إتصل بنا من نحن إجعلنا صفحتك الرئيسية

الثورة العربية الكبرى في الصحافة المصرية


 

  عمان اجو-

درس الدكتور أيمن محمود من كلية الآداب في جامعة السويس الثورة العربية الكبرى في الصحافة المصرية بين 1916و1917 ، مؤكدا ان الصحف المصرية أعطت اهتماما خاصا للثورة مدفوعة بدوافع دينية واجتماعية وقومية تتعلق بالإسلام والمحافظة على قيمه وتعاليمه وشعائره والأماكن المقدسة والجرائم التي ارتكبت بحق القوميين العرب.
والصحف المصرية التي تابعت الثورة العربية الكبرى في دراسة الدكتور محمود التي قدمت في مؤتمر مئوية الثورة العربية الكبرى الذي انعقد اخيرا في جامعة آل البيت هي :المقطم ومصر والأهرام ومجلة المنار.
وتناولت الدراسة الاتجاهات السياسية للصحف المصرية التي تابعت الثورة ووقائعها وشخصية الشريف الحسين بن علي في الصحافة المصرية وأسباب الثورة العربية الكبرى واحداثها وموقف العالم العربي والإسلامي والأوروبي ودور الشريف حسين بن علي في النهضة الحجازية (آنذاك) ومبايعته ملكا على العرب.
الاتجاهات السياسية للصحف التي تابعت الثورة العربية :
تظهر الدراسة انه بالرغم من ان الصحف المصرية التي تابعت تطورات الثورة العربية تعددت اتجاهاتها السياسية الا ان تاثير الثورة على تلك الصحف كان تأثيرا ايجابيا في مصلحة الاتجاه القومي العربي ، فمنها من تبنى افكار التيار القومي العربي، وتمثله صحيفة المقطم التي كان اتجاهها السياسي يتبنى فكرة الوحدة العربية والانفصال عن الدولة العثمانية لذلك كانت كل التقارير والمقالات الصحفية التي تنشرها تركز على أسباب قيام الشريف حسين بثورته امام الرأي العام المصري عن طريق متابعة ونشر المظالم والفظائع التي ارتكبها الاتحاديون في حق العرب في سوريا ولبنان قبل الحرب وبعدها وخاصة الجرائم التي ارتكبها جمال باشا وفخري باشا وانور باشا في حق العرب .
ومنها ما التزم الحياد وتمثله صحيفة مصر في نشرها الأخبار والتقارير عن الشريف حسين وثورته في الحجاز وكانت تمتاز على باقي الصحف بان لها مراسلين في الحجاز وركزت معظم تقاريرها ومقالاتها على نشر منشورات الشريف حسين كما هي دون تناول اية تحليلات سياسية لها كما كانت تفعل صحيفة " المقطم" وقد شاركت صحيفة مصر الصحف الاخرى في متابعة الوقائع الحربية للثورة العربية .
واعتمدت صحيفة الاهرام في استقائها لاخبار الثورة على التايمز البريطانية والبلاغات الصادرة من دار الحماية البريطانية ونشرة بياناتها وتحليلاتها السياسية .
وتبنت مجلة المنار وصاحبها رشيد رضا في البداية فكرة الخلافة الاسلامية وتأييده للدولة العثمانية لكنه تراجع بعد ان سيطر الاتحاديون على زمام السلطة بعد خلعهم للسلطان عبدالحميد وما ارتكبوه من جرائم وخاصة عندما قام جمال باشا باعدام صديقيه الزهراوي والكيلاني حيث اطلق عليه رشيد رضا " جمال باشا السفاك" نظرا لتماديه في سفك دماء العرب والمسلمين.
وتورد الدراسة ان رشيد رضا منذ اعلان الشريف حسين الثورة على الاتحاديين اظهر رباطة جاش امام كل التيارات التي تنادي بالتزام التبعية للدولة العثمانية وسافر الى الحجاز لاداء فريضة الحج وهناك التقى بالشريف حسين والقى خطبة مهمة اثناء مبايعة الشريف حسين على ملك العرب واصبحت مجلة المنار تنادي بالوحدة والقومية العربية والاسلامية .
صورة الشريف حسين في الصحافة المصرية :
تظهر الدراسة انه كان لإعلان الشريف حسين الثورة على الدولة العثمانية دور مهم في اهتمام الصحف المصرية بالكتابة عن شخصيته ونشاته وتعليمه ومجلس الديوان الهاشمي، وقد تناول ذلك بعض الصحفيين المصريين الذي رافقوا بعثة الحج المصري وحالفهم الحظ في إجراء مقابلات شخصية وحوارات صحفية مع الشريف حسين .

أ- الشريف حسين – النشأة والتعليم :
اوردت صحيفة المقطم لأحد الصحفيين من صحيفة الايجيبشان جازيت حوارا دار بينه وبين الشريف حسين بن علي يصفه بأنه عند قيامه بالثورة على الاتراك كان يبلغ من العمر آنذاك الثانية والستين مملوء الجسم لا بالقصير ولا بالطويل ، اشيب اللحية ،ووجهه ابيض وهو مستدير واسع العينين حاد النظر ، ورأسه ملفوفة بعمامة بيضاء ويرتدى جبة وقفطانا .
اما تعليمه فكان يجيد من اللغات غير العربية : التركية والفارسية قراءة وكتابة ، ويتكلم الانجليزية والفرنسية والروسية ، وقد تعلم هذه اللغات ودرسها على ايدي اساتذة متخصصين اثناء تواجده في الاستانه قبل تعيينه في امارة مكة ، وهو يعتبر اول شريف يجيد هذه اللغات كما كان بارعا في علم التاريخ والجغرافيا اضافة الى الهندسة وعلم الفلك اما العلوم الشرعية فيقول كاتب المقال حدث ولا حرج فان كبار العلماء في مكة والمدينة والطائف كانوا يرجعون اليه في حل ما يصعب عليهم منها وله ميل عظيم الى كتابة الشعر خصوصا الحماسي منه ووصفه احد الذين قابلوه بقوله :" إنه سياسي محنك وانه شفيق بأهله ورعيته ولديه شجاعة الشجعان ، كالاسد المرابط في عرينه ".
واوردت صحيفة الاهرام ان الشريف حسين هو امير مكة الحقيقي، وهو سليل بيت امارة وكان دائما له نفوذ كبير وسلطة واسعة في غرب الجزيرة العربية واوسطها وعلى الرغم من ان السلطان العثماني كان يعين أشراف مكة في عقود السنين الاخيرة الا ان الشريف حسين بن علي كان يختلف عنهم بعض الشي ، حيث كان يتمتع بالاستقلال وباحترام المسلمين له.

 اسباب الثورة العربية الكبرى :
وتبين الدراسة ان الصحف المصرية تناولت الثورة العربية ومقدماتها واسبابها من خلال تحليل السياق التاريخي للاحداث السياسية في الفترة من عام 1909 الى عام 1916 وهي الفترة التي بدأ فيها الاتحاديون السيطرة على زمام السلطة في الدولة العثمانية وايضا من خلال التحليل السياسي للمنشورات والبيانات الثلاثة التي اصدرها الشريف حسين منذ بداية الثورة .
وتشير الى ان هناك مقالات تناولت الثورة واسبابها من المنظور القومي العربي مثل صحيفة المقطم التي كان يكتب فيها عدد كبير من المثقفين والسياسيين العرب الذين هربوا الى مصر بسبب الفظائع التي يرتكبها الاتحاديون في سوريا ولبنان .
وهناك صحف اخرى تناولت الثورة من المنظور الاسلامي مثل صحيفتي العمران والمنار .
وبينت الدراسة ان اسباب الثورة العربية الكبرى تلخصت في عدة عوامل دينية وقومية 
- تعامل الاتحاديين مع العرب والاسلام:
تناولت الصحف المصرية باهتمام شديد تحليل البعد الديني الذي يعتبر من الاسباب المهمة للثورة على الحكم العثماني في شبه الجزيرة العربية بشكل عام والحجاز بشكل خاص وذلك كنموذج لتأييد زعماء العرب لثورة الشريف حسين وهو السبب نفسه الذي دفع السيد الادريسي الى شق عصا الطاعة والثورة على الحكم التركي عندما احتقر سليمان باشا المتصرف على عسير مسجد آبها ودخله بحذائه وكلبه وعشيقته النمساوية فمن اشد اسباب الفناء والدمار لشعب حاكم او محكوم هو الاستصغار لمظاهر الدين .
وتشير صحيفة المقطم الى ان الاتحاديين لم يكفهم انصراف العرب والمسلمين عنهم بل كان لديهم تصميم واضح على اهانة المقدسات الاسلامية وذلك عندما اهانوا المشهد المقدس في كربلاء واوقعوا باهل النجف الاشرف وشنقوا عالما كبيرا من الامامية لمجرد دعوته الشفهية الى انه لايجب الجهاد ما دامت الحرب لنصرة النصرانية لا للاسلام والمسلمين ، والمقصود هنا دخول تركيا الحرب بجانب المانيا ، ولم يكتفوا بذلك بل اعتقلوا الشيخ محمد حسين آل كاشف شيخ مسجد صيدا وذلك عندما تحدث في خطبة يوم الجمعة عن احتقار الاتحاديين للاسلام وشعائره وعندما علم جمال باشا بذلك امر باعتقاله .
ويقدم احد القوميين العرب في صحيفة المقطم تحليلا دقيقا لموقف الاتحاديين من الاسلام ومحاولتهم القضاء على الصبغة الاسلامية للحكم التركي العثماني من خلال حوار تم بينه وبين شاب من الاتحاديين فيقول :" قال لي زميل من شباب الاتراك المتخرجين في المدارس العليا بالاستانة وهو لا يعلم اني عربي : ان ذكر محمد صلى الله عليه وسلم تحت قباب المساجد وعلى مآذنها هو اكبر إعلان ديني أوجده العرب لانفسهم في الجمعية الاسلامية وفي اقطار العالم ، لهذا صار حسبا علينا نحن الاتراك ان نوسع دائرة نفوذنا وتوطيد اركان فكرتنا القومية بطريقة واحدة وهي ادخال التغيير في الدين الاسلامي والتدرج بهذا التغيير الى ان نلغية كله ".
وهاجمت مجلة المنار انصار الحركة الطورانية عندما ناقش رشيد رضا ذلك في مقال نشرة بعنوان "الاسلام والجامعة الطورانية " محللا دور الاتحاديين في تدعيم حركة جديدة تعرف بنهضة " بنى طوران " او " الطورانية الحديثة "تلك الحركة التي كان هدفها هدم المدينة الاسلامية واحياء العصبية التركية على انقاضها والجمع بين العناصر التركية والتترية والشعوب المنتمية اليها ، اما القائمون عليها فيصفهم رشيد رضا بانهم "مشهورون بعدائهم للاسلام وتعصبهم عليه " عندما يجاهرون باقوالهم وكتاباتهم بحجة ان الاسلام يسعى لقتل العصبية القومية وبالتالي فهم يسعون الى ان تصبح الجنسية التركية مستقلة عن الاسلام كل الاستقلال".
وكانت صحيفة المقطم هي اولى الصحف التي تناولت الفكر الطوراني او الطورانية الحديثة عندما نشرت ملخصا لكتاب "قوم جديد" والذي طبع في مطبعة شمس بالاستانة عام 1913 و 94 صحيفة والذي حاول الطورانيون من خلاله ترسيخ عدة اهداف ومفاهيم عديدة اهمها " جعل الجنسية التركية مستقلة عن الاسلام وترقية الروح العسكرية في الاتراك وتطهير اللغة التركية من كل ما هو عربي ومحو الجنسية العربية وادماجها في الجنسيات الاخرى وكان الغرض من هذه الاهداف هو الانفصال عن الاسلام وهدم الجنسية العربية والتغيير في الدين الاسلامي.
ويؤكد رشيد رضا لتفسيره هذا بما كتبه احمد شريف بك في صحيفة طنين التركية بقوله :" لا يزال العرب يلهجون بلغتهم وهم يجهلون اللغة التركية جهلا تاما كانهم ليسوا تحت حكم الاتراك فمن واجب الباب العالي ان يجعلهم ينسون لغتهم ويجبرهم على تعلم لغة الامة التي تحكمهم فاذا اهمل الباب العالي هذا الواجب كان كمن يحفر قبره بيديه لان العرب لن ينسوا لغتهم وتاريخهم وعاداتهم بل سيسعون لاسترجاع مجد مملكتهم واعادة ترميمها على انقاض دولة الاتراك ".
وتشير صحيفة المقطم الى ان الاتحاديين لم يكتفوا باحتقار العرب فقط بل احتقروا كل ما هو عربي وعملوا على تطهير التركية من المصطلحات والالفاظ العربية حتى ان خطباءهم في المساجد خطبوا قائلين بوجوب استبدال اسماء علي وعثمان وأبى بكر باسماء تركية في الجوامع وقالوا : ان الدين الاسلامي دين عربي في صبغته الحاضرة فوجب اصلاحه وجعله دينا تركيا يلائم روح الامة التركية ونزعاتها واهواءها وان العرب اذا افتخروا بعلي وعثمان وابى بكر ومعاوية وهارون الرشيد فالاتراك يفتخرون بانور باشا وطلعت وجاهد وجمال وغيرهم من الذين لم تلد النساء اعظم منهم .
وتوقعت صحيفة المقطم ان مبادىء الاتحاديين الفاسدة واستبدادهم كان الهدف منها تحقيق رغبتهم في ازالة الروح العربية وتتريك العرب وذلك عندما نشرت مقالة اجتماعية بعنوان :"الجنسية واللغة"وتشير الصحيفة الى ان الجنسية تتألف من عناصر متعددة تحت لواء واحد مثل النمسا والمجر وتركيا وبالتالي هي جنسية احتيالية لا يمكن ان تقوم لها قائمة الى الابد ففي تركيا كان انفصال بعض الجنسيات عنها شيئا نافعا لها ولمصلحتها لكن تبقى في النهاية "جنسيتان متكافئتان" هما الاتراك والعرب وما سواهما فجنسيات صغيرة ليس لاحدها ولا لمجموعها ما يخشى منه على نزع السيادة من الامة السائدة .
وتشير صحيفة المقطم الى انه امام الاستبداد الذي مارسه رجال جمعية الاتحاد والترقي في حق العرب اجتمع زعماء العرب في عام 1909 وخاصة زعماء الجزيرة العربية وناقشوا حالهم وحال بلادهم فاتفقوا جميعا على انهم اذا استمروا على هذا الحال لسنوات سوف يقفد العرب هويتهم ولغتهم العربية امام الممارسات التي يقوم بها الاتحاديون وبالتالي سوف تموت فكرة استقلالهم واجمعوا على عدة مطالب تقدموا بها الى مجلس المبعوثين عام 1911.
وتتعلق المطالب بتعيين القضاة من العرب او على الاقل من يفهمون اللغة العربية ويستطيعون الفصل في قضايا العرب وكان جواب مجلس المبعوثين هو تعيين محمد افندي توفيق قضايا لعسير والشيخ ذاكر افندي قاضيا لتعز واحمد صفوت قاضيا للحديدة.
وتشير المقطم الى ان هؤلاء كانوا لا يعرفون اللغة العربية اما المطلب الثاني فهو انشاء ادارة خاصة لتحصيل العشور فرفض سليمان افندي مبعوث آبها هذا الطلب" وهكذا كانت تقابل طلبات العرب بالرفض"

 -اضطهاد العرب قبل الحرب وبعدها :
وتبين الدراسة ان صحيفة المقطم اوردت ان الاتحاديين بدأوا في اضطهاد العرب قبل اعلان الحرب وبعدها وابعدوهم واقصوهم عن المناصب العسكرية والملكية وعينوا بدلا منهم الاتراك من الاتحاديين مبعوثين على البلاد العربية وسلموا زمام الامور في سوريا والعرب لمجموعة من الاتحاديين ولم يبقوا من ابناء العرب لا قائدا ولا موظفا كبيرا اثناء قيام الحرب ومن اضطروا الى ابقائه في منصب لا يعزل منه ولم يتركوا صاحب رأي الا وساقوه الى المشنقة مثل عبدالحميد الزهراوي وشكر العزلي وغيرهما واعدموا فريقا كبيرا من ضباط العرب واصدروا اوامر مشددة بأن لا يرّقى الفريق الاخر ولم يبقوا بيد الجنود العرب سلاحا بل ارسلوهم الى ميادين القتال عزلا لنقل الذخيرة وتمويل الجيش فقط .
ويذكر رشيد رضا في المنار ان احد الضباط العرب قد عثر عام 1912 في بولاير على رسالة كانت مرسلة من احد زعماء الاتحاديين الى قائد اتحادي كبير جاء فيها " عرضوا العرب لرصاص العدو ، واعملوا على قتلهم لان قتلهم يفيدنا اما الاكراد فاحتفظوا بهم لانهم يلزمون لنا في بلاد الارمن ".
- استنزاف ثروات العرب وإثارة الفتن بين زعمائهم :
وتورد الدراسة ان صحيفة المقطم تناولت ان سيطرة الاتحاديين على الحكم واشتراكهم في الحرب بجانب المانيا دفعهم الى استنزاف ثروات الشعوب العربية ، فقد اشتركت الامة العربية مع سائر الشعوب الثمانية في دفع الضرائب والاموال ، حيث تشير الاحصاءات الرسمية الى ان ما دفعه العرب من الضرائب والتبرعات الحربية عن طيب خاطر ، او بالجبر، كان ضعف ما فرض على الامة التركية ، وما تبرع به الاتراك في الحرب .
ونشرت جريدة مصر حوارا للشريف حسين بن علي مع احد الصحفيين المصريين من صحيفة الايجيبشان جازيت قائلا: قبل ان اقوم بالحركة العربية ضد تركيا كان الشعب هنا – اغنياء وفقراء – سائرا الى الموت من شدة الجوع ، هذا من جهة ومن جهة اخرى علمت يقينا ان تركيا ترجع الى الوراء بدلا من ان تتقدم الى الامام . ان سلطان تركيا الذي اجله واحترمه حتى الان ليس له رأي، والامر في تركيا بيد حزب الاتحاد والترقي، وهذا يشبه عصفورا صغيرا في يد طفل صغير" والاتحاديون يحكمون بغير العدل ويعاملون الاهالي بقسوة وليس لهم اعين ترى ولا قلوب تشعر ولا عقل يفكر وانا بالجملة خفت من امرين اولهما رؤياي شعبي الكريم يموت من الجوع ،وثانيهما تقهقر تركيا على يد الاتحاديين الذين دخلوا الحرب ضد انجلترا وحلفائها ولا يمكن لاحد منا ان يعلم ما الذي سيصيب تركيا ، ولهذا عملت على استقلال تلك البلاد المقدسة لخلاصها من الجوع والاستبداد وللمحافظة على خير بيت طاهر لله سبحانه وتعالى في مكة للنبي المطهر في المدينة ، إني مستعد للتضحية بنفسي وأولادي وعائلتي في سبيل ما يسعد الحجاز ، وهذا ما اعمل له الان مع رجالي الامناء .
وتشير الدراسة الى ان الثورة العربية الكبرى تجمعت لها عدة دوافع كانت وراء قيام الشريف حسين بها والاستقلال ببلاد الحجاز عن حكم الاتحاديين ، وهي دوافع دينية تتعلق بالحفاظ على الاسلام ولغة القران الكريم ، وحماية الاماكن المقدسة والحفاظ على شعائر ومناسك الحج ودوافع قومية ، وهي المحافظة على الهوية العربية التي تعتمد اساسا على الحفاظ على اللغة العربية والجنسية العربية ومقوماتها وتخليص العرب من ظلم واضطهاد الاتحاديين .

وقائع الثورة العربية الكبرى 
-------------------
تورد الدراسة انه عندما بدأت الوقائع الحربية للثورة ، بدأت الصحف المصرية تترقب سير هذه الوقائع التي تدور معاركها في الحجاز وتنافست ثلاث صحف مصرية في نشر الوقائع الحربية للثورة في مقدمتها الاهرام والمقطم ثم صحيفة مصر .
الوقائع الحربية في مكة المكرمة 
--------------------
تورد الدراسة ان صحيفة الاهرام تابعت وقائع الحربية في مكة المكرمة وذكرت ان الجنود تحصنوا بإحدى هذه القلاع وكان يبلغ عددهم 40 جنديا فاصدر الشريف حسين اوامره الى رجاله بعدم اراقة الدماء لكن هذه الحامية كانت ماتزال تمتلك 4 مدافع جبلية بذخائرها ، فاطلق احد الضباط الاتراك قذيفتين ، اصابت الاولى الكعبة المشرفة مما ادى الى اشتعال ذخائرها ، اما القذيفة الثانية فأصابت مقام سيدنا ابراهيم عليه السلام كما اصابت الحجر الاسود بنحو ذراع ونصف ذراع ولان ضرب الكعبة بالقذائف كان من افظع ما ارتكب في هذه الحرب اشتد غضب الشريف حسين غضبا شديدا فامر جنوده بتشديد الحصار على القلعة والثكنة العسكرية في مهاجمتها بعد ذلك اذا لزم الامر .
ويقال – على حد ما ذكرته الصحيفة – ان ضرب الكعبة بالقذائف دفع بعض العرب والاتراك التابعين للحاميات التركية الى مطالبة الشريف حسين بقبولهم تحت امرته في خدمة جيشه طالما وصل الامر الى ضرب الكعبة ، لكن رد الشريف حسين عليهم بالرفض مبررا رفضه هذا بانه ما زال محافظا على حقن الدماء ، وانه مازال في موقف الدفاع عن النفس وعن الاماكن المقدسة .
وتورد صحيفة مصر انه مع اصرار القوات العربية بقيادة الشريف حسين على محاصرة القلعة والثكنة العسكرية التي احتمت بهما الحاميات التركية اقتحمت الحصنين – القلعة والثكنة العسكرية معا- وكانت مكونة من 28 ضابطا ، 1200 جندي جريح، واسرت القوات العربية من الاتراك 100 ضابط و 250 جنديا ومن الموظفين الملكيين الاتراك 150 موظفا ملكيا ولم يقتصر الامر على ذلك فحسب بل استولت القوات العربية على كميات كبيرة من الاسلحة والذخائر بلغت 10 مدافع ميدان ، و 10 مدافع جبلية ، و15 مدفعا سريعا وبذلك استطاعت قوات الشريف حسين الانتصار على القوات التركية ولم يتبق بعد ذلك في مكة المكرمة اي اثر للأتراك ورفعت راية الشريف حسين على مكة .

 ونشرت جريدة مصر ان القوات العربية استطاعت اجبار القوات التركية على الجلاء عن مواقعها في المدينة المنورة بعد ان تركوا فيها 20 قتيلا و 50 جريحا واسر العرب من الاتراك ضابطين و 60 جنديا اما الشريف فيصل ابن الشريف حسين فانتصر على الجنود الاتراك حول المدينة المنورة التي خسر فيها الاتراك اورطتين كاملتين .
وقالت الاهرام ان القوات العربية بقيادة الشريف حسين وابنائه كانت لديهم استراتيجية عسكرية تعتمد على عدم نشوب القتال داخل المدن وذلك تنفيذا لأوامر الشريف حسين التي كانت تقضي بعدم اراقة الدماء داخل المدن والاكتفاء بمحاصرة الحاميات التركية حتى التسليم وفي هذا الاطار استطاعت قواته استدراج 5500 جندي من الحامية التركية في المدينة الى منطقة في الصحراء لا ماء فيها وحاصرتها هناك الامر الذي دفع بالقوات التركية الى محاولة خرق نطاق الحصار والعودة الى استحكاماتها ودرات معركة شديدة ، قتل فيها 1500 جندي من القوات التركية واستولى العرب على الكثير من الحصون كما اغار الشيخ عماد بن حمد شيخ قبيلة " بلي" على ثلاث قوافل للأتراك اتية من العلا ومتجهة الى منطقة الوجه ، واستطاعت قبيلة "بلي" الانتصار عليها واسرها جميعا والاستيلاء على مهماتها العسكرية وسد الطريق بين العلا والوجه .
وذكرت المقطم ان استراتيجية استدراج القوات التركية الى خارج المدينة المنورة ادت الى تشتت الحاميات التركية وتفرقها في الصحراء وكانت مهمة الامير فيصل والامير زيد بعد تسليم المدينة هي متابعة الفلول الهاربة من الحاميات التركية في الصحراء فقد تمكن بعض رجال الامير فيصل وقواته من الاشتباك مع كتيبة تركية فمزقوا شملها وقتلوا منها خمسة رجال واستولوا على عشرة جمال كما التقت مفرزة عربية من قبيلة "الرحلة" بمجموعة من جنود قبيلة المتغلبة في "شعب الحاج"التابعة للاتراك فقتلت منهم سبعة رجال واسرت خمسة واستولت على عشرة جمال .
ونشرت الأهرام ان القوات العربية بقيادة الشريف حسين وابنائه استمرت في مقاومة فلول العدو المنتشرة في الصحراء حيث التقت بهم عند مفرق الدروب بين المدينة المنورة ، وبئر درويش وانتصر العرب عليهم واستولوا على عشر بنادق لكنهم حاولوا التقدم نحو "بئر درويش" الى مكان يسمى "حرز" فنشبت معركة نتج عنها طردهم وقتل خمسة عشر عسكريا والاستيلاء على خمس عشرة بندقية .
وقالت جريدة مصر ان قوات الشريف حسين استمرت في متابعة فلول الحاميات التركية الهاربة فعندما تسلم الامير زيد قيادة القوات العربية من الامير فيصل الذي اتجه الى معسكراته الجديدة في الشمال فالتقت مجموعة من مفرزة قبيلة من الجنود المتغلبة ونشبت معركة معهم في " بئر الشفيه" فانتصرت عليهم واسرت منهم ضابطين وتسعة جنود ، وقد مات منهم في الطريق ضابطان واثنان من الجنود الجرحى.
وذكرت الاهرام ان الامير زيد مازال يتابع ويلاحق الاتراك الفارين والهاربين في الصحراء ، وذلك لمدة يومين متواليين حيث استمرت الجنود الهاربة من الاتراك في الزحف ناحية الشمال في اتجاه وادي ينبع فبدأوا في التقدم مسافة نصف ساعة في اتجاه " عبيد الحمراء" ومن جانبهم الايمن قبائل " الرحلة " ومن الجانب الايسر قبائل " الاحامدة " التابعة لاقسام جيوش الامير زيد والتقت هذه القبائل بالجنود الهجانة من الاتراك واشتدت المعركة وارتد الجنود الاتراك وتركوا 50 قتيلا ووقع ستة شهداء من جيوش الامير زيد .
هـ - سقوط الطائف وتسليمها للعرب: 
نشرت صحيفة المقطم هذه الوقائع:
بدأت القوات العربية في الهجوم على الطائف بقيادة الشريف عبدالله بن الشريف حسين في الوقت الذي كان الاتراك يعتصمون مع غالب باشا بالمدينة فحاصرها العرب ، الامر الذي دفع غالب باشا ومن معه الى اللجوء الى قلعة الحفلة وإلى الثكنات والمنازل لكن الشريف عبدالله وقواته ضيقوا الحصار على المدينة ودمروا استحكاماتها وثكناتها وهدموا ثلثي القلعة على من فيها من الجنود الاتراك وبعد يوم اخر هرب عدد من الجنود العرب من السوريين وذهبوا الى جيش الشريف عبدالله واخبروه بسوء حالة الحامية وخصوصا العرب منهم وشدة وطأة الضباط والموظفين الاتحاديين عليهم ويبدو ان غالب باشا شعر باقتراب العرب من اقتحام القلعة وثكناتها فحاول ان يفك الحصار وخرج بقوة من القلعة فاستطاع الشريف عبدالله صدها واستولى على مدفعين وقتلت قواته 150 جنديا من الاتراك واسرت الباقي حيث قدرت حامية الطائف بـ 2700 مقاتل.
ونشرت جريدة مصر البيان الذي وصل الى وكيل الشريف حسين في القاهرة بشان انتصار قوات الشريف حسين في الطائف وجاء فيه :
مصر في 26 سبتمبر 1916 م
تلقى وكيل الشريف الاعظم في مصر البلاغ التالي وقد نشر في مكة يوم 24 سبتمبر .
اعلن كبير امناء الشريف حسين ان الشريف عبدالله بن الشريف حسين ارسل بيانا بعد استيلائه على مدينة الطائف كالتالي :" تم الاتفاق مع غالب باشا والي الحجاز على شروط التسليم وسلم هو وجميع الضباط الذين معه في منتصف الليل واحتلت الجيوش العربية ابواب المدينة وجردوا الحرس التركي من السلاح ونقلوه من مكانه واحاطت القوات العربية بالمدينة ولم يكن احد عالما بما يجرى ما عدا الذين تولوا القيام بهذه الاعمال وعند الفجر دخلنا الطائف ونزعنا سلاح حاميتها وقد بلغ عدد الاسرى 83 ضابطا و 1982 جنديا و 72 موظفا مدنية وفيها 10 مدافع و1700 بندقية والبنادق الموجودة في المخازن و 800 قنبلة يد و 16830 طلقة من ذخيرة بندقيات موزر ".
وفي هذا السياق قال الشريف عبدالله مخاطبا والده بحسب ما نشرته جريدة مصر :" إني التمس من سموكم ان يعامل كل واحد منهم بما يستحق ولكن ارجو ان تتغاضوا عن الاذى الذي اصابنا لكي تساعدنا العناية في اداء مهمتنا والتمس من سموكم ان يعامل الاسرى بالرفق والمودة فان عيون العالم الاسلامي متجهة إلينا". وقد عومل غالب باشا والضباط والجنود الذي كانوا معه واسرهم معاملة تليق باسم الشريف حسين .




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمان جو الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :