الدولة لا تعتذر
د. طلال طلب الشرفات
الدولة بمفهومها الواسع شعب، واقليم، وسيادة، وهي تتضمن سلطات الدولة الأساسية التنفيذية، والتشريعية، والقضائية.
السلطة التنفيذية (الحكومة) هي صاحبة الولاية العامة في إدارة الدولة، والناطقة باسمها، ووفقاً للمادة (26) من الدستور الأردني فإن السلطة التنفيذية تناط بالملك، ويتولاها بواسطة وزرائه وفقاً لإحكام الدستور، وعليه فإن الحكومة تتمثل في جلالة الملك إلا أن الملك لا يمارس هذه السلطة بشكل مباشر وإنما يوكل تلك المهام للوزراء بصفتهم وكلاء في أداء تلك المهام، فالملك صاحب اختصاص أصيل في إدارة شؤون الدولة فوّض إدارة شؤون الدولة للوزراء من خلال نص دستوري إلا أن القيمة المعنوية للسلطة التنفيذية تبقى بيد صاحب الاختصاص الأصيل وهو الملك.
الدولة أم وأب يعتذر منها ولا تعتذر وإن قست، والحكومة هي الناطقة باسم الدولة، وتستمد قدسيتها، ووكبريائها من الدولة ومفهومها، يمكن اسقاطها في البرلمان، وفي الشارع، وقد يحال أعضاء منها إلى القضاء إن أخطأوا، أو أساءوا استخدام السلطة ولكنها لا تعتذر؛ لأنها كبرياء الدولة، وعنوان هيبتها، والاستقواء عليها بعيداً عن الممارسات الدستورية استقواء على الدولة، والذين يطالبون باعتذار السلطة التنفيذية إنما يناورون في مساحات هدم بنية الدولة، وخلخلة أركانها.
السلطة التنفيذية لا تعتذر؛ لأنها إن فعلت تكون قد تخلت عن التفويض الممنوح لها بموجب الدستور، قد تعتذر عن خطأ سياسي ارتكتبه على أن يكون الاعتذار في البرلمان محراب الشعب، لأن الاعتذار بمفهومه السياسي لا يكون إلا لسلطة نظيرة مكافئة، أما الاعتذار الإنساني فهو واجب تجاه الكافة صغيراً كان، أم كبيراً، وضيعاً كان أم شريفاً، وبالتالي فإن الطلب من السلطة التنفيذية الاعتذار عن آثار خلاف سياسي، أو ممارسة خاطئة، أو اجتهاد ناشئ عن فهم ملتبس للأحكام القانونية هو طلب لا يستقيم وفلسفة أداء السلطة التنفيذية لواجباتها الدستورية التي تحفظ هيبة الدولة.
نقابة المعلمين عندما طلبت اعتذار الحكومة عما أسمته الاعتداء على المعلمين ومنعهم من الوصول إلى الدوار الرابع تسرعت في هذا الطلب، ونسيت أن السلطة التنفيذية لا تعتذر إلا للملك، والشعب وممثليه، وإن أي طلب بهذا الخصوص إنما يعبر عن تطاول على السلطات الدستورية، ويؤشر على وجود خلل في فهم الحقوق والواجبات الدستورية بين الافراد، والمؤسسات من جهة، والسلطات الدستورية من جهة أخرى، بل أن المسؤولية السياسية تقتضي من نائب نقيب المعلمين الاعتذار عن الإمهال المدان للسلطة التنفيذية لفتح الشوارع باتجاه الدوار الرابع قبل إعلان الإضراب بعدها.
عندما قلنا إنه لا يجوز الطلب من الحكومة الاعتذار فالسبب يكمن في حفظ هيبة الدولة لا أكثر، ولا يعفي أي شخص اعتدى على معلم أو العكس من المساءلة القانونية، وعندما طالبنا نائب النقيب بالاعتذار من الحكومة فلأنه لا يجوز تهديد الدولة ايّاً كان المبرر، ولا يصح الاستقواء على السلطة العامة مهما كان المطلب نبيلاً، والسبب أن هناك ساحات للمسائلة الشعبية، والبرلمانية لكل تجاوز أو خطأ ترتكبه الحكومة بقصد أو بدون قصد، وهي ساحات شعبية ودستورية لا ينوب فيها أحد عن آخر، وإذا كنّا وما زلنا ندعوا لضمان حياة كريمة للمعلم فان ذلك يتوجب ان يكون بعيداً عن التوظيف السياسي للعمل النقابي.
بقي أن أقول أنه في المجتمعات التي يغيب فيها قبول الآخر، واحترام رأيه اتفاقاً، أو اختلافاً لا يمكن أن يتقدم فيها المجتمع، ويصعب فيها تعليم منظومة القيم الإيجابية القائمة على إدراك المسؤولية الاجتماعية، والوطنية، وقبول الآخر، واحترام الرأي، والرأي الآخر، وعدم احتكار الحقيقة، ونكران الذات قي الملمات الوطنية، فالمعلم الذي يضئ الكون حولنا لا يمكن أن نتصوره إلا أن يكون مثالاً ناصعاً لكل ما هو جميل، فقد تعلمنا من أساتذتنا الإجلّاء أن اختلاف الرأي لا يفسد في الود قضية.
الدولة لا تعتذر، والوطن نتاج رسالة المعلم الواعي، وحمى الله وطننا الكبير من كل سوء...!!!
د. طلال طلب الشرفات
الدولة بمفهومها الواسع شعب، واقليم، وسيادة، وهي تتضمن سلطات الدولة الأساسية التنفيذية، والتشريعية، والقضائية.
السلطة التنفيذية (الحكومة) هي صاحبة الولاية العامة في إدارة الدولة، والناطقة باسمها، ووفقاً للمادة (26) من الدستور الأردني فإن السلطة التنفيذية تناط بالملك، ويتولاها بواسطة وزرائه وفقاً لإحكام الدستور، وعليه فإن الحكومة تتمثل في جلالة الملك إلا أن الملك لا يمارس هذه السلطة بشكل مباشر وإنما يوكل تلك المهام للوزراء بصفتهم وكلاء في أداء تلك المهام، فالملك صاحب اختصاص أصيل في إدارة شؤون الدولة فوّض إدارة شؤون الدولة للوزراء من خلال نص دستوري إلا أن القيمة المعنوية للسلطة التنفيذية تبقى بيد صاحب الاختصاص الأصيل وهو الملك.
الدولة أم وأب يعتذر منها ولا تعتذر وإن قست، والحكومة هي الناطقة باسم الدولة، وتستمد قدسيتها، ووكبريائها من الدولة ومفهومها، يمكن اسقاطها في البرلمان، وفي الشارع، وقد يحال أعضاء منها إلى القضاء إن أخطأوا، أو أساءوا استخدام السلطة ولكنها لا تعتذر؛ لأنها كبرياء الدولة، وعنوان هيبتها، والاستقواء عليها بعيداً عن الممارسات الدستورية استقواء على الدولة، والذين يطالبون باعتذار السلطة التنفيذية إنما يناورون في مساحات هدم بنية الدولة، وخلخلة أركانها.
السلطة التنفيذية لا تعتذر؛ لأنها إن فعلت تكون قد تخلت عن التفويض الممنوح لها بموجب الدستور، قد تعتذر عن خطأ سياسي ارتكتبه على أن يكون الاعتذار في البرلمان محراب الشعب، لأن الاعتذار بمفهومه السياسي لا يكون إلا لسلطة نظيرة مكافئة، أما الاعتذار الإنساني فهو واجب تجاه الكافة صغيراً كان، أم كبيراً، وضيعاً كان أم شريفاً، وبالتالي فإن الطلب من السلطة التنفيذية الاعتذار عن آثار خلاف سياسي، أو ممارسة خاطئة، أو اجتهاد ناشئ عن فهم ملتبس للأحكام القانونية هو طلب لا يستقيم وفلسفة أداء السلطة التنفيذية لواجباتها الدستورية التي تحفظ هيبة الدولة.
نقابة المعلمين عندما طلبت اعتذار الحكومة عما أسمته الاعتداء على المعلمين ومنعهم من الوصول إلى الدوار الرابع تسرعت في هذا الطلب، ونسيت أن السلطة التنفيذية لا تعتذر إلا للملك، والشعب وممثليه، وإن أي طلب بهذا الخصوص إنما يعبر عن تطاول على السلطات الدستورية، ويؤشر على وجود خلل في فهم الحقوق والواجبات الدستورية بين الافراد، والمؤسسات من جهة، والسلطات الدستورية من جهة أخرى، بل أن المسؤولية السياسية تقتضي من نائب نقيب المعلمين الاعتذار عن الإمهال المدان للسلطة التنفيذية لفتح الشوارع باتجاه الدوار الرابع قبل إعلان الإضراب بعدها.
عندما قلنا إنه لا يجوز الطلب من الحكومة الاعتذار فالسبب يكمن في حفظ هيبة الدولة لا أكثر، ولا يعفي أي شخص اعتدى على معلم أو العكس من المساءلة القانونية، وعندما طالبنا نائب النقيب بالاعتذار من الحكومة فلأنه لا يجوز تهديد الدولة ايّاً كان المبرر، ولا يصح الاستقواء على السلطة العامة مهما كان المطلب نبيلاً، والسبب أن هناك ساحات للمسائلة الشعبية، والبرلمانية لكل تجاوز أو خطأ ترتكبه الحكومة بقصد أو بدون قصد، وهي ساحات شعبية ودستورية لا ينوب فيها أحد عن آخر، وإذا كنّا وما زلنا ندعوا لضمان حياة كريمة للمعلم فان ذلك يتوجب ان يكون بعيداً عن التوظيف السياسي للعمل النقابي.
بقي أن أقول أنه في المجتمعات التي يغيب فيها قبول الآخر، واحترام رأيه اتفاقاً، أو اختلافاً لا يمكن أن يتقدم فيها المجتمع، ويصعب فيها تعليم منظومة القيم الإيجابية القائمة على إدراك المسؤولية الاجتماعية، والوطنية، وقبول الآخر، واحترام الرأي، والرأي الآخر، وعدم احتكار الحقيقة، ونكران الذات قي الملمات الوطنية، فالمعلم الذي يضئ الكون حولنا لا يمكن أن نتصوره إلا أن يكون مثالاً ناصعاً لكل ما هو جميل، فقد تعلمنا من أساتذتنا الإجلّاء أن اختلاف الرأي لا يفسد في الود قضية.
الدولة لا تعتذر، والوطن نتاج رسالة المعلم الواعي، وحمى الله وطننا الكبير من كل سوء...!!!
تعليقات القراء
لا يوجد تعليقات