النواب يستمع لخطاب الموازنة العامة لسنة 2020
عمان جو . استمع مجلس النواب في جلسته اليوم الاحد، برئاسة رئيس المجلس المهندس عاطف الطراونة، وبحضور رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز، وهيئة الوزارة، إلى خطاب مشروع قـانــون الموازنـة العامـــة ومشروع قانون موازنات الوحدات الحكومية للسنة المالية 2020.
وقال وزير المالية محمد العسعس خلال قراءته لبيان الموازنة، اننا لا ننظر الى الموازنة كأرقامٍ مجردة، بل بعينِ الأملِ ومستقبلٍ واعدٍ للأردنيين الباحثين عن عمل، ونسعى لأن تكون هذه الموازنة اللبنةَ الاولى لاستعادةِ الثقة بين الحكومة والمواطن، وتوطيدِ التعاون المثمر والبناء بين السلطتين التشريعية والتنفيذية مبتغين بذلك رفعة الوطن وخدمة المواطن. واكد الوزير العسعس، ان الحكومة تعي تماما بأن موازنةَ عام واحد قد لا تكفي للحد من آثار جميع التحديات الاقتصادية التي عصفت بالأردن خلال العقد الماضي، التي ادت لتخفيض الإنفاق واتخاذ اجراءات مالية صعبة ورفع العبء الضريبي والمعيشي على المواطنين.
واضاف، ان الموازنة بنيت على تقديرات لنمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 2ر2 بالمئة، ونمو الناتج المحلي الإجمالي الاسمي بنحو 4 بالمئة وهي تقديرات لا تكفي كأرقام مجردة، لافتا الى أن النمو يجب أن يؤدي إلى تنمية شاملة وحقيقية يلمسها كل فرد من أبناء الوطن، لذلك حرصت الحكومة على أن تكون هذه الموازنة خطاباً مباشراً للشعب من خلال مجلس النواب، بحيث تصغي لمطالبهم وتستجيب لها بطريقة مؤسسية.
ولفت الوزير العسعس، الى ان النفقات الجارية لعام 2020 تم تقديرها بنحو 383ر8 مليون دينار مسجلة ارتفاعا بنحو 414 مليون دينار عن مستواها المعاد تقديره لعام 2019، موضحا بأن حجم رواتب الجهازين المدني والعسكري ورواتب المتقاعدين المدنيين والعسكريين في عام 2020، يشكل ما نسبته 65 بالمئة من النفقات الجارية وما نسبته 56 بالمئة من اجمالي النفقات العامة.
وبين العسعس، انه في حال تم استثناء الزيادة في المخصصات المرصودة لزيادة رواتب العاملين والمتقاعدين في الجهازين المدني والعسكري، فإن النفقات الجارية سترتفع فقط بما نسبته 2 بالمئة عن عام 2019، الامر الذي يؤكد على نهج الحكومة في ضبط النفقات الجارية وترشيدها بما يحقق الاستخدام الامثل للموارد المالية المتاحة.
وفيما يلي نص خطاب الموازنة:
يشرفني أن أتقدم لمجلسكم الكريم باسم الحكومة بمشروعي قانون الموازنة العامة وقانون موازنات الوحدات الحكومية للسنة المالية 2020 اللّذَين جاءا ليتضمّنا التوجهات الحكومية المستقبلية والرُّؤى المستشرِفة للاقتصاد الوطني وفق التوجيهات الملكية السامية والتي حرص صاحب المقام السامي على توجيهها للحكومة تكريساً لخدمة ابناء الوطن الغالي.
وأودُّ أن أستهلَّ خطابي هذا باستذكارِ كلماتِ جلالة الملك عبدالله الثاني في خطاب العرش السامي بافتتاح الدورة الرابعة لمجلس الأمة الثامن عشر حين قال "هي دورةٌ عاديةٌ في ظروفٍ استثنائية"، فها نحن نضعُ بين أيديكم اليوم موازنةً سنويةً مدركين تماما للظروف التي يمر بها وطننا العزيز.
ولا أجد منبراً خيراً من هذا المنبر، وامام هذا الجمع الكريم من ممثلي أبناء الوطن العزيز بكافة أطيافه وفئاته، لكي اقول لكم بأننا لسنا مصغين فحسب بل معايشين للتحديات التي يعاني منها أفراد أسرتنا الأردنية الواحدة، وقد دأبنا على إعداد هذه الموازنة بما يعكس ولو الجزء اليسير من آمالنا وتطلعاتنا لمستقبل أفضل بإذن الله.
سعادة الرئيس،
حضرات النواب المحترمين،
إن مشروع قانون الموازنة العامة الذي بين ايديكم هو مشروع وطني بامتياز، تتجلى فيه روح التعاون والتكامل والحوار الفعال بين السلطة التشريعية التي حرصت على أن تنقل مطالب أهلنا من كافة أنحاء الوطن، والقطاع الخاص الذي يعد الشريك الاستراتيجي في عملية التنمية، والسلطة التنفيذية التي عملت على ترجمة هذه المطالب لموازنة حقيقية وواقعية في ظل توجيهات جلالة الملك عبدالله الثاني ورؤاه في توفير ما يستحقه أبناؤنا من حياة كريمة فضلى. ولذلك، يجب علينا جميعا العمل باجتهاد وكفاءة لنتمكن من تحقيق تطلعات مواطنينا وتلبية احتياجاتهم وتحفيز طاقاتهم، من خلال بناء واقع جديد يحفز النمو، ويخلق الفرص لكل مواطن أردني طامح.
سعادة الرئيس
حضرات النواب المحترميـن،
لم يتسن لأبنائنا وبناتنا على مدار عشرة أعوام خلت أن ينعموا بما كنا نطمح إليه من انعكاسٍ للنمو على مستوى معيشتهم دون التأثر بالظروف المحيطة بنا في المنطقة العربية والعالم. لكن، وعلى الرغم من تتابع الصدمات والتباطؤ الحاد الذي يشهده الاقتصاد العالمي، إلا أن اقتصادنا الوطني، والحمد لله، أثبت منعته وقدرته على تقديم مثال يحتذى به في احتواء الأزمات، وقد انعكس ذلك سلبا على مواردنا المالية وحملنا أعباء إضافية تقدر بتراكم نحو 12 مليار دينار كدينٍ عام إضافي خلال العقد الماضي.
وإننا وسط هذا الجو الاقليمي المضطرب نقف وقفة تفاؤل وترقب ورهان. فالتفاؤل هو دوماً عنوان مسيرة الأردن رغم التحديات الصعبة، والترقب لأن اقتصادنا بطبيعته منفتح على العالم يتأثر بما يدور حوله من متغيرات تلقي بظلالها على اقتصادنا الوطني، وأما الرّهان فهو على أبناء وبنات هذا الوطن الأشم الذين لا تنضب طاقاتهم، وإمكانياتهم واعدة، ولا يعرف إبداعهم الحدود.
سعادة الرئيس
حضرات النواب المحترميـن
نحن نعي تماما بأن هذه الإصلاحات المنشودة وغيرها من الخطط والبرامج سوف تُؤتي أكلها على المدى المتوسط والطويل، ونعلم يقيناً بأن التحدي الأكبر هو ما سيلمسه أبناؤنا في المدى القصير. لقد أثبتنا كأردنيين صبرنا وتحملنا للظروف الاقتصادية الصعبة، وتعاملنا معها كجسد واحد اشتكت أطرافه من شبابنا المتعطلين عن العمل وأهلنا المثقلين بالهموم المعيشية فتداعت لهم أسرتنا الأردنية الواحدة.
لذلك، فإنه لا سبيل لنا للتعافي إلا من خلال موازنةٍ تستهدفُ الاستقرار المالي من خلال تحقيق النمو إن شاء الله.
وكخطوة اولى لبناء الثقة في هذه الموازنة، وتبديد المخاوف المبررة، علينا أن نوضح بشفافية الوضع الراهن بإيجابياته وسلبياته حتى ننتقل منه إلى مرتكزات إعداد موازنة العام القادم:
لقد نما الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة خلال النصف الأول من عام 2019 بما نسبته 9ر1 بالمئة ويقدر ان يبلغ نحو 2بالمئة لكامل عام 2019، وارتفع معدل التضخم مقاساً بالتغير النسبي في الرقم القياسي لأسعار المستهلك على نحو طفيف بلغ 3ر0 بالمئة خلال الشهور العشرة الاولى من عام 2019 مقارنة بارتفاع نسبته 5ر4 بالمئة لنفس الفترة من عام 2018، ويأتي ذلك في ضوء تلاشي أثر الاجراءات الحكومية المتخذة في بداية عام 2018 .
أما بالنسبة للتجارة الخارجية، فقد شهدت الصادرات نمواً يقدر بنحو 8ر7 بالمئة في الشهور التسعة الاولى من عام 2019 مقارنة بنفس الفترة من العام السابق، أما المستوردات فقد انخفضت بنسبة 3ر5 بالمئة، ويعزى هذا الانخفاض بشكل رئيسي لانخفاض أسعار النفط العالمية. وبالتالي، فقد انخفض عجز الميزان التجاري بنسبة 7ر13 بالمئة ليصل إلى 7ر5 مليار دينار في الشهور التسعة الاولى من عام 2019 .
وفي سياق مماثل، فقد انخفض عجز الحساب الجاري لميزان المدفوعات بما نسبته 33 بالمئة حيث بلغ نحو 7ر6 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي في النصف الأول من عام 2019 مقابل 4ر10 بالمئة في عام 2018. وتشير البيانات خلال الشهور العشرة الاولى من عام 2019 الى نمو الدخل السياحي بنسبة 4ر9 بالمئة ليصل الى 9ر4 مليار دولار، ونمو حوالات الاردنيين العاملين في الخارج بما نسبته 8ر0 بالمئة لتصل الى 1ر3 مليار دولار، وارتفاع الاحتياطيات من العملات الأجنبية لتصل إلى 1ر14 مليار دولار لتغطي بذلك مستوردات المملكة من السلع والخدمات لأكثرَ من سبعةِ شهور.
ولكن، وفي الوقت الذي تدعو فيه هذه المؤشرات للتفاؤل، فإنه لا يمكننا أن نتغاضى عن معدلات البطالة التي وصلت إلى 1ر19 بالمئة في الشهور التسعة الاولى من عام 2019 والتي أصبحت مصدرَ قلقٍ لكلِ بيتٍ اردنيٍّ وباتت مشكلةً تؤرقنا جميعاً، الامر الذي يؤكد على أهمية العمل على اتخاذ الاجراءات اللازمة للحد منها كي لا تهدد أمن مجتمعنا واستقراره.
وفي هذا المجال، أود أن أؤكد على ضرورة العمل على تمكينِ الشباب وتعزيزِ قدراتهم، واستغلالِ طاقاتِهم وأفكارِهم الريادية والابداعية، وتزويدِهم بالمهارات والخبرات اللازمة لتلبية متطلبات سوق العمل.
كما أشير هنا الى أنه لم يعد من المقبول استمرار تدني نسبة مشاركة المرأة في العمل على الرّغمِ من أن نسب الالتحاق بالتعليم العالي للمرأة الأردنية يعد من أعلى النسب في المنطقة، فضلاً عن الطاقات الكبيرة والابداعية التي تتمتع بها المرأة الأردنية، مؤكداً هنا على أن مشاركة المرأة في العمل يعتبر متطلباً هاماً وأساسياً في عملية التنمية الشاملة، الامر الذي يتطلب منا العمل على توفيرِ بيئةِ عمل مواتيةٍ للمرأة وتوفيرِ التسهيلات اللازمة ومعالجة المعيقات التي تقف عائقاً أمام قيامها بدورها التنموي المنشود.
وعلى صعيد المالية العامة، وعلى الرغم من بلوغ الايرادات المحلية 8ر7 مليار دينار في عام 2019، إلا أنها كانت دون مستوى التقديرات، ويعزى ذلك بشكل رئيسي إلى التهرب الضريبي والجمركي، وتباطؤ النمو الاقتصادي.
وفي المقابل، فقد ارتفعت النفقات العامة بنسبة 5ر5 بالمئة في عام 2019، وذلك في ضوء ارتفاع النفقات الجارية بنسبة 6ر4 بالمئة، وارتفاع النفقات الرأسمالية بنسبة 13بالمئة فقط، وهو دون الطموح، الأمر الذي انعكس سلبا في عدم اكتمال بعض المشاريع لهذا العام.
وكمحصلة لذلك، بلغ عجز الموازنة العامة بعد المنح لعام 2019 ما نسبته 9ر3 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي مقابل 4ر2 بالمئة في العام 2018، ومن المتوقع أن يبلغ الدين العام في نهاية عام 2019 نحو 1ر30 مليار دينار أي ما نسبته 97 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي مقابل 4ر94 بالمئة في نهاية عام 2018.
سعادة الرئيس،
حضرات النواب المحترميـن،
كما استعرضنا أبرز ملامح الاوضاع الاقتصادية والمالية في العام الحالي بشفافية، فإن من الضروري أن نستعرض تفاصيل موازنة عام 2020 بشفافية تامة حتى يتمكن الجميع من متابعة سير تنفيذها، فنحن مساءلون عنها امام الله ثم امام الجميع من أبناء وطننا الغالي. وبهذا الخصوص، يجب أن أبدأ بالإجابة عن أبرز سؤال حول موازنة عام 2020 وهو: ما المختلف في هذه الموازنة عن سابقاتها؟ وهذا ما سأجيب عنه بعرض أبرز الأهداف المرجو تحقيقها في عام 2020 والمخصصات المرصودة لتحقيق هذه الأهداف.
ان الحكومة تؤكد على سعيها ليكون مشروع موازنة عام 2020 المنطلق للمرحلةِ القادمةِ، ومستنداً إلى المحاور الثلاثة التي وجهنا إليها جلالة الملك في خطاب العرش وهي دولة القانون، ودولة الانتاج، ودولة التكافل والتي تسعى لبناء دولة الإنسان، مؤكدا على ان العمل استناداً الى هذه المحاور الثلاث يتطلب منا تعديل النهج الاقتصادي بما يفضي إلى الحد من الفقر والبطالة وضعف الاستثمار وارتفاع حجم المديونية، وتحسين الخدمات العامة في مختلف المجالات وفي مقدمتها خدمات الصحة والتعليم والنقل.
ولقد بنيت موازنة عام 2020 على تقديرات لنمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 2ر2 بالمئة ونمو الناتج المحلي الإجمالي الاسمي بنحو 4بالمئة. ولكن هذه التقديرات لا تكفي كأرقام مجردة، فالنمو يجب أن يؤدي إلى تنمية شاملة وحقيقية يلمسها كل فرد من أبناء الوطن. لذلك، فقد حرصنا على أن تكون هذه الموازنة خطاباً مباشراً لأبنائنا، ممثلين بمجلسكم الكريم، تصغي لمطالبهم وتستجيب لها بطريقة مؤسسية.
ومن هذا المنطلق، فإن المرتكز الأساسي لهذه الموازنة هو الاستثمار في مواردنا البشرية لتمكينها وتعزيز قدرتها على المضي قدما في بناء هذا الوطن.
وقد أتى هذا الاستثمارُ على عدةِ اوجهٍ تظهرُ مخصصاتها في بنود النفقات العامة؛ وعلى النحو التالي:
أولاً، لقد كان من أهم اولوياتنا في هذه الموازنة أن نعكس ما تحاورنا به مع مجلسكم الكريم من مطالب أمهاتنا وأبائنا من المتقاعدين العسكريين والمدنيين الذين كان لهم الفضل في بناء هذا الوطن وإخواننا وأخواتنا العاملين في الجهازين العسكري والمدني الذين تحمّلوا عبء سنينَ طِوال من الجَهد وقلةِ ذاتِ اليد، ولم يزالوا يخدمون وطنهم الأبي بكل ما أُوتو من وقتٍ وجُهد، لذلك فقد جاءت هذه الموازنة بزيادة على رواتب العاملين والمتقاعدين في الجهازين العسكري والمدني للمرة الاولى منذ سنوات، وذلك إضافةً إلى المبالغ التي تم رصدها للزيادات على رواتب إخواننا المعلمين والمتقاعدين العسكريين قبل عام 2010.
وأجد لزاماً هنا أن أشير الى انه تم زيادة المخصصات المالية الضرورية لقواتنا المسلحة وأجهزتنا الأمنية، دِرعُ الوطنِ وحافظةُ أمنهِ وتُرسه المنيع، لضمان الاستقرار الأمنيِّ الذي يشكل الركيزة الأساسية للاستقرار الاقتصادي والمالي.
ثانياً، كان لزاماً علينا تعزيز وتوسيع شبكة الحماية الاجتماعية وتحسين الإجراءات المتبعة لإيصال الدعم للمستفيدين من خلال زيادة المخصصات المرصودة لصندوق المعونة الوطنية/ الدعم التكميلي، والحفاظ على دعم الخبز المقدم، وتوجيه بعض المخصصات لمشاريع اجتماعية مثل السكن الميسر، بالإضافة إلى معالجة بعض التشوهات في تقديم المعالجات الطبية والدعم النقدي وغيرها من الإعفاءات وذلك لضمان عدالة وشفافية وصول الدعم لمستحقيه.
وفي ضوء ما تقدم، قدرت النفقات الجارية لعام 2020 بنحو 383ر8 مليار دينار مسجلة ارتفاعا بنحو 414 مليون دينار أو ما نسبته 2ر5 بالمئة عن مستواها المعاد تقديره لعام 2019. ويشكل حجم رواتب الجهازين المدني والعسكري ورواتب المتقاعدين المدنيين والعسكريين في عام 2020 ما نسبته 65بالمئة من النفقات الجارية وما نسبته 56بالمئة من اجمالي النفقات العامة. وفي حال تم استثناء الزيادة في المخصصات المرصودة لزيادة رواتب العاملين والمتقاعدين في الجهازين المدني والعسكري، فإن النفقات الجارية سترتفع فقط بما نسبته 2بالمئة عن عام 2019، الامر الذي يؤكد على نهج الحكومة في ضبط النفقات الجارية وترشيدها بما يحقق الاستخدام الامثل للموارد المالية المتاحة.
ثالثًا، وقبل ان نتمكن من الحديث عن مخصصات جديدة لمشاريع جديدة، سيستوقفني الجميع للحديث عن دفع مستحقات المشاريع القائمة التي تقف عائقا أمام السيولة في السوق، لذلك فقد حرصت الحكومة على تأمين المخصصات المالية لسداد جانب كبير من الالتزامات المالية والمتأخرات لتوفير السيولة اللازمة للقطاع الخاص بما يفضي الى تحفيز النشاط الاقتصادي والحد من حدة التباطؤ الذي شهدته بعض القطاعات الاقتصادية.
كما تم رصد المخصصات اللازمة لإنهاء المشاريع القائمة ذات الأولوية لدى جميع أبناء الوطن وعلى رأسها "الطريق الصحراوي" الذي لا يزال يؤرقنا جميعا، فنحن لن نقبل بعد الآن بأن يستمر خوف المواطن على حياته، لا قدر الله، بسبب التأخير في إنجاز هذا المشروع الوطني.
رابعاً، لنتمكن من تحقيق النمو المنشود، كان نتاج حواراتنا مع مجلسكم الكريم وممثلي القطاع الخاص بأنه لا بد لنا من الاستثمار في كمية ونوعية الخدمات العامة المقدمة لجميع أبناء شعبنا في قطاعات حيوية تصل لكافة المجتمعات المحلية والمحافظات مثل التعليم والصحة والسياحة مما سيعود بالنفع على الاقتصاد ككل. لذلك فقد تضمنت موازنة 2020 رصد مبلغ 425ر1 مليار دينار للمشاريع الرأسمالية وبزيادة غير مسبوقة وبنسبة 33بالمئة مقارنة بالعام الحالي، لترتفع حصتها من النفقات العامة الى نحو 15بالمئة مقابل 12بالمئة في عام 2019.
ولإيماننا بأهمية أن يوجه الإنفاق الرأسمالي لمشاريع ذات قيمة عالية ضمن أطر تشريعية سليمة، ولضمان فاعلية التنفيذ والتوظيف للنفقات الرأسمالية التي تم تضمينها مبلغ 108 ملايين دينار ضمن بند تم استحداثه لأول مرة لمشاريع الشراكة بين القطاع العام والخاص، فقد استبقنا هذا البند، بتقديم مشروع قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص لمجلسكم الكريم لمناقشته متضمناً تعديلات جوهريّة على القانون الحالي، وذلك لتحفيز وتمكين القطاع الخاص من المشاركة بقوة في تنفيذ المشاريع الرأسماليّة وليكون مساهماً بفعالية في عملية التنمية إلى جانب الحكومة، آملين إقراره بما يناسب المصلحة الوطنية.
خامساً، لقد قمنا بدمج دائرة الشراء الموحد ودائرة اللوازم العامة، وتوحيد انظمة المشتريات البالغ عددها 56 نظام الى نظام واحد فقط، وذلك تطبيقا لنظام المشتريات الحكومية الذي تم إقراره مؤخراً بهدف رفع كفاءة وشفافية الإنفاق الحكومي، كما ستتخذ الحكومة إجراءات إضافية أعلنت عنها مسبقا متعلقة بتعزيز الاصلاح الإداري من خلال ضم وإلغاء عدد من الهيئات والمؤسسات الحكومية، وإعادة هيكلة عدد من الوحدات الحكومية الأخرى.
سعادة الرئيس
حضرات النواب المحترميـن
ولضمان تنفيذ أبواب الإنفاق التي تم طرحها سابقا، ومن مبدأ تعزيز الاعتماد على الذات، لا بد لنا من تحقيق إيرادات تناسب مستوى الإنفاق المرصود.
وقبل أن أخوض في تفاصيل تقديرات الإيرادات، لا بد لنا من أن نعترف بأن جميع أفراد شعبنا الأردني الأبي قد ضاقوا ذرعاً بالعبء الضريبي الذي شهد تصاعداً مضطرداً خلال السنوات السابقة.
لذلك أود أن أؤكد على انه لن يتم إحداث أي ضرائب جديدة او أي زيادة على الضرائب الحالية في عام 2020 وسيتم التركيز على مكافحة التهرب الضريبي وتحسين الادارة الضريبية لتحسين مستوى الايرادات المحلية.
ولتطبيق هذا النهج الذي نؤمن به كمصدر رئيس لزيادة الايرادات اضافة الى النمو، لا بد لنا من ضمان عدالة الإيرادات الضريبية المتحققة عن طريق مكافحة التهرب الضريبي والجمركي. إن التقاعس في الحد من التهرب الضريبي والجمركي لا يقلل من الإيرادات المحلية وبالتالي القدرة على الاستثمار الحكومي فحسب، بل يعد جريمة بحق الوطن، وبحق الأفراد والشركات الملتزمة ضريبياً والتي من حقها علينا كسلطة تشريعية وتنفيذية أن نقوم باتخاذ كافة الإجراءات واستخدام كافة الوسائل القانونية المتاحة لضمان مبدأ سيادة وعدالة القانون على الجميع.
وبهذا الصدد، قامت الحكومة بإطلاق نظام الفوترة، وتسعى لتطبيق أنظمة أخرى مثل الدفع الإلكتروني وتسهيل وتبسيط الإجراءات الجمركية والضريبية لتقليل كلفة الامتثال الضريبي وبالتالي تشجيعه، كما ستقوم الحكومة بتعزيز تطبيق العقوبات التي ينص عليها القانون في محاربة التهرب الضريبي والجمركي، وسنقوم بذلك بكل ما أوتينا من عزمٍ وتصميم، لأن مكافحة التهرب يعتبرُ واجباً وطنياً والتزاما اخلاقياً.
وحول تقديرات الايرادات العامة لعام 2020، يتوقع أن تبلغ نحو 561ر8 مليار دينار مقــارنة مــع 825ر7 مليار معاد تقديرها لعام 2019 بزيادة مقدارها 736 مليون دينـــــــار أو ما نسبته 4ر9 بالمئة.
حيث قدرت الإيرادات المحلية بحوالي 7547 مليار دينار مسجلة نمواً عن مستواها لعام 2019 بنحو733 مليون دينار أو ما نسبته 4ر10 بالمئة. وقد جاء هذا النمو كمحصلة لنمو الإيرادات الضريبية بنحو 853 مليون دينار او ما نسبته 8ر17 بالمئة وتراجع الإيرادات غير الضريبية بنحو 120 مليون دينار او ما نسبته 4ر5 بالمئة في ضوء إعادة تصنيف الرسوم على المشتقات النفطية. وقد تضمن النمو في الايرادات المحلية لعام 2020 الاخذ بعين الاعتبار نسبة النمو الاقتصادي المتوقع بالأسعار الجارية خلال العام القادم والبالغة 4 بالمئة، اضافة الى الاثر المالي المترتب على اقرار قانون ضريبة الدخل الجديد وتحسين الادارة الضريبية، وتضمين الرسوم على المشتقات النفطية ضمن ضريبة المبيعات لعكس العبء الضريبي الحقيقي على المواطن.
وفيما يتعلق بالمنح الخارجية، فقد قدرت في موازنة 2020 عند نفس مستواها في عام 2019 حيث بلغت نحو 807 ملايين دينار.
وفي الحقيقة، فإن المنح الخارجية ما هي إلاّ ثمرةً للجهودِ الكبيرةِ والمتواصلة التي يبذلها صاحب الجلالة الهاشمية الملك عبدالله الثاني في حِلِّهِ وتِرحاله وعلى كافة الأصعدة العربية والدولية في إبراز دور الاردن كدولةٍ آمنةٍ ومعتدلةٍ ومستقرةٍ تنبذُ العنفَ والتطرف، وسعي جلالته لوضع المجتمع الدولي بصورة التحديات التي تفرضها المستجدات الإقليمية على الاقتصاد الأردني.
لذلك فإنني انتهز هذه المناسبة لأتقدم بالشكر والعرفان للدول الشقيقة والصديقة والمؤسسات الدولية وفي مقدمتها دول مجلس التعـــــاون الخليجي والولايات المتحدة الاميركية والاتحاد الاوروبي على تفهمها لاحتياجات ومتطلبات الاردن ودعمها له، آملا من المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤولياته تجاه الأردن كمستضيف للاجئين وتوفير التمويل اللازم لخطة الاستجابة لتمكين الأردن من الاستمرار بدوره الإنساني.
كما اتقدم بعظيم الامتنان والتقدير للأخوة الأشقاء في المملكة العربية السعودية ودولة الكويت ودولة الامارات العربية المتحدة على الدعم الكريم الذي قدمته للأردن والمنبثق عن تعهدات قمة مكة لتمكينه من مواجهة التحديات الاقتصادية والمالية التي يواجهها، بما يعكس متانة العلاقات الاخوية التي تربط الاردن بالدول الشقيقة.
كما اود في هذا الخصوص الاشارة الى الدور الايجابي والفعال لمؤتمر لندن ومخرجاته والتي عكست اهتمام المجتمع الدولي والدول والمؤسسات المانحة بدعم الاردن وتعزيز استقراره، وضمان استمراره في تحقيق النمو الاقتصادي واستقطاب الاستثمارات وايجاد فرص العمل.
سعادة الرئيس
حضرات النواب المحترميـن،
ليس كافياً ان نسعى لتحقيق النمو، بل يجب علينا السعي لاستدامته لضمان خلق فرص العمل وتعزيز الثقة باقتصادنا الوطني. لذلك، وجب علينا الانتقال من العشوائية في منح إعفاءات ضريبية لقطاعات او استثمارات محددة دون غيرها والتي لا تحقق العدالة في توزيع العبء الضريبي، إلى نهج قائم على خلق بيئة محفزة للاستثمار والصادرات من خلال تقليل الكلف التشغيلية وتعزيز العوائد الاستثمارية، واتخاذ الاجراءات التي من شأنها تقليل كلفة الطاقة والعقار والعمالة والتمويل.
ولحل مشكلة عدم استقرار التشريعات الناظمة للأعمال والتي تحمّل الشركات مخاطر واعباء إضافية، ومن خلال مراجعة الحكومة لما يؤرق القطاع الخاص من عدم الاستقرار في التشريعات التي لها علاقة بالاستثمار، فقد قامت الحكومة بإصدار قرار يقضي بتثبيت الحوافز التي تم منحها للشركات بموجب حزم التحفيز التي اصدرتها الحكومة في الشهر الماضي لمدة 10 سنوات بما يصب في مصلحة هذه الشركات، الامر الذي يساهم في تحسين البيئة الاستثمارية وتذليل العقبات التي تحول دون تدفّق الاستثمار. ويحسنُ بنا الاشارة الى التقدم الكبير الذي حققهُ الاردن وفق تقييم البنك الدولي لسهولةِ ممارسةِ الأعمال، حيث كان ضمن افضل ثلاث دول في العالم حققت تحسناً في إصلاحات سهولة ممارسة الاعمال، مسجَّلاً أعلى قفزة في تاريخ المملكة منذ إطلاق التقرير، وليعكس التقدم في استقرار البيئة الاقتصادية وتشجيع الاستثمار وتحفيز الشركات وتعزيز حقوق الملكية.
وستعمل الحكومة على متابعة اجراءات ضبط وتنظيم سوق العمل ومعالجة الاختلالات والتشوهات في بعض جوانبه، والتوسع في الاعتماد على التقنيات ووسائل التكنولوجيا الحديثة في النظام التربوي وفقاً للاستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية بالإضافة إلى إصدار التشريعات التي سهلت مشاركة النساء في العمل مثل إجازات الأمومة والأبوة وتوفير الحضانات، وغيرها من التوجهات والاجراءات والتشريعات التي يعكسها مشروع قانون الموازنة لعام 2020.
سعادة الرئيس
حضرات النواب المحترميـن
كما أدت الظروف الاقتصادية إلى تراكم الدين العام على مدى عشر سنوات مضت، فإنه ليس من المنطقي أن نتوقع أن تحل مشكلة الدين العام بين ليلةٍ وضُحاها. إن فوائد الدين العام تشكل نسبة كبيرة من نفقاتنا الجارية والتي يشكل استمرار نموِّها بوتيرةٍ متسارعةٍ تهديداً حقيقياً لاستدامة المالية العامة.
لقد بلغ اجمالي الدين العام للحكومة المركزية نحو 1ر30 مليار دينار او ما نسبته 97بالمئة من الناتج المحلي الاجمالي لعام 2019. وتجدر الاشارة الى أن المؤسسات الدولية ووكالات التصنيف الائتماني في تقييمها للاستقرار المالي والتصنيف الائتماني للأردن اعتمدت على اساس تعريف الحكومة العامة، حيث بلغت نسبة الدين العام للناتج المحلي الاجمالي نحو 2ر76 بالمئة كما أشار إليه تقرير وكالة ستاندرد اند بورز الأخير لعام 2019.
وعليه، فلا بديل عن اتخاذ إجراءات لتخفيض نسبة دين الحكومة المركزية إلى الناتج المحلي الإجمالي، وهو ما يمكن أن يتحقق إما بخفض الدين العام او زيادة الناتج المحلي الإجمالي. فعلى الرغم من كون الدين العام نتيجة تراكمات سابقة لأزمات متتالية، فإن الناتج المحلي الإجمالي هو ما يمكننا العمل على زيادته من خلال زيادة الصادرات والاستثمارات المحلية والخارجية. لذلك، ولأجل الحد من نمو خدمة الدين، يجب أن ينصب تركيزنا على ما يمكننا تحقيقه بأيدينا عبر النمو وتعزيز منعة الاقتصاد الوطني في ظل تباطؤ الاقتصاد العالمي.
ان موازنة عام 2020 التي بين ايديكم اليوم، وان كانت بالأرقام المطلقة أعلى من سابقاتها، الا انها تعتبرُ موازنةً واقعيةً لم تتضمن أي اجراءٍ تجميلي لإظهار العجز أقل من مستواه الحقيقي الذي تم اعتماده، والذي نسعى في السنوات اللاحقة لضبطه وتخفيضه كنسبة من الناتج المحلي الاجمالي. وقد توخت الحكومة الواقعية في تقدير الايرادات والنفقات وإظهار الوضع المالي للخزينة على حقيقته، وذلك من باب التحوط في التخطيط المالي حتى لا نضطر ان نلجأ لإجراءات عشوائية تضر بالاقتصاد الوطني حتى وإنْ ادت الى زيادة الايرادات. وقد بلغ العجز بعد المنح في موازنة عام 2019 حوالي 215ر1 مليار مليون دينار، وهذا العجز مماثلٌ تقريباً للعجز في موازنة عام 2020 والمقدر بنحو 347ر1 مليار دينار.
وقد نجحنا في موازنة 2020 بتقليل العجز الاولي، وهو المقياس الحقيقي المستخدم اقتصادياً لأنه يعكس قدرة الحكومة الحقيقية على السيطرة على العجز، ويمثل الفرق بين الإيرادات المحلية والنفقات – باستثناء الفوائد –، حيث تراجع من ما نسبته 1ر3 بالمئة في إعادة التقدير لعام 2019 إلى
3ر2 بالمئة في عام 2020، بالرغم من ان موازنة عام 2020 عكست الزيادة في مخصصات الرواتب والمعونة الوطنية وزيادة النفقات الرأسمالية وعدم رفع الضرائب، وهذا يعكس الجهد الذي قامت به الحكومة لضبط الإنفاق العام وايقاف الهدر. وهذا مؤشر إيجابي على المنحى الذي تأخذنا به موازنة 2020 كخطوة أولى نحو التحسن في استدامة المالية العامة المتمثلة بتغطية الايرادات المحلية للنفقات العامة.
سعادة الرئيس
حضرات النواب المحترميـن
أما فيما يتعلق بتقديرات مشروع قانون موازنات الوحدات الحكومية للسنة المالية 2020 فكانت على النحو التالي:
اولاً: قدر إجمالي الإيرادات للوحدات الحكومية لعام 2020 بنحو 302ر1 مليار مليون دينار مقابل 342ر1 مليار دينار معاد تقديره في عام 2019، وقد شكل الدعم الحكومي في عام 2020 من هذه الإيرادات حوالي 28 مليون دينار فيما شكلت المنح الخارجية نحو 70 مليون دينار.
ثانياً: قدر إجمالي النفقات للوحدات الحكومية في عـام 2020 بنحو 5641 مليار دينار موزعــــــــــــــــــــاً بواقــــــــــــــع 068ر1 مليار دينار للنفقات الجارية و496 مليون دينار للنفقات الرأسمالية، وذلك مقارنة مع إجمالي نفقات بلغ 431ر1 مليار دينار معاد تقديره لعام 2019، وبذلك يبلغ الارتفاع المسجل في إجمالي النفقات لعـــــــــام 2020 حوالي 133 ملــــــيون دينار أو مـا نسبته 3ر9 بالمئة عن مستواه المعاد تقديره في عام 2019. وقد جاء هذا الارتفاع نتيجة لزيادة النفقات الجارية بمقدار 78 مليون دينار أو ما نسبته 8 بالمئة وارتفاع النفقات الرأسمالية بمقـــــــدار 55 مليون دينار أو ما نسبته 5ر12 بالمئة.
وترتيباً على ما تقدم، قدر صافي العجز قبل التمويل لجميع الوحدات الحكومية في عام 2020 بحوالي 262 مليون دينار مقابل 89 مليون دينار معاد تقديره في عام 2019. وإذا ما تم استبعاد عجز كل من سلطة المياه وشركة الكهرباء الوطنية المقدر بنحو 376 مليون دينار فإن صافي العجز يتحول إلى وفر مقداره 114 مليون دينار.
سعادة الرئيس،
حضرات النواب المحترميـن،
لقد ارتأت الحكومة بعد انتهاء المراجعة الثانية من برنامج الإصلاح الاقتصادي والمالي الموقع مع صندوق النقد الدولي تمديد هذا البرنامج حتى شهر اذار من عام 2020 وقد بدأنا بمباحثات مع الصندوق للتوصل إلى برنامج جديد يهدف الى دعم جهود الأردن لتحقيق زيادة في معدلات النمو من خلال معالجة الاختلالات الهيكلية في بعض القطاعات الاقتصادية بهدف رفع نسب النمو وخلق الوظائف، والحصول على المنح والقروض الميسرة بهدف تخفيض خدمة الدين العام، وتمكين الحكومة من زيادة تنافسية الاقتصاد الوطني.
ولمواجهة التحديات الاقتصادية التي تواجه الأردن وإعادة التوازن للمالية العامة وإزالة الاختلالات فيها، ولتحقيق كفاءة أكبر في إنفاق المال العام ووقف الهدر، ولضبط عجز الموازنة والمديونية، فسوف تعمل الحكومة على الاعداد لبرنامج وطني للإصلاح المالي والاقتصادي.
ولأن المحاور الثلاثة وهي دولة القانون، ودولة الانتاج، ودولة التكافل مرتبطة بعضها ببعض، فإن الإطار الوطني سيتقاطع حتماً مع أولويات دولة التكافل ودولة القانون ولكن هذا التقاطع سيكون مكملاً الواحد للآخر وليس متعارضاً معه. إذ أن تحسين الواقع الاقتصادي وزيادة كفاءة الانفاق سينعكس بالضرورة على نوعية الخدمات المقدمة للمواطنين التي يوليها المواطنون أهمية كبرى.
كما يرتبط الإطار الوطني للإصلاح المالي والاقتصادي بمحور دولة القانون من خلال ضمان الالتزام بسيادة القانون، ومنع التجاوزات التي تتم كحالات التهرب الضريبي، بالإضافة الى تكريس العدالة ومبدأ تساوي الفرص وحماية الاستثمار وغيرها.
وأؤكد في هذا الخصوص على ان البرنامج الوطني سيكون برنامجاً أردنياً خالصاً يتم تصميمُه بأيدٍ اردنيةٍ بحتة، ونتاجاً لحوارٍ وتوافقٍ داخلي ونابعٍ من ثقةٍ تامةٍ بقدرتنا على تحديد أولوياتنا الوطنية للمرحلة القادمة.
وأؤكد هنا على ان العلاقةَ مع صندوق النقد الدولي علاقة استشارية تشاركية تهدف للوصول الى تفاهمات تضمن تسريع وتيرة النمو الاقتصادي، وقد وجدنا تفاعلاً ايجابياً من الصندوق مع البرنامج الوطني. وسنكون واضحين، على انه لا رفع للضرائب، ولا بديل عن تحسين الواقع المعيشي للمواطن وتوجيه نسب البطالة نحو الانخفاض في ظل الحفاظ على قدسية الاستقرار المالي.
سعادة الرئيس،
حضرات النواب المحترمين،
إن الاردنَّ لا يعيش بمعزل عن العالم، وقد مرّ عبرَ تاريخهِ بظروفٍ عصيبةٍ وخرج منها وقد اشتدَّ عودهُ ولم يضعُفْ او يستسلمْ، وبقي الأردن ثابتاً في مواقفه إزاء ما يحصل حوله، وبقي الاردنيون متحدون دفاعاً عن هذه المواقف. وحيث أن هذه الوحدة هي مصدر فخر لنا جميعا، يجب أن تتسم جهودنا الوطنية بما فيها هذه الموازنة بذات الوحدة والشمول بحيث تتعدى البيانات المالية إلى ان تكون خطة سياسية واقتصادية واجتماعية لجميع أطياف المجتمع.
نحن نعي تماما بأن موازنةَ عامٍ واحدٍ قد لا تكفي للحد من آثار جميع التحديات الاقتصادية التي عصفت بالأردن خلال العقد الماضي، والتي ادت لتخفيض الإنفاق واتخاذ اجراءات مالية صعبة ورفع العبء الضريبي والمعيشي على المواطنين.
ولكن، وكما قال جلالة الملك عبدالله الثاني "باتت الإصلاحات الأصعب خلفنا والمستقبل الواعد امامنا"، فإنه يتحتم علينا جميعا اتخاذ خطوات في الاتجاه الصحيح، تضمن لأبنائنا وبناتنا استثمارا أفضل في تعليمهم، ولإخواننا موردي الخدمات الحكومية باستلام المتأخرات التي ينتظرونها بفارغ الصبر لدفع رواتب عمالهم ورفع استثماراتهم، ولأخواتنا من الأمهات سهولةَ الوصول للعملِ من خلال توفير حضاناتٍ لأطفالهن ووسائل نقل عامة.
إننا لا ننظر الى الموازنة كأرقامٍ مجردة، بل بعينِ الاملِ ومستقبلٍ واعدٍ للأردنيين الباحثين عن عمل، ونسعى لأن تكون هذه الموازنة اللبنةَ الاولى لاستعادةِ الثقة بين الحكومة والمواطن، وتوطيدِ التعاون المثمر والبناء بين السلطتين التشريعية والتنفيذية مبتغين بذلك رفعة الوطن وخدمة المواطن.
إن الحكومةَ إذ تضع امام مجلسكم الكريم مشروعي قانون الموازنة العامة وقانون موازنات الوحدات الحكومية لعام 2020 والتي هي إحدى الخطوات بالاتجاه الصحيح لكونها واقعية وحقيقية تلبي احتياجاتنا الوطنية لدفع عجلة النمو الشامل والمستدام المؤدي لخلق الوظائف، فإننا لعلى ثقةٍ كبيرةٍ بأن التعاونَ والتكاملَ مع مجلسكم الكريم سيمكننا من تحقيق تطلعاتنا وطموحاتنا والسير في تحقيق ما نصبو اليه من حياة كريمة للمواطن الاردني في ظل قيادة حضرة صاحب الجلالة الهاشمية الملك عبد الله الثاني ابن الحسين المعظم حفظه الله ورعاه.
وبين العسعس، انه في حال تم استثناء الزيادة في المخصصات المرصودة لزيادة رواتب العاملين والمتقاعدين في الجهازين المدني والعسكري، فإن النفقات الجارية سترتفع فقط بما نسبته 2 بالمئة عن عام 2019، الامر الذي يؤكد على نهج الحكومة في ضبط النفقات الجارية وترشيدها بما يحقق الاستخدام الامثل للموارد المالية المتاحة.
وفيما يلي نص خطاب الموازنة:يشرفني أن أتقدم لمجلسكم الكريم باسم الحكومة بمشروعي قانون الموازنة العامة وقانون موازنات الوحدات الحكومية للسنة المالية 2020 اللّذَين جاءا ليتضمّنا التوجهات الحكومية المستقبلية والرُّؤى المستشرِفة للاقتصاد الوطني وفق التوجيهات الملكية السامية والتي حرص صاحب المقام السامي على توجيهها للحكومة تكريساً لخدمة ابناء الوطن الغالي. وأودُّ أن أستهلَّ خطابي هذا باستذكارِ كلماتِ جلالة الملك عبدالله الثاني في خطاب العرش السامي بافتتاح الدورة الرابعة لمجلس الأمة الثامن عشر حين قال "هي دورةٌ عاديةٌ في ظروفٍ استثنائية"، فها نحن نضعُ بين أيديكم اليوم موازنةً سنويةً مدركين تماما للظروف التي يمر بها وطننا العزيز.
ولا أجد منبراً خيراً من هذا المنبر، وامام هذا الجمع الكريم من ممثلي أبناء الوطن العزيز بكافة أطيافه وفئاته، لكي اقول لكم بأننا لسنا مصغين فحسب بل معايشين للتحديات التي يعاني منها أفراد أسرتنا الأردنية الواحدة، وقد دأبنا على إعداد هذه الموازنة بما يعكس ولو الجزء اليسير من آمالنا وتطلعاتنا لمستقبل أفضل بإذن الله.
سعادة الرئيس،حضرات النواب المحترمين،إن مشروع قانون الموازنة العامة الذي بين ايديكم هو مشروع وطني بامتياز، تتجلى فيه روح التعاون والتكامل والحوار الفعال بين السلطة التشريعية التي حرصت على أن تنقل مطالب أهلنا من كافة أنحاء الوطن، والقطاع الخاص الذي يعد الشريك الاستراتيجي في عملية التنمية، والسلطة التنفيذية التي عملت على ترجمة هذه المطالب لموازنة حقيقية وواقعية في ظل توجيهات جلالة الملك عبدالله الثاني ورؤاه في توفير ما يستحقه أبناؤنا من حياة كريمة فضلى. ولذلك، يجب علينا جميعا العمل باجتهاد وكفاءة لنتمكن من تحقيق تطلعات مواطنينا وتلبية احتياجاتهم وتحفيز طاقاتهم، من خلال بناء واقع جديد يحفز النمو، ويخلق الفرص لكل مواطن أردني طامح. سعادة الرئيسحضرات النواب المحترميـن،لم يتسن لأبنائنا وبناتنا على مدار عشرة أعوام خلت أن ينعموا بما كنا نطمح إليه من انعكاسٍ للنمو على مستوى معيشتهم دون التأثر بالظروف المحيطة بنا في المنطقة العربية والعالم. لكن، وعلى الرغم من تتابع الصدمات والتباطؤ الحاد الذي يشهده الاقتصاد العالمي، إلا أن اقتصادنا الوطني، والحمد لله، أثبت منعته وقدرته على تقديم مثال يحتذى به في احتواء الأزمات، وقد انعكس ذلك سلبا على مواردنا المالية وحملنا أعباء إضافية تقدر بتراكم نحو 12 مليار دينار كدينٍ عام إضافي خلال العقد الماضي.
وإننا وسط هذا الجو الاقليمي المضطرب نقف وقفة تفاؤل وترقب ورهان. فالتفاؤل هو دوماً عنوان مسيرة الأردن رغم التحديات الصعبة، والترقب لأن اقتصادنا بطبيعته منفتح على العالم يتأثر بما يدور حوله من متغيرات تلقي بظلالها على اقتصادنا الوطني، وأما الرّهان فهو على أبناء وبنات هذا الوطن الأشم الذين لا تنضب طاقاتهم، وإمكانياتهم واعدة، ولا يعرف إبداعهم الحدود.
سعادة الرئيسحضرات النواب المحترميـننحن نعي تماما بأن هذه الإصلاحات المنشودة وغيرها من الخطط والبرامج سوف تُؤتي أكلها على المدى المتوسط والطويل، ونعلم يقيناً بأن التحدي الأكبر هو ما سيلمسه أبناؤنا في المدى القصير. لقد أثبتنا كأردنيين صبرنا وتحملنا للظروف الاقتصادية الصعبة، وتعاملنا معها كجسد واحد اشتكت أطرافه من شبابنا المتعطلين عن العمل وأهلنا المثقلين بالهموم المعيشية فتداعت لهم أسرتنا الأردنية الواحدة.
لذلك، فإنه لا سبيل لنا للتعافي إلا من خلال موازنةٍ تستهدفُ الاستقرار المالي من خلال تحقيق النمو إن شاء الله. وكخطوة اولى لبناء الثقة في هذه الموازنة، وتبديد المخاوف المبررة، علينا أن نوضح بشفافية الوضع الراهن بإيجابياته وسلبياته حتى ننتقل منه إلى مرتكزات إعداد موازنة العام القادم:لقد نما الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة خلال النصف الأول من عام 2019 بما نسبته 9ر1 بالمئة ويقدر ان يبلغ نحو 2بالمئة لكامل عام 2019، وارتفع معدل التضخم مقاساً بالتغير النسبي في الرقم القياسي لأسعار المستهلك على نحو طفيف بلغ 3ر0 بالمئة خلال الشهور العشرة الاولى من عام 2019 مقارنة بارتفاع نسبته 5ر4 بالمئة لنفس الفترة من عام 2018، ويأتي ذلك في ضوء تلاشي أثر الاجراءات الحكومية المتخذة في بداية عام 2018 .
أما بالنسبة للتجارة الخارجية، فقد شهدت الصادرات نمواً يقدر بنحو 8ر7 بالمئة في الشهور التسعة الاولى من عام 2019 مقارنة بنفس الفترة من العام السابق، أما المستوردات فقد انخفضت بنسبة 3ر5 بالمئة، ويعزى هذا الانخفاض بشكل رئيسي لانخفاض أسعار النفط العالمية. وبالتالي، فقد انخفض عجز الميزان التجاري بنسبة 7ر13 بالمئة ليصل إلى 7ر5 مليار دينار في الشهور التسعة الاولى من عام 2019 .
وفي سياق مماثل، فقد انخفض عجز الحساب الجاري لميزان المدفوعات بما نسبته 33 بالمئة حيث بلغ نحو 7ر6 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي في النصف الأول من عام 2019 مقابل 4ر10 بالمئة في عام 2018. وتشير البيانات خلال الشهور العشرة الاولى من عام 2019 الى نمو الدخل السياحي بنسبة 4ر9 بالمئة ليصل الى 9ر4 مليار دولار، ونمو حوالات الاردنيين العاملين في الخارج بما نسبته 8ر0 بالمئة لتصل الى 1ر3 مليار دولار، وارتفاع الاحتياطيات من العملات الأجنبية لتصل إلى 1ر14 مليار دولار لتغطي بذلك مستوردات المملكة من السلع والخدمات لأكثرَ من سبعةِ شهور.
ولكن، وفي الوقت الذي تدعو فيه هذه المؤشرات للتفاؤل، فإنه لا يمكننا أن نتغاضى عن معدلات البطالة التي وصلت إلى 1ر19 بالمئة في الشهور التسعة الاولى من عام 2019 والتي أصبحت مصدرَ قلقٍ لكلِ بيتٍ اردنيٍّ وباتت مشكلةً تؤرقنا جميعاً، الامر الذي يؤكد على أهمية العمل على اتخاذ الاجراءات اللازمة للحد منها كي لا تهدد أمن مجتمعنا واستقراره. وفي هذا المجال، أود أن أؤكد على ضرورة العمل على تمكينِ الشباب وتعزيزِ قدراتهم، واستغلالِ طاقاتِهم وأفكارِهم الريادية والابداعية، وتزويدِهم بالمهارات والخبرات اللازمة لتلبية متطلبات سوق العمل.
كما أشير هنا الى أنه لم يعد من المقبول استمرار تدني نسبة مشاركة المرأة في العمل على الرّغمِ من أن نسب الالتحاق بالتعليم العالي للمرأة الأردنية يعد من أعلى النسب في المنطقة، فضلاً عن الطاقات الكبيرة والابداعية التي تتمتع بها المرأة الأردنية، مؤكداً هنا على أن مشاركة المرأة في العمل يعتبر متطلباً هاماً وأساسياً في عملية التنمية الشاملة، الامر الذي يتطلب منا العمل على توفيرِ بيئةِ عمل مواتيةٍ للمرأة وتوفيرِ التسهيلات اللازمة ومعالجة المعيقات التي تقف عائقاً أمام قيامها بدورها التنموي المنشود. وعلى صعيد المالية العامة، وعلى الرغم من بلوغ الايرادات المحلية 8ر7 مليار دينار في عام 2019، إلا أنها كانت دون مستوى التقديرات، ويعزى ذلك بشكل رئيسي إلى التهرب الضريبي والجمركي، وتباطؤ النمو الاقتصادي.
وفي المقابل، فقد ارتفعت النفقات العامة بنسبة 5ر5 بالمئة في عام 2019، وذلك في ضوء ارتفاع النفقات الجارية بنسبة 6ر4 بالمئة، وارتفاع النفقات الرأسمالية بنسبة 13بالمئة فقط، وهو دون الطموح، الأمر الذي انعكس سلبا في عدم اكتمال بعض المشاريع لهذا العام. وكمحصلة لذلك، بلغ عجز الموازنة العامة بعد المنح لعام 2019 ما نسبته 9ر3 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي مقابل 4ر2 بالمئة في العام 2018، ومن المتوقع أن يبلغ الدين العام في نهاية عام 2019 نحو 1ر30 مليار دينار أي ما نسبته 97 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي مقابل 4ر94 بالمئة في نهاية عام 2018.
سعادة الرئيس،
حضرات النواب المحترميـن،كما استعرضنا أبرز ملامح الاوضاع الاقتصادية والمالية في العام الحالي بشفافية، فإن من الضروري أن نستعرض تفاصيل موازنة عام 2020 بشفافية تامة حتى يتمكن الجميع من متابعة سير تنفيذها، فنحن مساءلون عنها امام الله ثم امام الجميع من أبناء وطننا الغالي. وبهذا الخصوص، يجب أن أبدأ بالإجابة عن أبرز سؤال حول موازنة عام 2020 وهو: ما المختلف في هذه الموازنة عن سابقاتها؟ وهذا ما سأجيب عنه بعرض أبرز الأهداف المرجو تحقيقها في عام 2020 والمخصصات المرصودة لتحقيق هذه الأهداف.
ان الحكومة تؤكد على سعيها ليكون مشروع موازنة عام 2020 المنطلق للمرحلةِ القادمةِ، ومستنداً إلى المحاور الثلاثة التي وجهنا إليها جلالة الملك في خطاب العرش وهي دولة القانون، ودولة الانتاج، ودولة التكافل والتي تسعى لبناء دولة الإنسان، مؤكدا على ان العمل استناداً الى هذه المحاور الثلاث يتطلب منا تعديل النهج الاقتصادي بما يفضي إلى الحد من الفقر والبطالة وضعف الاستثمار وارتفاع حجم المديونية، وتحسين الخدمات العامة في مختلف المجالات وفي مقدمتها خدمات الصحة والتعليم والنقل.
ولقد بنيت موازنة عام 2020 على تقديرات لنمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 2ر2 بالمئة ونمو الناتج المحلي الإجمالي الاسمي بنحو 4بالمئة. ولكن هذه التقديرات لا تكفي كأرقام مجردة، فالنمو يجب أن يؤدي إلى تنمية شاملة وحقيقية يلمسها كل فرد من أبناء الوطن. لذلك، فقد حرصنا على أن تكون هذه الموازنة خطاباً مباشراً لأبنائنا، ممثلين بمجلسكم الكريم، تصغي لمطالبهم وتستجيب لها بطريقة مؤسسية. ومن هذا المنطلق، فإن المرتكز الأساسي لهذه الموازنة هو الاستثمار في مواردنا البشرية لتمكينها وتعزيز قدرتها على المضي قدما في بناء هذا الوطن.
وقد أتى هذا الاستثمارُ على عدةِ اوجهٍ تظهرُ مخصصاتها في بنود النفقات العامة؛ وعلى النحو التالي:أولاً، لقد كان من أهم اولوياتنا في هذه الموازنة أن نعكس ما تحاورنا به مع مجلسكم الكريم من مطالب أمهاتنا وأبائنا من المتقاعدين العسكريين والمدنيين الذين كان لهم الفضل في بناء هذا الوطن وإخواننا وأخواتنا العاملين في الجهازين العسكري والمدني الذين تحمّلوا عبء سنينَ طِوال من الجَهد وقلةِ ذاتِ اليد، ولم يزالوا يخدمون وطنهم الأبي بكل ما أُوتو من وقتٍ وجُهد، لذلك فقد جاءت هذه الموازنة بزيادة على رواتب العاملين والمتقاعدين في الجهازين العسكري والمدني للمرة الاولى منذ سنوات، وذلك إضافةً إلى المبالغ التي تم رصدها للزيادات على رواتب إخواننا المعلمين والمتقاعدين العسكريين قبل عام 2010. وأجد لزاماً هنا أن أشير الى انه تم زيادة المخصصات المالية الضرورية لقواتنا المسلحة وأجهزتنا الأمنية، دِرعُ الوطنِ وحافظةُ أمنهِ وتُرسه المنيع، لضمان الاستقرار الأمنيِّ الذي يشكل الركيزة الأساسية للاستقرار الاقتصادي والمالي.
ثانياً، كان لزاماً علينا تعزيز وتوسيع شبكة الحماية الاجتماعية وتحسين الإجراءات المتبعة لإيصال الدعم للمستفيدين من خلال زيادة المخصصات المرصودة لصندوق المعونة الوطنية/ الدعم التكميلي، والحفاظ على دعم الخبز المقدم، وتوجيه بعض المخصصات لمشاريع اجتماعية مثل السكن الميسر، بالإضافة إلى معالجة بعض التشوهات في تقديم المعالجات الطبية والدعم النقدي وغيرها من الإعفاءات وذلك لضمان عدالة وشفافية وصول الدعم لمستحقيه.
وفي ضوء ما تقدم، قدرت النفقات الجارية لعام 2020 بنحو 383ر8 مليار دينار مسجلة ارتفاعا بنحو 414 مليون دينار أو ما نسبته 2ر5 بالمئة عن مستواها المعاد تقديره لعام 2019. ويشكل حجم رواتب الجهازين المدني والعسكري ورواتب المتقاعدين المدنيين والعسكريين في عام 2020 ما نسبته 65بالمئة من النفقات الجارية وما نسبته 56بالمئة من اجمالي النفقات العامة. وفي حال تم استثناء الزيادة في المخصصات المرصودة لزيادة رواتب العاملين والمتقاعدين في الجهازين المدني والعسكري، فإن النفقات الجارية سترتفع فقط بما نسبته 2بالمئة عن عام 2019، الامر الذي يؤكد على نهج الحكومة في ضبط النفقات الجارية وترشيدها بما يحقق الاستخدام الامثل للموارد المالية المتاحة. ثالثًا، وقبل ان نتمكن من الحديث عن مخصصات جديدة لمشاريع جديدة، سيستوقفني الجميع للحديث عن دفع مستحقات المشاريع القائمة التي تقف عائقا أمام السيولة في السوق، لذلك فقد حرصت الحكومة على تأمين المخصصات المالية لسداد جانب كبير من الالتزامات المالية والمتأخرات لتوفير السيولة اللازمة للقطاع الخاص بما يفضي الى تحفيز النشاط الاقتصادي والحد من حدة التباطؤ الذي شهدته بعض القطاعات الاقتصادية. كما تم رصد المخصصات اللازمة لإنهاء المشاريع القائمة ذات الأولوية لدى جميع أبناء الوطن وعلى رأسها "الطريق الصحراوي" الذي لا يزال يؤرقنا جميعا، فنحن لن نقبل بعد الآن بأن يستمر خوف المواطن على حياته، لا قدر الله، بسبب التأخير في إنجاز هذا المشروع الوطني.
رابعاً، لنتمكن من تحقيق النمو المنشود، كان نتاج حواراتنا مع مجلسكم الكريم وممثلي القطاع الخاص بأنه لا بد لنا من الاستثمار في كمية ونوعية الخدمات العامة المقدمة لجميع أبناء شعبنا في قطاعات حيوية تصل لكافة المجتمعات المحلية والمحافظات مثل التعليم والصحة والسياحة مما سيعود بالنفع على الاقتصاد ككل. لذلك فقد تضمنت موازنة 2020 رصد مبلغ 425ر1 مليار دينار للمشاريع الرأسمالية وبزيادة غير مسبوقة وبنسبة 33بالمئة مقارنة بالعام الحالي، لترتفع حصتها من النفقات العامة الى نحو 15بالمئة مقابل 12بالمئة في عام 2019.
ولإيماننا بأهمية أن يوجه الإنفاق الرأسمالي لمشاريع ذات قيمة عالية ضمن أطر تشريعية سليمة، ولضمان فاعلية التنفيذ والتوظيف للنفقات الرأسمالية التي تم تضمينها مبلغ 108 ملايين دينار ضمن بند تم استحداثه لأول مرة لمشاريع الشراكة بين القطاع العام والخاص، فقد استبقنا هذا البند، بتقديم مشروع قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص لمجلسكم الكريم لمناقشته متضمناً تعديلات جوهريّة على القانون الحالي، وذلك لتحفيز وتمكين القطاع الخاص من المشاركة بقوة في تنفيذ المشاريع الرأسماليّة وليكون مساهماً بفعالية في عملية التنمية إلى جانب الحكومة، آملين إقراره بما يناسب المصلحة الوطنية. خامساً، لقد قمنا بدمج دائرة الشراء الموحد ودائرة اللوازم العامة، وتوحيد انظمة المشتريات البالغ عددها 56 نظام الى نظام واحد فقط، وذلك تطبيقا لنظام المشتريات الحكومية الذي تم إقراره مؤخراً بهدف رفع كفاءة وشفافية الإنفاق الحكومي، كما ستتخذ الحكومة إجراءات إضافية أعلنت عنها مسبقا متعلقة بتعزيز الاصلاح الإداري من خلال ضم وإلغاء عدد من الهيئات والمؤسسات الحكومية، وإعادة هيكلة عدد من الوحدات الحكومية الأخرى.
سعادة الرئيسحضرات النواب المحترميـنولضمان تنفيذ أبواب الإنفاق التي تم طرحها سابقا، ومن مبدأ تعزيز الاعتماد على الذات، لا بد لنا من تحقيق إيرادات تناسب مستوى الإنفاق المرصود.
وقبل أن أخوض في تفاصيل تقديرات الإيرادات، لا بد لنا من أن نعترف بأن جميع أفراد شعبنا الأردني الأبي قد ضاقوا ذرعاً بالعبء الضريبي الذي شهد تصاعداً مضطرداً خلال السنوات السابقة. لذلك أود أن أؤكد على انه لن يتم إحداث أي ضرائب جديدة او أي زيادة على الضرائب الحالية في عام 2020 وسيتم التركيز على مكافحة التهرب الضريبي وتحسين الادارة الضريبية لتحسين مستوى الايرادات المحلية. ولتطبيق هذا النهج الذي نؤمن به كمصدر رئيس لزيادة الايرادات اضافة الى النمو، لا بد لنا من ضمان عدالة الإيرادات الضريبية المتحققة عن طريق مكافحة التهرب الضريبي والجمركي. إن التقاعس في الحد من التهرب الضريبي والجمركي لا يقلل من الإيرادات المحلية وبالتالي القدرة على الاستثمار الحكومي فحسب، بل يعد جريمة بحق الوطن، وبحق الأفراد والشركات الملتزمة ضريبياً والتي من حقها علينا كسلطة تشريعية وتنفيذية أن نقوم باتخاذ كافة الإجراءات واستخدام كافة الوسائل القانونية المتاحة لضمان مبدأ سيادة وعدالة القانون على الجميع.
وبهذا الصدد، قامت الحكومة بإطلاق نظام الفوترة، وتسعى لتطبيق أنظمة أخرى مثل الدفع الإلكتروني وتسهيل وتبسيط الإجراءات الجمركية والضريبية لتقليل كلفة الامتثال الضريبي وبالتالي تشجيعه، كما ستقوم الحكومة بتعزيز تطبيق العقوبات التي ينص عليها القانون في محاربة التهرب الضريبي والجمركي، وسنقوم بذلك بكل ما أوتينا من عزمٍ وتصميم، لأن مكافحة التهرب يعتبرُ واجباً وطنياً والتزاما اخلاقياً.
وحول تقديرات الايرادات العامة لعام 2020، يتوقع أن تبلغ نحو 561ر8 مليار دينار مقــارنة مــع 825ر7 مليار معاد تقديرها لعام 2019 بزيادة مقدارها 736 مليون دينـــــــار أو ما نسبته 4ر9 بالمئة.
حيث قدرت الإيرادات المحلية بحوالي 7547 مليار دينار مسجلة نمواً عن مستواها لعام 2019 بنحو733 مليون دينار أو ما نسبته 4ر10 بالمئة. وقد جاء هذا النمو كمحصلة لنمو الإيرادات الضريبية بنحو 853 مليون دينار او ما نسبته 8ر17 بالمئة وتراجع الإيرادات غير الضريبية بنحو 120 مليون دينار او ما نسبته 4ر5 بالمئة في ضوء إعادة تصنيف الرسوم على المشتقات النفطية. وقد تضمن النمو في الايرادات المحلية لعام 2020 الاخذ بعين الاعتبار نسبة النمو الاقتصادي المتوقع بالأسعار الجارية خلال العام القادم والبالغة 4 بالمئة، اضافة الى الاثر المالي المترتب على اقرار قانون ضريبة الدخل الجديد وتحسين الادارة الضريبية، وتضمين الرسوم على المشتقات النفطية ضمن ضريبة المبيعات لعكس العبء الضريبي الحقيقي على المواطن.
وفيما يتعلق بالمنح الخارجية، فقد قدرت في موازنة 2020 عند نفس مستواها في عام 2019 حيث بلغت نحو 807 ملايين دينار. وفي الحقيقة، فإن المنح الخارجية ما هي إلاّ ثمرةً للجهودِ الكبيرةِ والمتواصلة التي يبذلها صاحب الجلالة الهاشمية الملك عبدالله الثاني في حِلِّهِ وتِرحاله وعلى كافة الأصعدة العربية والدولية في إبراز دور الاردن كدولةٍ آمنةٍ ومعتدلةٍ ومستقرةٍ تنبذُ العنفَ والتطرف، وسعي جلالته لوضع المجتمع الدولي بصورة التحديات التي تفرضها المستجدات الإقليمية على الاقتصاد الأردني.
لذلك فإنني انتهز هذه المناسبة لأتقدم بالشكر والعرفان للدول الشقيقة والصديقة والمؤسسات الدولية وفي مقدمتها دول مجلس التعـــــاون الخليجي والولايات المتحدة الاميركية والاتحاد الاوروبي على تفهمها لاحتياجات ومتطلبات الاردن ودعمها له، آملا من المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤولياته تجاه الأردن كمستضيف للاجئين وتوفير التمويل اللازم لخطة الاستجابة لتمكين الأردن من الاستمرار بدوره الإنساني. كما اتقدم بعظيم الامتنان والتقدير للأخوة الأشقاء في المملكة العربية السعودية ودولة الكويت ودولة الامارات العربية المتحدة على الدعم الكريم الذي قدمته للأردن والمنبثق عن تعهدات قمة مكة لتمكينه من مواجهة التحديات الاقتصادية والمالية التي يواجهها، بما يعكس متانة العلاقات الاخوية التي تربط الاردن بالدول الشقيقة.
كما اود في هذا الخصوص الاشارة الى الدور الايجابي والفعال لمؤتمر لندن ومخرجاته والتي عكست اهتمام المجتمع الدولي والدول والمؤسسات المانحة بدعم الاردن وتعزيز استقراره، وضمان استمراره في تحقيق النمو الاقتصادي واستقطاب الاستثمارات وايجاد فرص العمل. سعادة الرئيسحضرات النواب المحترميـن،ليس كافياً ان نسعى لتحقيق النمو، بل يجب علينا السعي لاستدامته لضمان خلق فرص العمل وتعزيز الثقة باقتصادنا الوطني. لذلك، وجب علينا الانتقال من العشوائية في منح إعفاءات ضريبية لقطاعات او استثمارات محددة دون غيرها والتي لا تحقق العدالة في توزيع العبء الضريبي، إلى نهج قائم على خلق بيئة محفزة للاستثمار والصادرات من خلال تقليل الكلف التشغيلية وتعزيز العوائد الاستثمارية، واتخاذ الاجراءات التي من شأنها تقليل كلفة الطاقة والعقار والعمالة والتمويل.
ولحل مشكلة عدم استقرار التشريعات الناظمة للأعمال والتي تحمّل الشركات مخاطر واعباء إضافية، ومن خلال مراجعة الحكومة لما يؤرق القطاع الخاص من عدم الاستقرار في التشريعات التي لها علاقة بالاستثمار، فقد قامت الحكومة بإصدار قرار يقضي بتثبيت الحوافز التي تم منحها للشركات بموجب حزم التحفيز التي اصدرتها الحكومة في الشهر الماضي لمدة 10 سنوات بما يصب في مصلحة هذه الشركات، الامر الذي يساهم في تحسين البيئة الاستثمارية وتذليل العقبات التي تحول دون تدفّق الاستثمار. ويحسنُ بنا الاشارة الى التقدم الكبير الذي حققهُ الاردن وفق تقييم البنك الدولي لسهولةِ ممارسةِ الأعمال، حيث كان ضمن افضل ثلاث دول في العالم حققت تحسناً في إصلاحات سهولة ممارسة الاعمال، مسجَّلاً أعلى قفزة في تاريخ المملكة منذ إطلاق التقرير، وليعكس التقدم في استقرار البيئة الاقتصادية وتشجيع الاستثمار وتحفيز الشركات وتعزيز حقوق الملكية.
وستعمل الحكومة على متابعة اجراءات ضبط وتنظيم سوق العمل ومعالجة الاختلالات والتشوهات في بعض جوانبه، والتوسع في الاعتماد على التقنيات ووسائل التكنولوجيا الحديثة في النظام التربوي وفقاً للاستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية بالإضافة إلى إصدار التشريعات التي سهلت مشاركة النساء في العمل مثل إجازات الأمومة والأبوة وتوفير الحضانات، وغيرها من التوجهات والاجراءات والتشريعات التي يعكسها مشروع قانون الموازنة لعام 2020.
سعادة الرئيسحضرات النواب المحترميـنكما أدت الظروف الاقتصادية إلى تراكم الدين العام على مدى عشر سنوات مضت، فإنه ليس من المنطقي أن نتوقع أن تحل مشكلة الدين العام بين ليلةٍ وضُحاها. إن فوائد الدين العام تشكل نسبة كبيرة من نفقاتنا الجارية والتي يشكل استمرار نموِّها بوتيرةٍ متسارعةٍ تهديداً حقيقياً لاستدامة المالية العامة. لقد بلغ اجمالي الدين العام للحكومة المركزية نحو 1ر30 مليار دينار او ما نسبته 97بالمئة من الناتج المحلي الاجمالي لعام 2019. وتجدر الاشارة الى أن المؤسسات الدولية ووكالات التصنيف الائتماني في تقييمها للاستقرار المالي والتصنيف الائتماني للأردن اعتمدت على اساس تعريف الحكومة العامة، حيث بلغت نسبة الدين العام للناتج المحلي الاجمالي نحو 2ر76 بالمئة كما أشار إليه تقرير وكالة ستاندرد اند بورز الأخير لعام 2019.
وعليه، فلا بديل عن اتخاذ إجراءات لتخفيض نسبة دين الحكومة المركزية إلى الناتج المحلي الإجمالي، وهو ما يمكن أن يتحقق إما بخفض الدين العام او زيادة الناتج المحلي الإجمالي. فعلى الرغم من كون الدين العام نتيجة تراكمات سابقة لأزمات متتالية، فإن الناتج المحلي الإجمالي هو ما يمكننا العمل على زيادته من خلال زيادة الصادرات والاستثمارات المحلية والخارجية. لذلك، ولأجل الحد من نمو خدمة الدين، يجب أن ينصب تركيزنا على ما يمكننا تحقيقه بأيدينا عبر النمو وتعزيز منعة الاقتصاد الوطني في ظل تباطؤ الاقتصاد العالمي.
ان موازنة عام 2020 التي بين ايديكم اليوم، وان كانت بالأرقام المطلقة أعلى من سابقاتها، الا انها تعتبرُ موازنةً واقعيةً لم تتضمن أي اجراءٍ تجميلي لإظهار العجز أقل من مستواه الحقيقي الذي تم اعتماده، والذي نسعى في السنوات اللاحقة لضبطه وتخفيضه كنسبة من الناتج المحلي الاجمالي. وقد توخت الحكومة الواقعية في تقدير الايرادات والنفقات وإظهار الوضع المالي للخزينة على حقيقته، وذلك من باب التحوط في التخطيط المالي حتى لا نضطر ان نلجأ لإجراءات عشوائية تضر بالاقتصاد الوطني حتى وإنْ ادت الى زيادة الايرادات. وقد بلغ العجز بعد المنح في موازنة عام 2019 حوالي 215ر1 مليار مليون دينار، وهذا العجز مماثلٌ تقريباً للعجز في موازنة عام 2020 والمقدر بنحو 347ر1 مليار دينار.
وقد نجحنا في موازنة 2020 بتقليل العجز الاولي، وهو المقياس الحقيقي المستخدم اقتصادياً لأنه يعكس قدرة الحكومة الحقيقية على السيطرة على العجز، ويمثل الفرق بين الإيرادات المحلية والنفقات – باستثناء الفوائد –، حيث تراجع من ما نسبته 1ر3 بالمئة في إعادة التقدير لعام 2019 إلى3ر2 بالمئة في عام 2020، بالرغم من ان موازنة عام 2020 عكست الزيادة في مخصصات الرواتب والمعونة الوطنية وزيادة النفقات الرأسمالية وعدم رفع الضرائب، وهذا يعكس الجهد الذي قامت به الحكومة لضبط الإنفاق العام وايقاف الهدر. وهذا مؤشر إيجابي على المنحى الذي تأخذنا به موازنة 2020 كخطوة أولى نحو التحسن في استدامة المالية العامة المتمثلة بتغطية الايرادات المحلية للنفقات العامة.
سعادة الرئيس
حضرات النواب المحترميـنأما فيما يتعلق بتقديرات مشروع قانون موازنات الوحدات الحكومية للسنة المالية 2020 فكانت على النحو التالي:اولاً: قدر إجمالي الإيرادات للوحدات الحكومية لعام 2020 بنحو 302ر1 مليار مليون دينار مقابل 342ر1 مليار دينار معاد تقديره في عام 2019، وقد شكل الدعم الحكومي في عام 2020 من هذه الإيرادات حوالي 28 مليون دينار فيما شكلت المنح الخارجية نحو 70 مليون دينار. ثانياً: قدر إجمالي النفقات للوحدات الحكومية في عـام 2020 بنحو 5641 مليار دينار موزعــــــــــــــــــــاً بواقــــــــــــــع 068ر1 مليار دينار للنفقات الجارية و496 مليون دينار للنفقات الرأسمالية، وذلك مقارنة مع إجمالي نفقات بلغ 431ر1 مليار دينار معاد تقديره لعام 2019، وبذلك يبلغ الارتفاع المسجل في إجمالي النفقات لعـــــــــام 2020 حوالي 133 ملــــــيون دينار أو مـا نسبته 3ر9 بالمئة عن مستواه المعاد تقديره في عام 2019. وقد جاء هذا الارتفاع نتيجة لزيادة النفقات الجارية بمقدار 78 مليون دينار أو ما نسبته 8 بالمئة وارتفاع النفقات الرأسمالية بمقـــــــدار 55 مليون دينار أو ما نسبته 5ر12 بالمئة.
وترتيباً على ما تقدم، قدر صافي العجز قبل التمويل لجميع الوحدات الحكومية في عام 2020 بحوالي 262 مليون دينار مقابل 89 مليون دينار معاد تقديره في عام 2019. وإذا ما تم استبعاد عجز كل من سلطة المياه وشركة الكهرباء الوطنية المقدر بنحو 376 مليون دينار فإن صافي العجز يتحول إلى وفر مقداره 114 مليون دينار.
سعادة الرئيس،حضرات النواب المحترميـن، لقد ارتأت الحكومة بعد انتهاء المراجعة الثانية من برنامج الإصلاح الاقتصادي والمالي الموقع مع صندوق النقد الدولي تمديد هذا البرنامج حتى شهر اذار من عام 2020 وقد بدأنا بمباحثات مع الصندوق للتوصل إلى برنامج جديد يهدف الى دعم جهود الأردن لتحقيق زيادة في معدلات النمو من خلال معالجة الاختلالات الهيكلية في بعض القطاعات الاقتصادية بهدف رفع نسب النمو وخلق الوظائف، والحصول على المنح والقروض الميسرة بهدف تخفيض خدمة الدين العام، وتمكين الحكومة من زيادة تنافسية الاقتصاد الوطني.
ولمواجهة التحديات الاقتصادية التي تواجه الأردن وإعادة التوازن للمالية العامة وإزالة الاختلالات فيها، ولتحقيق كفاءة أكبر في إنفاق المال العام ووقف الهدر، ولضبط عجز الموازنة والمديونية، فسوف تعمل الحكومة على الاعداد لبرنامج وطني للإصلاح المالي والاقتصادي.
ولأن المحاور الثلاثة وهي دولة القانون، ودولة الانتاج، ودولة التكافل مرتبطة بعضها ببعض، فإن الإطار الوطني سيتقاطع حتماً مع أولويات دولة التكافل ودولة القانون ولكن هذا التقاطع سيكون مكملاً الواحد للآخر وليس متعارضاً معه. إذ أن تحسين الواقع الاقتصادي وزيادة كفاءة الانفاق سينعكس بالضرورة على نوعية الخدمات المقدمة للمواطنين التي يوليها المواطنون أهمية كبرى.
كما يرتبط الإطار الوطني للإصلاح المالي والاقتصادي بمحور دولة القانون من خلال ضمان الالتزام بسيادة القانون، ومنع التجاوزات التي تتم كحالات التهرب الضريبي، بالإضافة الى تكريس العدالة ومبدأ تساوي الفرص وحماية الاستثمار وغيرها.
وأؤكد في هذا الخصوص على ان البرنامج الوطني سيكون برنامجاً أردنياً خالصاً يتم تصميمُه بأيدٍ اردنيةٍ بحتة، ونتاجاً لحوارٍ وتوافقٍ داخلي ونابعٍ من ثقةٍ تامةٍ بقدرتنا على تحديد أولوياتنا الوطنية للمرحلة القادمة. وأؤكد هنا على ان العلاقةَ مع صندوق النقد الدولي علاقة استشارية تشاركية تهدف للوصول الى تفاهمات تضمن تسريع وتيرة النمو الاقتصادي، وقد وجدنا تفاعلاً ايجابياً من الصندوق مع البرنامج الوطني. وسنكون واضحين، على انه لا رفع للضرائب، ولا بديل عن تحسين الواقع المعيشي للمواطن وتوجيه نسب البطالة نحو الانخفاض في ظل الحفاظ على قدسية الاستقرار المالي. سعادة الرئيس،حضرات النواب المحترمين،إن الاردنَّ لا يعيش بمعزل عن العالم، وقد مرّ عبرَ تاريخهِ بظروفٍ عصيبةٍ وخرج منها وقد اشتدَّ عودهُ ولم يضعُفْ او يستسلمْ، وبقي الأردن ثابتاً في مواقفه إزاء ما يحصل حوله، وبقي الاردنيون متحدون دفاعاً عن هذه المواقف. وحيث أن هذه الوحدة هي مصدر فخر لنا جميعا، يجب أن تتسم جهودنا الوطنية بما فيها هذه الموازنة بذات الوحدة والشمول بحيث تتعدى البيانات المالية إلى ان تكون خطة سياسية واقتصادية واجتماعية لجميع أطياف المجتمع.
نحن نعي تماما بأن موازنةَ عامٍ واحدٍ قد لا تكفي للحد من آثار جميع التحديات الاقتصادية التي عصفت بالأردن خلال العقد الماضي، والتي ادت لتخفيض الإنفاق واتخاذ اجراءات مالية صعبة ورفع العبء الضريبي والمعيشي على المواطنين.
ولكن، وكما قال جلالة الملك عبدالله الثاني "باتت الإصلاحات الأصعب خلفنا والمستقبل الواعد امامنا"، فإنه يتحتم علينا جميعا اتخاذ خطوات في الاتجاه الصحيح، تضمن لأبنائنا وبناتنا استثمارا أفضل في تعليمهم، ولإخواننا موردي الخدمات الحكومية باستلام المتأخرات التي ينتظرونها بفارغ الصبر لدفع رواتب عمالهم ورفع استثماراتهم، ولأخواتنا من الأمهات سهولةَ الوصول للعملِ من خلال توفير حضاناتٍ لأطفالهن ووسائل نقل عامة.
إننا لا ننظر الى الموازنة كأرقامٍ مجردة، بل بعينِ الاملِ ومستقبلٍ واعدٍ للأردنيين الباحثين عن عمل، ونسعى لأن تكون هذه الموازنة اللبنةَ الاولى لاستعادةِ الثقة بين الحكومة والمواطن، وتوطيدِ التعاون المثمر والبناء بين السلطتين التشريعية والتنفيذية مبتغين بذلك رفعة الوطن وخدمة المواطن. إن الحكومةَ إذ تضع امام مجلسكم الكريم مشروعي قانون الموازنة العامة وقانون موازنات الوحدات الحكومية لعام 2020 والتي هي إحدى الخطوات بالاتجاه الصحيح لكونها واقعية وحقيقية تلبي احتياجاتنا الوطنية لدفع عجلة النمو الشامل والمستدام المؤدي لخلق الوظائف، فإننا لعلى ثقةٍ كبيرةٍ بأن التعاونَ والتكاملَ مع مجلسكم الكريم سيمكننا من تحقيق تطلعاتنا وطموحاتنا والسير في تحقيق ما نصبو اليه من حياة كريمة للمواطن الاردني في ظل قيادة حضرة صاحب الجلالة الهاشمية الملك عبد الله الثاني ابن الحسين المعظم حفظه الله ورعاه
وقال وزير المالية محمد العسعس خلال قراءته لبيان الموازنة، اننا لا ننظر الى الموازنة كأرقامٍ مجردة، بل بعينِ الأملِ ومستقبلٍ واعدٍ للأردنيين الباحثين عن عمل، ونسعى لأن تكون هذه الموازنة اللبنةَ الاولى لاستعادةِ الثقة بين الحكومة والمواطن، وتوطيدِ التعاون المثمر والبناء بين السلطتين التشريعية والتنفيذية مبتغين بذلك رفعة الوطن وخدمة المواطن. واكد الوزير العسعس، ان الحكومة تعي تماما بأن موازنةَ عام واحد قد لا تكفي للحد من آثار جميع التحديات الاقتصادية التي عصفت بالأردن خلال العقد الماضي، التي ادت لتخفيض الإنفاق واتخاذ اجراءات مالية صعبة ورفع العبء الضريبي والمعيشي على المواطنين.
واضاف، ان الموازنة بنيت على تقديرات لنمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 2ر2 بالمئة، ونمو الناتج المحلي الإجمالي الاسمي بنحو 4 بالمئة وهي تقديرات لا تكفي كأرقام مجردة، لافتا الى أن النمو يجب أن يؤدي إلى تنمية شاملة وحقيقية يلمسها كل فرد من أبناء الوطن، لذلك حرصت الحكومة على أن تكون هذه الموازنة خطاباً مباشراً للشعب من خلال مجلس النواب، بحيث تصغي لمطالبهم وتستجيب لها بطريقة مؤسسية.
ولفت الوزير العسعس، الى ان النفقات الجارية لعام 2020 تم تقديرها بنحو 383ر8 مليون دينار مسجلة ارتفاعا بنحو 414 مليون دينار عن مستواها المعاد تقديره لعام 2019، موضحا بأن حجم رواتب الجهازين المدني والعسكري ورواتب المتقاعدين المدنيين والعسكريين في عام 2020، يشكل ما نسبته 65 بالمئة من النفقات الجارية وما نسبته 56 بالمئة من اجمالي النفقات العامة.
وبين العسعس، انه في حال تم استثناء الزيادة في المخصصات المرصودة لزيادة رواتب العاملين والمتقاعدين في الجهازين المدني والعسكري، فإن النفقات الجارية سترتفع فقط بما نسبته 2 بالمئة عن عام 2019، الامر الذي يؤكد على نهج الحكومة في ضبط النفقات الجارية وترشيدها بما يحقق الاستخدام الامثل للموارد المالية المتاحة.
وفيما يلي نص خطاب الموازنة:
يشرفني أن أتقدم لمجلسكم الكريم باسم الحكومة بمشروعي قانون الموازنة العامة وقانون موازنات الوحدات الحكومية للسنة المالية 2020 اللّذَين جاءا ليتضمّنا التوجهات الحكومية المستقبلية والرُّؤى المستشرِفة للاقتصاد الوطني وفق التوجيهات الملكية السامية والتي حرص صاحب المقام السامي على توجيهها للحكومة تكريساً لخدمة ابناء الوطن الغالي.
وأودُّ أن أستهلَّ خطابي هذا باستذكارِ كلماتِ جلالة الملك عبدالله الثاني في خطاب العرش السامي بافتتاح الدورة الرابعة لمجلس الأمة الثامن عشر حين قال "هي دورةٌ عاديةٌ في ظروفٍ استثنائية"، فها نحن نضعُ بين أيديكم اليوم موازنةً سنويةً مدركين تماما للظروف التي يمر بها وطننا العزيز.
ولا أجد منبراً خيراً من هذا المنبر، وامام هذا الجمع الكريم من ممثلي أبناء الوطن العزيز بكافة أطيافه وفئاته، لكي اقول لكم بأننا لسنا مصغين فحسب بل معايشين للتحديات التي يعاني منها أفراد أسرتنا الأردنية الواحدة، وقد دأبنا على إعداد هذه الموازنة بما يعكس ولو الجزء اليسير من آمالنا وتطلعاتنا لمستقبل أفضل بإذن الله.
سعادة الرئيس،
حضرات النواب المحترمين،
إن مشروع قانون الموازنة العامة الذي بين ايديكم هو مشروع وطني بامتياز، تتجلى فيه روح التعاون والتكامل والحوار الفعال بين السلطة التشريعية التي حرصت على أن تنقل مطالب أهلنا من كافة أنحاء الوطن، والقطاع الخاص الذي يعد الشريك الاستراتيجي في عملية التنمية، والسلطة التنفيذية التي عملت على ترجمة هذه المطالب لموازنة حقيقية وواقعية في ظل توجيهات جلالة الملك عبدالله الثاني ورؤاه في توفير ما يستحقه أبناؤنا من حياة كريمة فضلى. ولذلك، يجب علينا جميعا العمل باجتهاد وكفاءة لنتمكن من تحقيق تطلعات مواطنينا وتلبية احتياجاتهم وتحفيز طاقاتهم، من خلال بناء واقع جديد يحفز النمو، ويخلق الفرص لكل مواطن أردني طامح.
سعادة الرئيس
حضرات النواب المحترميـن،
لم يتسن لأبنائنا وبناتنا على مدار عشرة أعوام خلت أن ينعموا بما كنا نطمح إليه من انعكاسٍ للنمو على مستوى معيشتهم دون التأثر بالظروف المحيطة بنا في المنطقة العربية والعالم. لكن، وعلى الرغم من تتابع الصدمات والتباطؤ الحاد الذي يشهده الاقتصاد العالمي، إلا أن اقتصادنا الوطني، والحمد لله، أثبت منعته وقدرته على تقديم مثال يحتذى به في احتواء الأزمات، وقد انعكس ذلك سلبا على مواردنا المالية وحملنا أعباء إضافية تقدر بتراكم نحو 12 مليار دينار كدينٍ عام إضافي خلال العقد الماضي.
وإننا وسط هذا الجو الاقليمي المضطرب نقف وقفة تفاؤل وترقب ورهان. فالتفاؤل هو دوماً عنوان مسيرة الأردن رغم التحديات الصعبة، والترقب لأن اقتصادنا بطبيعته منفتح على العالم يتأثر بما يدور حوله من متغيرات تلقي بظلالها على اقتصادنا الوطني، وأما الرّهان فهو على أبناء وبنات هذا الوطن الأشم الذين لا تنضب طاقاتهم، وإمكانياتهم واعدة، ولا يعرف إبداعهم الحدود.
سعادة الرئيس
حضرات النواب المحترميـن
نحن نعي تماما بأن هذه الإصلاحات المنشودة وغيرها من الخطط والبرامج سوف تُؤتي أكلها على المدى المتوسط والطويل، ونعلم يقيناً بأن التحدي الأكبر هو ما سيلمسه أبناؤنا في المدى القصير. لقد أثبتنا كأردنيين صبرنا وتحملنا للظروف الاقتصادية الصعبة، وتعاملنا معها كجسد واحد اشتكت أطرافه من شبابنا المتعطلين عن العمل وأهلنا المثقلين بالهموم المعيشية فتداعت لهم أسرتنا الأردنية الواحدة.
لذلك، فإنه لا سبيل لنا للتعافي إلا من خلال موازنةٍ تستهدفُ الاستقرار المالي من خلال تحقيق النمو إن شاء الله.
وكخطوة اولى لبناء الثقة في هذه الموازنة، وتبديد المخاوف المبررة، علينا أن نوضح بشفافية الوضع الراهن بإيجابياته وسلبياته حتى ننتقل منه إلى مرتكزات إعداد موازنة العام القادم:
لقد نما الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة خلال النصف الأول من عام 2019 بما نسبته 9ر1 بالمئة ويقدر ان يبلغ نحو 2بالمئة لكامل عام 2019، وارتفع معدل التضخم مقاساً بالتغير النسبي في الرقم القياسي لأسعار المستهلك على نحو طفيف بلغ 3ر0 بالمئة خلال الشهور العشرة الاولى من عام 2019 مقارنة بارتفاع نسبته 5ر4 بالمئة لنفس الفترة من عام 2018، ويأتي ذلك في ضوء تلاشي أثر الاجراءات الحكومية المتخذة في بداية عام 2018 .
أما بالنسبة للتجارة الخارجية، فقد شهدت الصادرات نمواً يقدر بنحو 8ر7 بالمئة في الشهور التسعة الاولى من عام 2019 مقارنة بنفس الفترة من العام السابق، أما المستوردات فقد انخفضت بنسبة 3ر5 بالمئة، ويعزى هذا الانخفاض بشكل رئيسي لانخفاض أسعار النفط العالمية. وبالتالي، فقد انخفض عجز الميزان التجاري بنسبة 7ر13 بالمئة ليصل إلى 7ر5 مليار دينار في الشهور التسعة الاولى من عام 2019 .
وفي سياق مماثل، فقد انخفض عجز الحساب الجاري لميزان المدفوعات بما نسبته 33 بالمئة حيث بلغ نحو 7ر6 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي في النصف الأول من عام 2019 مقابل 4ر10 بالمئة في عام 2018. وتشير البيانات خلال الشهور العشرة الاولى من عام 2019 الى نمو الدخل السياحي بنسبة 4ر9 بالمئة ليصل الى 9ر4 مليار دولار، ونمو حوالات الاردنيين العاملين في الخارج بما نسبته 8ر0 بالمئة لتصل الى 1ر3 مليار دولار، وارتفاع الاحتياطيات من العملات الأجنبية لتصل إلى 1ر14 مليار دولار لتغطي بذلك مستوردات المملكة من السلع والخدمات لأكثرَ من سبعةِ شهور.
ولكن، وفي الوقت الذي تدعو فيه هذه المؤشرات للتفاؤل، فإنه لا يمكننا أن نتغاضى عن معدلات البطالة التي وصلت إلى 1ر19 بالمئة في الشهور التسعة الاولى من عام 2019 والتي أصبحت مصدرَ قلقٍ لكلِ بيتٍ اردنيٍّ وباتت مشكلةً تؤرقنا جميعاً، الامر الذي يؤكد على أهمية العمل على اتخاذ الاجراءات اللازمة للحد منها كي لا تهدد أمن مجتمعنا واستقراره.
وفي هذا المجال، أود أن أؤكد على ضرورة العمل على تمكينِ الشباب وتعزيزِ قدراتهم، واستغلالِ طاقاتِهم وأفكارِهم الريادية والابداعية، وتزويدِهم بالمهارات والخبرات اللازمة لتلبية متطلبات سوق العمل.
كما أشير هنا الى أنه لم يعد من المقبول استمرار تدني نسبة مشاركة المرأة في العمل على الرّغمِ من أن نسب الالتحاق بالتعليم العالي للمرأة الأردنية يعد من أعلى النسب في المنطقة، فضلاً عن الطاقات الكبيرة والابداعية التي تتمتع بها المرأة الأردنية، مؤكداً هنا على أن مشاركة المرأة في العمل يعتبر متطلباً هاماً وأساسياً في عملية التنمية الشاملة، الامر الذي يتطلب منا العمل على توفيرِ بيئةِ عمل مواتيةٍ للمرأة وتوفيرِ التسهيلات اللازمة ومعالجة المعيقات التي تقف عائقاً أمام قيامها بدورها التنموي المنشود.
وعلى صعيد المالية العامة، وعلى الرغم من بلوغ الايرادات المحلية 8ر7 مليار دينار في عام 2019، إلا أنها كانت دون مستوى التقديرات، ويعزى ذلك بشكل رئيسي إلى التهرب الضريبي والجمركي، وتباطؤ النمو الاقتصادي.
وفي المقابل، فقد ارتفعت النفقات العامة بنسبة 5ر5 بالمئة في عام 2019، وذلك في ضوء ارتفاع النفقات الجارية بنسبة 6ر4 بالمئة، وارتفاع النفقات الرأسمالية بنسبة 13بالمئة فقط، وهو دون الطموح، الأمر الذي انعكس سلبا في عدم اكتمال بعض المشاريع لهذا العام.
وكمحصلة لذلك، بلغ عجز الموازنة العامة بعد المنح لعام 2019 ما نسبته 9ر3 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي مقابل 4ر2 بالمئة في العام 2018، ومن المتوقع أن يبلغ الدين العام في نهاية عام 2019 نحو 1ر30 مليار دينار أي ما نسبته 97 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي مقابل 4ر94 بالمئة في نهاية عام 2018.
سعادة الرئيس،
حضرات النواب المحترميـن،
كما استعرضنا أبرز ملامح الاوضاع الاقتصادية والمالية في العام الحالي بشفافية، فإن من الضروري أن نستعرض تفاصيل موازنة عام 2020 بشفافية تامة حتى يتمكن الجميع من متابعة سير تنفيذها، فنحن مساءلون عنها امام الله ثم امام الجميع من أبناء وطننا الغالي. وبهذا الخصوص، يجب أن أبدأ بالإجابة عن أبرز سؤال حول موازنة عام 2020 وهو: ما المختلف في هذه الموازنة عن سابقاتها؟ وهذا ما سأجيب عنه بعرض أبرز الأهداف المرجو تحقيقها في عام 2020 والمخصصات المرصودة لتحقيق هذه الأهداف.
ان الحكومة تؤكد على سعيها ليكون مشروع موازنة عام 2020 المنطلق للمرحلةِ القادمةِ، ومستنداً إلى المحاور الثلاثة التي وجهنا إليها جلالة الملك في خطاب العرش وهي دولة القانون، ودولة الانتاج، ودولة التكافل والتي تسعى لبناء دولة الإنسان، مؤكدا على ان العمل استناداً الى هذه المحاور الثلاث يتطلب منا تعديل النهج الاقتصادي بما يفضي إلى الحد من الفقر والبطالة وضعف الاستثمار وارتفاع حجم المديونية، وتحسين الخدمات العامة في مختلف المجالات وفي مقدمتها خدمات الصحة والتعليم والنقل.
ولقد بنيت موازنة عام 2020 على تقديرات لنمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 2ر2 بالمئة ونمو الناتج المحلي الإجمالي الاسمي بنحو 4بالمئة. ولكن هذه التقديرات لا تكفي كأرقام مجردة، فالنمو يجب أن يؤدي إلى تنمية شاملة وحقيقية يلمسها كل فرد من أبناء الوطن. لذلك، فقد حرصنا على أن تكون هذه الموازنة خطاباً مباشراً لأبنائنا، ممثلين بمجلسكم الكريم، تصغي لمطالبهم وتستجيب لها بطريقة مؤسسية.
ومن هذا المنطلق، فإن المرتكز الأساسي لهذه الموازنة هو الاستثمار في مواردنا البشرية لتمكينها وتعزيز قدرتها على المضي قدما في بناء هذا الوطن.
وقد أتى هذا الاستثمارُ على عدةِ اوجهٍ تظهرُ مخصصاتها في بنود النفقات العامة؛ وعلى النحو التالي:
أولاً، لقد كان من أهم اولوياتنا في هذه الموازنة أن نعكس ما تحاورنا به مع مجلسكم الكريم من مطالب أمهاتنا وأبائنا من المتقاعدين العسكريين والمدنيين الذين كان لهم الفضل في بناء هذا الوطن وإخواننا وأخواتنا العاملين في الجهازين العسكري والمدني الذين تحمّلوا عبء سنينَ طِوال من الجَهد وقلةِ ذاتِ اليد، ولم يزالوا يخدمون وطنهم الأبي بكل ما أُوتو من وقتٍ وجُهد، لذلك فقد جاءت هذه الموازنة بزيادة على رواتب العاملين والمتقاعدين في الجهازين العسكري والمدني للمرة الاولى منذ سنوات، وذلك إضافةً إلى المبالغ التي تم رصدها للزيادات على رواتب إخواننا المعلمين والمتقاعدين العسكريين قبل عام 2010.
وأجد لزاماً هنا أن أشير الى انه تم زيادة المخصصات المالية الضرورية لقواتنا المسلحة وأجهزتنا الأمنية، دِرعُ الوطنِ وحافظةُ أمنهِ وتُرسه المنيع، لضمان الاستقرار الأمنيِّ الذي يشكل الركيزة الأساسية للاستقرار الاقتصادي والمالي.
ثانياً، كان لزاماً علينا تعزيز وتوسيع شبكة الحماية الاجتماعية وتحسين الإجراءات المتبعة لإيصال الدعم للمستفيدين من خلال زيادة المخصصات المرصودة لصندوق المعونة الوطنية/ الدعم التكميلي، والحفاظ على دعم الخبز المقدم، وتوجيه بعض المخصصات لمشاريع اجتماعية مثل السكن الميسر، بالإضافة إلى معالجة بعض التشوهات في تقديم المعالجات الطبية والدعم النقدي وغيرها من الإعفاءات وذلك لضمان عدالة وشفافية وصول الدعم لمستحقيه.
وفي ضوء ما تقدم، قدرت النفقات الجارية لعام 2020 بنحو 383ر8 مليار دينار مسجلة ارتفاعا بنحو 414 مليون دينار أو ما نسبته 2ر5 بالمئة عن مستواها المعاد تقديره لعام 2019. ويشكل حجم رواتب الجهازين المدني والعسكري ورواتب المتقاعدين المدنيين والعسكريين في عام 2020 ما نسبته 65بالمئة من النفقات الجارية وما نسبته 56بالمئة من اجمالي النفقات العامة. وفي حال تم استثناء الزيادة في المخصصات المرصودة لزيادة رواتب العاملين والمتقاعدين في الجهازين المدني والعسكري، فإن النفقات الجارية سترتفع فقط بما نسبته 2بالمئة عن عام 2019، الامر الذي يؤكد على نهج الحكومة في ضبط النفقات الجارية وترشيدها بما يحقق الاستخدام الامثل للموارد المالية المتاحة.
ثالثًا، وقبل ان نتمكن من الحديث عن مخصصات جديدة لمشاريع جديدة، سيستوقفني الجميع للحديث عن دفع مستحقات المشاريع القائمة التي تقف عائقا أمام السيولة في السوق، لذلك فقد حرصت الحكومة على تأمين المخصصات المالية لسداد جانب كبير من الالتزامات المالية والمتأخرات لتوفير السيولة اللازمة للقطاع الخاص بما يفضي الى تحفيز النشاط الاقتصادي والحد من حدة التباطؤ الذي شهدته بعض القطاعات الاقتصادية.
كما تم رصد المخصصات اللازمة لإنهاء المشاريع القائمة ذات الأولوية لدى جميع أبناء الوطن وعلى رأسها "الطريق الصحراوي" الذي لا يزال يؤرقنا جميعا، فنحن لن نقبل بعد الآن بأن يستمر خوف المواطن على حياته، لا قدر الله، بسبب التأخير في إنجاز هذا المشروع الوطني.
رابعاً، لنتمكن من تحقيق النمو المنشود، كان نتاج حواراتنا مع مجلسكم الكريم وممثلي القطاع الخاص بأنه لا بد لنا من الاستثمار في كمية ونوعية الخدمات العامة المقدمة لجميع أبناء شعبنا في قطاعات حيوية تصل لكافة المجتمعات المحلية والمحافظات مثل التعليم والصحة والسياحة مما سيعود بالنفع على الاقتصاد ككل. لذلك فقد تضمنت موازنة 2020 رصد مبلغ 425ر1 مليار دينار للمشاريع الرأسمالية وبزيادة غير مسبوقة وبنسبة 33بالمئة مقارنة بالعام الحالي، لترتفع حصتها من النفقات العامة الى نحو 15بالمئة مقابل 12بالمئة في عام 2019.
ولإيماننا بأهمية أن يوجه الإنفاق الرأسمالي لمشاريع ذات قيمة عالية ضمن أطر تشريعية سليمة، ولضمان فاعلية التنفيذ والتوظيف للنفقات الرأسمالية التي تم تضمينها مبلغ 108 ملايين دينار ضمن بند تم استحداثه لأول مرة لمشاريع الشراكة بين القطاع العام والخاص، فقد استبقنا هذا البند، بتقديم مشروع قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص لمجلسكم الكريم لمناقشته متضمناً تعديلات جوهريّة على القانون الحالي، وذلك لتحفيز وتمكين القطاع الخاص من المشاركة بقوة في تنفيذ المشاريع الرأسماليّة وليكون مساهماً بفعالية في عملية التنمية إلى جانب الحكومة، آملين إقراره بما يناسب المصلحة الوطنية.
خامساً، لقد قمنا بدمج دائرة الشراء الموحد ودائرة اللوازم العامة، وتوحيد انظمة المشتريات البالغ عددها 56 نظام الى نظام واحد فقط، وذلك تطبيقا لنظام المشتريات الحكومية الذي تم إقراره مؤخراً بهدف رفع كفاءة وشفافية الإنفاق الحكومي، كما ستتخذ الحكومة إجراءات إضافية أعلنت عنها مسبقا متعلقة بتعزيز الاصلاح الإداري من خلال ضم وإلغاء عدد من الهيئات والمؤسسات الحكومية، وإعادة هيكلة عدد من الوحدات الحكومية الأخرى.
سعادة الرئيس
حضرات النواب المحترميـن
ولضمان تنفيذ أبواب الإنفاق التي تم طرحها سابقا، ومن مبدأ تعزيز الاعتماد على الذات، لا بد لنا من تحقيق إيرادات تناسب مستوى الإنفاق المرصود.
وقبل أن أخوض في تفاصيل تقديرات الإيرادات، لا بد لنا من أن نعترف بأن جميع أفراد شعبنا الأردني الأبي قد ضاقوا ذرعاً بالعبء الضريبي الذي شهد تصاعداً مضطرداً خلال السنوات السابقة.
لذلك أود أن أؤكد على انه لن يتم إحداث أي ضرائب جديدة او أي زيادة على الضرائب الحالية في عام 2020 وسيتم التركيز على مكافحة التهرب الضريبي وتحسين الادارة الضريبية لتحسين مستوى الايرادات المحلية.
ولتطبيق هذا النهج الذي نؤمن به كمصدر رئيس لزيادة الايرادات اضافة الى النمو، لا بد لنا من ضمان عدالة الإيرادات الضريبية المتحققة عن طريق مكافحة التهرب الضريبي والجمركي. إن التقاعس في الحد من التهرب الضريبي والجمركي لا يقلل من الإيرادات المحلية وبالتالي القدرة على الاستثمار الحكومي فحسب، بل يعد جريمة بحق الوطن، وبحق الأفراد والشركات الملتزمة ضريبياً والتي من حقها علينا كسلطة تشريعية وتنفيذية أن نقوم باتخاذ كافة الإجراءات واستخدام كافة الوسائل القانونية المتاحة لضمان مبدأ سيادة وعدالة القانون على الجميع.
وبهذا الصدد، قامت الحكومة بإطلاق نظام الفوترة، وتسعى لتطبيق أنظمة أخرى مثل الدفع الإلكتروني وتسهيل وتبسيط الإجراءات الجمركية والضريبية لتقليل كلفة الامتثال الضريبي وبالتالي تشجيعه، كما ستقوم الحكومة بتعزيز تطبيق العقوبات التي ينص عليها القانون في محاربة التهرب الضريبي والجمركي، وسنقوم بذلك بكل ما أوتينا من عزمٍ وتصميم، لأن مكافحة التهرب يعتبرُ واجباً وطنياً والتزاما اخلاقياً.
وحول تقديرات الايرادات العامة لعام 2020، يتوقع أن تبلغ نحو 561ر8 مليار دينار مقــارنة مــع 825ر7 مليار معاد تقديرها لعام 2019 بزيادة مقدارها 736 مليون دينـــــــار أو ما نسبته 4ر9 بالمئة.
حيث قدرت الإيرادات المحلية بحوالي 7547 مليار دينار مسجلة نمواً عن مستواها لعام 2019 بنحو733 مليون دينار أو ما نسبته 4ر10 بالمئة. وقد جاء هذا النمو كمحصلة لنمو الإيرادات الضريبية بنحو 853 مليون دينار او ما نسبته 8ر17 بالمئة وتراجع الإيرادات غير الضريبية بنحو 120 مليون دينار او ما نسبته 4ر5 بالمئة في ضوء إعادة تصنيف الرسوم على المشتقات النفطية. وقد تضمن النمو في الايرادات المحلية لعام 2020 الاخذ بعين الاعتبار نسبة النمو الاقتصادي المتوقع بالأسعار الجارية خلال العام القادم والبالغة 4 بالمئة، اضافة الى الاثر المالي المترتب على اقرار قانون ضريبة الدخل الجديد وتحسين الادارة الضريبية، وتضمين الرسوم على المشتقات النفطية ضمن ضريبة المبيعات لعكس العبء الضريبي الحقيقي على المواطن.
وفيما يتعلق بالمنح الخارجية، فقد قدرت في موازنة 2020 عند نفس مستواها في عام 2019 حيث بلغت نحو 807 ملايين دينار.
وفي الحقيقة، فإن المنح الخارجية ما هي إلاّ ثمرةً للجهودِ الكبيرةِ والمتواصلة التي يبذلها صاحب الجلالة الهاشمية الملك عبدالله الثاني في حِلِّهِ وتِرحاله وعلى كافة الأصعدة العربية والدولية في إبراز دور الاردن كدولةٍ آمنةٍ ومعتدلةٍ ومستقرةٍ تنبذُ العنفَ والتطرف، وسعي جلالته لوضع المجتمع الدولي بصورة التحديات التي تفرضها المستجدات الإقليمية على الاقتصاد الأردني.
لذلك فإنني انتهز هذه المناسبة لأتقدم بالشكر والعرفان للدول الشقيقة والصديقة والمؤسسات الدولية وفي مقدمتها دول مجلس التعـــــاون الخليجي والولايات المتحدة الاميركية والاتحاد الاوروبي على تفهمها لاحتياجات ومتطلبات الاردن ودعمها له، آملا من المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤولياته تجاه الأردن كمستضيف للاجئين وتوفير التمويل اللازم لخطة الاستجابة لتمكين الأردن من الاستمرار بدوره الإنساني.
كما اتقدم بعظيم الامتنان والتقدير للأخوة الأشقاء في المملكة العربية السعودية ودولة الكويت ودولة الامارات العربية المتحدة على الدعم الكريم الذي قدمته للأردن والمنبثق عن تعهدات قمة مكة لتمكينه من مواجهة التحديات الاقتصادية والمالية التي يواجهها، بما يعكس متانة العلاقات الاخوية التي تربط الاردن بالدول الشقيقة.
كما اود في هذا الخصوص الاشارة الى الدور الايجابي والفعال لمؤتمر لندن ومخرجاته والتي عكست اهتمام المجتمع الدولي والدول والمؤسسات المانحة بدعم الاردن وتعزيز استقراره، وضمان استمراره في تحقيق النمو الاقتصادي واستقطاب الاستثمارات وايجاد فرص العمل.
سعادة الرئيس
حضرات النواب المحترميـن،
ليس كافياً ان نسعى لتحقيق النمو، بل يجب علينا السعي لاستدامته لضمان خلق فرص العمل وتعزيز الثقة باقتصادنا الوطني. لذلك، وجب علينا الانتقال من العشوائية في منح إعفاءات ضريبية لقطاعات او استثمارات محددة دون غيرها والتي لا تحقق العدالة في توزيع العبء الضريبي، إلى نهج قائم على خلق بيئة محفزة للاستثمار والصادرات من خلال تقليل الكلف التشغيلية وتعزيز العوائد الاستثمارية، واتخاذ الاجراءات التي من شأنها تقليل كلفة الطاقة والعقار والعمالة والتمويل.
ولحل مشكلة عدم استقرار التشريعات الناظمة للأعمال والتي تحمّل الشركات مخاطر واعباء إضافية، ومن خلال مراجعة الحكومة لما يؤرق القطاع الخاص من عدم الاستقرار في التشريعات التي لها علاقة بالاستثمار، فقد قامت الحكومة بإصدار قرار يقضي بتثبيت الحوافز التي تم منحها للشركات بموجب حزم التحفيز التي اصدرتها الحكومة في الشهر الماضي لمدة 10 سنوات بما يصب في مصلحة هذه الشركات، الامر الذي يساهم في تحسين البيئة الاستثمارية وتذليل العقبات التي تحول دون تدفّق الاستثمار. ويحسنُ بنا الاشارة الى التقدم الكبير الذي حققهُ الاردن وفق تقييم البنك الدولي لسهولةِ ممارسةِ الأعمال، حيث كان ضمن افضل ثلاث دول في العالم حققت تحسناً في إصلاحات سهولة ممارسة الاعمال، مسجَّلاً أعلى قفزة في تاريخ المملكة منذ إطلاق التقرير، وليعكس التقدم في استقرار البيئة الاقتصادية وتشجيع الاستثمار وتحفيز الشركات وتعزيز حقوق الملكية.
وستعمل الحكومة على متابعة اجراءات ضبط وتنظيم سوق العمل ومعالجة الاختلالات والتشوهات في بعض جوانبه، والتوسع في الاعتماد على التقنيات ووسائل التكنولوجيا الحديثة في النظام التربوي وفقاً للاستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية بالإضافة إلى إصدار التشريعات التي سهلت مشاركة النساء في العمل مثل إجازات الأمومة والأبوة وتوفير الحضانات، وغيرها من التوجهات والاجراءات والتشريعات التي يعكسها مشروع قانون الموازنة لعام 2020.
سعادة الرئيس
حضرات النواب المحترميـن
كما أدت الظروف الاقتصادية إلى تراكم الدين العام على مدى عشر سنوات مضت، فإنه ليس من المنطقي أن نتوقع أن تحل مشكلة الدين العام بين ليلةٍ وضُحاها. إن فوائد الدين العام تشكل نسبة كبيرة من نفقاتنا الجارية والتي يشكل استمرار نموِّها بوتيرةٍ متسارعةٍ تهديداً حقيقياً لاستدامة المالية العامة.
لقد بلغ اجمالي الدين العام للحكومة المركزية نحو 1ر30 مليار دينار او ما نسبته 97بالمئة من الناتج المحلي الاجمالي لعام 2019. وتجدر الاشارة الى أن المؤسسات الدولية ووكالات التصنيف الائتماني في تقييمها للاستقرار المالي والتصنيف الائتماني للأردن اعتمدت على اساس تعريف الحكومة العامة، حيث بلغت نسبة الدين العام للناتج المحلي الاجمالي نحو 2ر76 بالمئة كما أشار إليه تقرير وكالة ستاندرد اند بورز الأخير لعام 2019.
وعليه، فلا بديل عن اتخاذ إجراءات لتخفيض نسبة دين الحكومة المركزية إلى الناتج المحلي الإجمالي، وهو ما يمكن أن يتحقق إما بخفض الدين العام او زيادة الناتج المحلي الإجمالي. فعلى الرغم من كون الدين العام نتيجة تراكمات سابقة لأزمات متتالية، فإن الناتج المحلي الإجمالي هو ما يمكننا العمل على زيادته من خلال زيادة الصادرات والاستثمارات المحلية والخارجية. لذلك، ولأجل الحد من نمو خدمة الدين، يجب أن ينصب تركيزنا على ما يمكننا تحقيقه بأيدينا عبر النمو وتعزيز منعة الاقتصاد الوطني في ظل تباطؤ الاقتصاد العالمي.
ان موازنة عام 2020 التي بين ايديكم اليوم، وان كانت بالأرقام المطلقة أعلى من سابقاتها، الا انها تعتبرُ موازنةً واقعيةً لم تتضمن أي اجراءٍ تجميلي لإظهار العجز أقل من مستواه الحقيقي الذي تم اعتماده، والذي نسعى في السنوات اللاحقة لضبطه وتخفيضه كنسبة من الناتج المحلي الاجمالي. وقد توخت الحكومة الواقعية في تقدير الايرادات والنفقات وإظهار الوضع المالي للخزينة على حقيقته، وذلك من باب التحوط في التخطيط المالي حتى لا نضطر ان نلجأ لإجراءات عشوائية تضر بالاقتصاد الوطني حتى وإنْ ادت الى زيادة الايرادات. وقد بلغ العجز بعد المنح في موازنة عام 2019 حوالي 215ر1 مليار مليون دينار، وهذا العجز مماثلٌ تقريباً للعجز في موازنة عام 2020 والمقدر بنحو 347ر1 مليار دينار.
وقد نجحنا في موازنة 2020 بتقليل العجز الاولي، وهو المقياس الحقيقي المستخدم اقتصادياً لأنه يعكس قدرة الحكومة الحقيقية على السيطرة على العجز، ويمثل الفرق بين الإيرادات المحلية والنفقات – باستثناء الفوائد –، حيث تراجع من ما نسبته 1ر3 بالمئة في إعادة التقدير لعام 2019 إلى
3ر2 بالمئة في عام 2020، بالرغم من ان موازنة عام 2020 عكست الزيادة في مخصصات الرواتب والمعونة الوطنية وزيادة النفقات الرأسمالية وعدم رفع الضرائب، وهذا يعكس الجهد الذي قامت به الحكومة لضبط الإنفاق العام وايقاف الهدر. وهذا مؤشر إيجابي على المنحى الذي تأخذنا به موازنة 2020 كخطوة أولى نحو التحسن في استدامة المالية العامة المتمثلة بتغطية الايرادات المحلية للنفقات العامة.
سعادة الرئيس
حضرات النواب المحترميـن
أما فيما يتعلق بتقديرات مشروع قانون موازنات الوحدات الحكومية للسنة المالية 2020 فكانت على النحو التالي:
اولاً: قدر إجمالي الإيرادات للوحدات الحكومية لعام 2020 بنحو 302ر1 مليار مليون دينار مقابل 342ر1 مليار دينار معاد تقديره في عام 2019، وقد شكل الدعم الحكومي في عام 2020 من هذه الإيرادات حوالي 28 مليون دينار فيما شكلت المنح الخارجية نحو 70 مليون دينار.
ثانياً: قدر إجمالي النفقات للوحدات الحكومية في عـام 2020 بنحو 5641 مليار دينار موزعــــــــــــــــــــاً بواقــــــــــــــع 068ر1 مليار دينار للنفقات الجارية و496 مليون دينار للنفقات الرأسمالية، وذلك مقارنة مع إجمالي نفقات بلغ 431ر1 مليار دينار معاد تقديره لعام 2019، وبذلك يبلغ الارتفاع المسجل في إجمالي النفقات لعـــــــــام 2020 حوالي 133 ملــــــيون دينار أو مـا نسبته 3ر9 بالمئة عن مستواه المعاد تقديره في عام 2019. وقد جاء هذا الارتفاع نتيجة لزيادة النفقات الجارية بمقدار 78 مليون دينار أو ما نسبته 8 بالمئة وارتفاع النفقات الرأسمالية بمقـــــــدار 55 مليون دينار أو ما نسبته 5ر12 بالمئة.
وترتيباً على ما تقدم، قدر صافي العجز قبل التمويل لجميع الوحدات الحكومية في عام 2020 بحوالي 262 مليون دينار مقابل 89 مليون دينار معاد تقديره في عام 2019. وإذا ما تم استبعاد عجز كل من سلطة المياه وشركة الكهرباء الوطنية المقدر بنحو 376 مليون دينار فإن صافي العجز يتحول إلى وفر مقداره 114 مليون دينار.
سعادة الرئيس،
حضرات النواب المحترميـن،
لقد ارتأت الحكومة بعد انتهاء المراجعة الثانية من برنامج الإصلاح الاقتصادي والمالي الموقع مع صندوق النقد الدولي تمديد هذا البرنامج حتى شهر اذار من عام 2020 وقد بدأنا بمباحثات مع الصندوق للتوصل إلى برنامج جديد يهدف الى دعم جهود الأردن لتحقيق زيادة في معدلات النمو من خلال معالجة الاختلالات الهيكلية في بعض القطاعات الاقتصادية بهدف رفع نسب النمو وخلق الوظائف، والحصول على المنح والقروض الميسرة بهدف تخفيض خدمة الدين العام، وتمكين الحكومة من زيادة تنافسية الاقتصاد الوطني.
ولمواجهة التحديات الاقتصادية التي تواجه الأردن وإعادة التوازن للمالية العامة وإزالة الاختلالات فيها، ولتحقيق كفاءة أكبر في إنفاق المال العام ووقف الهدر، ولضبط عجز الموازنة والمديونية، فسوف تعمل الحكومة على الاعداد لبرنامج وطني للإصلاح المالي والاقتصادي.
ولأن المحاور الثلاثة وهي دولة القانون، ودولة الانتاج، ودولة التكافل مرتبطة بعضها ببعض، فإن الإطار الوطني سيتقاطع حتماً مع أولويات دولة التكافل ودولة القانون ولكن هذا التقاطع سيكون مكملاً الواحد للآخر وليس متعارضاً معه. إذ أن تحسين الواقع الاقتصادي وزيادة كفاءة الانفاق سينعكس بالضرورة على نوعية الخدمات المقدمة للمواطنين التي يوليها المواطنون أهمية كبرى.
كما يرتبط الإطار الوطني للإصلاح المالي والاقتصادي بمحور دولة القانون من خلال ضمان الالتزام بسيادة القانون، ومنع التجاوزات التي تتم كحالات التهرب الضريبي، بالإضافة الى تكريس العدالة ومبدأ تساوي الفرص وحماية الاستثمار وغيرها.
وأؤكد في هذا الخصوص على ان البرنامج الوطني سيكون برنامجاً أردنياً خالصاً يتم تصميمُه بأيدٍ اردنيةٍ بحتة، ونتاجاً لحوارٍ وتوافقٍ داخلي ونابعٍ من ثقةٍ تامةٍ بقدرتنا على تحديد أولوياتنا الوطنية للمرحلة القادمة.
وأؤكد هنا على ان العلاقةَ مع صندوق النقد الدولي علاقة استشارية تشاركية تهدف للوصول الى تفاهمات تضمن تسريع وتيرة النمو الاقتصادي، وقد وجدنا تفاعلاً ايجابياً من الصندوق مع البرنامج الوطني. وسنكون واضحين، على انه لا رفع للضرائب، ولا بديل عن تحسين الواقع المعيشي للمواطن وتوجيه نسب البطالة نحو الانخفاض في ظل الحفاظ على قدسية الاستقرار المالي.
سعادة الرئيس،
حضرات النواب المحترمين،
إن الاردنَّ لا يعيش بمعزل عن العالم، وقد مرّ عبرَ تاريخهِ بظروفٍ عصيبةٍ وخرج منها وقد اشتدَّ عودهُ ولم يضعُفْ او يستسلمْ، وبقي الأردن ثابتاً في مواقفه إزاء ما يحصل حوله، وبقي الاردنيون متحدون دفاعاً عن هذه المواقف. وحيث أن هذه الوحدة هي مصدر فخر لنا جميعا، يجب أن تتسم جهودنا الوطنية بما فيها هذه الموازنة بذات الوحدة والشمول بحيث تتعدى البيانات المالية إلى ان تكون خطة سياسية واقتصادية واجتماعية لجميع أطياف المجتمع.
نحن نعي تماما بأن موازنةَ عامٍ واحدٍ قد لا تكفي للحد من آثار جميع التحديات الاقتصادية التي عصفت بالأردن خلال العقد الماضي، والتي ادت لتخفيض الإنفاق واتخاذ اجراءات مالية صعبة ورفع العبء الضريبي والمعيشي على المواطنين.
ولكن، وكما قال جلالة الملك عبدالله الثاني "باتت الإصلاحات الأصعب خلفنا والمستقبل الواعد امامنا"، فإنه يتحتم علينا جميعا اتخاذ خطوات في الاتجاه الصحيح، تضمن لأبنائنا وبناتنا استثمارا أفضل في تعليمهم، ولإخواننا موردي الخدمات الحكومية باستلام المتأخرات التي ينتظرونها بفارغ الصبر لدفع رواتب عمالهم ورفع استثماراتهم، ولأخواتنا من الأمهات سهولةَ الوصول للعملِ من خلال توفير حضاناتٍ لأطفالهن ووسائل نقل عامة.
إننا لا ننظر الى الموازنة كأرقامٍ مجردة، بل بعينِ الاملِ ومستقبلٍ واعدٍ للأردنيين الباحثين عن عمل، ونسعى لأن تكون هذه الموازنة اللبنةَ الاولى لاستعادةِ الثقة بين الحكومة والمواطن، وتوطيدِ التعاون المثمر والبناء بين السلطتين التشريعية والتنفيذية مبتغين بذلك رفعة الوطن وخدمة المواطن.
إن الحكومةَ إذ تضع امام مجلسكم الكريم مشروعي قانون الموازنة العامة وقانون موازنات الوحدات الحكومية لعام 2020 والتي هي إحدى الخطوات بالاتجاه الصحيح لكونها واقعية وحقيقية تلبي احتياجاتنا الوطنية لدفع عجلة النمو الشامل والمستدام المؤدي لخلق الوظائف، فإننا لعلى ثقةٍ كبيرةٍ بأن التعاونَ والتكاملَ مع مجلسكم الكريم سيمكننا من تحقيق تطلعاتنا وطموحاتنا والسير في تحقيق ما نصبو اليه من حياة كريمة للمواطن الاردني في ظل قيادة حضرة صاحب الجلالة الهاشمية الملك عبد الله الثاني ابن الحسين المعظم حفظه الله ورعاه.
وبين العسعس، انه في حال تم استثناء الزيادة في المخصصات المرصودة لزيادة رواتب العاملين والمتقاعدين في الجهازين المدني والعسكري، فإن النفقات الجارية سترتفع فقط بما نسبته 2 بالمئة عن عام 2019، الامر الذي يؤكد على نهج الحكومة في ضبط النفقات الجارية وترشيدها بما يحقق الاستخدام الامثل للموارد المالية المتاحة.
وفيما يلي نص خطاب الموازنة:يشرفني أن أتقدم لمجلسكم الكريم باسم الحكومة بمشروعي قانون الموازنة العامة وقانون موازنات الوحدات الحكومية للسنة المالية 2020 اللّذَين جاءا ليتضمّنا التوجهات الحكومية المستقبلية والرُّؤى المستشرِفة للاقتصاد الوطني وفق التوجيهات الملكية السامية والتي حرص صاحب المقام السامي على توجيهها للحكومة تكريساً لخدمة ابناء الوطن الغالي. وأودُّ أن أستهلَّ خطابي هذا باستذكارِ كلماتِ جلالة الملك عبدالله الثاني في خطاب العرش السامي بافتتاح الدورة الرابعة لمجلس الأمة الثامن عشر حين قال "هي دورةٌ عاديةٌ في ظروفٍ استثنائية"، فها نحن نضعُ بين أيديكم اليوم موازنةً سنويةً مدركين تماما للظروف التي يمر بها وطننا العزيز.
ولا أجد منبراً خيراً من هذا المنبر، وامام هذا الجمع الكريم من ممثلي أبناء الوطن العزيز بكافة أطيافه وفئاته، لكي اقول لكم بأننا لسنا مصغين فحسب بل معايشين للتحديات التي يعاني منها أفراد أسرتنا الأردنية الواحدة، وقد دأبنا على إعداد هذه الموازنة بما يعكس ولو الجزء اليسير من آمالنا وتطلعاتنا لمستقبل أفضل بإذن الله.
سعادة الرئيس،حضرات النواب المحترمين،إن مشروع قانون الموازنة العامة الذي بين ايديكم هو مشروع وطني بامتياز، تتجلى فيه روح التعاون والتكامل والحوار الفعال بين السلطة التشريعية التي حرصت على أن تنقل مطالب أهلنا من كافة أنحاء الوطن، والقطاع الخاص الذي يعد الشريك الاستراتيجي في عملية التنمية، والسلطة التنفيذية التي عملت على ترجمة هذه المطالب لموازنة حقيقية وواقعية في ظل توجيهات جلالة الملك عبدالله الثاني ورؤاه في توفير ما يستحقه أبناؤنا من حياة كريمة فضلى. ولذلك، يجب علينا جميعا العمل باجتهاد وكفاءة لنتمكن من تحقيق تطلعات مواطنينا وتلبية احتياجاتهم وتحفيز طاقاتهم، من خلال بناء واقع جديد يحفز النمو، ويخلق الفرص لكل مواطن أردني طامح. سعادة الرئيسحضرات النواب المحترميـن،لم يتسن لأبنائنا وبناتنا على مدار عشرة أعوام خلت أن ينعموا بما كنا نطمح إليه من انعكاسٍ للنمو على مستوى معيشتهم دون التأثر بالظروف المحيطة بنا في المنطقة العربية والعالم. لكن، وعلى الرغم من تتابع الصدمات والتباطؤ الحاد الذي يشهده الاقتصاد العالمي، إلا أن اقتصادنا الوطني، والحمد لله، أثبت منعته وقدرته على تقديم مثال يحتذى به في احتواء الأزمات، وقد انعكس ذلك سلبا على مواردنا المالية وحملنا أعباء إضافية تقدر بتراكم نحو 12 مليار دينار كدينٍ عام إضافي خلال العقد الماضي.
وإننا وسط هذا الجو الاقليمي المضطرب نقف وقفة تفاؤل وترقب ورهان. فالتفاؤل هو دوماً عنوان مسيرة الأردن رغم التحديات الصعبة، والترقب لأن اقتصادنا بطبيعته منفتح على العالم يتأثر بما يدور حوله من متغيرات تلقي بظلالها على اقتصادنا الوطني، وأما الرّهان فهو على أبناء وبنات هذا الوطن الأشم الذين لا تنضب طاقاتهم، وإمكانياتهم واعدة، ولا يعرف إبداعهم الحدود.
سعادة الرئيسحضرات النواب المحترميـننحن نعي تماما بأن هذه الإصلاحات المنشودة وغيرها من الخطط والبرامج سوف تُؤتي أكلها على المدى المتوسط والطويل، ونعلم يقيناً بأن التحدي الأكبر هو ما سيلمسه أبناؤنا في المدى القصير. لقد أثبتنا كأردنيين صبرنا وتحملنا للظروف الاقتصادية الصعبة، وتعاملنا معها كجسد واحد اشتكت أطرافه من شبابنا المتعطلين عن العمل وأهلنا المثقلين بالهموم المعيشية فتداعت لهم أسرتنا الأردنية الواحدة.
لذلك، فإنه لا سبيل لنا للتعافي إلا من خلال موازنةٍ تستهدفُ الاستقرار المالي من خلال تحقيق النمو إن شاء الله. وكخطوة اولى لبناء الثقة في هذه الموازنة، وتبديد المخاوف المبررة، علينا أن نوضح بشفافية الوضع الراهن بإيجابياته وسلبياته حتى ننتقل منه إلى مرتكزات إعداد موازنة العام القادم:لقد نما الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة خلال النصف الأول من عام 2019 بما نسبته 9ر1 بالمئة ويقدر ان يبلغ نحو 2بالمئة لكامل عام 2019، وارتفع معدل التضخم مقاساً بالتغير النسبي في الرقم القياسي لأسعار المستهلك على نحو طفيف بلغ 3ر0 بالمئة خلال الشهور العشرة الاولى من عام 2019 مقارنة بارتفاع نسبته 5ر4 بالمئة لنفس الفترة من عام 2018، ويأتي ذلك في ضوء تلاشي أثر الاجراءات الحكومية المتخذة في بداية عام 2018 .
أما بالنسبة للتجارة الخارجية، فقد شهدت الصادرات نمواً يقدر بنحو 8ر7 بالمئة في الشهور التسعة الاولى من عام 2019 مقارنة بنفس الفترة من العام السابق، أما المستوردات فقد انخفضت بنسبة 3ر5 بالمئة، ويعزى هذا الانخفاض بشكل رئيسي لانخفاض أسعار النفط العالمية. وبالتالي، فقد انخفض عجز الميزان التجاري بنسبة 7ر13 بالمئة ليصل إلى 7ر5 مليار دينار في الشهور التسعة الاولى من عام 2019 .
وفي سياق مماثل، فقد انخفض عجز الحساب الجاري لميزان المدفوعات بما نسبته 33 بالمئة حيث بلغ نحو 7ر6 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي في النصف الأول من عام 2019 مقابل 4ر10 بالمئة في عام 2018. وتشير البيانات خلال الشهور العشرة الاولى من عام 2019 الى نمو الدخل السياحي بنسبة 4ر9 بالمئة ليصل الى 9ر4 مليار دولار، ونمو حوالات الاردنيين العاملين في الخارج بما نسبته 8ر0 بالمئة لتصل الى 1ر3 مليار دولار، وارتفاع الاحتياطيات من العملات الأجنبية لتصل إلى 1ر14 مليار دولار لتغطي بذلك مستوردات المملكة من السلع والخدمات لأكثرَ من سبعةِ شهور.
ولكن، وفي الوقت الذي تدعو فيه هذه المؤشرات للتفاؤل، فإنه لا يمكننا أن نتغاضى عن معدلات البطالة التي وصلت إلى 1ر19 بالمئة في الشهور التسعة الاولى من عام 2019 والتي أصبحت مصدرَ قلقٍ لكلِ بيتٍ اردنيٍّ وباتت مشكلةً تؤرقنا جميعاً، الامر الذي يؤكد على أهمية العمل على اتخاذ الاجراءات اللازمة للحد منها كي لا تهدد أمن مجتمعنا واستقراره. وفي هذا المجال، أود أن أؤكد على ضرورة العمل على تمكينِ الشباب وتعزيزِ قدراتهم، واستغلالِ طاقاتِهم وأفكارِهم الريادية والابداعية، وتزويدِهم بالمهارات والخبرات اللازمة لتلبية متطلبات سوق العمل.
كما أشير هنا الى أنه لم يعد من المقبول استمرار تدني نسبة مشاركة المرأة في العمل على الرّغمِ من أن نسب الالتحاق بالتعليم العالي للمرأة الأردنية يعد من أعلى النسب في المنطقة، فضلاً عن الطاقات الكبيرة والابداعية التي تتمتع بها المرأة الأردنية، مؤكداً هنا على أن مشاركة المرأة في العمل يعتبر متطلباً هاماً وأساسياً في عملية التنمية الشاملة، الامر الذي يتطلب منا العمل على توفيرِ بيئةِ عمل مواتيةٍ للمرأة وتوفيرِ التسهيلات اللازمة ومعالجة المعيقات التي تقف عائقاً أمام قيامها بدورها التنموي المنشود. وعلى صعيد المالية العامة، وعلى الرغم من بلوغ الايرادات المحلية 8ر7 مليار دينار في عام 2019، إلا أنها كانت دون مستوى التقديرات، ويعزى ذلك بشكل رئيسي إلى التهرب الضريبي والجمركي، وتباطؤ النمو الاقتصادي.
وفي المقابل، فقد ارتفعت النفقات العامة بنسبة 5ر5 بالمئة في عام 2019، وذلك في ضوء ارتفاع النفقات الجارية بنسبة 6ر4 بالمئة، وارتفاع النفقات الرأسمالية بنسبة 13بالمئة فقط، وهو دون الطموح، الأمر الذي انعكس سلبا في عدم اكتمال بعض المشاريع لهذا العام. وكمحصلة لذلك، بلغ عجز الموازنة العامة بعد المنح لعام 2019 ما نسبته 9ر3 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي مقابل 4ر2 بالمئة في العام 2018، ومن المتوقع أن يبلغ الدين العام في نهاية عام 2019 نحو 1ر30 مليار دينار أي ما نسبته 97 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي مقابل 4ر94 بالمئة في نهاية عام 2018.
سعادة الرئيس،
حضرات النواب المحترميـن،كما استعرضنا أبرز ملامح الاوضاع الاقتصادية والمالية في العام الحالي بشفافية، فإن من الضروري أن نستعرض تفاصيل موازنة عام 2020 بشفافية تامة حتى يتمكن الجميع من متابعة سير تنفيذها، فنحن مساءلون عنها امام الله ثم امام الجميع من أبناء وطننا الغالي. وبهذا الخصوص، يجب أن أبدأ بالإجابة عن أبرز سؤال حول موازنة عام 2020 وهو: ما المختلف في هذه الموازنة عن سابقاتها؟ وهذا ما سأجيب عنه بعرض أبرز الأهداف المرجو تحقيقها في عام 2020 والمخصصات المرصودة لتحقيق هذه الأهداف.
ان الحكومة تؤكد على سعيها ليكون مشروع موازنة عام 2020 المنطلق للمرحلةِ القادمةِ، ومستنداً إلى المحاور الثلاثة التي وجهنا إليها جلالة الملك في خطاب العرش وهي دولة القانون، ودولة الانتاج، ودولة التكافل والتي تسعى لبناء دولة الإنسان، مؤكدا على ان العمل استناداً الى هذه المحاور الثلاث يتطلب منا تعديل النهج الاقتصادي بما يفضي إلى الحد من الفقر والبطالة وضعف الاستثمار وارتفاع حجم المديونية، وتحسين الخدمات العامة في مختلف المجالات وفي مقدمتها خدمات الصحة والتعليم والنقل.
ولقد بنيت موازنة عام 2020 على تقديرات لنمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 2ر2 بالمئة ونمو الناتج المحلي الإجمالي الاسمي بنحو 4بالمئة. ولكن هذه التقديرات لا تكفي كأرقام مجردة، فالنمو يجب أن يؤدي إلى تنمية شاملة وحقيقية يلمسها كل فرد من أبناء الوطن. لذلك، فقد حرصنا على أن تكون هذه الموازنة خطاباً مباشراً لأبنائنا، ممثلين بمجلسكم الكريم، تصغي لمطالبهم وتستجيب لها بطريقة مؤسسية. ومن هذا المنطلق، فإن المرتكز الأساسي لهذه الموازنة هو الاستثمار في مواردنا البشرية لتمكينها وتعزيز قدرتها على المضي قدما في بناء هذا الوطن.
وقد أتى هذا الاستثمارُ على عدةِ اوجهٍ تظهرُ مخصصاتها في بنود النفقات العامة؛ وعلى النحو التالي:أولاً، لقد كان من أهم اولوياتنا في هذه الموازنة أن نعكس ما تحاورنا به مع مجلسكم الكريم من مطالب أمهاتنا وأبائنا من المتقاعدين العسكريين والمدنيين الذين كان لهم الفضل في بناء هذا الوطن وإخواننا وأخواتنا العاملين في الجهازين العسكري والمدني الذين تحمّلوا عبء سنينَ طِوال من الجَهد وقلةِ ذاتِ اليد، ولم يزالوا يخدمون وطنهم الأبي بكل ما أُوتو من وقتٍ وجُهد، لذلك فقد جاءت هذه الموازنة بزيادة على رواتب العاملين والمتقاعدين في الجهازين العسكري والمدني للمرة الاولى منذ سنوات، وذلك إضافةً إلى المبالغ التي تم رصدها للزيادات على رواتب إخواننا المعلمين والمتقاعدين العسكريين قبل عام 2010. وأجد لزاماً هنا أن أشير الى انه تم زيادة المخصصات المالية الضرورية لقواتنا المسلحة وأجهزتنا الأمنية، دِرعُ الوطنِ وحافظةُ أمنهِ وتُرسه المنيع، لضمان الاستقرار الأمنيِّ الذي يشكل الركيزة الأساسية للاستقرار الاقتصادي والمالي.
ثانياً، كان لزاماً علينا تعزيز وتوسيع شبكة الحماية الاجتماعية وتحسين الإجراءات المتبعة لإيصال الدعم للمستفيدين من خلال زيادة المخصصات المرصودة لصندوق المعونة الوطنية/ الدعم التكميلي، والحفاظ على دعم الخبز المقدم، وتوجيه بعض المخصصات لمشاريع اجتماعية مثل السكن الميسر، بالإضافة إلى معالجة بعض التشوهات في تقديم المعالجات الطبية والدعم النقدي وغيرها من الإعفاءات وذلك لضمان عدالة وشفافية وصول الدعم لمستحقيه.
وفي ضوء ما تقدم، قدرت النفقات الجارية لعام 2020 بنحو 383ر8 مليار دينار مسجلة ارتفاعا بنحو 414 مليون دينار أو ما نسبته 2ر5 بالمئة عن مستواها المعاد تقديره لعام 2019. ويشكل حجم رواتب الجهازين المدني والعسكري ورواتب المتقاعدين المدنيين والعسكريين في عام 2020 ما نسبته 65بالمئة من النفقات الجارية وما نسبته 56بالمئة من اجمالي النفقات العامة. وفي حال تم استثناء الزيادة في المخصصات المرصودة لزيادة رواتب العاملين والمتقاعدين في الجهازين المدني والعسكري، فإن النفقات الجارية سترتفع فقط بما نسبته 2بالمئة عن عام 2019، الامر الذي يؤكد على نهج الحكومة في ضبط النفقات الجارية وترشيدها بما يحقق الاستخدام الامثل للموارد المالية المتاحة. ثالثًا، وقبل ان نتمكن من الحديث عن مخصصات جديدة لمشاريع جديدة، سيستوقفني الجميع للحديث عن دفع مستحقات المشاريع القائمة التي تقف عائقا أمام السيولة في السوق، لذلك فقد حرصت الحكومة على تأمين المخصصات المالية لسداد جانب كبير من الالتزامات المالية والمتأخرات لتوفير السيولة اللازمة للقطاع الخاص بما يفضي الى تحفيز النشاط الاقتصادي والحد من حدة التباطؤ الذي شهدته بعض القطاعات الاقتصادية. كما تم رصد المخصصات اللازمة لإنهاء المشاريع القائمة ذات الأولوية لدى جميع أبناء الوطن وعلى رأسها "الطريق الصحراوي" الذي لا يزال يؤرقنا جميعا، فنحن لن نقبل بعد الآن بأن يستمر خوف المواطن على حياته، لا قدر الله، بسبب التأخير في إنجاز هذا المشروع الوطني.
رابعاً، لنتمكن من تحقيق النمو المنشود، كان نتاج حواراتنا مع مجلسكم الكريم وممثلي القطاع الخاص بأنه لا بد لنا من الاستثمار في كمية ونوعية الخدمات العامة المقدمة لجميع أبناء شعبنا في قطاعات حيوية تصل لكافة المجتمعات المحلية والمحافظات مثل التعليم والصحة والسياحة مما سيعود بالنفع على الاقتصاد ككل. لذلك فقد تضمنت موازنة 2020 رصد مبلغ 425ر1 مليار دينار للمشاريع الرأسمالية وبزيادة غير مسبوقة وبنسبة 33بالمئة مقارنة بالعام الحالي، لترتفع حصتها من النفقات العامة الى نحو 15بالمئة مقابل 12بالمئة في عام 2019.
ولإيماننا بأهمية أن يوجه الإنفاق الرأسمالي لمشاريع ذات قيمة عالية ضمن أطر تشريعية سليمة، ولضمان فاعلية التنفيذ والتوظيف للنفقات الرأسمالية التي تم تضمينها مبلغ 108 ملايين دينار ضمن بند تم استحداثه لأول مرة لمشاريع الشراكة بين القطاع العام والخاص، فقد استبقنا هذا البند، بتقديم مشروع قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص لمجلسكم الكريم لمناقشته متضمناً تعديلات جوهريّة على القانون الحالي، وذلك لتحفيز وتمكين القطاع الخاص من المشاركة بقوة في تنفيذ المشاريع الرأسماليّة وليكون مساهماً بفعالية في عملية التنمية إلى جانب الحكومة، آملين إقراره بما يناسب المصلحة الوطنية. خامساً، لقد قمنا بدمج دائرة الشراء الموحد ودائرة اللوازم العامة، وتوحيد انظمة المشتريات البالغ عددها 56 نظام الى نظام واحد فقط، وذلك تطبيقا لنظام المشتريات الحكومية الذي تم إقراره مؤخراً بهدف رفع كفاءة وشفافية الإنفاق الحكومي، كما ستتخذ الحكومة إجراءات إضافية أعلنت عنها مسبقا متعلقة بتعزيز الاصلاح الإداري من خلال ضم وإلغاء عدد من الهيئات والمؤسسات الحكومية، وإعادة هيكلة عدد من الوحدات الحكومية الأخرى.
سعادة الرئيسحضرات النواب المحترميـنولضمان تنفيذ أبواب الإنفاق التي تم طرحها سابقا، ومن مبدأ تعزيز الاعتماد على الذات، لا بد لنا من تحقيق إيرادات تناسب مستوى الإنفاق المرصود.
وقبل أن أخوض في تفاصيل تقديرات الإيرادات، لا بد لنا من أن نعترف بأن جميع أفراد شعبنا الأردني الأبي قد ضاقوا ذرعاً بالعبء الضريبي الذي شهد تصاعداً مضطرداً خلال السنوات السابقة. لذلك أود أن أؤكد على انه لن يتم إحداث أي ضرائب جديدة او أي زيادة على الضرائب الحالية في عام 2020 وسيتم التركيز على مكافحة التهرب الضريبي وتحسين الادارة الضريبية لتحسين مستوى الايرادات المحلية. ولتطبيق هذا النهج الذي نؤمن به كمصدر رئيس لزيادة الايرادات اضافة الى النمو، لا بد لنا من ضمان عدالة الإيرادات الضريبية المتحققة عن طريق مكافحة التهرب الضريبي والجمركي. إن التقاعس في الحد من التهرب الضريبي والجمركي لا يقلل من الإيرادات المحلية وبالتالي القدرة على الاستثمار الحكومي فحسب، بل يعد جريمة بحق الوطن، وبحق الأفراد والشركات الملتزمة ضريبياً والتي من حقها علينا كسلطة تشريعية وتنفيذية أن نقوم باتخاذ كافة الإجراءات واستخدام كافة الوسائل القانونية المتاحة لضمان مبدأ سيادة وعدالة القانون على الجميع.
وبهذا الصدد، قامت الحكومة بإطلاق نظام الفوترة، وتسعى لتطبيق أنظمة أخرى مثل الدفع الإلكتروني وتسهيل وتبسيط الإجراءات الجمركية والضريبية لتقليل كلفة الامتثال الضريبي وبالتالي تشجيعه، كما ستقوم الحكومة بتعزيز تطبيق العقوبات التي ينص عليها القانون في محاربة التهرب الضريبي والجمركي، وسنقوم بذلك بكل ما أوتينا من عزمٍ وتصميم، لأن مكافحة التهرب يعتبرُ واجباً وطنياً والتزاما اخلاقياً.
وحول تقديرات الايرادات العامة لعام 2020، يتوقع أن تبلغ نحو 561ر8 مليار دينار مقــارنة مــع 825ر7 مليار معاد تقديرها لعام 2019 بزيادة مقدارها 736 مليون دينـــــــار أو ما نسبته 4ر9 بالمئة.
حيث قدرت الإيرادات المحلية بحوالي 7547 مليار دينار مسجلة نمواً عن مستواها لعام 2019 بنحو733 مليون دينار أو ما نسبته 4ر10 بالمئة. وقد جاء هذا النمو كمحصلة لنمو الإيرادات الضريبية بنحو 853 مليون دينار او ما نسبته 8ر17 بالمئة وتراجع الإيرادات غير الضريبية بنحو 120 مليون دينار او ما نسبته 4ر5 بالمئة في ضوء إعادة تصنيف الرسوم على المشتقات النفطية. وقد تضمن النمو في الايرادات المحلية لعام 2020 الاخذ بعين الاعتبار نسبة النمو الاقتصادي المتوقع بالأسعار الجارية خلال العام القادم والبالغة 4 بالمئة، اضافة الى الاثر المالي المترتب على اقرار قانون ضريبة الدخل الجديد وتحسين الادارة الضريبية، وتضمين الرسوم على المشتقات النفطية ضمن ضريبة المبيعات لعكس العبء الضريبي الحقيقي على المواطن.
وفيما يتعلق بالمنح الخارجية، فقد قدرت في موازنة 2020 عند نفس مستواها في عام 2019 حيث بلغت نحو 807 ملايين دينار. وفي الحقيقة، فإن المنح الخارجية ما هي إلاّ ثمرةً للجهودِ الكبيرةِ والمتواصلة التي يبذلها صاحب الجلالة الهاشمية الملك عبدالله الثاني في حِلِّهِ وتِرحاله وعلى كافة الأصعدة العربية والدولية في إبراز دور الاردن كدولةٍ آمنةٍ ومعتدلةٍ ومستقرةٍ تنبذُ العنفَ والتطرف، وسعي جلالته لوضع المجتمع الدولي بصورة التحديات التي تفرضها المستجدات الإقليمية على الاقتصاد الأردني.
لذلك فإنني انتهز هذه المناسبة لأتقدم بالشكر والعرفان للدول الشقيقة والصديقة والمؤسسات الدولية وفي مقدمتها دول مجلس التعـــــاون الخليجي والولايات المتحدة الاميركية والاتحاد الاوروبي على تفهمها لاحتياجات ومتطلبات الاردن ودعمها له، آملا من المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤولياته تجاه الأردن كمستضيف للاجئين وتوفير التمويل اللازم لخطة الاستجابة لتمكين الأردن من الاستمرار بدوره الإنساني. كما اتقدم بعظيم الامتنان والتقدير للأخوة الأشقاء في المملكة العربية السعودية ودولة الكويت ودولة الامارات العربية المتحدة على الدعم الكريم الذي قدمته للأردن والمنبثق عن تعهدات قمة مكة لتمكينه من مواجهة التحديات الاقتصادية والمالية التي يواجهها، بما يعكس متانة العلاقات الاخوية التي تربط الاردن بالدول الشقيقة.
كما اود في هذا الخصوص الاشارة الى الدور الايجابي والفعال لمؤتمر لندن ومخرجاته والتي عكست اهتمام المجتمع الدولي والدول والمؤسسات المانحة بدعم الاردن وتعزيز استقراره، وضمان استمراره في تحقيق النمو الاقتصادي واستقطاب الاستثمارات وايجاد فرص العمل. سعادة الرئيسحضرات النواب المحترميـن،ليس كافياً ان نسعى لتحقيق النمو، بل يجب علينا السعي لاستدامته لضمان خلق فرص العمل وتعزيز الثقة باقتصادنا الوطني. لذلك، وجب علينا الانتقال من العشوائية في منح إعفاءات ضريبية لقطاعات او استثمارات محددة دون غيرها والتي لا تحقق العدالة في توزيع العبء الضريبي، إلى نهج قائم على خلق بيئة محفزة للاستثمار والصادرات من خلال تقليل الكلف التشغيلية وتعزيز العوائد الاستثمارية، واتخاذ الاجراءات التي من شأنها تقليل كلفة الطاقة والعقار والعمالة والتمويل.
ولحل مشكلة عدم استقرار التشريعات الناظمة للأعمال والتي تحمّل الشركات مخاطر واعباء إضافية، ومن خلال مراجعة الحكومة لما يؤرق القطاع الخاص من عدم الاستقرار في التشريعات التي لها علاقة بالاستثمار، فقد قامت الحكومة بإصدار قرار يقضي بتثبيت الحوافز التي تم منحها للشركات بموجب حزم التحفيز التي اصدرتها الحكومة في الشهر الماضي لمدة 10 سنوات بما يصب في مصلحة هذه الشركات، الامر الذي يساهم في تحسين البيئة الاستثمارية وتذليل العقبات التي تحول دون تدفّق الاستثمار. ويحسنُ بنا الاشارة الى التقدم الكبير الذي حققهُ الاردن وفق تقييم البنك الدولي لسهولةِ ممارسةِ الأعمال، حيث كان ضمن افضل ثلاث دول في العالم حققت تحسناً في إصلاحات سهولة ممارسة الاعمال، مسجَّلاً أعلى قفزة في تاريخ المملكة منذ إطلاق التقرير، وليعكس التقدم في استقرار البيئة الاقتصادية وتشجيع الاستثمار وتحفيز الشركات وتعزيز حقوق الملكية.
وستعمل الحكومة على متابعة اجراءات ضبط وتنظيم سوق العمل ومعالجة الاختلالات والتشوهات في بعض جوانبه، والتوسع في الاعتماد على التقنيات ووسائل التكنولوجيا الحديثة في النظام التربوي وفقاً للاستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية بالإضافة إلى إصدار التشريعات التي سهلت مشاركة النساء في العمل مثل إجازات الأمومة والأبوة وتوفير الحضانات، وغيرها من التوجهات والاجراءات والتشريعات التي يعكسها مشروع قانون الموازنة لعام 2020.
سعادة الرئيسحضرات النواب المحترميـنكما أدت الظروف الاقتصادية إلى تراكم الدين العام على مدى عشر سنوات مضت، فإنه ليس من المنطقي أن نتوقع أن تحل مشكلة الدين العام بين ليلةٍ وضُحاها. إن فوائد الدين العام تشكل نسبة كبيرة من نفقاتنا الجارية والتي يشكل استمرار نموِّها بوتيرةٍ متسارعةٍ تهديداً حقيقياً لاستدامة المالية العامة. لقد بلغ اجمالي الدين العام للحكومة المركزية نحو 1ر30 مليار دينار او ما نسبته 97بالمئة من الناتج المحلي الاجمالي لعام 2019. وتجدر الاشارة الى أن المؤسسات الدولية ووكالات التصنيف الائتماني في تقييمها للاستقرار المالي والتصنيف الائتماني للأردن اعتمدت على اساس تعريف الحكومة العامة، حيث بلغت نسبة الدين العام للناتج المحلي الاجمالي نحو 2ر76 بالمئة كما أشار إليه تقرير وكالة ستاندرد اند بورز الأخير لعام 2019.
وعليه، فلا بديل عن اتخاذ إجراءات لتخفيض نسبة دين الحكومة المركزية إلى الناتج المحلي الإجمالي، وهو ما يمكن أن يتحقق إما بخفض الدين العام او زيادة الناتج المحلي الإجمالي. فعلى الرغم من كون الدين العام نتيجة تراكمات سابقة لأزمات متتالية، فإن الناتج المحلي الإجمالي هو ما يمكننا العمل على زيادته من خلال زيادة الصادرات والاستثمارات المحلية والخارجية. لذلك، ولأجل الحد من نمو خدمة الدين، يجب أن ينصب تركيزنا على ما يمكننا تحقيقه بأيدينا عبر النمو وتعزيز منعة الاقتصاد الوطني في ظل تباطؤ الاقتصاد العالمي.
ان موازنة عام 2020 التي بين ايديكم اليوم، وان كانت بالأرقام المطلقة أعلى من سابقاتها، الا انها تعتبرُ موازنةً واقعيةً لم تتضمن أي اجراءٍ تجميلي لإظهار العجز أقل من مستواه الحقيقي الذي تم اعتماده، والذي نسعى في السنوات اللاحقة لضبطه وتخفيضه كنسبة من الناتج المحلي الاجمالي. وقد توخت الحكومة الواقعية في تقدير الايرادات والنفقات وإظهار الوضع المالي للخزينة على حقيقته، وذلك من باب التحوط في التخطيط المالي حتى لا نضطر ان نلجأ لإجراءات عشوائية تضر بالاقتصاد الوطني حتى وإنْ ادت الى زيادة الايرادات. وقد بلغ العجز بعد المنح في موازنة عام 2019 حوالي 215ر1 مليار مليون دينار، وهذا العجز مماثلٌ تقريباً للعجز في موازنة عام 2020 والمقدر بنحو 347ر1 مليار دينار.
وقد نجحنا في موازنة 2020 بتقليل العجز الاولي، وهو المقياس الحقيقي المستخدم اقتصادياً لأنه يعكس قدرة الحكومة الحقيقية على السيطرة على العجز، ويمثل الفرق بين الإيرادات المحلية والنفقات – باستثناء الفوائد –، حيث تراجع من ما نسبته 1ر3 بالمئة في إعادة التقدير لعام 2019 إلى3ر2 بالمئة في عام 2020، بالرغم من ان موازنة عام 2020 عكست الزيادة في مخصصات الرواتب والمعونة الوطنية وزيادة النفقات الرأسمالية وعدم رفع الضرائب، وهذا يعكس الجهد الذي قامت به الحكومة لضبط الإنفاق العام وايقاف الهدر. وهذا مؤشر إيجابي على المنحى الذي تأخذنا به موازنة 2020 كخطوة أولى نحو التحسن في استدامة المالية العامة المتمثلة بتغطية الايرادات المحلية للنفقات العامة.
سعادة الرئيس
حضرات النواب المحترميـنأما فيما يتعلق بتقديرات مشروع قانون موازنات الوحدات الحكومية للسنة المالية 2020 فكانت على النحو التالي:اولاً: قدر إجمالي الإيرادات للوحدات الحكومية لعام 2020 بنحو 302ر1 مليار مليون دينار مقابل 342ر1 مليار دينار معاد تقديره في عام 2019، وقد شكل الدعم الحكومي في عام 2020 من هذه الإيرادات حوالي 28 مليون دينار فيما شكلت المنح الخارجية نحو 70 مليون دينار. ثانياً: قدر إجمالي النفقات للوحدات الحكومية في عـام 2020 بنحو 5641 مليار دينار موزعــــــــــــــــــــاً بواقــــــــــــــع 068ر1 مليار دينار للنفقات الجارية و496 مليون دينار للنفقات الرأسمالية، وذلك مقارنة مع إجمالي نفقات بلغ 431ر1 مليار دينار معاد تقديره لعام 2019، وبذلك يبلغ الارتفاع المسجل في إجمالي النفقات لعـــــــــام 2020 حوالي 133 ملــــــيون دينار أو مـا نسبته 3ر9 بالمئة عن مستواه المعاد تقديره في عام 2019. وقد جاء هذا الارتفاع نتيجة لزيادة النفقات الجارية بمقدار 78 مليون دينار أو ما نسبته 8 بالمئة وارتفاع النفقات الرأسمالية بمقـــــــدار 55 مليون دينار أو ما نسبته 5ر12 بالمئة.
وترتيباً على ما تقدم، قدر صافي العجز قبل التمويل لجميع الوحدات الحكومية في عام 2020 بحوالي 262 مليون دينار مقابل 89 مليون دينار معاد تقديره في عام 2019. وإذا ما تم استبعاد عجز كل من سلطة المياه وشركة الكهرباء الوطنية المقدر بنحو 376 مليون دينار فإن صافي العجز يتحول إلى وفر مقداره 114 مليون دينار.
سعادة الرئيس،حضرات النواب المحترميـن، لقد ارتأت الحكومة بعد انتهاء المراجعة الثانية من برنامج الإصلاح الاقتصادي والمالي الموقع مع صندوق النقد الدولي تمديد هذا البرنامج حتى شهر اذار من عام 2020 وقد بدأنا بمباحثات مع الصندوق للتوصل إلى برنامج جديد يهدف الى دعم جهود الأردن لتحقيق زيادة في معدلات النمو من خلال معالجة الاختلالات الهيكلية في بعض القطاعات الاقتصادية بهدف رفع نسب النمو وخلق الوظائف، والحصول على المنح والقروض الميسرة بهدف تخفيض خدمة الدين العام، وتمكين الحكومة من زيادة تنافسية الاقتصاد الوطني.
ولمواجهة التحديات الاقتصادية التي تواجه الأردن وإعادة التوازن للمالية العامة وإزالة الاختلالات فيها، ولتحقيق كفاءة أكبر في إنفاق المال العام ووقف الهدر، ولضبط عجز الموازنة والمديونية، فسوف تعمل الحكومة على الاعداد لبرنامج وطني للإصلاح المالي والاقتصادي.
ولأن المحاور الثلاثة وهي دولة القانون، ودولة الانتاج، ودولة التكافل مرتبطة بعضها ببعض، فإن الإطار الوطني سيتقاطع حتماً مع أولويات دولة التكافل ودولة القانون ولكن هذا التقاطع سيكون مكملاً الواحد للآخر وليس متعارضاً معه. إذ أن تحسين الواقع الاقتصادي وزيادة كفاءة الانفاق سينعكس بالضرورة على نوعية الخدمات المقدمة للمواطنين التي يوليها المواطنون أهمية كبرى.
كما يرتبط الإطار الوطني للإصلاح المالي والاقتصادي بمحور دولة القانون من خلال ضمان الالتزام بسيادة القانون، ومنع التجاوزات التي تتم كحالات التهرب الضريبي، بالإضافة الى تكريس العدالة ومبدأ تساوي الفرص وحماية الاستثمار وغيرها.
وأؤكد في هذا الخصوص على ان البرنامج الوطني سيكون برنامجاً أردنياً خالصاً يتم تصميمُه بأيدٍ اردنيةٍ بحتة، ونتاجاً لحوارٍ وتوافقٍ داخلي ونابعٍ من ثقةٍ تامةٍ بقدرتنا على تحديد أولوياتنا الوطنية للمرحلة القادمة. وأؤكد هنا على ان العلاقةَ مع صندوق النقد الدولي علاقة استشارية تشاركية تهدف للوصول الى تفاهمات تضمن تسريع وتيرة النمو الاقتصادي، وقد وجدنا تفاعلاً ايجابياً من الصندوق مع البرنامج الوطني. وسنكون واضحين، على انه لا رفع للضرائب، ولا بديل عن تحسين الواقع المعيشي للمواطن وتوجيه نسب البطالة نحو الانخفاض في ظل الحفاظ على قدسية الاستقرار المالي. سعادة الرئيس،حضرات النواب المحترمين،إن الاردنَّ لا يعيش بمعزل عن العالم، وقد مرّ عبرَ تاريخهِ بظروفٍ عصيبةٍ وخرج منها وقد اشتدَّ عودهُ ولم يضعُفْ او يستسلمْ، وبقي الأردن ثابتاً في مواقفه إزاء ما يحصل حوله، وبقي الاردنيون متحدون دفاعاً عن هذه المواقف. وحيث أن هذه الوحدة هي مصدر فخر لنا جميعا، يجب أن تتسم جهودنا الوطنية بما فيها هذه الموازنة بذات الوحدة والشمول بحيث تتعدى البيانات المالية إلى ان تكون خطة سياسية واقتصادية واجتماعية لجميع أطياف المجتمع.
نحن نعي تماما بأن موازنةَ عامٍ واحدٍ قد لا تكفي للحد من آثار جميع التحديات الاقتصادية التي عصفت بالأردن خلال العقد الماضي، والتي ادت لتخفيض الإنفاق واتخاذ اجراءات مالية صعبة ورفع العبء الضريبي والمعيشي على المواطنين.
ولكن، وكما قال جلالة الملك عبدالله الثاني "باتت الإصلاحات الأصعب خلفنا والمستقبل الواعد امامنا"، فإنه يتحتم علينا جميعا اتخاذ خطوات في الاتجاه الصحيح، تضمن لأبنائنا وبناتنا استثمارا أفضل في تعليمهم، ولإخواننا موردي الخدمات الحكومية باستلام المتأخرات التي ينتظرونها بفارغ الصبر لدفع رواتب عمالهم ورفع استثماراتهم، ولأخواتنا من الأمهات سهولةَ الوصول للعملِ من خلال توفير حضاناتٍ لأطفالهن ووسائل نقل عامة.
إننا لا ننظر الى الموازنة كأرقامٍ مجردة، بل بعينِ الاملِ ومستقبلٍ واعدٍ للأردنيين الباحثين عن عمل، ونسعى لأن تكون هذه الموازنة اللبنةَ الاولى لاستعادةِ الثقة بين الحكومة والمواطن، وتوطيدِ التعاون المثمر والبناء بين السلطتين التشريعية والتنفيذية مبتغين بذلك رفعة الوطن وخدمة المواطن. إن الحكومةَ إذ تضع امام مجلسكم الكريم مشروعي قانون الموازنة العامة وقانون موازنات الوحدات الحكومية لعام 2020 والتي هي إحدى الخطوات بالاتجاه الصحيح لكونها واقعية وحقيقية تلبي احتياجاتنا الوطنية لدفع عجلة النمو الشامل والمستدام المؤدي لخلق الوظائف، فإننا لعلى ثقةٍ كبيرةٍ بأن التعاونَ والتكاملَ مع مجلسكم الكريم سيمكننا من تحقيق تطلعاتنا وطموحاتنا والسير في تحقيق ما نصبو اليه من حياة كريمة للمواطن الاردني في ظل قيادة حضرة صاحب الجلالة الهاشمية الملك عبد الله الثاني ابن الحسين المعظم حفظه الله ورعاه
تعليقات القراء
لا يوجد تعليقات