كورونا يحرم المغتربين والاقتصاد الأردني من إجازة الصيف
عمان جو - طارق ديواني - ترفض الحكومة الأردنية حتى اللحظة عودة مئات آلاف المغتربين الأردنيين في الخارج، بخاصة العاملين في دول الخليج، ما قد يحرم آلاف الأسر الأردنية من قضاء إجازة الصيف بين أهلهم وذويهم كما اعتادوا في كل عام.
وعلى الرغم من تصنيف الأردن ضمن لائحة الدول المعتدلة الخطورة وبائياً، تصر الحكومة الأردنية على استثناء المغتربين من خطتها العامة لإعادة الأردنيين العالقين في الخارج، لقلقها من تجدد انتشار الوباء وخوفاً من هجرة عكسية تفاقم أرقام البطالة المتزايدة، وتكتفي حالياً بإعادة من تقطعت بهم السبل كالطلاب الدارسين في الخارج.
وإلى جانب كورونا، تشكل الكلفة المرتفعة والإجراءات الرسمية عائقاً آخر أمام نحو مليون مغترب أردني موزعين على 70 دولة، كانت تعج بهم شوارع العاصمة الأردنية عمّان وأسواقها الصيف الماضي، اذ تتراوح كلفة عودة الشخص الواحد إلى الأردن على نفقته الخاصة، ما بين 700 و 2000 دولار كحجوزات تذاكر الطيران، وتكلفة الحجر الصحي الإجباري في فنادق خمس نجوم.
ظروف صعبة ومعاناة
ويعيش عدد كبير من المغترببن الأردنيين ظروفاً صعبة بخاصة بعد فقدان كثيرين منهم وظائفهم، حيث يعملون في دول الخليج التي تأثرت بدورها بتبعات جائحة كورونا، ويشكو بعضهم من نفاد مدخراته وعدم القدرة على العودة.
في المقابل، يشكو آخرون كانوا يرغبون في قضاء إجازتهم السنوية من انقضاء فصل الصيف من دون السماح لهم بذلك، فيما يتحدث طرف ثالث عن معاناتهم بعدما أصبحوا فرادى في دول الاغتراب فيما تتواجد عائلاتهم في الأردن.
ويساور البعض القلق من مغادرة بلاد الاغتراب جراء الإعلان في بعض هذه الدول عن عدم السماح لهم بالعودة إليها.
وشدد قاسم بواعنة مسؤول مبادرة "حقي العودة إلى بلدي" على أن "عودة المغتربين حق، وعلى الدولة أن تتكفل بتكاليفه لأنها باهظة وفوق قدرة أرباب العائلات". وأضاف "ثمة مغتربون لا يملكون حالياً ثمن الطعام والشراب، فكيف يتدبر أمر العودة مَن لديه عائلة من ستة أفراد بكلفة تصل إلى 8 آلاف دولار على الأقل؟". وطالب بواعنة الحكومة بفرض حجر منزلي على العائدين باستثناء مَن تثبت إصابته منهم بفيروس كورونا.
في السياق، رأى عضو لجنة الأوبئة الدكتور نذير عبيدات أن "على الحكومة الموازنة بين حق عودة المغتربين وإبقاء الوضع الوبائي ضمن المعدلات المعتدلة الخطورة". وأشار إلى ضرورة إدراك قدرة الأردن على تحمل الأعداد الكبيرة العائدة وقدرة المستشفيات والطواقم الطبية على تحملها.
أما الكاتب ماهر أبو طير فاعتبر أن "عودة المغتربين حتمية، وبالتالي فإنها بحاجة إلى سيناريوهات للتعامل معها بخاصة مع الفئة التي خسرت أعمالها ووظائفها". ولفت أبو طير إلى "وجود ثلاث فئات من المغتربين، انخفضت مداخيل إحداهم فاضطر معيلوها إلى إعادة عائلاتهم إلى الأردن".
ورأى أبو طير أن "الأردن لا يستطيع إغلاق المطار إلى ما لا نهاية، أو الامتناع عن استقبال مواطنيه، بل سيقترح حلولاً للتعاطي مع هذه الأزمة بخاصة مع عدم وجود رحلات طيران كافية وعدم قدرة فنادق الحجر على استيعاب أعداد الراغبين في العودة، ومن بين هذه الحلول خيار إجبار العائدين على إحضار شهادات خلوٍ من كورونا".
ربع المغتربين سيعودون
ووفقاً لمنتدى الإستراتيجيات الأردني، وهو منظمة شبه حكومية، يعيش 61.4 في المئة من إجمالي المغتربين الأردنيين في السعودية، و14.1 في المئة في الإمارات، و12.5 في المئة في قطر.
وأكد رئيس الجمعية الأردنية لرجال الأعمال المغتربين فادي المجالي أن 25 في المئة من إجمالي عدد المغتربين الأردنيين في الخارج يخططون للعودة النهائية إلى الأردن، فيما يخطط نصفهم لإطلاق مشاريع استثمارية.
لكن وزير الإعلام والناطق الرسمي باسم الحكومة الأردنية أمجد العضايلة، يؤكد عدم وجود إحصاء لدى الحكومة لأعداد الأردنيين الذين فقدوا عملهم في دول الخليج العربي، مشيراً إلى أن "الوضع الوبائي في الدول الأخرى هو المعيار الأساسي للسماح بعودة المغتربين الأردنيين".
وإلى جانب نحو 150 ألف عامل وموظف أردني جرى تسريحهم بسبب كورونا داخل بلادهم، يتوقع مراقبون أن ينضم إليهم نحو 50 ألف أردني من المغتربين الفاقدي وظائفهم، في حين أشار مسؤول ملف كورونا في وزارة الصحة الأردنية، الدكتور عدنان إسحاق إلى وجود دراسة لتقسيم دول العالم إلى 3 فئات بحسب الوضع الوبائي فيها، بهدف اتخاذ إجراءات إعادة فتح المطارات للرحلات الدولية.
وعلى الرغم من سيطرة الحكومة الأردنية على الأزمة وعودة النشاط إلى الحياة العامة وفتح كل قطاعات الإنتاج الاقتصادية في البلاد، فإن حركة الطيران باتت مفتوحة للسياحة العلاجية فقط، ما أثار حفيظة المغتربين الأردنيين الذين يطالبون بإجراءات سريعة تضمن عودتهم وعدم حرمانهم من تمضية عيد الأضحى بين عائلاتهم.
وخصّصت الحكومة الأردنية منصةً إلكترونية للسياح الراغبين في تلقي العلاج في الأردن، إذ تُعد السياحة العلاجية إحدى أهم القطاعات الاقتصادية في الأردن وتشكل رافداً مهماً لخزينة الدولة.
كما كشف مدير عمليات خلية أزمة كورونا العميد الركن مازن الفراية، عن "عودة 20 ألف أردني منذ بدء أزمة كورونا، جميعهم ممَّن تقطعت بهم السبل أو من الطلاب وليسوا من المغتربين الأردنيين وعائلاتهم".
خسارة كبيرة للاقتصاد
من جهة ثانية، رأى مراقبون واقتصاديون أن الحكومة الأردنية فوّتت فرصة اقتصادية كبيرة للتخفيف من تداعيات جائحة كورونا عبر استثناء المغتربين من العودة خوفاً من انتشار الوباء، إذ إن "حرمان نحو مليون مغترب من قضاء الصيف في بلدهم حرم البلاد من فرصة تحريك الاقتصاد والسياحة الداخلية والقطاع العقاري المتهاوي".
وتفيد تقارير رسمية صادرة عن دائرة الأراضي والمساحة الأردنية بأن مبيعات سوق العقار تراجعت بنسبة 44 في المئة خلال النصف الأول من العام الجاري بسبب عدم عودة المغتربين الذين كانوا يحرّكون سنوياً هذا القطاع الحيوي.
ووفقاً لدائرة الأراضي، فإن قيمة مبيعات العقار بلغت 1.57 مليار دولار في النصف الأول من عام 2020، مقارنة بـ2.84 مليار دولار في النصف الأول من عام 2019. كما تراجعت قيمة الإيرادات الحكومية، من مبيعات العقار بنسبة 56 في المئة.
ويخشى مراقبون من تراجع قيمة الحوالات المالية للمغتربين التي ترفد الخزينة الأردنية وقُدرت خلال 2019 بـ 3.7 مليار دولار، إذ كشف البنك المركزي الأردني عن أن تحويلات المغتربين تراجعت بنسبة 5.9 في المئة في الأشهر الأربعة الأولى من العام الحالي إلى 1.128 مليار دولار، مقارنةً بالفترة ذاتها من العام الماضي.
اندبنت
اقرأ أيضا :
عمان جو - طارق ديواني - ترفض الحكومة الأردنية حتى اللحظة عودة مئات آلاف المغتربين الأردنيين في الخارج، بخاصة العاملين في دول الخليج، ما قد يحرم آلاف الأسر الأردنية من قضاء إجازة الصيف بين أهلهم وذويهم كما اعتادوا في كل عام.
وعلى الرغم من تصنيف الأردن ضمن لائحة الدول المعتدلة الخطورة وبائياً، تصر الحكومة الأردنية على استثناء المغتربين من خطتها العامة لإعادة الأردنيين العالقين في الخارج، لقلقها من تجدد انتشار الوباء وخوفاً من هجرة عكسية تفاقم أرقام البطالة المتزايدة، وتكتفي حالياً بإعادة من تقطعت بهم السبل كالطلاب الدارسين في الخارج.
وإلى جانب كورونا، تشكل الكلفة المرتفعة والإجراءات الرسمية عائقاً آخر أمام نحو مليون مغترب أردني موزعين على 70 دولة، كانت تعج بهم شوارع العاصمة الأردنية عمّان وأسواقها الصيف الماضي، اذ تتراوح كلفة عودة الشخص الواحد إلى الأردن على نفقته الخاصة، ما بين 700 و 2000 دولار كحجوزات تذاكر الطيران، وتكلفة الحجر الصحي الإجباري في فنادق خمس نجوم.
ظروف صعبة ومعاناة
ويعيش عدد كبير من المغترببن الأردنيين ظروفاً صعبة بخاصة بعد فقدان كثيرين منهم وظائفهم، حيث يعملون في دول الخليج التي تأثرت بدورها بتبعات جائحة كورونا، ويشكو بعضهم من نفاد مدخراته وعدم القدرة على العودة.
في المقابل، يشكو آخرون كانوا يرغبون في قضاء إجازتهم السنوية من انقضاء فصل الصيف من دون السماح لهم بذلك، فيما يتحدث طرف ثالث عن معاناتهم بعدما أصبحوا فرادى في دول الاغتراب فيما تتواجد عائلاتهم في الأردن.
ويساور البعض القلق من مغادرة بلاد الاغتراب جراء الإعلان في بعض هذه الدول عن عدم السماح لهم بالعودة إليها.
وشدد قاسم بواعنة مسؤول مبادرة "حقي العودة إلى بلدي" على أن "عودة المغتربين حق، وعلى الدولة أن تتكفل بتكاليفه لأنها باهظة وفوق قدرة أرباب العائلات". وأضاف "ثمة مغتربون لا يملكون حالياً ثمن الطعام والشراب، فكيف يتدبر أمر العودة مَن لديه عائلة من ستة أفراد بكلفة تصل إلى 8 آلاف دولار على الأقل؟". وطالب بواعنة الحكومة بفرض حجر منزلي على العائدين باستثناء مَن تثبت إصابته منهم بفيروس كورونا.
في السياق، رأى عضو لجنة الأوبئة الدكتور نذير عبيدات أن "على الحكومة الموازنة بين حق عودة المغتربين وإبقاء الوضع الوبائي ضمن المعدلات المعتدلة الخطورة". وأشار إلى ضرورة إدراك قدرة الأردن على تحمل الأعداد الكبيرة العائدة وقدرة المستشفيات والطواقم الطبية على تحملها.
أما الكاتب ماهر أبو طير فاعتبر أن "عودة المغتربين حتمية، وبالتالي فإنها بحاجة إلى سيناريوهات للتعامل معها بخاصة مع الفئة التي خسرت أعمالها ووظائفها". ولفت أبو طير إلى "وجود ثلاث فئات من المغتربين، انخفضت مداخيل إحداهم فاضطر معيلوها إلى إعادة عائلاتهم إلى الأردن".
ورأى أبو طير أن "الأردن لا يستطيع إغلاق المطار إلى ما لا نهاية، أو الامتناع عن استقبال مواطنيه، بل سيقترح حلولاً للتعاطي مع هذه الأزمة بخاصة مع عدم وجود رحلات طيران كافية وعدم قدرة فنادق الحجر على استيعاب أعداد الراغبين في العودة، ومن بين هذه الحلول خيار إجبار العائدين على إحضار شهادات خلوٍ من كورونا".
ربع المغتربين سيعودون
ووفقاً لمنتدى الإستراتيجيات الأردني، وهو منظمة شبه حكومية، يعيش 61.4 في المئة من إجمالي المغتربين الأردنيين في السعودية، و14.1 في المئة في الإمارات، و12.5 في المئة في قطر.
وأكد رئيس الجمعية الأردنية لرجال الأعمال المغتربين فادي المجالي أن 25 في المئة من إجمالي عدد المغتربين الأردنيين في الخارج يخططون للعودة النهائية إلى الأردن، فيما يخطط نصفهم لإطلاق مشاريع استثمارية.
لكن وزير الإعلام والناطق الرسمي باسم الحكومة الأردنية أمجد العضايلة، يؤكد عدم وجود إحصاء لدى الحكومة لأعداد الأردنيين الذين فقدوا عملهم في دول الخليج العربي، مشيراً إلى أن "الوضع الوبائي في الدول الأخرى هو المعيار الأساسي للسماح بعودة المغتربين الأردنيين".
وإلى جانب نحو 150 ألف عامل وموظف أردني جرى تسريحهم بسبب كورونا داخل بلادهم، يتوقع مراقبون أن ينضم إليهم نحو 50 ألف أردني من المغتربين الفاقدي وظائفهم، في حين أشار مسؤول ملف كورونا في وزارة الصحة الأردنية، الدكتور عدنان إسحاق إلى وجود دراسة لتقسيم دول العالم إلى 3 فئات بحسب الوضع الوبائي فيها، بهدف اتخاذ إجراءات إعادة فتح المطارات للرحلات الدولية.
وعلى الرغم من سيطرة الحكومة الأردنية على الأزمة وعودة النشاط إلى الحياة العامة وفتح كل قطاعات الإنتاج الاقتصادية في البلاد، فإن حركة الطيران باتت مفتوحة للسياحة العلاجية فقط، ما أثار حفيظة المغتربين الأردنيين الذين يطالبون بإجراءات سريعة تضمن عودتهم وعدم حرمانهم من تمضية عيد الأضحى بين عائلاتهم.
وخصّصت الحكومة الأردنية منصةً إلكترونية للسياح الراغبين في تلقي العلاج في الأردن، إذ تُعد السياحة العلاجية إحدى أهم القطاعات الاقتصادية في الأردن وتشكل رافداً مهماً لخزينة الدولة.
كما كشف مدير عمليات خلية أزمة كورونا العميد الركن مازن الفراية، عن "عودة 20 ألف أردني منذ بدء أزمة كورونا، جميعهم ممَّن تقطعت بهم السبل أو من الطلاب وليسوا من المغتربين الأردنيين وعائلاتهم".
خسارة كبيرة للاقتصاد
من جهة ثانية، رأى مراقبون واقتصاديون أن الحكومة الأردنية فوّتت فرصة اقتصادية كبيرة للتخفيف من تداعيات جائحة كورونا عبر استثناء المغتربين من العودة خوفاً من انتشار الوباء، إذ إن "حرمان نحو مليون مغترب من قضاء الصيف في بلدهم حرم البلاد من فرصة تحريك الاقتصاد والسياحة الداخلية والقطاع العقاري المتهاوي".
وتفيد تقارير رسمية صادرة عن دائرة الأراضي والمساحة الأردنية بأن مبيعات سوق العقار تراجعت بنسبة 44 في المئة خلال النصف الأول من العام الجاري بسبب عدم عودة المغتربين الذين كانوا يحرّكون سنوياً هذا القطاع الحيوي.
ووفقاً لدائرة الأراضي، فإن قيمة مبيعات العقار بلغت 1.57 مليار دولار في النصف الأول من عام 2020، مقارنة بـ2.84 مليار دولار في النصف الأول من عام 2019. كما تراجعت قيمة الإيرادات الحكومية، من مبيعات العقار بنسبة 56 في المئة.
ويخشى مراقبون من تراجع قيمة الحوالات المالية للمغتربين التي ترفد الخزينة الأردنية وقُدرت خلال 2019 بـ 3.7 مليار دولار، إذ كشف البنك المركزي الأردني عن أن تحويلات المغتربين تراجعت بنسبة 5.9 في المئة في الأشهر الأربعة الأولى من العام الحالي إلى 1.128 مليار دولار، مقارنةً بالفترة ذاتها من العام الماضي.
اندبنت
اقرأ أيضا :