عبدالهادي راجي يكتب إلى الحسين ..
عمان جو - عبدالهادي راجي
كان بإمكانك أن تتأخر قليلا وتوفر علي الكثير من الدمع , لكنك غادرت سريعا ..أتذكر سيدي ...حين أرسلت لك رسالة مكتوبة بخط يدي قلت لك فيها : السرطان هو كربلاء الأمة الثانية ..لقد ابتلينا بكربلاء يا حسين , والمرض هو السيف الأموي فرد السيف عن جسدك ..نحتاجك يا ابن أطهر الناس وأعز سلاسة ...وأعرف أنك قرأت رسالتي (3) مرات أخبرني بذلك مخلد الشوبكي مرافقك الشخصي , لكنك استسلمت للموت ..وتركتنا في (الطفوف) أسرى..
أسير يشكو حزنه لأسير .
يا أول الرجولة , وأول الحب ..,أول دجلة ..وأنف قاسيون , يا ريح اليمن وصبا نجد , كانت العروبة كلها بين يديك ..وكنت تروضها كما مهرة شهباء , أنتجت حوافرها الشرر حين ارتطمت بالصخر شوقا لمحياك ..لماذا غادرت مبكرا ؟...أما كنت تدري أن صبية من عمان في أول تفتح الزهر حلمت يوما , بأن تضمها لصدرك وتمنحها قبلة على الجبين ..وأفاقت على خبر التلفاز الذي يقول فيه المذيع أنك مت ...أما كنت تدري بأن بنتا من الطفيلة حلمت بأن تزورهم في المدرسة , وتمسح بيدك على جباههم الغراء ...أما عرفت يا ابن الخيل المغيرات ..وابن المعركة وابن البارود ..أن الكرك , خبأت بعضا من الحناء كي ترميه على جديلتها حين تطل بلحيتك البيضاء عليها ...
لم أكن يا أبي ويا سيدي ويا غيمي ويا مداي ..ويا كل حرف نسخته دمعا على ورق الوطن ..لم أكن أتخيل أنك ستموت , حتى الخيال كان محض هراء ...خذني إليك يا سيدي , تعبت من وطن يقتل فينا كل دفقة , كل لحظة وكل إغفاءة عين ..خذني لمداك ..لعينيك ..تعبت من الأقنعه فخلف كل قناع ألف قناع ...كأن الرجولة بعدك انتحرت , وكأن الرصاص بعدك ما عاد مثل الرصاص ...صار يداعب الجسد ولا يخترقه , والشماغ يا ابن العروبة وسيدها ..ما عاد شماغ , مجرد خرقة نرتديها في المناسبات لقاء المجاملة الوطنية , والشوارب لم تعد شوارب ...والخيل هربت , ماعادت حوافرها تقدح في الصوان ... والشوارع تفتقدك , أنت الرجل الوحيد في دنيا العاشقين , من جعل الشوارع تبكي ...
ابتعد عن أحلامي , منذ (20) عاما وأنت تأتيني في الحلم , دمعا وطيفا ..أرهقت نومي , وكأني تصوفت في حبك , ولولا أني أخاف بأن يقولوا أني كفرت ....لنصبتك إمام طريقتي , وصليت على مقامك وتبركت بترابك ..
أرجوك ابتعد عن أحلامي , فالرجولة بعد هراء , والزمن بعدك عدم , والبنادق من دون كفك خجولة ولا تجيد أن تحمل في بطنها رصاصة ...كلنا بعدك يتامي .
عبدالهادي راجي
عمان جو - عبدالهادي راجي
كان بإمكانك أن تتأخر قليلا وتوفر علي الكثير من الدمع , لكنك غادرت سريعا ..أتذكر سيدي ...حين أرسلت لك رسالة مكتوبة بخط يدي قلت لك فيها : السرطان هو كربلاء الأمة الثانية ..لقد ابتلينا بكربلاء يا حسين , والمرض هو السيف الأموي فرد السيف عن جسدك ..نحتاجك يا ابن أطهر الناس وأعز سلاسة ...وأعرف أنك قرأت رسالتي (3) مرات أخبرني بذلك مخلد الشوبكي مرافقك الشخصي , لكنك استسلمت للموت ..وتركتنا في (الطفوف) أسرى..
أسير يشكو حزنه لأسير .
يا أول الرجولة , وأول الحب ..,أول دجلة ..وأنف قاسيون , يا ريح اليمن وصبا نجد , كانت العروبة كلها بين يديك ..وكنت تروضها كما مهرة شهباء , أنتجت حوافرها الشرر حين ارتطمت بالصخر شوقا لمحياك ..لماذا غادرت مبكرا ؟...أما كنت تدري أن صبية من عمان في أول تفتح الزهر حلمت يوما , بأن تضمها لصدرك وتمنحها قبلة على الجبين ..وأفاقت على خبر التلفاز الذي يقول فيه المذيع أنك مت ...أما كنت تدري بأن بنتا من الطفيلة حلمت بأن تزورهم في المدرسة , وتمسح بيدك على جباههم الغراء ...أما عرفت يا ابن الخيل المغيرات ..وابن المعركة وابن البارود ..أن الكرك , خبأت بعضا من الحناء كي ترميه على جديلتها حين تطل بلحيتك البيضاء عليها ...
لم أكن يا أبي ويا سيدي ويا غيمي ويا مداي ..ويا كل حرف نسخته دمعا على ورق الوطن ..لم أكن أتخيل أنك ستموت , حتى الخيال كان محض هراء ...خذني إليك يا سيدي , تعبت من وطن يقتل فينا كل دفقة , كل لحظة وكل إغفاءة عين ..خذني لمداك ..لعينيك ..تعبت من الأقنعه فخلف كل قناع ألف قناع ...كأن الرجولة بعدك انتحرت , وكأن الرصاص بعدك ما عاد مثل الرصاص ...صار يداعب الجسد ولا يخترقه , والشماغ يا ابن العروبة وسيدها ..ما عاد شماغ , مجرد خرقة نرتديها في المناسبات لقاء المجاملة الوطنية , والشوارب لم تعد شوارب ...والخيل هربت , ماعادت حوافرها تقدح في الصوان ... والشوارع تفتقدك , أنت الرجل الوحيد في دنيا العاشقين , من جعل الشوارع تبكي ...
ابتعد عن أحلامي , منذ (20) عاما وأنت تأتيني في الحلم , دمعا وطيفا ..أرهقت نومي , وكأني تصوفت في حبك , ولولا أني أخاف بأن يقولوا أني كفرت ....لنصبتك إمام طريقتي , وصليت على مقامك وتبركت بترابك ..
أرجوك ابتعد عن أحلامي , فالرجولة بعد هراء , والزمن بعدك عدم , والبنادق من دون كفك خجولة ولا تجيد أن تحمل في بطنها رصاصة ...كلنا بعدك يتامي .
عبدالهادي راجي