كلام عن رجل يعيش في القدس
عمان جو - على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي، فيسبوك، يأخذك عيسى قواسمي، كل يوم، الى جولة في البلدة القديمة، في القدس، وهو هنا، يقول إن ها هنا مدينة لا تغيب أبدا.
عرفته عبر كل هذه الفيديوهات التي يبثها، تارة لصلاة الفجر من داخل المسجد القبلي، في الحرم القدسي، وتارة عبر جولته في أزقة القدس، وتارة عبر كلامه عن بواباتها، وآثارها، ودورها العتيقة، يجول بك، وكأنك معه، في كل موقع داخل البلدة القديمة، وفي مرات كثيرة، يأخذك الى الحياة اليومية، هذا بائع الكعك المقدسي الشهير، وذاك بائع الحلوى، وهنا تأتي الفلاحات لبيع ما لديهن من منتجات، وهناك باب العامود حيث البشر والبشرى معا.
التوثيق للقدس، عبر الكاميرا، ليس جديدا؛ إذ هناك مواد إعلامية منتجة، عربية وأجنبية، إلا أن ميزة ما يفعله عيسى قواسمي، أنه يأتيك مباشرا الى القلب، بلهجته المقدسية شبه الخليلية، والكل يعرف أنه لولا أهل الخليل أيضا، لضاعت القدس منذ زمن بعيد؛ إذ يعيش في القدس عدد كبير من أبناء الخليل، يعيشون ويعملون ويتاجرون، وهم أيضا حراس المسجد في هذا الزمن الصعب، ومعهم بطبيعة الحال أبناء القدس، الذين نراهم في كل موقع.
عيسى قواسمي حالة خاصة في القدس؛ إذ لديه بصمته الخاصة، في البث المباشر عبر كاميرا الموبايل، كل يوم يسري الى موقع في القدس، تارة الى قبة الصخرة، وتارة الى القصور الأموية، وتارة الى طنطور فرعون، ومواقع كثيرة داخل المدينة، ويحكي لك عن حزام القرى المقدسية المحيطة بالمدينة والتي باتت جزءا منها بمعايير اليوم، بعد أن كانت قرى قريبة بعيدة قبل عقود طويلة، وهو أيضا يعرف المدينة، حجرا، حجرا، تنطق عبر صوره التي يلتقطها، بكل تلك الروح الجمالية، التي تقول إن ها هنا أيضا عاشق للقدس.
معه في مرات صديقه حسام أبوعيشة، المبدع أيضا، في هذه الثنائية الجميلة، أو حتى عبر بثه الخاص أيضا على صفحته، كلاهما يستحقان الحسد، أو قل أن نغبطهما على أن ولدا في القدس، وعاشا فيها، ولم تأسرهما مصاعب الدنيا، بل جعلا في حياتهما وقتا للقدس، وقتا يقترب من حدود إنعاش الذاكرة، وتجديد الروابط مع المدينة المحتلة، وهي في ظل الأسر، ردها الله من غربتها، وفرج كربها، ورد أمتها اليها، دون استثناء أحد.
عيسى قواسمي، الجامعي، الذي يعمل بالخياطة في البلدة القديمة، روائي أيضا، وله روايات مطبوعة عدة، وأقام معارض عدة، بعضها هنا في الأردن، لكن ميزته الأساس، أنه يسلط الضوء على المدينة بجانبها الإنساني الحي، ليس مجرد الحجارة، ولا أضرحة الصحابة، ولا قصص المواقع الأثرية، بل ربط كل هذا بحياة الناس في المدينة، طقوسهم، رباطهم، وتعلقهم بمدينة ليست مثل المدائن في هذه الدنيا، وكأنها مدينة سماوية مكتملة تنزلت على الأرض بعد سنين طويلة من ولادتها، تنزلت بأسرارها الروحية، وهويتها، ونبضها.
المدن التي تعيش منذ آلاف السنين، بحاجة الى ذاكرة تحميها، وإلى يد تسقي روحها، من القدس الى الكرك والسلط، وصولا الى بغداد والقاهرة ودمشق، وبقية المدن ذات الوجه الحسن، التي بقيت رغم موجات الغزاة والعابرين، وهذه مدن لا بد أن نوثق الحياة فيها بطريقة مختلفة، بدلا من طمس الهوية، وتحويل المنطقة الى مجرد مجاميع سكنية، تعيش متفرقة، بلا روابط تجمعها، ولا إدراك لهوية المكان، وجذره التاريخي الإنساني، فأخطر ما نعيشه اليوم في هذا المشرق، محو الذاكرة، وشطب الهوية، وإشاعة اليأس.
صفحته على فيسبوك، المسماة باللغة الإنجليزية، Issa Issa Qawasmi، تستحق المتابعة، وما هو أهم أن يجد من يرعى كل هذا الجهد، وأن يتحول الى عمل كبير، إعلاميا، ورغم أن له مشاركات إعلامية تلفزيونية، إلا أننا أيضا نحض على أن يجد هذا الجهد رعاية خاصة، من باب دعم التوثيق لحياة المدن، ومن فيها، فهذا توثيق لمراحل زمنية، وأن يحافظ توثيقه على اللمسة التلقائية والإنسانية البسيطة، فهذا هو أيضا سر جاذبيتها الأساس.
كلما رأيت صورة للقدس، أقول في سري، إننا كعرب لم ندرك حجم خسارتنا الفادحة في القدس، حتى الآن، فهي خسارة كبيرة، يزداد إحساسي بها أكثر بسبب عيسى قواسمي أيضا.
عرفته عبر كل هذه الفيديوهات التي يبثها، تارة لصلاة الفجر من داخل المسجد القبلي، في الحرم القدسي، وتارة عبر جولته في أزقة القدس، وتارة عبر كلامه عن بواباتها، وآثارها، ودورها العتيقة، يجول بك، وكأنك معه، في كل موقع داخل البلدة القديمة، وفي مرات كثيرة، يأخذك الى الحياة اليومية، هذا بائع الكعك المقدسي الشهير، وذاك بائع الحلوى، وهنا تأتي الفلاحات لبيع ما لديهن من منتجات، وهناك باب العامود حيث البشر والبشرى معا.
التوثيق للقدس، عبر الكاميرا، ليس جديدا؛ إذ هناك مواد إعلامية منتجة، عربية وأجنبية، إلا أن ميزة ما يفعله عيسى قواسمي، أنه يأتيك مباشرا الى القلب، بلهجته المقدسية شبه الخليلية، والكل يعرف أنه لولا أهل الخليل أيضا، لضاعت القدس منذ زمن بعيد؛ إذ يعيش في القدس عدد كبير من أبناء الخليل، يعيشون ويعملون ويتاجرون، وهم أيضا حراس المسجد في هذا الزمن الصعب، ومعهم بطبيعة الحال أبناء القدس، الذين نراهم في كل موقع.
عيسى قواسمي حالة خاصة في القدس؛ إذ لديه بصمته الخاصة، في البث المباشر عبر كاميرا الموبايل، كل يوم يسري الى موقع في القدس، تارة الى قبة الصخرة، وتارة الى القصور الأموية، وتارة الى طنطور فرعون، ومواقع كثيرة داخل المدينة، ويحكي لك عن حزام القرى المقدسية المحيطة بالمدينة والتي باتت جزءا منها بمعايير اليوم، بعد أن كانت قرى قريبة بعيدة قبل عقود طويلة، وهو أيضا يعرف المدينة، حجرا، حجرا، تنطق عبر صوره التي يلتقطها، بكل تلك الروح الجمالية، التي تقول إن ها هنا أيضا عاشق للقدس.
معه في مرات صديقه حسام أبوعيشة، المبدع أيضا، في هذه الثنائية الجميلة، أو حتى عبر بثه الخاص أيضا على صفحته، كلاهما يستحقان الحسد، أو قل أن نغبطهما على أن ولدا في القدس، وعاشا فيها، ولم تأسرهما مصاعب الدنيا، بل جعلا في حياتهما وقتا للقدس، وقتا يقترب من حدود إنعاش الذاكرة، وتجديد الروابط مع المدينة المحتلة، وهي في ظل الأسر، ردها الله من غربتها، وفرج كربها، ورد أمتها اليها، دون استثناء أحد.
عيسى قواسمي، الجامعي، الذي يعمل بالخياطة في البلدة القديمة، روائي أيضا، وله روايات مطبوعة عدة، وأقام معارض عدة، بعضها هنا في الأردن، لكن ميزته الأساس، أنه يسلط الضوء على المدينة بجانبها الإنساني الحي، ليس مجرد الحجارة، ولا أضرحة الصحابة، ولا قصص المواقع الأثرية، بل ربط كل هذا بحياة الناس في المدينة، طقوسهم، رباطهم، وتعلقهم بمدينة ليست مثل المدائن في هذه الدنيا، وكأنها مدينة سماوية مكتملة تنزلت على الأرض بعد سنين طويلة من ولادتها، تنزلت بأسرارها الروحية، وهويتها، ونبضها.
المدن التي تعيش منذ آلاف السنين، بحاجة الى ذاكرة تحميها، وإلى يد تسقي روحها، من القدس الى الكرك والسلط، وصولا الى بغداد والقاهرة ودمشق، وبقية المدن ذات الوجه الحسن، التي بقيت رغم موجات الغزاة والعابرين، وهذه مدن لا بد أن نوثق الحياة فيها بطريقة مختلفة، بدلا من طمس الهوية، وتحويل المنطقة الى مجرد مجاميع سكنية، تعيش متفرقة، بلا روابط تجمعها، ولا إدراك لهوية المكان، وجذره التاريخي الإنساني، فأخطر ما نعيشه اليوم في هذا المشرق، محو الذاكرة، وشطب الهوية، وإشاعة اليأس.
صفحته على فيسبوك، المسماة باللغة الإنجليزية، Issa Issa Qawasmi، تستحق المتابعة، وما هو أهم أن يجد من يرعى كل هذا الجهد، وأن يتحول الى عمل كبير، إعلاميا، ورغم أن له مشاركات إعلامية تلفزيونية، إلا أننا أيضا نحض على أن يجد هذا الجهد رعاية خاصة، من باب دعم التوثيق لحياة المدن، ومن فيها، فهذا توثيق لمراحل زمنية، وأن يحافظ توثيقه على اللمسة التلقائية والإنسانية البسيطة، فهذا هو أيضا سر جاذبيتها الأساس.
كلما رأيت صورة للقدس، أقول في سري، إننا كعرب لم ندرك حجم خسارتنا الفادحة في القدس، حتى الآن، فهي خسارة كبيرة، يزداد إحساسي بها أكثر بسبب عيسى قواسمي أيضا.
تعليقات القراء
لا يوجد تعليقات