بعد "لهجة حاسمة" لملك الأردن: توقيت «انتخابات» على مقاس «المغتربين» والهم الأكبر «نسبة الاقتراع»
عمان جو - بسام بدارين
أغلق العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني، الباب أمام التكهنات بخصوص الانتخابات البرلمانية في بلاده لسبب سياسي يمكن استنتاجه بين الأسطر على الأرجح.
الفكرة هنا التي شكلت انطباعاً سريعاً وفعالاً وسط النخب السياسية والصالونات والأوساط المهتمة بمجرد إعلان الملك عن الالتزام زمنياً بأجندة الاستحقاق الانتخابي.. أنه «لا ضمانة» بعد الآن إثر الحسم الملكي، لبقاء حكومة الرئيس الدكتور عمر الرزاز إلى مرحلة ما بعد الانتخابات المقبلة.
يقلص القرار الملكي العلني من فرصة التعديل الوزاري الأخير والخامس الذي طمح به الرزاز، لكنه لا يزال ورقة بين يديه لا تعني بأن حكومته باقية لفترة أطول. الأهم أن «البقاء بعد حل البرلمان» لم يعد ورقة بجيب الحكومة أو الرئيس الرزاز، الأمر الذي يعني ضمنياً الاسترسال في عدة سيناريوهات بعد نحو عشرة أسابيع على الأقل باقية من عمر البرلمان الحالي.
لغة الحسم في المسألة الانتخابية واضحة، فعلى هامش لقاء مع قادة السلطات الثلاثة، وبحضور رئيس هيئة الانتخابات، تحدث الملك عبد الله الثاني عن «استحقاق دستوري في الصيف المقبل». تلك جرعة التزام ملكية مباشرة تغلق الباب أمام تأويلات تأجيل الانتخابات وتحسم الجدل والنقاش. وقد سمعت «القدس العربي» من مسؤول بارز مقرب من المؤسسات المرجعية بأن القيادة لا ترى، رغم تزاحم الاجتهادات في مربع القرار، بأن الانتخابات ينبغي أن تؤجل لأي سبب.
البرلمان دون «سنة مجانية» وحكومة الرزاز «آيلة للرحيل»
على العكس تماماً، يتصور القرار اليوم أن إجراء الانتخابات العامة في ظل أزمة اقتصادية طاحنة وبعد صفقة القرن الأمريكية وفي ضوء وضع إقليمي مرتبك، هو «رسالة ثقة سياسية» بكل الأحوال.
بوضوح، برز الحسم الملكي في ملف الانتخابات الشائك بعد سلسلة «تضامنات استثمارية» خليجية مباغتة مع الأردن، بدأتها دولة قطر ثم لحقت بها السعودية، ولاحقاً الكويت، حيث سفراء خليجيون تحدثوا بإسهاب لوسائل إعلام محلية عن «تعزيز استثمارات بلادهم» قريباً في الأردن.
ذلك عملياً لا يحصل بالتزامن دون «ترتيب سياسي ما». ووفقاً للمألوف، لا يحصل من دون «فتح هامش» أمريكي تحديداً أمام تفكيك ولو جزئياً لعزلة المساعدات التي عانى منها الأردن في السنوات الأربع الماضية. بمعنى آخر، لا يتسابق سفراء خليجيون للتضامن الاستثماري مع الأردن إلا في سياق سياسي يحتمل أن له علاقة لاحقاً باستحقاقات صفقة القرن الأمريكية وتوابعها. لكن ذلك بحد ذاته لم يعد الأولوية بالنسبة للأوساط الرسمية الأردنية، فالحسم الملكي في الملف الداخلي الأكثر تعقيداً، وهو الانتخابات، أوضح من أي ادعاء بعدم رصده مرحلياً.
وهو حسم يبلغ النواب ضمنياً بأنهم لن يحصلوا على «سنة مجانية» عبر تمديد ولايتهم، وبأن عليهم الاستعداد لموسم الانتخابات المقبل في الصيف، وسط تسريبات حصلت عليها «القدس العربي» تفيد بأن الموعد المقترح الأولي لسقف الانتخابات قد لا يتجاوز منتصف شهر آب/أغسطس المقبل، ويشمل منتصف شهر تموز، بسبب الرغبة – ولأول مرة – في تمكين «المغتربين» من المشاركة في حفلة الاقتراع، ما يؤشر ضمنياً إلى حملة انتخابية بنكهة متباينة هذه المرة، فيها اتجاهات وانحيازات عبر أصوات المغتربين الأردنيين وتحديداً في دول الخليج.
هؤلاء كانت تجري الانتخابات دوماً في تواقيت لا تناسب إجازاتهم الصيفية وتحويلهم إلى «كتلة تصويتية» بأي نسبة مفيد جداً لمواجهة التحدي الأهم مرحلياً للدولة الأردنية، وهو «نسبة الاقتراع» حيث عطلة المغتربين وعيدان وشهر رمضان ضمن خلطة زمنية مرتبكة، ولا بد من القفز بينها بعناية ووعي، حيث تحتاج الهيئة المعنية بالإشراف على الانتخابات إلى 105 أيام بعد تحديد الموعد بقرار ملكي.
أصبح التوقيت في ضوء هذه المعطيات أوضح من أي وقت مضى، وتماماً كما توقعت «القدس العربي» في تقرير سابق لها مع أن قوى البرلمان الأساسية كانت متحالفة مع الرئيس الرزاز في منطقة مزدحمة ترغب في الضغط على القرار لتأجيل الانتخابات حتى يحصل النواب على سنة مجانية تشمل أيضاً حكومة الرزاز رغم عدم وجود «مسوغ دستوري» يجبر الحكومة على الرحيل بعد حل البرلمان بموعده.
العرف السياسي فقط يقضي برحيل الحكومة مع البرلمان. ويقضي بتشكيل حكومة جديدة تشرف على الانتخابات. وما يطمح إليه الرزاز الآن بعد الحسم الملكي هو حصرياً «تغيير قواعد العرف والتقاليد»، لأن الدستور لا يجبره على الانسحاب بالنص في حال انتهت ولاية السلطة التشريعية.
في ثنايا اللهجة الملكية التي باغتت الجميع بالخصوص، أمر الملك السلطات بالتعاون مع بعضها في ما تبقى من أجندة المرحلة اللاحقة، وتحدث بالنص عن إكمال الحكومة لتنفيذ «حزم التسهيلات الاقتصادية» التي تقررت مؤخراً.. ذلك بحد ذاته مؤشر على أن حكومة الرزاز تقترب من سيناريو المغادرة.
المفصل الآخر المهم في حديث الحسم الملكي، دعوته شرائح الشباب للمشاركة بحيوية وكثافة في الانتخابات المقبلة الصيف القادم، وتلك عملية توجيه للكادر الأمني والبيروقراطي لها علاقة بالهم الأول الذي برز من الآن، وهو «نسبة الاقتراع»، بعدما أصبحت حكومة الرزاز وفي الاحتمال الأبعد «آيلة للرحيل».
القدس العربي
عمان جو - بسام بدارين
أغلق العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني، الباب أمام التكهنات بخصوص الانتخابات البرلمانية في بلاده لسبب سياسي يمكن استنتاجه بين الأسطر على الأرجح.
الفكرة هنا التي شكلت انطباعاً سريعاً وفعالاً وسط النخب السياسية والصالونات والأوساط المهتمة بمجرد إعلان الملك عن الالتزام زمنياً بأجندة الاستحقاق الانتخابي.. أنه «لا ضمانة» بعد الآن إثر الحسم الملكي، لبقاء حكومة الرئيس الدكتور عمر الرزاز إلى مرحلة ما بعد الانتخابات المقبلة.
يقلص القرار الملكي العلني من فرصة التعديل الوزاري الأخير والخامس الذي طمح به الرزاز، لكنه لا يزال ورقة بين يديه لا تعني بأن حكومته باقية لفترة أطول. الأهم أن «البقاء بعد حل البرلمان» لم يعد ورقة بجيب الحكومة أو الرئيس الرزاز، الأمر الذي يعني ضمنياً الاسترسال في عدة سيناريوهات بعد نحو عشرة أسابيع على الأقل باقية من عمر البرلمان الحالي.
لغة الحسم في المسألة الانتخابية واضحة، فعلى هامش لقاء مع قادة السلطات الثلاثة، وبحضور رئيس هيئة الانتخابات، تحدث الملك عبد الله الثاني عن «استحقاق دستوري في الصيف المقبل». تلك جرعة التزام ملكية مباشرة تغلق الباب أمام تأويلات تأجيل الانتخابات وتحسم الجدل والنقاش. وقد سمعت «القدس العربي» من مسؤول بارز مقرب من المؤسسات المرجعية بأن القيادة لا ترى، رغم تزاحم الاجتهادات في مربع القرار، بأن الانتخابات ينبغي أن تؤجل لأي سبب.
البرلمان دون «سنة مجانية» وحكومة الرزاز «آيلة للرحيل»
على العكس تماماً، يتصور القرار اليوم أن إجراء الانتخابات العامة في ظل أزمة اقتصادية طاحنة وبعد صفقة القرن الأمريكية وفي ضوء وضع إقليمي مرتبك، هو «رسالة ثقة سياسية» بكل الأحوال.
بوضوح، برز الحسم الملكي في ملف الانتخابات الشائك بعد سلسلة «تضامنات استثمارية» خليجية مباغتة مع الأردن، بدأتها دولة قطر ثم لحقت بها السعودية، ولاحقاً الكويت، حيث سفراء خليجيون تحدثوا بإسهاب لوسائل إعلام محلية عن «تعزيز استثمارات بلادهم» قريباً في الأردن.
ذلك عملياً لا يحصل بالتزامن دون «ترتيب سياسي ما». ووفقاً للمألوف، لا يحصل من دون «فتح هامش» أمريكي تحديداً أمام تفكيك ولو جزئياً لعزلة المساعدات التي عانى منها الأردن في السنوات الأربع الماضية. بمعنى آخر، لا يتسابق سفراء خليجيون للتضامن الاستثماري مع الأردن إلا في سياق سياسي يحتمل أن له علاقة لاحقاً باستحقاقات صفقة القرن الأمريكية وتوابعها. لكن ذلك بحد ذاته لم يعد الأولوية بالنسبة للأوساط الرسمية الأردنية، فالحسم الملكي في الملف الداخلي الأكثر تعقيداً، وهو الانتخابات، أوضح من أي ادعاء بعدم رصده مرحلياً.
وهو حسم يبلغ النواب ضمنياً بأنهم لن يحصلوا على «سنة مجانية» عبر تمديد ولايتهم، وبأن عليهم الاستعداد لموسم الانتخابات المقبل في الصيف، وسط تسريبات حصلت عليها «القدس العربي» تفيد بأن الموعد المقترح الأولي لسقف الانتخابات قد لا يتجاوز منتصف شهر آب/أغسطس المقبل، ويشمل منتصف شهر تموز، بسبب الرغبة – ولأول مرة – في تمكين «المغتربين» من المشاركة في حفلة الاقتراع، ما يؤشر ضمنياً إلى حملة انتخابية بنكهة متباينة هذه المرة، فيها اتجاهات وانحيازات عبر أصوات المغتربين الأردنيين وتحديداً في دول الخليج.
هؤلاء كانت تجري الانتخابات دوماً في تواقيت لا تناسب إجازاتهم الصيفية وتحويلهم إلى «كتلة تصويتية» بأي نسبة مفيد جداً لمواجهة التحدي الأهم مرحلياً للدولة الأردنية، وهو «نسبة الاقتراع» حيث عطلة المغتربين وعيدان وشهر رمضان ضمن خلطة زمنية مرتبكة، ولا بد من القفز بينها بعناية ووعي، حيث تحتاج الهيئة المعنية بالإشراف على الانتخابات إلى 105 أيام بعد تحديد الموعد بقرار ملكي.
أصبح التوقيت في ضوء هذه المعطيات أوضح من أي وقت مضى، وتماماً كما توقعت «القدس العربي» في تقرير سابق لها مع أن قوى البرلمان الأساسية كانت متحالفة مع الرئيس الرزاز في منطقة مزدحمة ترغب في الضغط على القرار لتأجيل الانتخابات حتى يحصل النواب على سنة مجانية تشمل أيضاً حكومة الرزاز رغم عدم وجود «مسوغ دستوري» يجبر الحكومة على الرحيل بعد حل البرلمان بموعده.
العرف السياسي فقط يقضي برحيل الحكومة مع البرلمان. ويقضي بتشكيل حكومة جديدة تشرف على الانتخابات. وما يطمح إليه الرزاز الآن بعد الحسم الملكي هو حصرياً «تغيير قواعد العرف والتقاليد»، لأن الدستور لا يجبره على الانسحاب بالنص في حال انتهت ولاية السلطة التشريعية.
في ثنايا اللهجة الملكية التي باغتت الجميع بالخصوص، أمر الملك السلطات بالتعاون مع بعضها في ما تبقى من أجندة المرحلة اللاحقة، وتحدث بالنص عن إكمال الحكومة لتنفيذ «حزم التسهيلات الاقتصادية» التي تقررت مؤخراً.. ذلك بحد ذاته مؤشر على أن حكومة الرزاز تقترب من سيناريو المغادرة.
المفصل الآخر المهم في حديث الحسم الملكي، دعوته شرائح الشباب للمشاركة بحيوية وكثافة في الانتخابات المقبلة الصيف القادم، وتلك عملية توجيه للكادر الأمني والبيروقراطي لها علاقة بالهم الأول الذي برز من الآن، وهو «نسبة الاقتراع»، بعدما أصبحت حكومة الرزاز وفي الاحتمال الأبعد «آيلة للرحيل».
القدس العربي