عبدالهادي راجي المجالي .. العلم
عمان جو .
... أهم دور أنيط بي في الصف الرابع الإبتدائي (ب) , هو رفع العلم ..وقد كلفني بذلك الأستاذ (محمود البستنجي) , والسبب أني حصلت على علامة كاملة لديه , في مبحث الدين ومبحث الإجتماعيات ...كان محمود البستنجي يكافئنا على تفوقنا , برفع العلم .
جئت إلى المدرسة يومها , في السادسة صباحا قبل أن تفتح , ومشيت بجانب العلم , وتفقدته ...وكان الأمر لدي أشبه بانتصار عظيم , لن يمر علي لا في حياتي القادمة ولا فيما مضى من العمر ..
دق الجرس , واصطف الطلبة , وبدأت تمطر ..كنا في الشهر الأول من العام (1982) ...وكان برد هذا العام أشبه بالعقاب القاسي جدا , وضع السلام الملكي على السماعات الخارجية , بدأت بشد الحبل رافعا العلم ...لم أشعر يومها بجسدي النحيل , فقد ارتفع (الجاكيت ) وقميصي الصغير خرج من البنطال , والمطر كان حادا , ومثلي مثل العلم صارت تلعب بي الريح يمينا وشمالا ..ودخل المطر إلى أعماق (بنطالي) .
انتهى السلام الملكي , وبقيت واقفا على السارية , لم أنتبه لما يحدث حولي ...إلى اللحظة التي نبهني فيها الأستاذ , ونزلت من السارية أبكي ..لا أعرف لماذا وقتها , هل لحجم البرد ..أم لفرحي , أم للإنتصار الذي حققته , أم لعمري الذي يبلغ وقتها (9) سنوات ..
ضحك طلبة الصف الرابع , والمدرسة كلها ضحكت علي ..وبقيت للحصة الثانية ألمم دمعي , لكنه لم يجف أبدا ..
كأن أول درس في الوطنية والحب تلقيته في حياتي , وربما بكيت لأني أحسست بروحي مثل العلم , تلعب بها الريح ..تحملها تحضنها تأخذها يمينا تارة وتارة شمالا ..
أقبل كل شيء في هذا العمر : النقد , الهجوم الحاد , التجريح ...ولكني لا أقبل أن أجرد من حبي لهذا البلد , فمازالت دموعي تسري كلما ارتفع العلم ..منذ الصف الرابع الإبتدائي , منذ أن كان عمري (9) سنوات ..وكلما سمعت السلام الملكي في الإذاعة , أو التلفاز ..أو حتى في المقهى , سرى دمعي على خدي ...وارتفع البكاء .
abdelhadi18@yahoo.com
الرأي
... أهم دور أنيط بي في الصف الرابع الإبتدائي (ب) , هو رفع العلم ..وقد كلفني بذلك الأستاذ (محمود البستنجي) , والسبب أني حصلت على علامة كاملة لديه , في مبحث الدين ومبحث الإجتماعيات ...كان محمود البستنجي يكافئنا على تفوقنا , برفع العلم .
جئت إلى المدرسة يومها , في السادسة صباحا قبل أن تفتح , ومشيت بجانب العلم , وتفقدته ...وكان الأمر لدي أشبه بانتصار عظيم , لن يمر علي لا في حياتي القادمة ولا فيما مضى من العمر ..
دق الجرس , واصطف الطلبة , وبدأت تمطر ..كنا في الشهر الأول من العام (1982) ...وكان برد هذا العام أشبه بالعقاب القاسي جدا , وضع السلام الملكي على السماعات الخارجية , بدأت بشد الحبل رافعا العلم ...لم أشعر يومها بجسدي النحيل , فقد ارتفع (الجاكيت ) وقميصي الصغير خرج من البنطال , والمطر كان حادا , ومثلي مثل العلم صارت تلعب بي الريح يمينا وشمالا ..ودخل المطر إلى أعماق (بنطالي) .
انتهى السلام الملكي , وبقيت واقفا على السارية , لم أنتبه لما يحدث حولي ...إلى اللحظة التي نبهني فيها الأستاذ , ونزلت من السارية أبكي ..لا أعرف لماذا وقتها , هل لحجم البرد ..أم لفرحي , أم للإنتصار الذي حققته , أم لعمري الذي يبلغ وقتها (9) سنوات ..
ضحك طلبة الصف الرابع , والمدرسة كلها ضحكت علي ..وبقيت للحصة الثانية ألمم دمعي , لكنه لم يجف أبدا ..
كأن أول درس في الوطنية والحب تلقيته في حياتي , وربما بكيت لأني أحسست بروحي مثل العلم , تلعب بها الريح ..تحملها تحضنها تأخذها يمينا تارة وتارة شمالا ..
أقبل كل شيء في هذا العمر : النقد , الهجوم الحاد , التجريح ...ولكني لا أقبل أن أجرد من حبي لهذا البلد , فمازالت دموعي تسري كلما ارتفع العلم ..منذ الصف الرابع الإبتدائي , منذ أن كان عمري (9) سنوات ..وكلما سمعت السلام الملكي في الإذاعة , أو التلفاز ..أو حتى في المقهى , سرى دمعي على خدي ...وارتفع البكاء .
abdelhadi18@yahoo.com
الرأي
تعليقات القراء
لا يوجد تعليقات