حراك ملك الأردن الدبلوماسي في رمضان: الأمني والعسكري حاضران بقوّة وولي العهد يراقب
عمان جو- فرح مرقه
فريحات لأبوظبي وحسني للعراقيين والفلسطينيين..
ملفات كثيرة واضحة و”صفقة القرن” الوحيد المبهم..
أردنيون يتساءلون “هلّا عرضتم علينا جدوى اتفاق وادي عربة قبل التفكير”..
حراك دبلوماسي رمضاني أردني في ومع البلاد العربية لم تظهر كل مآربه بعد، إذ يستقبل ملك الأردن الرئيس الفلسطيني محمود عباس مع الرئيس العراقي برهم صالح الخميس ويعقدون مباحثات ثنائية (مع حضور مسؤولين كبار من ضمنهم مدير المخابرات الجديد الجنرال أحمد حسني) ثم قمة ثلاثية،
وقبلها يزور عاهل البلاد ذاته ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد الأربعاء ويحمل معه وفداً مهيباً يتضمن رئيس هيئة الأركان الجنرال محمود فريحات، وقبل ذلك زيارة إلى الكويت ولقاء الأمير صباح الأحمد الجابر الصباح الاثنين ولعل الزيارة الأخيرة هي الوحيدة التي لم يُعلن أنها تحمل مسؤولين بمستوى أمني أو عسكري.
حضور المستوى الأمني والعسكري لم يكن الوحيد اللافت في مشاهد تحركات الملك الأخيرة، والتي كان بينها أيضاً تحركات منفردة تبدو تنسيقية لوزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي، فحضور ولي عهد الأردن الأمير حسين نجل الملك فيها جميعاً بما في ذلك المباحثات الثنائية والثلاثية لافت للنظر بطبيعة الحال.
الحضور الأمني والعسكري، وبالتوازي احياني مع وجود حكومي يعنيان ان الأردن اليوم يدخل مرحلة حساسة تتطلب الكثير من التنسيق على المستويين المذكورين، بالإضافة لارتباطهما العضوي هذه الفترة بسياسة بلادهم خلافا لما يبدو عليه الهدوء الحذر في الأردن. وإعلان وجود رأسي المؤسسة الأمنية والعسكرية في الاجتماعات قد يحمل الكثير من الدلالات والانعكاسات على الملفات الداخلية والحكومة الحالية.
عمان ومع استثناء الزيارة للكويت تنسق امنيا مع العراق والسلطة الفلسطينية وغيرها خصوصا في سياق الحدود المشتركة الكبيرة والتحديات الكثيرة، بينما تنسق عسكريا مع الامارات والتي أعلن البيان الختامي لمباحثات الملك مع ولي عهدها عن قيام “وحدات من القوات المسلحة في البلدين الشقيقين، واللتين تربطهما علاقات تاريخية ومؤسسية، بإجراء تمرين مشترك في المستقبل القريب في دولة الإمارات العربية المتحدة.”
في سياق الإمارات دوماً تتجه الأنظار لدورها في ليبيا خصوصاً مع انباء تداولتها وكالات الانباء عن تسليم ما وصفته بـ “دبابات أردنية الصنع للجيش الوطني الليبي (بقيادة المشير خليفة حفتر)” إبان إرسال الدبابات والتعزيزات التركية لحكومة الوفاق الليبية (بقيادة فايز السراج).
المخرج الأردني قد يكون اسلم وأكثر أماناً بالنسبة للامارات التي تواجه مأزقاً دولياً عنوانه “دعم حفتر” وهو ما تحقق فيه الأمم المتحدة وسيزيد الضغوط على الدولة الصغيرة، بينما عمان التي لا تجاهر ولا تعلن فمن الواضح انها مصرّة على حسم موقفها لصالح حفتر في هذا الملف حتى لو ستتواجه “دباباتها” بنظيرتها التركية.
وحفتر رجل الإمارات ومصر والسعودية على المستوى الإقليمي، ولكنه على المستوى الدولي أحد رجال الاستخبارات الأمريكيين بعد ان انشق عن الراحل معمر القذافي في اخر عقدين من القرن الماضي، وفق وسائل الاعلام الامريكية. والرجل تربطه بعمان علاقات جيدة جداً منذ عودته لليبيا على الأقل.
في الإمارات، يفسر ذلك “التلاحم العسكري” الذي يتضمن حضور رئيس هيئة الأركان فريحات، ويفسر أيضا التدريبات المشتركة المفترضة، كما ان الأردن، وللحفاظ على علاقات جيدة بالامارات بحاجة لهذا الباب الخلفي، خصوصا وان المراقبين يلاحظون ان عمان منذ مدة تفصل بين أبو ظبي والرياض.
بهذا المعنى، ورغم ان معظم المباحثات مع القادة العرب تظهر البيانات الصحفية انها تركز على القضية الفلسطينية فإن ذلك لا يمنع ان عمان تطهو ايضاً مشاريع إضافية وشراكات في سياق آخر، فليبيا محور صعب التجاهل في لقاء الملك ببن زايد، رغم الرغبة الأردنية بإبقاء تفاصيل أي مساهمة لعمان في ليبيا دون أي استعراض اعلامي خصوصاً والأردن بهذا المعنى يدعم الخيار العسكري المضاد للإرادة الدولية التي يُفترض انها داعمة لحكومة مدنية يقودها الرجل المدني (السراج).
القمة الثلاثية بين السلطة الفلسطينية والعراق، ورغم ان الحاضر عن الجانب العراقي هو الرئيس برهم صالح، والذي يفترض انه لا يتمتع بالكثير من الصلاحيات (وكذلك نظيره الفلسطيني)، إلا ان من المجدي العودة للمشاريع المشتركة الثلاثية بين الأردن والعراق ومصر والتي يتطلب وصلها جغرافيا علاقات علنية مع الفلسطينيين والإسرائيليين وهذا ما يمكن ان يسهم فيه لقاء من هذا النوع.
أما في سياق ما عرف بصفقة القرن، فما يمكن فهمه من كل هذا الحراك ان عمان لاتزال عمليا حائرة تماماً ولا ترغب باتخاذ موقف حقيقي خصوصا فيما يتعلق بمؤتمر المنامة قبل التأكد مما سيحصل فيه، وهو المؤتمر الذي يتوجس منه الأردنيون بطبيعة الحال، ليس فقط ايمانا بالقضية الفلسطينية وحقوق الفلسطينيين، وانما ايضاً لان الشعور الأردني الراسخ (ومعه الفلسطيني) ان الاتفاقات مع الإسرائيليين لم تكن يوما للمصلحة الأردنية ولا الفلسطينية، والأردنيون في هذا السياق يسوقون الأسئلة حول جدوى اتفاقية وادي عربة بالنسبة للأردن، وهو ما يطالبون في سياقه بأرقام حقيقية وتفصيلات.
حكومات الأردن المتعاقبة، لم تنشر منذ سنوات طويلة أي تفصيلات حول جدى هذه الاتفاقات غير وجود السفراء المتبادلين، وهو امر يؤكد بالضرورة الشعور القوي لدى الشارع الأردني والذي يظهر جلياً من الحملات والتصريحات والبيانات العشائرية رفضاً لاي اتفاقات جديدة مع الإسرائيليين.
وكذلك يرى الفلسطينيون ان اتفاقات أوسلو أيضا لم تكن ذات فائدة على الفلسطينيين ولا سواهم وان الوحيد الذي جنى ثمار المعاهدة كان الجانب الإسرائيلي.
العامل الإضافي بالمعادلة هذه المرة، هو الجانب الأمريكي بقيادة الرئيس دونالد ترامب، والذي من الواضح انه لا يحترم معاهداته ولا اتفاقاته من جهة، كما انه متهم سلفا بالانحياز لإسرائيل، الامر الذي قاله مبعوث السلام الأمريكي جيسون غرينبلات قبل يومين صراحة امام مجلس الامن.
بكل الأحوال، الحراك الدبلوماسي الأردني، إضافة لمصالح بسيطة هنا وهناك لا يبدو انه قادر على بلورة موقف واضح لا من مؤتمر البحرين المقبل نهاية يونيو/ حزيران، ولا حتى من احتمالات اعلان الشق السياسي من صفقة القرن، وهذا بحد ذاته يدعو للكثير من التوجس والقلق.
اقرأ ايضاً..
عمان جو- فرح مرقه
فريحات لأبوظبي وحسني للعراقيين والفلسطينيين..
ملفات كثيرة واضحة و”صفقة القرن” الوحيد المبهم..
أردنيون يتساءلون “هلّا عرضتم علينا جدوى اتفاق وادي عربة قبل التفكير”..
حراك دبلوماسي رمضاني أردني في ومع البلاد العربية لم تظهر كل مآربه بعد، إذ يستقبل ملك الأردن الرئيس الفلسطيني محمود عباس مع الرئيس العراقي برهم صالح الخميس ويعقدون مباحثات ثنائية (مع حضور مسؤولين كبار من ضمنهم مدير المخابرات الجديد الجنرال أحمد حسني) ثم قمة ثلاثية،
وقبلها يزور عاهل البلاد ذاته ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد الأربعاء ويحمل معه وفداً مهيباً يتضمن رئيس هيئة الأركان الجنرال محمود فريحات، وقبل ذلك زيارة إلى الكويت ولقاء الأمير صباح الأحمد الجابر الصباح الاثنين ولعل الزيارة الأخيرة هي الوحيدة التي لم يُعلن أنها تحمل مسؤولين بمستوى أمني أو عسكري.
حضور المستوى الأمني والعسكري لم يكن الوحيد اللافت في مشاهد تحركات الملك الأخيرة، والتي كان بينها أيضاً تحركات منفردة تبدو تنسيقية لوزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي، فحضور ولي عهد الأردن الأمير حسين نجل الملك فيها جميعاً بما في ذلك المباحثات الثنائية والثلاثية لافت للنظر بطبيعة الحال.
الحضور الأمني والعسكري، وبالتوازي احياني مع وجود حكومي يعنيان ان الأردن اليوم يدخل مرحلة حساسة تتطلب الكثير من التنسيق على المستويين المذكورين، بالإضافة لارتباطهما العضوي هذه الفترة بسياسة بلادهم خلافا لما يبدو عليه الهدوء الحذر في الأردن. وإعلان وجود رأسي المؤسسة الأمنية والعسكرية في الاجتماعات قد يحمل الكثير من الدلالات والانعكاسات على الملفات الداخلية والحكومة الحالية.
عمان ومع استثناء الزيارة للكويت تنسق امنيا مع العراق والسلطة الفلسطينية وغيرها خصوصا في سياق الحدود المشتركة الكبيرة والتحديات الكثيرة، بينما تنسق عسكريا مع الامارات والتي أعلن البيان الختامي لمباحثات الملك مع ولي عهدها عن قيام “وحدات من القوات المسلحة في البلدين الشقيقين، واللتين تربطهما علاقات تاريخية ومؤسسية، بإجراء تمرين مشترك في المستقبل القريب في دولة الإمارات العربية المتحدة.”
في سياق الإمارات دوماً تتجه الأنظار لدورها في ليبيا خصوصاً مع انباء تداولتها وكالات الانباء عن تسليم ما وصفته بـ “دبابات أردنية الصنع للجيش الوطني الليبي (بقيادة المشير خليفة حفتر)” إبان إرسال الدبابات والتعزيزات التركية لحكومة الوفاق الليبية (بقيادة فايز السراج).
المخرج الأردني قد يكون اسلم وأكثر أماناً بالنسبة للامارات التي تواجه مأزقاً دولياً عنوانه “دعم حفتر” وهو ما تحقق فيه الأمم المتحدة وسيزيد الضغوط على الدولة الصغيرة، بينما عمان التي لا تجاهر ولا تعلن فمن الواضح انها مصرّة على حسم موقفها لصالح حفتر في هذا الملف حتى لو ستتواجه “دباباتها” بنظيرتها التركية.
وحفتر رجل الإمارات ومصر والسعودية على المستوى الإقليمي، ولكنه على المستوى الدولي أحد رجال الاستخبارات الأمريكيين بعد ان انشق عن الراحل معمر القذافي في اخر عقدين من القرن الماضي، وفق وسائل الاعلام الامريكية. والرجل تربطه بعمان علاقات جيدة جداً منذ عودته لليبيا على الأقل.
في الإمارات، يفسر ذلك “التلاحم العسكري” الذي يتضمن حضور رئيس هيئة الأركان فريحات، ويفسر أيضا التدريبات المشتركة المفترضة، كما ان الأردن، وللحفاظ على علاقات جيدة بالامارات بحاجة لهذا الباب الخلفي، خصوصا وان المراقبين يلاحظون ان عمان منذ مدة تفصل بين أبو ظبي والرياض.
بهذا المعنى، ورغم ان معظم المباحثات مع القادة العرب تظهر البيانات الصحفية انها تركز على القضية الفلسطينية فإن ذلك لا يمنع ان عمان تطهو ايضاً مشاريع إضافية وشراكات في سياق آخر، فليبيا محور صعب التجاهل في لقاء الملك ببن زايد، رغم الرغبة الأردنية بإبقاء تفاصيل أي مساهمة لعمان في ليبيا دون أي استعراض اعلامي خصوصاً والأردن بهذا المعنى يدعم الخيار العسكري المضاد للإرادة الدولية التي يُفترض انها داعمة لحكومة مدنية يقودها الرجل المدني (السراج).
القمة الثلاثية بين السلطة الفلسطينية والعراق، ورغم ان الحاضر عن الجانب العراقي هو الرئيس برهم صالح، والذي يفترض انه لا يتمتع بالكثير من الصلاحيات (وكذلك نظيره الفلسطيني)، إلا ان من المجدي العودة للمشاريع المشتركة الثلاثية بين الأردن والعراق ومصر والتي يتطلب وصلها جغرافيا علاقات علنية مع الفلسطينيين والإسرائيليين وهذا ما يمكن ان يسهم فيه لقاء من هذا النوع.
أما في سياق ما عرف بصفقة القرن، فما يمكن فهمه من كل هذا الحراك ان عمان لاتزال عمليا حائرة تماماً ولا ترغب باتخاذ موقف حقيقي خصوصا فيما يتعلق بمؤتمر المنامة قبل التأكد مما سيحصل فيه، وهو المؤتمر الذي يتوجس منه الأردنيون بطبيعة الحال، ليس فقط ايمانا بالقضية الفلسطينية وحقوق الفلسطينيين، وانما ايضاً لان الشعور الأردني الراسخ (ومعه الفلسطيني) ان الاتفاقات مع الإسرائيليين لم تكن يوما للمصلحة الأردنية ولا الفلسطينية، والأردنيون في هذا السياق يسوقون الأسئلة حول جدوى اتفاقية وادي عربة بالنسبة للأردن، وهو ما يطالبون في سياقه بأرقام حقيقية وتفصيلات.
حكومات الأردن المتعاقبة، لم تنشر منذ سنوات طويلة أي تفصيلات حول جدى هذه الاتفاقات غير وجود السفراء المتبادلين، وهو امر يؤكد بالضرورة الشعور القوي لدى الشارع الأردني والذي يظهر جلياً من الحملات والتصريحات والبيانات العشائرية رفضاً لاي اتفاقات جديدة مع الإسرائيليين.
وكذلك يرى الفلسطينيون ان اتفاقات أوسلو أيضا لم تكن ذات فائدة على الفلسطينيين ولا سواهم وان الوحيد الذي جنى ثمار المعاهدة كان الجانب الإسرائيلي.
العامل الإضافي بالمعادلة هذه المرة، هو الجانب الأمريكي بقيادة الرئيس دونالد ترامب، والذي من الواضح انه لا يحترم معاهداته ولا اتفاقاته من جهة، كما انه متهم سلفا بالانحياز لإسرائيل، الامر الذي قاله مبعوث السلام الأمريكي جيسون غرينبلات قبل يومين صراحة امام مجلس الامن.
بكل الأحوال، الحراك الدبلوماسي الأردني، إضافة لمصالح بسيطة هنا وهناك لا يبدو انه قادر على بلورة موقف واضح لا من مؤتمر البحرين المقبل نهاية يونيو/ حزيران، ولا حتى من احتمالات اعلان الشق السياسي من صفقة القرن، وهذا بحد ذاته يدعو للكثير من التوجس والقلق.
اقرأ ايضاً..