إتصل بنا من نحن إجعلنا صفحتك الرئيسية

من قال لا تنتحروا؟


الكاتب : فارس حباشنة

عمان جو - لماذا الانتحار؟ سؤال يأخذنا بإلحاح من الماضي الى الحاضر، والمستقبل. لماذا ينتحرون؟ تيسير السبول اطلق رصاصة على رأسه في 69، وخليل الحاوي عندما رأى دبابات الجيش الاسرائيلي في بيروت قرر الانتحار على طريقته، رمى نفسه من فوق البلكونة، وبول تسيلان الذي اغرق جسده العليل في نهر السين البارد.

قصص الانتحار بعضها معلوم واخرى مجهولة. يموت ادباء وفنانون ومفكرون، ولا يعرف كيف ولماذا يموتون ؟ يأس واحباط، وتعب، وجفاف روحي، واعتراف بالفشل، وخوف وقلق من القادم.

ليس هناك من انسان عاقل الا جرب الانتحار في حياته، وانا بينهم. في لحظة تشعر بالعجز من التفاهم مع ذاتك والعالم والاخر. الانتحار لمجرد التفكير به فانه يعني القوة والراحة، الهروب دون عجز، ولربما ما تقوى على فعله في الحياة، فانك تقرره بقوة عند الانتحار.

الانتحار احيانا قد يكون ليس تعبيرا عن عجز وانسحاب من الحياة. ولكنه سياسيا يفسر بانه شكل من الرافضية للواقع، وعدم التورط في الفشل، المنتحر يسجل للتاريخ شهادة بانه صاحب موقف رديكالي.

في ذلك الخريف السيىء جفت مشاعر تيسير السبول، ولم يعد قادرا على البكاء، وقرر الانتحار باطلاق الرصاص على رأسه. ماياكوفسكي انتحر وهو يضحك. فاكثر ما يحمل الانتحار من معاني الى الاخرين، قرار حاسم ضد اليأس والقلق والعجز، واستنتاج فلسفي وسياسي.

السبول في رواية» انت منذ اليوم « استشرف هزيمة 67، وانتحار عربي بطل الرواية، معادل موضوعي لانتحار السبول. ذلك الخواء الوطني، والانهيار العربي، والهزيمة المطبقة على روح الانسان العربي.

و كيف ان الواقع تحول الى وهم كبير. واستحالة التكييف والحياة. عربي، هو تيسير السبول المنتحر لاحقا. وهو كل مواطن عربي ادرك الهزيمة، ومعناها التاريخي والانساني والوجودي.

عندما يعترف الانسان، مفكرا وشاعرا وادبيا بالاستقالة من الحياة. شعور مطابق للحياة ذاتها. ولا يغادر الانسان الحر التفكير بالانتحار. انتحار لعطب وفشل سياسي، ولا استنساخ فلسفيا يأتي في لحظة صفو وتأمل وقلق.

عبارة ظريفة قرأتها لمنتحر، ولو اني عدت بعد الانتحار، فاني سانتحر مرة اخرى. من جمال الحياة وقوتها وصيرورتها لابد من الانتحار، فهو معادل انساني موضوعي للحياة.

فكلنا يعيش في رؤوسنا وسواس وجودي يحفز ويشجع على الانتحار. وما اكثر مسوغات ودوافع الانتحار من السياسة الى الشأن العام المبتلى بالعطب والخراب والفشل، والى الحاح الاسئلة الوجودية في تفكيك اليقينيات والعقائد المركزية.

 

اقرأ أيضاً : 




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمان جو الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :