د . فرح العمايرة (( المرأة الأردنية .. بين مطرقة محدودية الفرص وسندان تحديات الواقع ))
عمان جو - د.فرح العمايرة ...
ليس ببعيد عن حالة التقدم الذي حققته المرأة الأردنية في بعض المجالات السياسية والاقتصادية والريادية والثقافية والفكرية ،وسط زيادة كبيرة في نسبة تعليم الفتيات الأردنيات ، ووسط النقاش المتواصل عن ضرورة تمكين المرأة ومساندتها للارتقاء بالمجتمع كله، لا تزال هناك الكثير من العوائق والعقبات التي تحول بين المرأة ، وبين تحقيق ما تتطلع اليه من نجاح في مختلف المجالات... قد تكون هذه العوائق اقتصادية، بحيث لا تمتلك المرأة ما يكفي كي تتعلم أو تبدأ مشروعها الخاص أو تتدرب على المهنة التي تحلم بها، وقد تكون ثقافية بحيث يفرض عليها المجتمع نمطا من الحياة لا تريده، وقد تكون اجتماعية بحيث لا يمكنها النظام الاجتماعي من القيام بالدور الذي يتناسب مع قدراتها.. وببعض أحيان تفرض المرأة على نفسها قيودا ذاتية تمنعها من التقدم.
وبالتحديد ،وبالانطلاق نحو تفاصيل المعيقات التي تقف حائطاً صلباً امام طموح بعض نساء الأردن وتحديداً في مجال العمل، فقد أكد مشروع بعنوان "تمكین الشابات في القوى العاملة" الذي قام به المركز الوطني للثقافة والفنون في مؤسسة الملك الحسين لعام (2014) ،على وجود جملة معيقات من ضمنها ،أن ھناك نقص عام في فرص العمل، إلى جانب وجود التحیز بین الجنسین في التوظیف الذي یضع الشباب والنساء المتعلمات في وضع غیر متساو. التقالید الاجتماعیة التي تمنع المرأة من العمل في أماكن بعیدة عن مكان الإقامة، مما یقلل من فرص العمل. المعاییر الاجتماعیة التي تحدد الأعمال المناسبة للمرأة؛ المرأة لدیھا عدد أقل من قطاعات العمل للالتحاق بھا، ببنما نجد أن التوجه العام ھو لقطاع التعليم المكتظ تلقائيا. عدم وجود تكافؤ في فرص العمل بین الجنسين ، لم یكن لدیھم فرصة متساوية للمناصب العليا ، والترقيات والحصول على فرص التدريب. مشاركة المرأة في القوى العاملة تتأثر من عدم توفر الخدمات الاجتماعية المطلوبة من قبل النساء العاملات، وخاصة دور الحضانة . إن الفرص التعليمية للإناث لا تماثل تلك المتاحة للذكور . ندرة التدريب المتخصص الذي ینسجم مع الخبرة و المھارات التي تتطلبھا قطاعات العمل .. إمكانية الحمل والأمومة تترك أثرا سلبیا على توظیف المرأة. والأجور والعلاوات من النساء. یحظر على النساء العمل أثناء الليل، ویحظر علیھا بعض الوظائف. الإجھاد النفسي لبیئة العمل یمنعھا من قضاء وقت كاف مع أسرھم ، وصعوبة المشاركة في اتخاذ القرارات المھنیة في مكان العمل، ومواجھة التحرش عند استخدام وسائل النقل العام . الأدوار والمسؤوليات المجتمعية التقليدية مثل الحمل ورعاية الأسرة لا تزال تعوق قدرتهم على العثور على عمل أو الاستمرار في العمل.
وفي تقرير نشرته مؤخراً ،جمعية معهد تضامن النساء الأردني "تضامن" .. تحدث التقرير بوضوح أن الأرقام الواردة في تقرير الربع الأول من عام 2019 حول نسب البطالة خاصة المتعلقة بالإناث والصادر عن دائرة الإحصاءات العامة، قد أكدت على أن سوق العمل في الأردن لا يزال يمثل بيئة طاردة للنساء، ويدفع بالمزيد منهن للخروج منه فيصبحن غير نشيطات إقتصادياً، ومن ترغب منهن بالعمل تجد نفسها في دائرة البطالة لضعف أو إنعدام فرص العمل اللائق. وعادت مؤشرات البطالة بين الإناث للإرتفاع بعد إنخفاض مستمر دام لمدة سنتين، فمعدل البطالة بين الإناث خلال الربع الأول من عام 2017 بحدود 33%، ووصلت الى 25.7% خلال الربع الرابع من عام 2018، إلا أنها عادت الى الإتجاه التصاعدي حيث بلغت نسبة البطالة بين الإناث خلال الربع الأول من عام 2019 بحدود 28.9% (19% لكلا الجنسين و 16.4% للذكور). ومقابل ذلك فقد إنخفضت نسبة قوة العمل من النساء الأردنيات لتصل الى 15% خلال الربع الأول من عام 2019 مقابل 18.3% خلال الربع الأول من عام 2017 وشكلت تراجعاً بمقدار 3.3% خلال عامين.
ويبرز هنالك رابطاً بين إنخفاض نسبة البطالة بين الإناث وما بين إنخفاض نسبة قوة العمل بينهن (كان هنالك إنخفاض في البطالة وفي قوة العمل)، حيث أن إزدياد عدد النساء غير النشيطات إقتصادياً (النساء اللواتي لا يعملن ولا يبحثن عن عمل وغير قادرات على العمل وغير متاحات للعمل) إدى بشكل أو بآخر الى إنخفاض نسبة البطالة بين النساء النشيطات إقتصادياً (النساء اللواتي يعملن أو يبحثن عن عمل)، وهو رابط يعكس الخلل الكبير في السياسات الاقتصادية والتدابير والإجراءات ، والتي أدت الى عزوف النساء عن العمل أو البحث عن عمل مما سبب ويسبب في هدر وضياع لطاقات وقدرات النساء الإقتصادية ويؤثر سلباً على مستقبلهن ومستقبل مجتمعاتهن المحلية وعلى مستوى المملكة. إلا أن هذا الرابط وفي ظل المعطيات الحالية يشكل خطورة أكبر على مشاركة النساء الاقتصادية وعلى تحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030، فقد إرتفعت نسبة البطالة بينهن وإنخفضت كذلك نسبة قوة العمل. وأظهرت النتائج بأن البطالة بين الإناث من حملة شهادة البكالوريس فأعلى بلغت 78% (25.6% للذكور)، وكانت نسبة العاملات الإناث الأعلى في الفئة العمرية 20-39 عاماً حيث بلغت 64.6% (60.3% للذكور). يشار الى أن معدل البطالة بين النساء في الأردن بلغت أقصاها عام 1993 وبنسبة 36.7%، ووصلت الى أدناها عام 2004 حيث بلغت 16.5%.
وليس ببعيد ،عن كل تلك الأرقام والواردة بالتقارير اعلاه ،وبالرغم من جملة التحديات التي تواجه المرأة الأردنية ،فقد استطاعت المرأة تأكيد دورها كشريك متساوٍ مع الرجل في الحياة العملية وذلك بتقلدها مناصب قيادية، حيث برزت المرأة كعضو في مجلس الوزراء والبرلمان، والوظائف الحكومية العليا والقيادية، والسلك الدبلوماسي وسلك القضاء، والقوات المسلحة، والمجالس البلدية والنقابات العمالية والأحزاب... لتكون حالة من التحدي والثبات والنضال النسوي ،وتتبوأ مكانتها في كل المواقع ، بجدارة وتحد ومسؤولية .
وبالنهاية .. علينا تأكيد أن المرأة الأردنية لم تكن يومًا عورة كما يهيئ للبعض ولكنها كانت وما زالت مربية ومعلمة وطبيبة ومهندسة وصيدلانية ..وو.. ألخ ..لها ما للرجل وعليها ما عليه ،ونحن هنا نضع أيدينا على الجرح بحثًاً عن العلاج للمشاكل والأزمات التي تعصف بمستقبل المرأة الأردنية ..نريد حلولاً ،نبحث عن اجوبة ...تعيد للمرأة الأردنية دورها ،للمساهمة بنهضة الأردن ..وصنع مستقبل مزهر له ولابنائه ولاجيالنا القادمة .
صيدلانية ومحاضرة جامعية
Farah.amayreh262@gmail.com
ليس ببعيد عن حالة التقدم الذي حققته المرأة الأردنية في بعض المجالات السياسية والاقتصادية والريادية والثقافية والفكرية ،وسط زيادة كبيرة في نسبة تعليم الفتيات الأردنيات ، ووسط النقاش المتواصل عن ضرورة تمكين المرأة ومساندتها للارتقاء بالمجتمع كله، لا تزال هناك الكثير من العوائق والعقبات التي تحول بين المرأة ، وبين تحقيق ما تتطلع اليه من نجاح في مختلف المجالات... قد تكون هذه العوائق اقتصادية، بحيث لا تمتلك المرأة ما يكفي كي تتعلم أو تبدأ مشروعها الخاص أو تتدرب على المهنة التي تحلم بها، وقد تكون ثقافية بحيث يفرض عليها المجتمع نمطا من الحياة لا تريده، وقد تكون اجتماعية بحيث لا يمكنها النظام الاجتماعي من القيام بالدور الذي يتناسب مع قدراتها.. وببعض أحيان تفرض المرأة على نفسها قيودا ذاتية تمنعها من التقدم.
وبالتحديد ،وبالانطلاق نحو تفاصيل المعيقات التي تقف حائطاً صلباً امام طموح بعض نساء الأردن وتحديداً في مجال العمل، فقد أكد مشروع بعنوان "تمكین الشابات في القوى العاملة" الذي قام به المركز الوطني للثقافة والفنون في مؤسسة الملك الحسين لعام (2014) ،على وجود جملة معيقات من ضمنها ،أن ھناك نقص عام في فرص العمل، إلى جانب وجود التحیز بین الجنسین في التوظیف الذي یضع الشباب والنساء المتعلمات في وضع غیر متساو. التقالید الاجتماعیة التي تمنع المرأة من العمل في أماكن بعیدة عن مكان الإقامة، مما یقلل من فرص العمل. المعاییر الاجتماعیة التي تحدد الأعمال المناسبة للمرأة؛ المرأة لدیھا عدد أقل من قطاعات العمل للالتحاق بھا، ببنما نجد أن التوجه العام ھو لقطاع التعليم المكتظ تلقائيا. عدم وجود تكافؤ في فرص العمل بین الجنسين ، لم یكن لدیھم فرصة متساوية للمناصب العليا ، والترقيات والحصول على فرص التدريب. مشاركة المرأة في القوى العاملة تتأثر من عدم توفر الخدمات الاجتماعية المطلوبة من قبل النساء العاملات، وخاصة دور الحضانة . إن الفرص التعليمية للإناث لا تماثل تلك المتاحة للذكور . ندرة التدريب المتخصص الذي ینسجم مع الخبرة و المھارات التي تتطلبھا قطاعات العمل .. إمكانية الحمل والأمومة تترك أثرا سلبیا على توظیف المرأة. والأجور والعلاوات من النساء. یحظر على النساء العمل أثناء الليل، ویحظر علیھا بعض الوظائف. الإجھاد النفسي لبیئة العمل یمنعھا من قضاء وقت كاف مع أسرھم ، وصعوبة المشاركة في اتخاذ القرارات المھنیة في مكان العمل، ومواجھة التحرش عند استخدام وسائل النقل العام . الأدوار والمسؤوليات المجتمعية التقليدية مثل الحمل ورعاية الأسرة لا تزال تعوق قدرتهم على العثور على عمل أو الاستمرار في العمل.
وفي تقرير نشرته مؤخراً ،جمعية معهد تضامن النساء الأردني "تضامن" .. تحدث التقرير بوضوح أن الأرقام الواردة في تقرير الربع الأول من عام 2019 حول نسب البطالة خاصة المتعلقة بالإناث والصادر عن دائرة الإحصاءات العامة، قد أكدت على أن سوق العمل في الأردن لا يزال يمثل بيئة طاردة للنساء، ويدفع بالمزيد منهن للخروج منه فيصبحن غير نشيطات إقتصادياً، ومن ترغب منهن بالعمل تجد نفسها في دائرة البطالة لضعف أو إنعدام فرص العمل اللائق. وعادت مؤشرات البطالة بين الإناث للإرتفاع بعد إنخفاض مستمر دام لمدة سنتين، فمعدل البطالة بين الإناث خلال الربع الأول من عام 2017 بحدود 33%، ووصلت الى 25.7% خلال الربع الرابع من عام 2018، إلا أنها عادت الى الإتجاه التصاعدي حيث بلغت نسبة البطالة بين الإناث خلال الربع الأول من عام 2019 بحدود 28.9% (19% لكلا الجنسين و 16.4% للذكور). ومقابل ذلك فقد إنخفضت نسبة قوة العمل من النساء الأردنيات لتصل الى 15% خلال الربع الأول من عام 2019 مقابل 18.3% خلال الربع الأول من عام 2017 وشكلت تراجعاً بمقدار 3.3% خلال عامين.
ويبرز هنالك رابطاً بين إنخفاض نسبة البطالة بين الإناث وما بين إنخفاض نسبة قوة العمل بينهن (كان هنالك إنخفاض في البطالة وفي قوة العمل)، حيث أن إزدياد عدد النساء غير النشيطات إقتصادياً (النساء اللواتي لا يعملن ولا يبحثن عن عمل وغير قادرات على العمل وغير متاحات للعمل) إدى بشكل أو بآخر الى إنخفاض نسبة البطالة بين النساء النشيطات إقتصادياً (النساء اللواتي يعملن أو يبحثن عن عمل)، وهو رابط يعكس الخلل الكبير في السياسات الاقتصادية والتدابير والإجراءات ، والتي أدت الى عزوف النساء عن العمل أو البحث عن عمل مما سبب ويسبب في هدر وضياع لطاقات وقدرات النساء الإقتصادية ويؤثر سلباً على مستقبلهن ومستقبل مجتمعاتهن المحلية وعلى مستوى المملكة. إلا أن هذا الرابط وفي ظل المعطيات الحالية يشكل خطورة أكبر على مشاركة النساء الاقتصادية وعلى تحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030، فقد إرتفعت نسبة البطالة بينهن وإنخفضت كذلك نسبة قوة العمل. وأظهرت النتائج بأن البطالة بين الإناث من حملة شهادة البكالوريس فأعلى بلغت 78% (25.6% للذكور)، وكانت نسبة العاملات الإناث الأعلى في الفئة العمرية 20-39 عاماً حيث بلغت 64.6% (60.3% للذكور). يشار الى أن معدل البطالة بين النساء في الأردن بلغت أقصاها عام 1993 وبنسبة 36.7%، ووصلت الى أدناها عام 2004 حيث بلغت 16.5%.
وليس ببعيد ،عن كل تلك الأرقام والواردة بالتقارير اعلاه ،وبالرغم من جملة التحديات التي تواجه المرأة الأردنية ،فقد استطاعت المرأة تأكيد دورها كشريك متساوٍ مع الرجل في الحياة العملية وذلك بتقلدها مناصب قيادية، حيث برزت المرأة كعضو في مجلس الوزراء والبرلمان، والوظائف الحكومية العليا والقيادية، والسلك الدبلوماسي وسلك القضاء، والقوات المسلحة، والمجالس البلدية والنقابات العمالية والأحزاب... لتكون حالة من التحدي والثبات والنضال النسوي ،وتتبوأ مكانتها في كل المواقع ، بجدارة وتحد ومسؤولية .
وبالنهاية .. علينا تأكيد أن المرأة الأردنية لم تكن يومًا عورة كما يهيئ للبعض ولكنها كانت وما زالت مربية ومعلمة وطبيبة ومهندسة وصيدلانية ..وو.. ألخ ..لها ما للرجل وعليها ما عليه ،ونحن هنا نضع أيدينا على الجرح بحثًاً عن العلاج للمشاكل والأزمات التي تعصف بمستقبل المرأة الأردنية ..نريد حلولاً ،نبحث عن اجوبة ...تعيد للمرأة الأردنية دورها ،للمساهمة بنهضة الأردن ..وصنع مستقبل مزهر له ولابنائه ولاجيالنا القادمة .
صيدلانية ومحاضرة جامعية
Farah.amayreh262@gmail.com
تعليقات القراء
لا يوجد تعليقات