حكومة الرزاز بعد أزمة المعلمين .. رحيل أم تعديل؟
عمان جو – ليث الجنيدي:
بعد أزمة إضراب المعلمين، يبدو أن حكومة الأردن، برئاسة عمر الرزاز، باتت أمام خيارين لا ثالث لهما: الرحيل أو التعديل.
نفذ المعلمون إضرابا عن العمل استمر شهرا انتهى الأحد الماضي، وهو الأطول في تاريخ المملكة؛ للمطالبة بعلاوة مالية “مستحقة” واعتذار حكومي عن انتهاكات واعتقالات يقول المعلمون إنهم تعرضوا لها خلال احتجاج في العاصمة عمان، يوم 5 سبتمبر/ أيلول الماضي.
وحقق المعلمون المطلبين، إذ اعتذرت الحكومة، ثم اعترفت بالعلاوة وتوصلت إلى اتفاق مع المعلمين بشأنها.
وهو ما يعني، وفق محليين، إقرارا ضمنيا من الحكومة بمسؤوليتها عن الأزمة، ليصبح الرزاز أمام ضرورة تعديل حكومته، على الأقل بإخراج المسؤولين عن الأزمة وهما وزيرا التربية والداخلية، وكذلك المتحدثة باسم الحكومة.
فيما اعتبر آخرون أن خيار رحيل الحكومة يعتمد على رؤية وقرار ملكي، خاصة وأن البرلمان الثامن عشر بات في أيامه الأخيرة، ما يعني دستوريا ذهاب الرزاز وتعيين رئيس جديد لإجراء انتخابات برلمانية.
حكومة تأزيم
قال محمد كنوش الشرعة، أستاذ العلوم السياسية في جامعة اليرموك (حكومية)، إن “الحكومة فشلت فشلا ذريعا في حل أزمة المعلمين، كون الإضراب كان طلبا لحقوقهم وليس سياسيا”.
وتابع أن “مطالب المعلمين شهدت تعاطفا شعبيا واسعا، بسبب الوضع المعيشي الصعب بشكل عام وللمعلمين خاصة”.
وينتسب نحو 140 ألف معلم لنقابة المعلمين، التي تأسست عام 2011.
ورأى أنه “كان بمقدور الحكومة أن تحل الأزمة منذ بدايتها، وكانت مطالب المعلمين ومكاسبهم ستكون أقل مما حققوه بعد كل هذه المدة”.
واستطرد: “الحكومة راهنت على أن الإضراب لن يحقق شيئا، وسيعود المعلم مرغما إلى غرفة الصف، لكن المعلمين حصلوا على حقوقهم المشروعة في النهاية”.
وأردف: “هذا يعني أن على الحكومة الرحيل.. أصبحت حكومة تأزيم، وأعتقد أن التعديل لن يحل المشكلة؛ فشعبية الحكومة أصبحت معدومة تماما”.
وطالبت نقابة المعلمين بعلاوة 50 في المئة من الراتب الأساسي، وقالت إنها توصلت إلى اتفاق بشأنها مع الحكومة، عام 2014، بينما قالت الحكومة الحالية إن تلك النسبة مرتبطة بتطوير الأداء.
إنقاذ وطني
رولى الحروب، أمين عام حزب “أردن أقوى”، رأت أن الوضع الحالي للأردن “يستدعي حكومة إنقاذ وطني”.
وأضافت: “أُفضل شخصيا رحيل الحكومة، فلا يجوز تحميل المسؤولية لبعض الوزراء وإعفاء الرئيس (الرزاز) من المسؤولية، الرئيس مشارك في الخطأ مثله مثل وزير الداخلية والتربية ومتحدثة الحكومة، فهو سبب وقوع الأزمة من الأساس”.
وأردفت: “لو كان (الرزاز) استجاب لكتب (مراسلات) نقابة المعلمين المتكررة، والتي طلبوا فيها لقاءه، لما كنا في هذه الورطة”.
وتابعت: “الرئيس أُنذر من قبل النقابة، في عهد أحمد الحجايا (نقيب المعلمين الراحل) وناصر النواصرة (النقيب الحالي بالوكالة) بأن الإضراب قادم، لكنه لم يلتفت، وكانت المفاوضات على مكان الاعتصام وليس منعه، ولم تكن فقرة إقناع المعلمين واردة”.
وزادت بأن “الرئيس ترأس اجتماع الأجهزة الأمنية يوم احتجاج المعلمين، ما يعني أنه كان مطلعا على الخطة الأمنية، وبعد ما حدث في ذلك اليوم وردة فعل المعلمين، بقي مصرا على رفضه لقاء المعلمين”.
وشددت على أنه “لا يجوز تحميل المسؤولية للوزراء كأكباش فداء، فما حدث يتحمله مجلس الوزراء ورئيسه، وهذا ما ينص عليه الدستور”.
ورأت أن الاتفاق الذي جرى مع المعلمين “لا ينم عن أية مهارة تفاوضية للحكومة.. تم تقديم امتيازات أكبر مما كان يطلبه المعلمون، وبالتالي مسلسل التفاوض كان فاشلا بامتياز، والمنتصر هي النقابة وليس الحكومة”.
وأبدت الحروب استغرابها من تصريحات وزراء عقب الاتفاق، متسائلًة: “عندما يقولون إن الاتفاق هو إنجاز الوطن، فلماذا منعتم تحقيقه طيلة شهر كامل وعطلتم سير العملية التعليمية وأدخلتم البلد في متاهة أوشكت أن تتحول إلى ثورة؟”.
واستطردت: “للأسف نحن لا نتعلم من الأزمات، وما يحدث هو الخيار الأسهل لهم عبر التعديل، والتضحية بوزراء، وحقيقة لن يفلح أي تعديل مع الشعب الأردني وسيزيد المسألة تعقيدا وسوءا؛ فالحكومة فقدت شعبيتها بالكامل وفشلت في إدارة كل الملفات الاستراتيجية”.
وزادت بأن “فريق الحكومة ورئيسه لا يملك أية رؤية استراتيجية لنهضة الأردن وحل الأزمات، ولم يلتزم بكتاب التكليف الملكي، ولم يحقق أي شيء مما كُلف به.. المجتمع اليوم بعد مجيء الرزاز أكثر احتقانًا مما كان عليه قبل قدومه، وهذا يستدعي حكومة تضع خطة تنقذ الأردن من ملفات خطيرة، بعيدًا عن سياسات صندوق النقد الدولي”.
وجرى تكليف الرزاز برئاسة الحكومة، في 5 يونيو/ حزيران 2018، بعد يوم من استقالة حكومة هاني الملقي؛ تحت وطأة احتجاجات شعبية واسعة ضد قانون معدل لضريبة الدخل.
وأجرى الرزاز ثلاثة تعديلات على حكومته، كان آخرها، في مايو/ أيار الماضي.
خيارات التعديل
وفق وائل الجرايشة، كاتب متخصص بالشؤون البرلمانية، فإن الرزاز ربما حصل على ضوء أخضر لإجراء تعديل وزاري قبل حراك المعلمين، الذي استمر شهرا، ولم يتغير عليه شيء اليوم.
وتابع الجرايشة أن “حراك المعلمين وتداعياته لن يؤثر على خيارات رئيس الوزراء في التعديل الوزاري المتوقع”.
وتابع: “بل على العكس ربما يُبقي على وزراء في الحكومة كانوا سيخرجون بالتعديل لو لم يحصل الإضراب، فعقل الدولة لا يحتمل مثل هذه السيناريوهات”.
واستدرك: “لو غادروا الحكومة في التعديل فسيكون ذلك بناءً على رغبة متجذرة وقناعة أكيدة من الرزاز نفسه، وليس لتداعيات الإضراب”.
واستطرد: “الرزاز يسعى لإجراء تعديل وزاري يضمد جراح الحكومة سياسيا، بعد ما تعرضته له من اهتزازات، فضلًا عن ضعف ملحوظ في الطاقم الاقتصادي، حيث يوجد نزاع بين جناحين، ما أفضى إلى نتائج لا يعتبرها اقتصاديون إيجابية”.
وحول احتمالية رحيل الحكومة من عدمه، أجاب الجرايشة بأن “الدستور يتيح خيارات عدة في التعاطي مع بقاء الحكومة من رحيلها، خاصة وأن عمرها مرتبط بمجلس النواب، الذي شارف على نهايته، والحكومة التي يُحل في عهدها مجلس النواب تقدم استقالتها، ولا يجوز لرئيس الوزراء أن يعيد تشكيل الحكومة التالية”.
ومضى قائلا إن “الدورة العادية لمجلس النواب ستنطلق في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، وتمتد لستة شهور، ما يعني أن المجلس سيرحل عقبها وتتبعه الحكومة مباشرة وفقا للترتيبات الدستورية”.
لكنه استدرك: “وربما إذا حصلت رغبة أخرى لدى مطبخ القرار الأردني، فيمكن أن تجرى انتخابات مُبكرة، بعد أن تفرغ الحكومة ومجلس النواب من إقرار الموازنة العامة”. (الأناضول)
عمان جو – ليث الجنيدي:
بعد أزمة إضراب المعلمين، يبدو أن حكومة الأردن، برئاسة عمر الرزاز، باتت أمام خيارين لا ثالث لهما: الرحيل أو التعديل.
نفذ المعلمون إضرابا عن العمل استمر شهرا انتهى الأحد الماضي، وهو الأطول في تاريخ المملكة؛ للمطالبة بعلاوة مالية “مستحقة” واعتذار حكومي عن انتهاكات واعتقالات يقول المعلمون إنهم تعرضوا لها خلال احتجاج في العاصمة عمان، يوم 5 سبتمبر/ أيلول الماضي.
وحقق المعلمون المطلبين، إذ اعتذرت الحكومة، ثم اعترفت بالعلاوة وتوصلت إلى اتفاق مع المعلمين بشأنها.
وهو ما يعني، وفق محليين، إقرارا ضمنيا من الحكومة بمسؤوليتها عن الأزمة، ليصبح الرزاز أمام ضرورة تعديل حكومته، على الأقل بإخراج المسؤولين عن الأزمة وهما وزيرا التربية والداخلية، وكذلك المتحدثة باسم الحكومة.
فيما اعتبر آخرون أن خيار رحيل الحكومة يعتمد على رؤية وقرار ملكي، خاصة وأن البرلمان الثامن عشر بات في أيامه الأخيرة، ما يعني دستوريا ذهاب الرزاز وتعيين رئيس جديد لإجراء انتخابات برلمانية.
حكومة تأزيم
قال محمد كنوش الشرعة، أستاذ العلوم السياسية في جامعة اليرموك (حكومية)، إن “الحكومة فشلت فشلا ذريعا في حل أزمة المعلمين، كون الإضراب كان طلبا لحقوقهم وليس سياسيا”.
وتابع أن “مطالب المعلمين شهدت تعاطفا شعبيا واسعا، بسبب الوضع المعيشي الصعب بشكل عام وللمعلمين خاصة”.
وينتسب نحو 140 ألف معلم لنقابة المعلمين، التي تأسست عام 2011.
ورأى أنه “كان بمقدور الحكومة أن تحل الأزمة منذ بدايتها، وكانت مطالب المعلمين ومكاسبهم ستكون أقل مما حققوه بعد كل هذه المدة”.
واستطرد: “الحكومة راهنت على أن الإضراب لن يحقق شيئا، وسيعود المعلم مرغما إلى غرفة الصف، لكن المعلمين حصلوا على حقوقهم المشروعة في النهاية”.
وأردف: “هذا يعني أن على الحكومة الرحيل.. أصبحت حكومة تأزيم، وأعتقد أن التعديل لن يحل المشكلة؛ فشعبية الحكومة أصبحت معدومة تماما”.
وطالبت نقابة المعلمين بعلاوة 50 في المئة من الراتب الأساسي، وقالت إنها توصلت إلى اتفاق بشأنها مع الحكومة، عام 2014، بينما قالت الحكومة الحالية إن تلك النسبة مرتبطة بتطوير الأداء.
إنقاذ وطني
رولى الحروب، أمين عام حزب “أردن أقوى”، رأت أن الوضع الحالي للأردن “يستدعي حكومة إنقاذ وطني”.
وأضافت: “أُفضل شخصيا رحيل الحكومة، فلا يجوز تحميل المسؤولية لبعض الوزراء وإعفاء الرئيس (الرزاز) من المسؤولية، الرئيس مشارك في الخطأ مثله مثل وزير الداخلية والتربية ومتحدثة الحكومة، فهو سبب وقوع الأزمة من الأساس”.
وأردفت: “لو كان (الرزاز) استجاب لكتب (مراسلات) نقابة المعلمين المتكررة، والتي طلبوا فيها لقاءه، لما كنا في هذه الورطة”.
وتابعت: “الرئيس أُنذر من قبل النقابة، في عهد أحمد الحجايا (نقيب المعلمين الراحل) وناصر النواصرة (النقيب الحالي بالوكالة) بأن الإضراب قادم، لكنه لم يلتفت، وكانت المفاوضات على مكان الاعتصام وليس منعه، ولم تكن فقرة إقناع المعلمين واردة”.
وزادت بأن “الرئيس ترأس اجتماع الأجهزة الأمنية يوم احتجاج المعلمين، ما يعني أنه كان مطلعا على الخطة الأمنية، وبعد ما حدث في ذلك اليوم وردة فعل المعلمين، بقي مصرا على رفضه لقاء المعلمين”.
وشددت على أنه “لا يجوز تحميل المسؤولية للوزراء كأكباش فداء، فما حدث يتحمله مجلس الوزراء ورئيسه، وهذا ما ينص عليه الدستور”.
ورأت أن الاتفاق الذي جرى مع المعلمين “لا ينم عن أية مهارة تفاوضية للحكومة.. تم تقديم امتيازات أكبر مما كان يطلبه المعلمون، وبالتالي مسلسل التفاوض كان فاشلا بامتياز، والمنتصر هي النقابة وليس الحكومة”.
وأبدت الحروب استغرابها من تصريحات وزراء عقب الاتفاق، متسائلًة: “عندما يقولون إن الاتفاق هو إنجاز الوطن، فلماذا منعتم تحقيقه طيلة شهر كامل وعطلتم سير العملية التعليمية وأدخلتم البلد في متاهة أوشكت أن تتحول إلى ثورة؟”.
واستطردت: “للأسف نحن لا نتعلم من الأزمات، وما يحدث هو الخيار الأسهل لهم عبر التعديل، والتضحية بوزراء، وحقيقة لن يفلح أي تعديل مع الشعب الأردني وسيزيد المسألة تعقيدا وسوءا؛ فالحكومة فقدت شعبيتها بالكامل وفشلت في إدارة كل الملفات الاستراتيجية”.
وزادت بأن “فريق الحكومة ورئيسه لا يملك أية رؤية استراتيجية لنهضة الأردن وحل الأزمات، ولم يلتزم بكتاب التكليف الملكي، ولم يحقق أي شيء مما كُلف به.. المجتمع اليوم بعد مجيء الرزاز أكثر احتقانًا مما كان عليه قبل قدومه، وهذا يستدعي حكومة تضع خطة تنقذ الأردن من ملفات خطيرة، بعيدًا عن سياسات صندوق النقد الدولي”.
وجرى تكليف الرزاز برئاسة الحكومة، في 5 يونيو/ حزيران 2018، بعد يوم من استقالة حكومة هاني الملقي؛ تحت وطأة احتجاجات شعبية واسعة ضد قانون معدل لضريبة الدخل.
وأجرى الرزاز ثلاثة تعديلات على حكومته، كان آخرها، في مايو/ أيار الماضي.
خيارات التعديل
وفق وائل الجرايشة، كاتب متخصص بالشؤون البرلمانية، فإن الرزاز ربما حصل على ضوء أخضر لإجراء تعديل وزاري قبل حراك المعلمين، الذي استمر شهرا، ولم يتغير عليه شيء اليوم.
وتابع الجرايشة أن “حراك المعلمين وتداعياته لن يؤثر على خيارات رئيس الوزراء في التعديل الوزاري المتوقع”.
وتابع: “بل على العكس ربما يُبقي على وزراء في الحكومة كانوا سيخرجون بالتعديل لو لم يحصل الإضراب، فعقل الدولة لا يحتمل مثل هذه السيناريوهات”.
واستدرك: “لو غادروا الحكومة في التعديل فسيكون ذلك بناءً على رغبة متجذرة وقناعة أكيدة من الرزاز نفسه، وليس لتداعيات الإضراب”.
واستطرد: “الرزاز يسعى لإجراء تعديل وزاري يضمد جراح الحكومة سياسيا، بعد ما تعرضته له من اهتزازات، فضلًا عن ضعف ملحوظ في الطاقم الاقتصادي، حيث يوجد نزاع بين جناحين، ما أفضى إلى نتائج لا يعتبرها اقتصاديون إيجابية”.
وحول احتمالية رحيل الحكومة من عدمه، أجاب الجرايشة بأن “الدستور يتيح خيارات عدة في التعاطي مع بقاء الحكومة من رحيلها، خاصة وأن عمرها مرتبط بمجلس النواب، الذي شارف على نهايته، والحكومة التي يُحل في عهدها مجلس النواب تقدم استقالتها، ولا يجوز لرئيس الوزراء أن يعيد تشكيل الحكومة التالية”.
ومضى قائلا إن “الدورة العادية لمجلس النواب ستنطلق في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، وتمتد لستة شهور، ما يعني أن المجلس سيرحل عقبها وتتبعه الحكومة مباشرة وفقا للترتيبات الدستورية”.
لكنه استدرك: “وربما إذا حصلت رغبة أخرى لدى مطبخ القرار الأردني، فيمكن أن تجرى انتخابات مُبكرة، بعد أن تفرغ الحكومة ومجلس النواب من إقرار الموازنة العامة”. (الأناضول)