عمان جو- بسام البدارين- قد لا يطول ولا يفيد كثيراً اللعب على حبل التوازنات خصوصاً عندما يتعلق الأمر بالتموقع وتحديد وترسيم زاوية الاشتباك دفاعاً عن المصالح الأردنية الأساسية في المعادلة الفلسطينية. حبل التوازنات هو إطار الخبرة الأردنية العميقة بالعادة، خصوصاً مع إسرائيل، لكن يحاول الخبير الدكتور مروان المعشر مجدداً تذكير الجميع بأن المسألة كانت تخص «تلك الإسرائيل» وبأن إسرائيل اليوم أخرى، وانقلبت على الجميع لا بل على نفسها. انقلابات اليمين الإسرائيلي على ذاته ومجتمعه ودولته ثم الحرب الإجرامية التي شنها على قطاع غزة وخططه في الضفة الغربية المرصودة والملموسة.. كل تلك عناصر جديدة في تراث الخبرة الأردنية لا أحد يعلم بعد ما إذا كان الاستمرار في اللعب على حبل التوازنات في مواجهتها يضمن حقاً وفعلاً نتائج ممسوكة ليس فقط في سياق ثوابت المملكة، لكن في عمق مصالحها المتشابكة في الموضوع الفلسطيني. يقر وزير الخارجية وأبرز الرسميين المشتبكين مع التفاصيل أيمن الصفدي، على هامش نقاش حواري مع «القدس العربي» قبل أيام، بأن الوضع في الضفة الغربية خطير جداً، وبأن العدوان يجب أن يتوقف وفوراً، وبأن التحديات تتكاثر وتتفاقم. في موضوعات الضفة الغربية، الخبرة الأردنية العتيقة قد تعاكس الاحتياجات سياسياً؛ فالماكينة الأردنية البيروقراطية ومعها الشرائح السياسية قد لا تجيد اللعب على حبل التوازنات المألوفة عندما يتعلق الأمر باستحقاق إعادة ضم الضفة الغربية عبر سياسة التجويف والتخويف، كما يسميها رئيس الديوان الملكي الأسبق الدكتور جواد العناني.
لا وصفة مألوفة
عملياً، لا توجد وصفة مألوفة أو سبق أن اختبرتها العين أو الأذن الأردنية بعنوان انهيار الوضع القانوني في الضفة الغربية، أو بعنوان حرب إبادة على قطاع غزة. وكل خبرة الماضي مع عناصر إسرائيلية مشتبكة في الإقليم فقط، ولم يسبق لها أن تجرأت بكل هذا المستوى من العلنية على تجريف وتجويف الضفة الغربية بمعنى التأسيس للتهجير. سبق للقيادي في حركة فتح عباس زكي، بحضور «القدس العربي» أن حذر شخصيات أردنية: «التهجير قائم وبدأ، وعلى الأشقاء في عمان الانتباه والحرص». وعملياً، اختبرت توازنات الحبال السياسية طوال ثلاثة عقود مع الإسرائيليين ضمن الوصف الذي استعمله يوماً وزير الاتصال الأسبق صخر دودين بعنوان «إعادة تدوير الزوايا». لكن اليوم، لا يوجد زوايا ممسوكة أصلاً لإعادة تدويرها؛ فاليمين الإسرائيلي يقر الصفدي باستحالة أي تكيف مع مشاريعه المؤذية المتشددة.
«بندورة» مقابل «طائرات إغاثية»
والتحديات مع الرهانات في حالة زحام فلسطينياً. وعمان إزاء هذا الزحام في التحديات الوطنية تلاحظ أن شريكاً مثل مصر ينبغي متابعته دوماً حتى لا تنفلت الأمور من جهته، وشريك مثل شرعية السلطة الفلسطينية لم يعد الأردني يفهمه أو يعلم ما الذي يريده بصورة محددة. في المقابل، مغادرة منطقة إدارة الزوايا حتى وإن كانت وهمية مع حزمة تكتيكات منطق وفلسفة الحبال السياسية في لعبة التوازن، باتت مهمة تبدو صعبة وشاقة وغير مضمونة النتائج أيضاً، الأمر الذي يشكل بحد ذاته طمساً غير مرغوب فيه مرحلياً لأزمة أردنية وطنية، المسكوت عنها حتى اللحظة بعنوان أزمة الأدوات.
حبال مشدودة
لكن التوازن على الحبال المشدودة وسط إقليم ملتهب ومفتوح الاحتمالات، على حد التعبير الذي استخدمه بحضور «القدس العربي» رئيس مجلس الأعيان فيصل الفايز، قد يكون الخيار الوحيد الآمن للمؤسسات الأردنية التي تبذل جهداً مضنياً في الالتزام بالحرفية المهنية التي اقترحها على هامش نقاش آخر رئيس الوزراء الأسبق سمير الرفاعي، عندما تحدث عن رؤية عميقة ينبغي أن توازن ما بين الحق والثابت والقناعة والموقف والمشاعر، وما بين مقتضيات ومصالح الدولة. صحيح أنها مهمة شاقة ومعقدة، لكن صحيح أيضاً أن المؤسسات الأردنية وهي تتعاطى مع طوفان الأقصى وتداعياته واستحقاقاته، تحاول الاجتهاد وتسعى لإنتاج أفضل ما لديها من مهارات حتى أثناء القفز بين الحبال؛ لأن مصالح المجتمع والدولة أصبحت في ظرف إسرائيلي خشن ودموي، وهي التي تتطلب وجود الحبال أصلاً. لذلك، تلجأ نخب عمان إلى كل أحابيل المواءمة ما بين الموقف والسلوك، وتأخذ بالاعتبار شرائح متشابكة ومعقدة من المصالح والتوازنات، طبيعي أن لا يفهمها أو يتفهمها لا الرأي العام ولا رواد المنصات، ولا حتى دعاة المعارضة ورموزها الداعون فقط بدون تحديد الوسائل والكلف والفواتير إلى الذهاب وبدون حسابات إلى أبعد مسافة ممكنة في مواجهة العدو الإسرائيلي بدلاً من ملاعبته هنا أو هناك، أو الوقوف فقط عند حد الاشتباك الدبلوماسي الناعم والخشن معاً. وهنا حصراً يمكن فهم المتواليات في هندسة الموقف الأردني؛ فعمان حتى تضمن تجنب إيذاء مستشفياتها الميدانية وعبور طائراتها المظلية وقوافلها تحت عنوان الإغاثة قد تضطر للامتناع عن اتخاذ قرارات تمنع تصدير أي كمية من الخضار إلى فلسطين المحتلة، مع أن المعارضة في الشارع هتفت أربع مرات ضد سماسرة الخضار وتحديداً «البندورة والخيار» الذين تغاضت وزارة الزراعة عنهم أو اتهمت بالتغاضي. وعمان قد لا تجد، وإن كانت تحب، فرصتها ملائمة لتسجيل دعوى مستقلة بتهمة شن حرب إبادة، لكنها تستبدل بالجملة الاعتراضية سيناريو دعم القضية التي رفعتها جنوب افريقيا وتقديم مرافعات مساندة. هنا وهناك وفي كثير من التفاصيل، يمكن ملاحظة عناصر التوازن في الاشتباك الأردني. ولو كان المحيط العربي مختلفاً لذهبت عمان إلى مناطق أعمق في معارضة العدو الإسرائيلي، وإن كانت قد أجرت مناورات عسكرية على حدود الأغوار بعد منع المتظاهرين من الوصول إليها فيما يطرح مطبخها معادلة تقول «لا نستطيع التصدي عسكرياً لإسرائيل، لكن بالتأكيد سندافع عن أنفسنا إذا ما اعتدت بالتهجير».
«القدس العربي»
عمان جو- بسام البدارين- قد لا يطول ولا يفيد كثيراً اللعب على حبل التوازنات خصوصاً عندما يتعلق الأمر بالتموقع وتحديد وترسيم زاوية الاشتباك دفاعاً عن المصالح الأردنية الأساسية في المعادلة الفلسطينية. حبل التوازنات هو إطار الخبرة الأردنية العميقة بالعادة، خصوصاً مع إسرائيل، لكن يحاول الخبير الدكتور مروان المعشر مجدداً تذكير الجميع بأن المسألة كانت تخص «تلك الإسرائيل» وبأن إسرائيل اليوم أخرى، وانقلبت على الجميع لا بل على نفسها. انقلابات اليمين الإسرائيلي على ذاته ومجتمعه ودولته ثم الحرب الإجرامية التي شنها على قطاع غزة وخططه في الضفة الغربية المرصودة والملموسة.. كل تلك عناصر جديدة في تراث الخبرة الأردنية لا أحد يعلم بعد ما إذا كان الاستمرار في اللعب على حبل التوازنات في مواجهتها يضمن حقاً وفعلاً نتائج ممسوكة ليس فقط في سياق ثوابت المملكة، لكن في عمق مصالحها المتشابكة في الموضوع الفلسطيني. يقر وزير الخارجية وأبرز الرسميين المشتبكين مع التفاصيل أيمن الصفدي، على هامش نقاش حواري مع «القدس العربي» قبل أيام، بأن الوضع في الضفة الغربية خطير جداً، وبأن العدوان يجب أن يتوقف وفوراً، وبأن التحديات تتكاثر وتتفاقم. في موضوعات الضفة الغربية، الخبرة الأردنية العتيقة قد تعاكس الاحتياجات سياسياً؛ فالماكينة الأردنية البيروقراطية ومعها الشرائح السياسية قد لا تجيد اللعب على حبل التوازنات المألوفة عندما يتعلق الأمر باستحقاق إعادة ضم الضفة الغربية عبر سياسة التجويف والتخويف، كما يسميها رئيس الديوان الملكي الأسبق الدكتور جواد العناني.
لا وصفة مألوفة
عملياً، لا توجد وصفة مألوفة أو سبق أن اختبرتها العين أو الأذن الأردنية بعنوان انهيار الوضع القانوني في الضفة الغربية، أو بعنوان حرب إبادة على قطاع غزة. وكل خبرة الماضي مع عناصر إسرائيلية مشتبكة في الإقليم فقط، ولم يسبق لها أن تجرأت بكل هذا المستوى من العلنية على تجريف وتجويف الضفة الغربية بمعنى التأسيس للتهجير. سبق للقيادي في حركة فتح عباس زكي، بحضور «القدس العربي» أن حذر شخصيات أردنية: «التهجير قائم وبدأ، وعلى الأشقاء في عمان الانتباه والحرص». وعملياً، اختبرت توازنات الحبال السياسية طوال ثلاثة عقود مع الإسرائيليين ضمن الوصف الذي استعمله يوماً وزير الاتصال الأسبق صخر دودين بعنوان «إعادة تدوير الزوايا». لكن اليوم، لا يوجد زوايا ممسوكة أصلاً لإعادة تدويرها؛ فاليمين الإسرائيلي يقر الصفدي باستحالة أي تكيف مع مشاريعه المؤذية المتشددة.
«بندورة» مقابل «طائرات إغاثية»
والتحديات مع الرهانات في حالة زحام فلسطينياً. وعمان إزاء هذا الزحام في التحديات الوطنية تلاحظ أن شريكاً مثل مصر ينبغي متابعته دوماً حتى لا تنفلت الأمور من جهته، وشريك مثل شرعية السلطة الفلسطينية لم يعد الأردني يفهمه أو يعلم ما الذي يريده بصورة محددة. في المقابل، مغادرة منطقة إدارة الزوايا حتى وإن كانت وهمية مع حزمة تكتيكات منطق وفلسفة الحبال السياسية في لعبة التوازن، باتت مهمة تبدو صعبة وشاقة وغير مضمونة النتائج أيضاً، الأمر الذي يشكل بحد ذاته طمساً غير مرغوب فيه مرحلياً لأزمة أردنية وطنية، المسكوت عنها حتى اللحظة بعنوان أزمة الأدوات.
حبال مشدودة
لكن التوازن على الحبال المشدودة وسط إقليم ملتهب ومفتوح الاحتمالات، على حد التعبير الذي استخدمه بحضور «القدس العربي» رئيس مجلس الأعيان فيصل الفايز، قد يكون الخيار الوحيد الآمن للمؤسسات الأردنية التي تبذل جهداً مضنياً في الالتزام بالحرفية المهنية التي اقترحها على هامش نقاش آخر رئيس الوزراء الأسبق سمير الرفاعي، عندما تحدث عن رؤية عميقة ينبغي أن توازن ما بين الحق والثابت والقناعة والموقف والمشاعر، وما بين مقتضيات ومصالح الدولة. صحيح أنها مهمة شاقة ومعقدة، لكن صحيح أيضاً أن المؤسسات الأردنية وهي تتعاطى مع طوفان الأقصى وتداعياته واستحقاقاته، تحاول الاجتهاد وتسعى لإنتاج أفضل ما لديها من مهارات حتى أثناء القفز بين الحبال؛ لأن مصالح المجتمع والدولة أصبحت في ظرف إسرائيلي خشن ودموي، وهي التي تتطلب وجود الحبال أصلاً. لذلك، تلجأ نخب عمان إلى كل أحابيل المواءمة ما بين الموقف والسلوك، وتأخذ بالاعتبار شرائح متشابكة ومعقدة من المصالح والتوازنات، طبيعي أن لا يفهمها أو يتفهمها لا الرأي العام ولا رواد المنصات، ولا حتى دعاة المعارضة ورموزها الداعون فقط بدون تحديد الوسائل والكلف والفواتير إلى الذهاب وبدون حسابات إلى أبعد مسافة ممكنة في مواجهة العدو الإسرائيلي بدلاً من ملاعبته هنا أو هناك، أو الوقوف فقط عند حد الاشتباك الدبلوماسي الناعم والخشن معاً. وهنا حصراً يمكن فهم المتواليات في هندسة الموقف الأردني؛ فعمان حتى تضمن تجنب إيذاء مستشفياتها الميدانية وعبور طائراتها المظلية وقوافلها تحت عنوان الإغاثة قد تضطر للامتناع عن اتخاذ قرارات تمنع تصدير أي كمية من الخضار إلى فلسطين المحتلة، مع أن المعارضة في الشارع هتفت أربع مرات ضد سماسرة الخضار وتحديداً «البندورة والخيار» الذين تغاضت وزارة الزراعة عنهم أو اتهمت بالتغاضي. وعمان قد لا تجد، وإن كانت تحب، فرصتها ملائمة لتسجيل دعوى مستقلة بتهمة شن حرب إبادة، لكنها تستبدل بالجملة الاعتراضية سيناريو دعم القضية التي رفعتها جنوب افريقيا وتقديم مرافعات مساندة. هنا وهناك وفي كثير من التفاصيل، يمكن ملاحظة عناصر التوازن في الاشتباك الأردني. ولو كان المحيط العربي مختلفاً لذهبت عمان إلى مناطق أعمق في معارضة العدو الإسرائيلي، وإن كانت قد أجرت مناورات عسكرية على حدود الأغوار بعد منع المتظاهرين من الوصول إليها فيما يطرح مطبخها معادلة تقول «لا نستطيع التصدي عسكرياً لإسرائيل، لكن بالتأكيد سندافع عن أنفسنا إذا ما اعتدت بالتهجير».
«القدس العربي»
عمان جو- بسام البدارين- قد لا يطول ولا يفيد كثيراً اللعب على حبل التوازنات خصوصاً عندما يتعلق الأمر بالتموقع وتحديد وترسيم زاوية الاشتباك دفاعاً عن المصالح الأردنية الأساسية في المعادلة الفلسطينية. حبل التوازنات هو إطار الخبرة الأردنية العميقة بالعادة، خصوصاً مع إسرائيل، لكن يحاول الخبير الدكتور مروان المعشر مجدداً تذكير الجميع بأن المسألة كانت تخص «تلك الإسرائيل» وبأن إسرائيل اليوم أخرى، وانقلبت على الجميع لا بل على نفسها. انقلابات اليمين الإسرائيلي على ذاته ومجتمعه ودولته ثم الحرب الإجرامية التي شنها على قطاع غزة وخططه في الضفة الغربية المرصودة والملموسة.. كل تلك عناصر جديدة في تراث الخبرة الأردنية لا أحد يعلم بعد ما إذا كان الاستمرار في اللعب على حبل التوازنات في مواجهتها يضمن حقاً وفعلاً نتائج ممسوكة ليس فقط في سياق ثوابت المملكة، لكن في عمق مصالحها المتشابكة في الموضوع الفلسطيني. يقر وزير الخارجية وأبرز الرسميين المشتبكين مع التفاصيل أيمن الصفدي، على هامش نقاش حواري مع «القدس العربي» قبل أيام، بأن الوضع في الضفة الغربية خطير جداً، وبأن العدوان يجب أن يتوقف وفوراً، وبأن التحديات تتكاثر وتتفاقم. في موضوعات الضفة الغربية، الخبرة الأردنية العتيقة قد تعاكس الاحتياجات سياسياً؛ فالماكينة الأردنية البيروقراطية ومعها الشرائح السياسية قد لا تجيد اللعب على حبل التوازنات المألوفة عندما يتعلق الأمر باستحقاق إعادة ضم الضفة الغربية عبر سياسة التجويف والتخويف، كما يسميها رئيس الديوان الملكي الأسبق الدكتور جواد العناني.
لا وصفة مألوفة
عملياً، لا توجد وصفة مألوفة أو سبق أن اختبرتها العين أو الأذن الأردنية بعنوان انهيار الوضع القانوني في الضفة الغربية، أو بعنوان حرب إبادة على قطاع غزة. وكل خبرة الماضي مع عناصر إسرائيلية مشتبكة في الإقليم فقط، ولم يسبق لها أن تجرأت بكل هذا المستوى من العلنية على تجريف وتجويف الضفة الغربية بمعنى التأسيس للتهجير. سبق للقيادي في حركة فتح عباس زكي، بحضور «القدس العربي» أن حذر شخصيات أردنية: «التهجير قائم وبدأ، وعلى الأشقاء في عمان الانتباه والحرص». وعملياً، اختبرت توازنات الحبال السياسية طوال ثلاثة عقود مع الإسرائيليين ضمن الوصف الذي استعمله يوماً وزير الاتصال الأسبق صخر دودين بعنوان «إعادة تدوير الزوايا». لكن اليوم، لا يوجد زوايا ممسوكة أصلاً لإعادة تدويرها؛ فاليمين الإسرائيلي يقر الصفدي باستحالة أي تكيف مع مشاريعه المؤذية المتشددة.
«بندورة» مقابل «طائرات إغاثية»
والتحديات مع الرهانات في حالة زحام فلسطينياً. وعمان إزاء هذا الزحام في التحديات الوطنية تلاحظ أن شريكاً مثل مصر ينبغي متابعته دوماً حتى لا تنفلت الأمور من جهته، وشريك مثل شرعية السلطة الفلسطينية لم يعد الأردني يفهمه أو يعلم ما الذي يريده بصورة محددة. في المقابل، مغادرة منطقة إدارة الزوايا حتى وإن كانت وهمية مع حزمة تكتيكات منطق وفلسفة الحبال السياسية في لعبة التوازن، باتت مهمة تبدو صعبة وشاقة وغير مضمونة النتائج أيضاً، الأمر الذي يشكل بحد ذاته طمساً غير مرغوب فيه مرحلياً لأزمة أردنية وطنية، المسكوت عنها حتى اللحظة بعنوان أزمة الأدوات.
حبال مشدودة
لكن التوازن على الحبال المشدودة وسط إقليم ملتهب ومفتوح الاحتمالات، على حد التعبير الذي استخدمه بحضور «القدس العربي» رئيس مجلس الأعيان فيصل الفايز، قد يكون الخيار الوحيد الآمن للمؤسسات الأردنية التي تبذل جهداً مضنياً في الالتزام بالحرفية المهنية التي اقترحها على هامش نقاش آخر رئيس الوزراء الأسبق سمير الرفاعي، عندما تحدث عن رؤية عميقة ينبغي أن توازن ما بين الحق والثابت والقناعة والموقف والمشاعر، وما بين مقتضيات ومصالح الدولة. صحيح أنها مهمة شاقة ومعقدة، لكن صحيح أيضاً أن المؤسسات الأردنية وهي تتعاطى مع طوفان الأقصى وتداعياته واستحقاقاته، تحاول الاجتهاد وتسعى لإنتاج أفضل ما لديها من مهارات حتى أثناء القفز بين الحبال؛ لأن مصالح المجتمع والدولة أصبحت في ظرف إسرائيلي خشن ودموي، وهي التي تتطلب وجود الحبال أصلاً. لذلك، تلجأ نخب عمان إلى كل أحابيل المواءمة ما بين الموقف والسلوك، وتأخذ بالاعتبار شرائح متشابكة ومعقدة من المصالح والتوازنات، طبيعي أن لا يفهمها أو يتفهمها لا الرأي العام ولا رواد المنصات، ولا حتى دعاة المعارضة ورموزها الداعون فقط بدون تحديد الوسائل والكلف والفواتير إلى الذهاب وبدون حسابات إلى أبعد مسافة ممكنة في مواجهة العدو الإسرائيلي بدلاً من ملاعبته هنا أو هناك، أو الوقوف فقط عند حد الاشتباك الدبلوماسي الناعم والخشن معاً. وهنا حصراً يمكن فهم المتواليات في هندسة الموقف الأردني؛ فعمان حتى تضمن تجنب إيذاء مستشفياتها الميدانية وعبور طائراتها المظلية وقوافلها تحت عنوان الإغاثة قد تضطر للامتناع عن اتخاذ قرارات تمنع تصدير أي كمية من الخضار إلى فلسطين المحتلة، مع أن المعارضة في الشارع هتفت أربع مرات ضد سماسرة الخضار وتحديداً «البندورة والخيار» الذين تغاضت وزارة الزراعة عنهم أو اتهمت بالتغاضي. وعمان قد لا تجد، وإن كانت تحب، فرصتها ملائمة لتسجيل دعوى مستقلة بتهمة شن حرب إبادة، لكنها تستبدل بالجملة الاعتراضية سيناريو دعم القضية التي رفعتها جنوب افريقيا وتقديم مرافعات مساندة. هنا وهناك وفي كثير من التفاصيل، يمكن ملاحظة عناصر التوازن في الاشتباك الأردني. ولو كان المحيط العربي مختلفاً لذهبت عمان إلى مناطق أعمق في معارضة العدو الإسرائيلي، وإن كانت قد أجرت مناورات عسكرية على حدود الأغوار بعد منع المتظاهرين من الوصول إليها فيما يطرح مطبخها معادلة تقول «لا نستطيع التصدي عسكرياً لإسرائيل، لكن بالتأكيد سندافع عن أنفسنا إذا ما اعتدت بالتهجير».
«القدس العربي»
التعليقات
الأردن و«حبل التوازنات»: ابحثوا عن «تلك الإسرائيل»
التعليقات