آلو سيادة الرئيس!
عمان جو- ليس برنامجا استعراضيا! هكذا أجاب الرئيس بوتين عن سؤال أحدهم، مدافعا عن حواره السنوي مع شعبه، والذي يجريه للمرة السابعة عشرة منذ توليه زمام السلطة.
يدرك ما ينتظره المواطن ويعرف همومه، فقد حفظ خلال تسعة عشر عاما جميع الأجوبة عن ظهر قلب، ويستعد لها مسبقا عاما بعد عام.
ندخل في دوامة الأرقام القياسية في عدد الأسئلة، التي تلقاها الرئيس عبر وسائل الاتصالات والتواصل المختلفة، والتي تجاوزت مليوني سؤال ومداخلة. غير أن بوتين يدرك أن العمر سيمضي ولن تسعفه الأيام للإجابة عليها جميعا، لذا ينتقي بعنابة ما أجمع على أهميته الكثيرون.
البسطاء، ممن اعتادوا على الجلوس أمام شاشات التلفاز ساعات طويلة لسماع الجديد عند بوتين، ينتظرون بشغف، كما في السنوات السابقة، معرفة من سيحظى بورقة اليانصيب الرابحة، وسيوضع سؤاله في السلة المطلوبة، لكن هذا الأمر سيكون فيما بعد، ولاسيما أنه يثير المتعة لدى الكثيرين.
يعرف الرئيس بوتين استياء شريحة واسعة من المواطنين من الوضع الاقتصادي، ومع ذلك، عندما يسأله أحدهم: "متى سيتساوى راتب الموظف البسيط مع رواتب المسؤولين؟"، يختصر الأمر ويجيب بأنه "يسعى ليس لخفض عدد الأغنياء في البلاد، بل لتقليص عدد الفقراء!".
واقع الاقتصاد وصعوباته، وعثرات الحكومة في حل المشكلات المستعصية يبررها بوتين بالعقوبات المستمرة، التي يرى فيها نفعا من جانب آخر لبلاده.
ووفقا لبيانات خبرائه، فإن روسيا لم تخسر بسبب القيود خلال سنوات الحصار المستمر سوى نحو خمسين مليار دولار، في حين أن الاتحاد الأوروبي خسر مئتين وأربعين مليارا، والولايات المتحدة سبعة عشر مليار دولار، واليابان سبعة وعشرين مليارا... وذلك كله ينعكس على فرص العمل في هذه البلدان، بما فيها دول الاتحاد الأوروبي: "هي تخسر سوقنا... وهذا يحفزنا على العمل في اتجاهات كثيرة"، وفق الرئيس بوتين.
السائلون في غالبيتهم لا يشعرون بقلق بالغ إزاء ما إذا كان سيجيب بوتين عن أسئلتهم أم لا، في حين أن التوتر يبدو على وجوه المسؤولين والوزراء وأصحاب القرار، الذين يتوسلون إلى الله لكيلا يمسهم هذا النقاش، وخاصة أن معظمهم يبقى في حالة تأهب في مكتبه طيلة الحوار خوفا من سؤال يطرق بابه دون سابق إنذار.
وهو ما لم يكن في حسابات حاكم مقاطعة تيومين في هذا اليوم.
شكاه أهل قرية تتبع لمقاطعته بعدم وجود أنبوب للمياه العذبة، وعلى الفور يطلب إرسال سيارة النقل التلفزيوني إلى المكان للقاء السكان المحليين، ويوعز إليه بتلبية أسئلة مواطنيه.
يظهر الحاكم متوترا ويحاول تبرير ذلك، لكن الرئيس بوتين بعد سماع شكوى المواطنين يطلب منه اتخاذ إجراءاته العاجلة لإرواء العطشى في هذه القرية الغنية بالمياه الجوفية.
لماذا نستعرض دائما أسلحتنا الحديثة، يسأل أحدهم.
يجيب بوتين: "إذا أردنا الحفاظ على السلام، يحب علينا أن نكون مستعدين للحرب، وقواتنا المسلحة هي للردع، وننفق عليها لكيلا نضطر إلى إطعام جيوش الآخرين".
وعما يجري في العالم، أمل بوتين بأن يرتقي حواره مع نظيره اللأمريكي إلى خطوات عملية، محذرا إياه من مغبة اللعب بالنار في مواجهة إيران، لأن ذلك سيؤدي إلى وقوع كارثة في المنطقة، ويسهم في تصاعد العنف، وربما زيادة عدد اللاجئين.
أما عن احتمال وجود صفقة مع الجانب الأمريكي حول سوريا، فقال الرئيس الروسي إنه لا يتاجر بمبادئه وأصدقائه وحلفائه، وعليه يجب على الدول ذات التأثير المباشر على مسار التسوية السياسية في سوريا بما فيها الولايات المتحدة إبداء النوايا الطيبة والمساعدة على إطلاق عمل لجنة الإصلاحات الدستورية.
- هل أنت من كوكب آخر؟
يجيب بوتين بأن شهادة ميلاده على الأرض كفيلة بإثبات العكس، ويستطيع من يشك في ذلك أن يسأل أولاده.
- هل حدث أن خجلت يوما سيدي الرئيس، ومم؟
يقول بوتين إنه في عام ألفين، وفي إحدى المقاطعات الروسية، وبعد جولة استطلاعية، داهمه الوقت وحل الظلام، وخلال توجهه إلى السيارة لمغادرة المكان فوجئ بامرأة مسنة، لم يفهم حينها ما قالت، لكنها ركعت ومدت يدها وأعطته قصاصة صغيرة، ناولها على الفور لمساعده. وعندما سأل بعد حين عن قصاصة العجوز، فوجئ بأن مساعده أضاعها. ولذا لا يزال يشعر حتى اليوم بالخجل.
يخرج فلاديمير بوتين مودعا وشاكرا جميع من أسهم في نجاح حواره السنوي. بيد أن سؤالا واحدا يبقى يجول في ذاكرة الكثيرين: ما هي عدد قصاصات الورق التي لم تصل إليك، سيادة الرئيس؟!
المصدر(حسن نصر موسكو)
اقرأ ايضاً..
عمان جو- ليس برنامجا استعراضيا! هكذا أجاب الرئيس بوتين عن سؤال أحدهم، مدافعا عن حواره السنوي مع شعبه، والذي يجريه للمرة السابعة عشرة منذ توليه زمام السلطة.
يدرك ما ينتظره المواطن ويعرف همومه، فقد حفظ خلال تسعة عشر عاما جميع الأجوبة عن ظهر قلب، ويستعد لها مسبقا عاما بعد عام.
ندخل في دوامة الأرقام القياسية في عدد الأسئلة، التي تلقاها الرئيس عبر وسائل الاتصالات والتواصل المختلفة، والتي تجاوزت مليوني سؤال ومداخلة. غير أن بوتين يدرك أن العمر سيمضي ولن تسعفه الأيام للإجابة عليها جميعا، لذا ينتقي بعنابة ما أجمع على أهميته الكثيرون.
البسطاء، ممن اعتادوا على الجلوس أمام شاشات التلفاز ساعات طويلة لسماع الجديد عند بوتين، ينتظرون بشغف، كما في السنوات السابقة، معرفة من سيحظى بورقة اليانصيب الرابحة، وسيوضع سؤاله في السلة المطلوبة، لكن هذا الأمر سيكون فيما بعد، ولاسيما أنه يثير المتعة لدى الكثيرين.
يعرف الرئيس بوتين استياء شريحة واسعة من المواطنين من الوضع الاقتصادي، ومع ذلك، عندما يسأله أحدهم: "متى سيتساوى راتب الموظف البسيط مع رواتب المسؤولين؟"، يختصر الأمر ويجيب بأنه "يسعى ليس لخفض عدد الأغنياء في البلاد، بل لتقليص عدد الفقراء!".
واقع الاقتصاد وصعوباته، وعثرات الحكومة في حل المشكلات المستعصية يبررها بوتين بالعقوبات المستمرة، التي يرى فيها نفعا من جانب آخر لبلاده.
ووفقا لبيانات خبرائه، فإن روسيا لم تخسر بسبب القيود خلال سنوات الحصار المستمر سوى نحو خمسين مليار دولار، في حين أن الاتحاد الأوروبي خسر مئتين وأربعين مليارا، والولايات المتحدة سبعة عشر مليار دولار، واليابان سبعة وعشرين مليارا... وذلك كله ينعكس على فرص العمل في هذه البلدان، بما فيها دول الاتحاد الأوروبي: "هي تخسر سوقنا... وهذا يحفزنا على العمل في اتجاهات كثيرة"، وفق الرئيس بوتين.
السائلون في غالبيتهم لا يشعرون بقلق بالغ إزاء ما إذا كان سيجيب بوتين عن أسئلتهم أم لا، في حين أن التوتر يبدو على وجوه المسؤولين والوزراء وأصحاب القرار، الذين يتوسلون إلى الله لكيلا يمسهم هذا النقاش، وخاصة أن معظمهم يبقى في حالة تأهب في مكتبه طيلة الحوار خوفا من سؤال يطرق بابه دون سابق إنذار.
وهو ما لم يكن في حسابات حاكم مقاطعة تيومين في هذا اليوم.
شكاه أهل قرية تتبع لمقاطعته بعدم وجود أنبوب للمياه العذبة، وعلى الفور يطلب إرسال سيارة النقل التلفزيوني إلى المكان للقاء السكان المحليين، ويوعز إليه بتلبية أسئلة مواطنيه.
يظهر الحاكم متوترا ويحاول تبرير ذلك، لكن الرئيس بوتين بعد سماع شكوى المواطنين يطلب منه اتخاذ إجراءاته العاجلة لإرواء العطشى في هذه القرية الغنية بالمياه الجوفية.
لماذا نستعرض دائما أسلحتنا الحديثة، يسأل أحدهم.
يجيب بوتين: "إذا أردنا الحفاظ على السلام، يحب علينا أن نكون مستعدين للحرب، وقواتنا المسلحة هي للردع، وننفق عليها لكيلا نضطر إلى إطعام جيوش الآخرين".
وعما يجري في العالم، أمل بوتين بأن يرتقي حواره مع نظيره اللأمريكي إلى خطوات عملية، محذرا إياه من مغبة اللعب بالنار في مواجهة إيران، لأن ذلك سيؤدي إلى وقوع كارثة في المنطقة، ويسهم في تصاعد العنف، وربما زيادة عدد اللاجئين.
أما عن احتمال وجود صفقة مع الجانب الأمريكي حول سوريا، فقال الرئيس الروسي إنه لا يتاجر بمبادئه وأصدقائه وحلفائه، وعليه يجب على الدول ذات التأثير المباشر على مسار التسوية السياسية في سوريا بما فيها الولايات المتحدة إبداء النوايا الطيبة والمساعدة على إطلاق عمل لجنة الإصلاحات الدستورية.
- هل أنت من كوكب آخر؟
يجيب بوتين بأن شهادة ميلاده على الأرض كفيلة بإثبات العكس، ويستطيع من يشك في ذلك أن يسأل أولاده.
- هل حدث أن خجلت يوما سيدي الرئيس، ومم؟
يقول بوتين إنه في عام ألفين، وفي إحدى المقاطعات الروسية، وبعد جولة استطلاعية، داهمه الوقت وحل الظلام، وخلال توجهه إلى السيارة لمغادرة المكان فوجئ بامرأة مسنة، لم يفهم حينها ما قالت، لكنها ركعت ومدت يدها وأعطته قصاصة صغيرة، ناولها على الفور لمساعده. وعندما سأل بعد حين عن قصاصة العجوز، فوجئ بأن مساعده أضاعها. ولذا لا يزال يشعر حتى اليوم بالخجل.
يخرج فلاديمير بوتين مودعا وشاكرا جميع من أسهم في نجاح حواره السنوي. بيد أن سؤالا واحدا يبقى يجول في ذاكرة الكثيرين: ما هي عدد قصاصات الورق التي لم تصل إليك، سيادة الرئيس؟!
المصدر(حسن نصر موسكو)
اقرأ ايضاً..