشتباك وفي ظل عسكرة البحر الأحمر، ما سينتج ضغوطاً شديدة على حركة السلع والبضائع في ميناء العقبة.
الوجبة الجديدة من التصعيد الإسرائيلي بالتقدير الباطني لغرفة القرار الأردنية ستؤدي إلى تأزيم وتوتير أكثر تعقيداً في المنطقة.
وقال الملك إن ما يجري يزيد من حدة التوتر في الإقليم، وذلك يدلل على توقع المجسات الأردنية للأسوأ، خصوصاً أن الأوضاع غير مستقرة في سوريا المجاورة ومفتوحة على الاحتمالات في العراق ولبنان.
الوضع العام يعود في التقدير الأردني إلى زوايا معقدة للغاية، والمؤشرات لا توحي بالخير بعدما زاد مستوى الأمل في حراك مؤسسة القمة العربية الذي أجهضه اليمين الإسرائيلي عملياً بتواطؤ من الإدارة الأمريكية.

«القدس العربي»




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمان جو الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :