إتصل بنا من نحن إجعلنا صفحتك الرئيسية

أحجية الإضراب والحل السهل الممتنع


عمان جو -

بقلم: د. مأمون نورالدين


ها هو الأسبوع الثالث للإضراب في منتصفه، وما بدأ باحتجاج طبيعي أصبح في هذه الساعة أحجية معقدة استعصت على الحكومة، وصار الحوار بين الطالب والمُطالب أشبه بجدلٍ بين جهتين يتحدّث كل منهما لغة تختلف عن الآخر، وفي النتيجة الملموسة حالياً صفوف خاوية وعطلة إجبارية وتعليم مجمّد، أمّا عن النتائج المستقبلية، فالله وحده أعلم، إلّا أن مما لا شكّ فيه أن هذا الإضراب أحدث ندباً.
تتجه أنظار الأردنيين يومياً لتطورات هذا الحدث، وفي حين أن قوائم حلول تتوفّر لدى الخبراء من أبناء الوطن، إلّا أن هذه الحلول منعت من الوصول الفاعل إلى طاولة الحوار ومصنع القرار في هذه الأزمة، وكأن التوّجه أصبح يميل أكثر ل "من الأقوى؟" بدلاً من "ما الحل؟". نستطيع أن نشبه الحال اليوم بإمتحان كتاب مفتوح، كتب المعلم امتحاناً مكوّن من سؤال واحد، الإجابة متوفرة بالكتاب لكن الحل ليس بسيط، والمعلم قد ربط العلامة بالإجابة الصحيحة الكاملة أي يعني إما العلامة الكاملة أو الصفر، وهو يعلم تماماً امكانيات طالبه. الطالب غير جاهز للإمتحان، أي لم يدرس جيّداً، وقد غاب كثيراً عن المنهاج فأصبح ليس متمكّناً من إقناع المعلم بإجابته، من الواضح أنه طالب غير متفوّق! على من اللوم يا ترى؟ وهل من ظلم؟
يؤمن الأردني الغيور على وطنه بحقّ المعلم بالحصول على وضع معيشي أفضل، ويتمنّى أبناء الجيل الأكبر خصوصاً أن تعود قيمة المعلم الإجتماعية إلى ما كانت عليه عندما كنّا طلابا. ويؤمن أيضاً الأردني الغيور بأهمية وجود قيادات حكومية ووطنية فذّة حكيمة تستطيع تجنّب الأزمة، أو على الأقل احتواءها إن حصلت فعلاً وبمهنية عالية ودون ارتباك وضعف، ويحب أن يرى المواطن دولة قوية بأركانها كافة لها هيبتها وتعمل بروح الدستور لمصلحة الشعب والوطن دون أن يتطاول عليها أحد. قد تحفزّ هذه الأزمة جهات أخرى لنسخ التجربة والتصعيد مع الحكومة وندخل في سلسلة أزمات وهو ما لا يريد أحداً، لأن كل ما يحدث ينخر في مصلحة الوطن بشتّى الأشكال.
على هذه الأحجية السهلة الممتنعة أن تحل قبل تدخل الملك، فكلنا ندرك أنه كلما ضاقت أزمة بين الحكومة وأي طرف واستعصى الحل، تتجه الأنظار كلّها لجلالة الملك، والكل يعلم أن الملك إذا تدخل لحل مشكلة فهذا يعني أن هناك من أخفق ولم يقم بواجبه على أكمل وجه. قوموا بواجبكم الوطني وحلّوا هذا النزاع من أجل الطالب والمعلم والمواطن والوطن، توافقوا وقفوا بصف الوطن وأدوا الأمانة التي ائتمنتم، فيكفينا اليوم أزمات. وفلتتوقف الإستعراضات والمزايدات، إنها ليس حرباً ولا معركة كسر عظم، فالتبقى القضية في اطارها الطبيعي بعيداً عن الخطاب المرفوض شعبياً. دعونا ننظر إلى المستقبل بقليل من التفاؤل علّنا نتوقّف عن الترحم على أيام الماضي، وقيادات الماضي، وأوضاع الماضي. أعيدوا الأمل للشباب الذي يراقبكم ويعلم أن مستقبله بأيديكم وأثبتوا لهم أن الأردن سوف ينهض.




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمان جو الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :