الفضائيات المتأسلمة في العراق ماذا والى اين؟
عمان جو - بقلم : * البروفسور الدكتور عبدالرزاق الدليمي مثل احتلال العراق في التاسع من نيسان 2003 انعطافة كارثية من خلال تطبيق سيناريوهات,اعدت مسبقا لتدمير وتخريب البلادوالعباد وكان طبيعيا ان يتقدمها قرارمن الحاكم الأمريكي برايمر بحل وزارة الإعلام العراقية وتسريح كل العاملين فيها, حيث اصبحت الساحة الإعلامية العراقية فارغةبشكل مقصود, لتكون وسائل الإعلام الغربية والعربية الموالية للمشروع الأمريكي, هي النافذة الوحيدة للمشهد. وحينما أفلتت بعض المؤسسات الإعلامية العربية من هذا القيد, تم استهدافها من قبل قوات الاحتلال وأذنابهم. وقد البث التلفزيوني في العراق بعد الاحتلال, انعطافا خطيرا في مساره من حيث الكم والنوع, تجلى في انتشار كم كبير من القنوات الفضائية, حتى زاد عددها على ستين قناة فضائية, مختلفة المناشئ والاتجاهات والبث والتمويل والإدارة. ويلاحظ المتتبع ان هذه القنوات غلب عليها الطابع الديني الطائفي. وازدادت هذه الظاهرة خطورة كما ونوعا. ولا تكمن خطورة هذه القنوات في كمها, وإنما فيما تبثه من قضايا وأفكار, وما تنشره من أحداث وتحاليل, والذي يشكل تهديدا ليس للشعب العراقي بل للأمة العربية والإسلامية من جميع المناحي, العقائدية والفكرية والسياسية والاجتماعية والأخلاقية. فهذه الفضائيات باتت مرتع خصب للطروحات السياسية والطقوس الدينية التي لم يعرفها العرب والمسلمون على حقيقتها إلا بعد احتلال العراق, حيث تعمد المحتل الامريكي بالتنسيق مع النظام الايراني فرضه بالقوة على العراقيين فقد رسمت لهذه الفضيائيات اجندات هدفها تمزيق القيم الايجابية للشعب العراقي واحلال ممارسات وشعائر ابعد ما تكون عن سمات وخصائص العراقيين فتقدم الولاء للطائفة على الولاء للوطنسيما اذا كان وراء الولاء الجديد قوى فارسية تعبث بارادة جزء لا يستهان به من الشعب وهنا نلاحظ كيف ان هذه الفضائيات تروج للاكاذيب باعتبارها إنجاز سياسي يجب أن يروج له في وسائل الإعلام, بهدفكسب قلوب ومشاعر الناس في العراق وخارجه. فكان الإعلام الفضائي خير آلة يستعان بها على ذلك. ان انتشار هذا الكم غير الطبيعي لهذه الفضائيات,زاد من حجم الفوضى غير الخلاقة لا سيما في ظل وفرة الأطباق اللاقطة وتدني أسعارها. وغياب وزارة في الإعلام بعد الاحتلال, وعدم وجود رقابة أو قانون خاص ينظمها ويضبط عملها, ناهيك عن وفرة الأطر والكفاءات الإعلامية التي طردت من عملها, وتم استقطابها من لدن هذه المحطات الجديدة. ولم يعد خافيا على احد من أن الذي يمول هذه الفضائيات إنما الأحزاب ومرجعياتها, لا سيما وأن هذه الأخيرة تجني إيرادات ضخمة يجعلها دولة داخل الدولة. فهذه الاحزاب المتأسلمة ومليشياتها المسلحة الوقحة تشكل كيانا ماديا ومعنويا مستقلا, لا علاقة له بالدولة ولا بغيرها, فلكل منهمدولته العريضة التي تتجاوز أحجام بعض الدول. وله موارده الوفيرة التي يفترض أن ينفق منها على نشاطاته التي هي بالحقيقة نشاطات معادية للشعب والوطن بامتياز. أن هذه القنوات قد وجدت من خلال أحزابها المتأسلمة مصدرا لتمويلها, من خلال سيطرتها على موارد العراق ومقدراته السياسية والاقتصادية, والسيطرة على موارد النفط, وما ظاهرة الفساد المالي والإداري المنتشرة من أعلى الهرم في الحكومات التي تولت الحكم من بعد الاحتلال وإلى يومنا هذا, وحتى أصغر موظف, إلا دليل آخر على قوة هذه المصدر التمويلي للأحزاب. ان الخطاب الإعلامي لهذه القنوات المتأسلمة, تهدف إلى نشر قيم دينية جديدة, تقدم نفسها كبديل عن القيم الإسلامية الصحيحة. وتقوم على فلسفة الثأر والانتقام من كل ما هو عربي وإسلامي, وتروج لبناء مشروع سياسي, يستند إلى أصول طائفية مدعوم من قبل النظام الملالي في طهران والحكومات المتعاقبة في العراق في ظل الاحتلال الامريكي الفارسي لقد بدأنا نسمع بين حين واخر نبرة انتقاد للوضع السائد في العراق بعد الاحتلال من داخل المشاركين في العملية السياسية الفاشلة سيئة الصيت الا ان الملاحظ على هذه الانتقادات انها على الاغلب تأتي من بعض من لم يحافظهم الحظ بالظفر بشئ من الكعكة وبعضهم يحاول ان ينتقد بشدة عسى ان يتم الالتفات اليه لاعادته الى قطار العملية السياسية.... وايا كانت نوايا المنتقدين فانها بالنتيجة تثبت ان الوقت حان للاعتراف بفشل كل مشاريع الاحتلال في العراق وعجز وفشل كل من تم توليتهم امور العراقيين وان كل محاولات الترقيع التي تقوم بها فضائياتهم لن تفضي الا الى فضائح اكبر للمحتلين وذيولهم وتوسيع في حجم المعارضة الشعبية المتزايدة كما ونوعاوان العراقيين لابد وان تكون لهم الكلمة الفصل في الشارع شاء المحتلين ام ابو ومثلما قال ابو القاسم الشابي: (إذا الشعــب يومــا أراد الحيــاة فلا بـــد أن يستجيب القــدر. ولا بـــد لليــــل أن ينجلـــي ولابـــــد للقيـــــد أن ينكســـــر) *جامعة البترا الاردنية
تعليقات القراء
لا يوجد تعليقات