إتصل بنا من نحن إجعلنا صفحتك الرئيسية

اديب الكايد العواملة ابن مرحلة المكابدات الكبرى


عمان جو يعد المناضل والسياسي أديب الكايد العواملة، ابن مرحلة المكابدات الكبرى، التي نتج عنها بناء الدولة الأردنية الحديثة، والتي أعلن تأسيسها الأمير عبد الله بن الحسين عام 1921، وسط محيط مضطرب وكان لهم وللقيادة الحكيمة دور بارز في حماية الوطن والسير به إلى بر الأمان.
وحقق الكايد ذو الشخصية الفذة مكانة كبيرة محلياً وإقليمياً، وضحى بكل شيء دفاعاً عن الوطن والحرية، هادفاً إلى بناء وطن عربي حر ومتطور، بعد أن كابدت المنطقة قرونا من الإهمال والإذلال، وكان ايمانه بالشباب العربي وقدرتهم على التحرر وقيادة المشروع النهضوي العربي، حيث كان واحداً من أولئك الذين تميزوا بالوعي السياسي المبكر المرتكز على القومية العربية باعتبارها الجامع لشعوب الحواضر العربية تحت الحكم العثماني، الذي خرج عن نهجه كثيراً خاصة في عقوده الأخيرة.
ولد أديب الكايد في مدينة السلط حاضرة البلقاء، والتي كانت تتبع نابلس تارة والكرك تارة أخرى، لكنها كانت في تلك الفترة من أنشط حواضر شرق الأردن، وأكثرها صلة مع الحواضر العربية في فلسطين وسوريا، حيث كانت ولادته عام 1882 في مرحلة التراجعات الكبرى للدولة العثمانية، وما نتج عنه من ويلات على المنطقة العربية الخاضعة لحكم الأتراك.
ونال الكايد حسب حفيده ابراهيم نايف الاديب من العلم والمعرفة ما مكنه من تشييد ثقافته وفكره الخاص، حيث تربى في أجواء من الانفتاح على ما يجرى في المنطقة، بفضل موقع مدينة السلط والحراك التجاري والاجتماعي الذي شهدته على مدى تاريخها قديماً وحديثا.
بعد تخرجه من المدرسة الرشدية وحصوله على شهادة الابتدائية، خرج لمواجهة الحياة بكل متناقضاتها وصعابها، حيث كانت تلك الشهادة كافية في تلك الأيام ليحصل على وظيفة جيدة المستوى، لندرة حملة الشهادات في ذلك الوقت، فعين كاتباً في بلدية السلط وسرعان ما تقدم في وظيفته، ومتن علاقته مع الناس، و تمتع باحترام ومحبة أهالي السلط، وشجعه ذلك ليخوض انتخابات بلدية السلط، وبذلك أصبح رئيساً للبلدية عام 1911.
ونشط الباشا الكايد في مجال تفعيل دور البلدية وخدماتها رغم شح الإمكانيات وقلة الكوادر المدربة، وبالتالي وسع من شبكة معارفه وذاع صيته بين الناس، بعد ذلك عين عضواً في محكمة البداية في السلط، وكانت المحكمة في نشاط دائم بفضل الحركة الناشطة في المدينة، والأقضية والبلدات التي تتبعها، وهو عمل وفر له خبرة واسعة تضاف لخبرته في العمل والحياة.
انشغل أديب الكايد بالهم السياسي باكراً، وقد أقضى مضجعه ما آل إليه حال الأمة من ظلم وغياب للحرية، وقسوة عسكر الدولة الحاكمة، لذا بدأ يبحث عن إطار يتحرك من خلاله، ضمن توجهه لتوحيد الجهود للدفاع عن حقوق العرب ضمن الدولة العثمانية، فبادر بالانضمام إلى حزب اللامركزية العثماني، الذي كان ينسجم مع رؤاه وتوجهاته في تلك المرحلة، وكان هدف هذا الحزب تحقيق الاستقلال الذاتي للأقطار العربية ضمن الدولة العثمانية، ولم يكن مرحباً به أو بأعضائه من قبل مؤسسات الحكم في اسطنبول والولايات.
وبين المؤرخ الكبير سليمان الموسى في كتابه "وجوه وملامح " الجزء الثاني أن أديب الكايد واصل مشواره النضالي وبتصاعد، متحملاً في سبيل ذلك كل المصاعب والمضايقات لافتا الى انه كان يشتعل حماسة وحمّية للقضايا الوطنية العربية.
وحسب المؤرخ الموسى فقد رأى أديب الكايد بالثورة العربية الكبرى، الأمل والسبيل من أجل تحقيق الحلم العربي بالحرية والاستقلال، لذا فقد تابع باهتمام بالغ سير أحداث الثورة، وروج لها في كل مكان تحرك فيه، وقد توقع انتصار الثورة، نتيجة الحالة المتردية التي وصل إليها الأتراك عسكرياً واقتصادياً، وبسبب التفاف العرب حول الثورة وقيادتها، مما اضطر الأتراك للخروج من السلط نتيجة ضغط الثورة العربية وحلفائها الإنجليز.
ولم يتمكن الأتراك من القبض على أديب الكايد، لذا تمت محاكمته غيابياً حيث صدر بحقه حكم الإعدام، غير أن ذلك لم يفت في عضده، ولم يتراجع عن توجهاته وأهدافه، فبعد انتصار جيش الثورة العربية، وخروج الأتراك من البلاد العربية نتيجة لذلك، بادر بالذهاب إلى دمشق عاصمة الحكومة العربية في سوريا الطبيعية، ونظراً لسمعته النضالية ومكانته العشائرية، فقد اختير عضواً في الجمعية الوطنية ممثلاً عن قضاء السلط وكان للجمعية دور مهم في الجهود التأسيسية للمملكة السورية التي توج الملك فيصل بن الحسين ملكاً عليها.
بعد تلك الأحداث المؤسفة، عاد أديب الكايد إلى الأردن، وكان له موقف مشهود مع المندوب السامي البريطاني هربرت صموئيل الذي جاء إلى السلط يوم 21 آب عام 1920، ليلقي خطاباً يعلن فيه الاستقلال الذاتي لمنطقة شرقي الأردن، عندما فاجأه الكايد باستهجان منح الأردن هذه الصفة وحرمان سوريا وباقي البلاد منها، مما أثار غضب المندوب السامي.
وعندما تم تأسيس الحكومات المحلية، عين أديب الكايد عضواً في حكومة السلط المحلية، كما عين بعد ذلك عضواً في محكمة الاستئناف بتاريخ 7 شباط 1920، وعندما قام الأمير عبد الله بن الحسين بتأسيس إمارة شرق الأردن عام 1921 تم تعيين أديب الكايد ملازماً لمحكمة الاستئناف في 11 حزيران 1921، واستمر بهذا المنصب حتى قرر الاستقالة في بداية شهر نيسان عام 1929.
توفي العواملة في الحادي والعشرين من شهر تموز 1935 في عمان وتم تشييع جثمانه في مدينته السلط، وكانت وفاته حدثاً وطنياً محزناً، وقد رثاه المناضل الكبير الأمير شكيب أرسلان من منفاه في جنيف بقصيدة رائعة .. كما رثاه أيضا مفتي نابلس محمد تفاحه الحسيني.
--(بترا)




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمان جو الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :