شهيد الكبرياء
عبدالهادي راجي المجالي اجبد
عمان جو.
... نكلت إسرائيل أمس بجثة شهيد من خان يونس , عبر جرافة قامت (بهرس) جسده , ومن ثم تفتيته , وسحق العظام ...لكن الفلسطيني الأبي النبيل , وفي كل المعارك التي خاضها مع جيش الإحتلال , ظل وفيا لدينه وثورته ومعتقده ...فهو لم ينكل بجسد جندي إسرائيل , ولم يقطع الأوصال أو يطحن العظام ...لم يمارس الحقد في المعركة , بل كان نبيلا وعظيما في قتاله .
لدي سؤال لسائق الجرافة الإسرائيلية ...هل تذكر جلعاد شاليط , الجندي الذي أسرته حماس قبل أعوام ؟ ...كان بإمكان أهلنا في غزة , أن يعلقوه على أكبر عامود ..كان بإمكانهم أن يقوموا بشنقه , أو أن يقطعوا رأسه , ولكنه باعترافه حين عاد عبر صفقة تبادل أسرى ..قال : أنه تلقى معاملة حسنة .
الشهيد حين يغادر الحياة , وتفارق الروح الجسد , لن يتألم إذا قطعت يده ..أو فصل رأسه عن الجسد الطاهر فقد مات وانتهى الأمر , لكن سائق الجرافة الإسرائيلي أراد أن يرسل رسالة إلى الأم التي حملته هونا على هون وأرضعته ...للشقيقة التي لعبت معه على أطراف خان يونس , وحمته من السقوط حين كان طفلا ...لأطفال الحي الذين تبادلوا رمي الكرات معه , للأستاذ الذي علمه القران والتجويد والنطق الصحيح ...سائق الجرافة , أراد أن يحرق قلوب هؤلاء جميعا ...وصدقوني أن قلبه هو الذي سيحترق وليست قلوبهم .
لقد هزم هذا الشهيد الحديد , هزم جرافتهم ..وهزم وجوههم وعرى ما في داخلهم ..فتلك المرة الأولى في الحياة , التي تشاهد فيها جيشا يخشى جثة ....وصدقوني أنها لم تكن جثة , بل كانت كومة من مسك الجنة وعنبرها ....وكان التراب الفلسطيني الطاهر يقاتل معه ويحميه , فكلما هم سائق الجرافة برفع الجثة , أحاطه التراب وبلله بالندى ...وكأن التراب في فلسطين هو الاخر يقاتل ...ظل سائق الجرافة يحاول حمل جثته , وفي النهاية ...حمله واقفا كما استشهد تماما ..فهو تلقى الطلقة في وضعية الوقوف ...وغادر خان يونس أيضا وهو واقف ...ينظر لمن خلفه ويعلمهم , أن الشهادة تقتضي منه ...أن يغادر , بكامل الكبرياء الذي يليق بالشهداء ...
هل أقول أن المشهد أوجعني , نعم أوجعني حد البكاء ...لكن ما يعزيني أن اليهودي في إسرائيل حتى وهو على قيد الحياة , يمضي يومه وهو في وضعية انبطاح إما خوفا من الصواريخ , أو القصف ..أو الحجارة التي تسقط على المعابر ..والفلسطيني يستشهد واقفا , وحتى حين تختطف جثته ..يودع خان يونس والرفاق وهو في وضعية الوقوف أيضا ..
abedhadi18@yahoo.com
الرأي
عمان جو.
... نكلت إسرائيل أمس بجثة شهيد من خان يونس , عبر جرافة قامت (بهرس) جسده , ومن ثم تفتيته , وسحق العظام ...لكن الفلسطيني الأبي النبيل , وفي كل المعارك التي خاضها مع جيش الإحتلال , ظل وفيا لدينه وثورته ومعتقده ...فهو لم ينكل بجسد جندي إسرائيل , ولم يقطع الأوصال أو يطحن العظام ...لم يمارس الحقد في المعركة , بل كان نبيلا وعظيما في قتاله .
لدي سؤال لسائق الجرافة الإسرائيلية ...هل تذكر جلعاد شاليط , الجندي الذي أسرته حماس قبل أعوام ؟ ...كان بإمكان أهلنا في غزة , أن يعلقوه على أكبر عامود ..كان بإمكانهم أن يقوموا بشنقه , أو أن يقطعوا رأسه , ولكنه باعترافه حين عاد عبر صفقة تبادل أسرى ..قال : أنه تلقى معاملة حسنة .
الشهيد حين يغادر الحياة , وتفارق الروح الجسد , لن يتألم إذا قطعت يده ..أو فصل رأسه عن الجسد الطاهر فقد مات وانتهى الأمر , لكن سائق الجرافة الإسرائيلي أراد أن يرسل رسالة إلى الأم التي حملته هونا على هون وأرضعته ...للشقيقة التي لعبت معه على أطراف خان يونس , وحمته من السقوط حين كان طفلا ...لأطفال الحي الذين تبادلوا رمي الكرات معه , للأستاذ الذي علمه القران والتجويد والنطق الصحيح ...سائق الجرافة , أراد أن يحرق قلوب هؤلاء جميعا ...وصدقوني أن قلبه هو الذي سيحترق وليست قلوبهم .
لقد هزم هذا الشهيد الحديد , هزم جرافتهم ..وهزم وجوههم وعرى ما في داخلهم ..فتلك المرة الأولى في الحياة , التي تشاهد فيها جيشا يخشى جثة ....وصدقوني أنها لم تكن جثة , بل كانت كومة من مسك الجنة وعنبرها ....وكان التراب الفلسطيني الطاهر يقاتل معه ويحميه , فكلما هم سائق الجرافة برفع الجثة , أحاطه التراب وبلله بالندى ...وكأن التراب في فلسطين هو الاخر يقاتل ...ظل سائق الجرافة يحاول حمل جثته , وفي النهاية ...حمله واقفا كما استشهد تماما ..فهو تلقى الطلقة في وضعية الوقوف ...وغادر خان يونس أيضا وهو واقف ...ينظر لمن خلفه ويعلمهم , أن الشهادة تقتضي منه ...أن يغادر , بكامل الكبرياء الذي يليق بالشهداء ...
هل أقول أن المشهد أوجعني , نعم أوجعني حد البكاء ...لكن ما يعزيني أن اليهودي في إسرائيل حتى وهو على قيد الحياة , يمضي يومه وهو في وضعية انبطاح إما خوفا من الصواريخ , أو القصف ..أو الحجارة التي تسقط على المعابر ..والفلسطيني يستشهد واقفا , وحتى حين تختطف جثته ..يودع خان يونس والرفاق وهو في وضعية الوقوف أيضا ..
abedhadi18@yahoo.com
الرأي
تعليقات القراء
لا يوجد تعليقات