إتصل بنا من نحن إجعلنا صفحتك الرئيسية

قطاع الاقتصاد التعاوني


عمان جو-بقلم: الدكتورة ماوية أسامة المفتي
تقسم الأنظمة الإقتصادية عادة إلى النظام الرأسمالي و النظام الاشتراكي و النوع الثالث هو النظام المختلط, و لكل منهما ظروف تطبيقه و ايجابياته و سلبياته حيث في أغلب الحالات يكون النظام الثالث (المختلط) مزيج من الاثنين مع مراعاة الاستفادة من ايجابياتهما و تلافي سلبياتهما.
يجمع الاقتصاديون على ان النوع الرابع هو الاقتصاد التعاوني بل هو من أهم فروع الاقتصاد و يكاد يكون اقتصاد جديد و خاص و استثنائي حيث تكثر ايجابياته و تكاد سلبياته تقتصر على بعض حالات التقصير أو السوء بادارة القطاع.
ان المشاهد و المتابع للتجارب التعاونية العالمية يلمس الأثر الكبير الايجابي للتعاونيات في النهضة الاقتصادية و خاصة في دول عظمى كبرى و دول متوسطة و دول نامية و في جميع المجالات و الأمثلة على ذلك كثيرة.
ان المطلع على تفاصيل دور الإقتصاد التعاوني في كثير من الدول يجد المساهمات الكبيرة لهذا القطاع في جميع المجالات و لأمثلة كثيرة على ذلك سواء بالدول الرأسمالية و على رأسها الولايات المتحدة أو الدول الإشتراكية بمنظومتها الكاملة بها أو الدول المختلطة. بل عندما نتحدث عن جميع المجالات فإننا لا نقتصر على المجالات الإستثمارية الكبرى فقط كالطاقة بأشكالها و لكننا نتعداها لقطاعات اخرى كالنقل الجوي و البري و البحري و الإتصالات و البنوك و المؤسسات التجارية و المؤسسات الصناعية بأشكالها و السياحة و التعليم و الإسكان و الزراعة بأنشطتها الكاملة. و من يطلع على تجارب الدول التعاونية يدرك تماما العدد الضخم من السكان المنضوي بإطار التعاونيات سواء في الدول الكبرى و المتقدمة أو في دول صديقة و شقيقة من الدول ذات الأعداد السكانية المتوسطة و لما كانت التعاونيات تساهم مساهمة كبيرة في حل إشكالات الحجم الإقتصادي و الحيازات الصغيرة المبعثرة هنا و هناك و بنفس الوقت فهي حالة تجمعية هائلة لمنتسبيها فإننا و بهاتين الميزتين نحقق أهدافا تتعلق بالإنتاج و الإستهلاك معا و قبل الخوض بذلك لابد من المرور على تجاربنا التعاونية السابقة و التي شكلت قصص نجاح لا يمكن القفز عنها فمن منا لا يتذكر بدايات العمل التعاوني بالاردن عند تأسيس المنظمة التعاونية الاردنية و بإداراتها المختلفة أذكر منها البنك التعاوني و المعهد التعاوني و إداراتها الفرعية المختلفة فقد كانت تبدأ مع المزارعين منذ البداية و تأسيس الجمعية التعاونية لهم حيث تقدم لهم القروض و مسلتزمات الانتاج و تقدم لهم التأهيل و التدريب و الإرشاد و تساعدهم بعمليات التسويق لمنتجاتهم فكانت تقوم مقام الدولة بكل أنشطتها.
لا ننكر أن العمل التعاوني في الفترة الأخيرة تراجع تراجعا كبيرا و قد لا يكون السبب بالجمعيات او اعضائها و لكن بإدراة العمل التعاوني نفسه فقد أصابها ما أصاب المجتمع من تراجع و نكسات اقتصادية و ما أصاب الاقتصاد لدينا من هفوات و تفريط الا ان ذلك لا يلغي أهمية القطاع و دوره الهام و خصوصا الان و نحن نعيش أو نضطر للتعامل مع أزمة عالمية (أزمة الكورونا) و التي تلقي بظلالها على كل كل المجالات باتجاه ان تعتمد الدولة على إمكاناتها و مواردها و كوادرها كيف ذلك و نحن لا نملك من مقوماتنا ما يكفي لسد إحتياجاتنا, و تقوم الدولة بتلافي ما يلزم من خلال الإستيراد الذي لم يعد متيسرا الآن, إذا فلا بد من الإعتماد و على القطاع الزراعي و الإمكانيات الذاتية للإنتاج و الإكتفاء الذاتي و هذا لن يكون الا بتجميع الحيازات و المكليات و الأشخاص منتجين و صناع و كل أدوات سلاسل الانتاج من خلال تعاونيات متخصصة بالانتاج و مستلزماته و أدواته و بنفس الآلية تجميع المستهلكين بتعاونيات استهلاكية متخصصة تقوم بدور الدولة تجاه منتجيها و مستهلكيها معا.
ان المتابع للقطاع التعاوني بالأردن في بدايات التأسيس و بعدها و كما أشرت سابقا يلمس النجاحات التي حققها القطاع بالأردن و التي إستمرت لفترة ما قبل التصحيح الاقتصادي حيث بدأ التراجع و تدني مستوى الأداء, و مع ذلك لازال هنالك نقاط قوة و نجاحات لبعض التعاونيات في الأردن.
التعاونيات تحقق مساهمات كبيرة في موضوع التنمية في كافة المجالات و هي أداة من أدوات الدولة للتواصل مع الناس و نشر البرامج التوعوية المتعلقة بالأنماط الانتاجية و الاستهلاكية و تحقيق التنمية و المساهمة في النمو و الأمن الغذائي و الاكتفاء الذاتي و تدنية التكاليف و زيادة العوائد الاقتصادية و الاستغلال الأمثل للموارد في ظل ظروف التحديات الزراعية المختلفة سواءا المناخية منها أو المخاطر او الزحف العمراني و تفتت الملكيات الزراعية. و للوصول الى تعاونيات ناجحة فلا بد من:
1. تشكيل هيئة عليا للقطاع التعاوني على اعلى المستويات بحيث تشارك فيها كل الجهات المختصة.
2. إعادة النظر بالتشريعات التعاونية الناظمة للعمل التعاوني و انشاء الجمعيات و الاتحادات النوعية و الاقليمية و الاتحاد العام.
3. إعادة النظر بمنظومة السياسات ذات العلاقة بحيث يتم مراعاة تشجيع انشاء التعاونيات و في كافة المجالات.
4. ربط التعاونيات و حسب الاختصاص بمجالاتها المختلفة كالمجال الزراعي و السياحي و النقل و الصحة و التعليم و الاسكان و الخدمات و غيرها.
5. توفير الدعم الكامل و الحوافز المطلوبة للتعاونيات باعتبارها مؤسسات تنموية و ليست شركات ربحية.
6. وضع برامج للتثقيف التعاوني تشمل جميع المجالات.
و أخيرا و ليس أخرا لابد من النظر الى القطاع التعاوني على أنه قطاع شموليّ في اختصاصاته و متكامل في برامجه و تستطيع الدولة أن تنفد كافة سياساتها المختلفة في القطاعات المختلفة من خلال شبكة التعاونيات المباشرة على مساحة الوطن و تخيلوا معي لو كانت هنالك شبكة تعاونية سليمة من الجمعيات التعاونية و في القطاعات المختلفة أثناء الأزمة التي نعيشها (ازمة الكورونا) فستكون آليات تعامل الدولة من خلال هذه الجمعيات سواء كانت تتعلق بالانتاج أو الاستهلاك أو التسويق أو البعد التجاري أو التعليمي أو الصحي أو حتى كافة الخدمات بيسر و سهولة و انتظام و بثّ البرامج التوعوية لكل هذه الأنشطة من خلال تلك الجمعيات أو الاتحادات, الامر الذي سيعفي الدولة من التعامل المباشر مع الناس و توفير الجهد المطلوب لذلك حيث سيتم التعامل معهم من خلال جمعياتهم و الاطر التنظيمية لهم فقط.
حمى الله الأردن و قيادته و شعبه.




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمان جو الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :