لماذا يذهب الوزير إلى بغداد؟
عمان جو - ماهر أبو طير - هذه ليست أول زيارة لوزير الخارجية الحالي أيمن الصفدي إلى العراق، واليوم الأربعاء يتوجه إلى بغداد في زيارة رسمية في توقيت بالغ الحساسية، على كل الأصعدة.
من اللافت للانتباه أن السياسة الأردنية الخارجية بدأت تخرج من تقييدات العزل بسبب وباء كورونا، وانشغال الدول بشؤونها، وتوقف حركة الطيران، وانقطاع الاتصالات الدبلوماسية إلى حد كبير عدا الاتصالات الهاتفية، وهذا أمر مهم جدا للأردن ودول الجوار على حد سواء، خصوصا، أن الأزمات لم تتوقف حدتها إلا مؤقتا، وسرعان ما ستعود إلى حدتها المعروفة، إن لم يكن أكثر بعد أن تعاظمت فوائدها على طريقة القروض المصرفية.
العلاقات الأردنية العراقية، مهمة جدا، إذ على الرغم من وجود تيار قديم كان يعادي الأردن في العراق، إلا أن العراقيين عموما على المستوى الرسمي يتعاملون مع الأردن بطريقة إيجابية، بعد أن شهدت هذه العلاقة درجات من البرود في عهود سابقة لرؤساء حكومات عراقيين، وفي ظل وجود كتل برلمانية معاندة لأي سياسات انفتاح على الأردن الذي كانت تعتبره محسوبا على العهد السابق في العراق، وتريد معاقبته على تلك العلاقات.
ما يمكن قوله اليوم إن العلاقات عبرت مرحلة البرود، إلى مرحلة أفضل، سواء على الصعيد الاقتصادي، وصول النفط العراقي إلى الأردن، التدريب وتبادل الخبرات، وما يزال الأردن يطمح بتحسن العلاقات إلى حد أعلى، خصوصا، أن العراق أيضا، لا يجوز تركه بعد أن تحول إلى ساحة صراعات يلعب فيه الأميركيون والإيرانيون والأتراك، إضافة إلى ما تشكله عودة الجماعات المتطرفة من خطر يبقى قائما في العراق، مع تأثيرات الأزمة القائمة في إيران من جهة، وسورية من جهة ثانية، وكلفة الصراع السياسي داخل العراق ذاته.
العلاقة مع العراق، أساسية بالنسبة للأردن، وهي لا تخضع فقط للمعيار الاقتصادي، إذ إن العراق هو الجار الشرقي، واستقراره أمر مهم جدا للأردن، وهذا يفسر زيارات كبار المسؤولين في الأردن للعراق على مدى مراحل مختلفة، وزيارات كبار المسؤولين العراقيين إلى عمان، إلا أن الأزمات المتداخلة في العراق، تجعله إلى حد كبير مشغولا بنفسه، وغير قادر على العودة إلى فاعلية دوره العربي القديم، خصوصا، أن خريطة الصراعات تجعل الفرقاء العراقيين في حالة تنافس وصراع دائم، على حساب أولويات ثانية.
العلاقات العراقية الأردنية على الصعيد الاقتصادي تحسنت نسبيا مقارنة بالفترة التي تلت العام 2003، إذ إن الصادرات الأردنية للعراق تجاوزت 800 مليون دينار العام 2013، ثم سرعان ما انخفضت بسبب إغلاق الحدود البرية لمدة ثلاث سنوات، حيث أعيد افتتاحها العام 2017 وتحسنت أرقام الصادرات مجددا العام 2019 ووصلت إلى 426 مليون دينار، وكان الأردن أيضا قد وقع اتفاقات مع العراق من أجل إنشاء منطقة صناعية مشتركة، واتفاقات أخرى في مجالات النقل والنفط والطيران، ويرى الأردن أن المجال مفتوح بشكل كبير لتحسين العلاقات الاقتصادية في مجالات مثل الزراعة، الصحة، التعليم، وغير ذلك.
من ناحية إستراتيجية يرى الأردن أن استقرار العراق، وتوازنه داخليا، وعدم السماح بتحويله إلى ساحة حرب بين الأميركيين والإيرانيين، من جهة، ومنع استهدافه عسكريا من الأتراك، خصوصا، في مناطق شمال العراق، وإنهاء ملف الجماعات المتشددة كليا، أمر مهم للغاية من أجل أمن الإقليم، واستقرار المنطقة العربية، خصوصا، في ظل الأزمات المتوقعة خلال النصف الثاني من هذا العام، وهي أزمات تمت جدولة بعضها، وسرعان ما سوف تعود بكلف أكبر، وتحديدا على صعيد الملف الإيراني، وتعامل المنطقة مع هذا الملف.
لا يسعى الأردن لتغيير العراق، وتثبيته ضمن قواعد جديدة وفقا لرؤية عمان، فهذا أمر يبدو مستحيلا في العراق، إضافة إلى كونه ليس شأنا أردنيا، إذ إن كل ما يريده الأردن من العراق، أن يسترد عافيته الداخلية، وأن يعود إلى مداره العربي، وأن يتخلص من كل هذه الأزمات، خصوصا، أن الأردن يقرأ حزام النار من حوله بطريقة حساسة، حين يرى أن شماله وشرقه وغربه، مناطق باتت تغرق في الأزمات لاعتبارات مختلفة، بما يدعو عمان إلى تخفيف حدتها، أو تلطيفها إذا استطاع إلى ذلك سبيلا وسط منطقة لا يعلم أحد مصيرها.
اقرأ أيضاً :
عمان جو - ماهر أبو طير - هذه ليست أول زيارة لوزير الخارجية الحالي أيمن الصفدي إلى العراق، واليوم الأربعاء يتوجه إلى بغداد في زيارة رسمية في توقيت بالغ الحساسية، على كل الأصعدة.
من اللافت للانتباه أن السياسة الأردنية الخارجية بدأت تخرج من تقييدات العزل بسبب وباء كورونا، وانشغال الدول بشؤونها، وتوقف حركة الطيران، وانقطاع الاتصالات الدبلوماسية إلى حد كبير عدا الاتصالات الهاتفية، وهذا أمر مهم جدا للأردن ودول الجوار على حد سواء، خصوصا، أن الأزمات لم تتوقف حدتها إلا مؤقتا، وسرعان ما ستعود إلى حدتها المعروفة، إن لم يكن أكثر بعد أن تعاظمت فوائدها على طريقة القروض المصرفية.
العلاقات الأردنية العراقية، مهمة جدا، إذ على الرغم من وجود تيار قديم كان يعادي الأردن في العراق، إلا أن العراقيين عموما على المستوى الرسمي يتعاملون مع الأردن بطريقة إيجابية، بعد أن شهدت هذه العلاقة درجات من البرود في عهود سابقة لرؤساء حكومات عراقيين، وفي ظل وجود كتل برلمانية معاندة لأي سياسات انفتاح على الأردن الذي كانت تعتبره محسوبا على العهد السابق في العراق، وتريد معاقبته على تلك العلاقات.
ما يمكن قوله اليوم إن العلاقات عبرت مرحلة البرود، إلى مرحلة أفضل، سواء على الصعيد الاقتصادي، وصول النفط العراقي إلى الأردن، التدريب وتبادل الخبرات، وما يزال الأردن يطمح بتحسن العلاقات إلى حد أعلى، خصوصا، أن العراق أيضا، لا يجوز تركه بعد أن تحول إلى ساحة صراعات يلعب فيه الأميركيون والإيرانيون والأتراك، إضافة إلى ما تشكله عودة الجماعات المتطرفة من خطر يبقى قائما في العراق، مع تأثيرات الأزمة القائمة في إيران من جهة، وسورية من جهة ثانية، وكلفة الصراع السياسي داخل العراق ذاته.
العلاقة مع العراق، أساسية بالنسبة للأردن، وهي لا تخضع فقط للمعيار الاقتصادي، إذ إن العراق هو الجار الشرقي، واستقراره أمر مهم جدا للأردن، وهذا يفسر زيارات كبار المسؤولين في الأردن للعراق على مدى مراحل مختلفة، وزيارات كبار المسؤولين العراقيين إلى عمان، إلا أن الأزمات المتداخلة في العراق، تجعله إلى حد كبير مشغولا بنفسه، وغير قادر على العودة إلى فاعلية دوره العربي القديم، خصوصا، أن خريطة الصراعات تجعل الفرقاء العراقيين في حالة تنافس وصراع دائم، على حساب أولويات ثانية.
العلاقات العراقية الأردنية على الصعيد الاقتصادي تحسنت نسبيا مقارنة بالفترة التي تلت العام 2003، إذ إن الصادرات الأردنية للعراق تجاوزت 800 مليون دينار العام 2013، ثم سرعان ما انخفضت بسبب إغلاق الحدود البرية لمدة ثلاث سنوات، حيث أعيد افتتاحها العام 2017 وتحسنت أرقام الصادرات مجددا العام 2019 ووصلت إلى 426 مليون دينار، وكان الأردن أيضا قد وقع اتفاقات مع العراق من أجل إنشاء منطقة صناعية مشتركة، واتفاقات أخرى في مجالات النقل والنفط والطيران، ويرى الأردن أن المجال مفتوح بشكل كبير لتحسين العلاقات الاقتصادية في مجالات مثل الزراعة، الصحة، التعليم، وغير ذلك.
من ناحية إستراتيجية يرى الأردن أن استقرار العراق، وتوازنه داخليا، وعدم السماح بتحويله إلى ساحة حرب بين الأميركيين والإيرانيين، من جهة، ومنع استهدافه عسكريا من الأتراك، خصوصا، في مناطق شمال العراق، وإنهاء ملف الجماعات المتشددة كليا، أمر مهم للغاية من أجل أمن الإقليم، واستقرار المنطقة العربية، خصوصا، في ظل الأزمات المتوقعة خلال النصف الثاني من هذا العام، وهي أزمات تمت جدولة بعضها، وسرعان ما سوف تعود بكلف أكبر، وتحديدا على صعيد الملف الإيراني، وتعامل المنطقة مع هذا الملف.
لا يسعى الأردن لتغيير العراق، وتثبيته ضمن قواعد جديدة وفقا لرؤية عمان، فهذا أمر يبدو مستحيلا في العراق، إضافة إلى كونه ليس شأنا أردنيا، إذ إن كل ما يريده الأردن من العراق، أن يسترد عافيته الداخلية، وأن يعود إلى مداره العربي، وأن يتخلص من كل هذه الأزمات، خصوصا، أن الأردن يقرأ حزام النار من حوله بطريقة حساسة، حين يرى أن شماله وشرقه وغربه، مناطق باتت تغرق في الأزمات لاعتبارات مختلفة، بما يدعو عمان إلى تخفيف حدتها، أو تلطيفها إذا استطاع إلى ذلك سبيلا وسط منطقة لا يعلم أحد مصيرها.
اقرأ أيضاً :