اربعون يوماً على رحيل والدي
عمان جو - شادي سمحان
ليس هناك أقسى على النفس من رؤية حبيبك مُسجَّى بلا حِراك، تراه ولا يراك، تنظر إليه للمرة الأخيرة ولا تكاد تُصدِّق ما ترى، هَمَمْتُ مِراراً أن أسأل كل من يَمُرُّ بجانبي.. أحقاً مات أبي؟ أحقاً رحل ولن يعود؟ في المستشفى، في المغسلة، في المقبرة؛ أسألُ نفسي.. أين هو أبي؟ ولماذا لم يحضر معنا.. لا، لا، لم يمت حبيبي.. وإن مات فهو باقٍ في نفسي إلى أن ألحق به عند ربي في جِنان الخُلد..
يا أيها الطاهر النقي.. يا أيها الطيِّب السخي؛ لو علمتُ أنَّ رحيلك كان وشيكًا، لكُنتُ أعددتُ نفسي، وتقرَّبتُ منك أكثر، ولتزوَّدتُ من بِرِّك بما قد ينفعني بعد وفاتك، ولأخبرتك أنِّي لا أجد نفسي من دونك، ولا أعلم كيف سيصبح شكل حياتي بعدك، ليتك تسمعني الآن لأُخبرك أنَّ فراقك ينتزع الحياة من روحي، ويقذف بي إلى أعماق الضياع.
الحقيقة الوحيدة أنَّك غادرت الدنيا إلى الأبد!
رحلتَ وفي القلب غُصَّة وفي النفس حسرة؛ منحتنا كل شيء، ولم تأخذ منَّا شيئاً، كنت تشاطر أبناءك لقمتك، وتكدح في سبيل راحتهم، وتَضيق بك الدنيا من أجلهم، وفي كل يوم تحمل فوق كتفيك الخيرات إليهم، قدَّمتَ لنا ما لم يقدمه أبٌ لأبنائه، ومنذ أن عرفتُ الحياة وأنتَ لنا العطاء والاحتواء، والصبر والوفاء، وكنت أنت البارَّ بنا ولم ينلك البِرُّ منَّا كما يجب أن يكون البِرُّ.
زرعت فينا كرم الخُلُق، وسماحة النفس، ولين الطباع، وصِدق التواضع، وحُبَّ المساكين، والإحسان إلى المُسيئين، لم أسمعك يوماً تذكر أحداً بسوء، ولم أشاهد في حياتي أحداً يُبغضك، كنت تُوصيني بالهدوء والتثبُّت قبل إطلاق الأحكام وإحسان الظن في الجميع، لم تأتِ يوماً مدافعاً عن الباطل أو ساكتاً عنه؛ فيا لعظيم خِصالك يا أبي..
سأفتقدك أنا يا أبي..
فقدتُّك ويغلبني بكاءٌ مرير، رحلتَ وتركتني أتجرُّع ألم فراقك، فقدتُّك كثيراً، وأشعر أن الدنيا تضيق بي، ويا ليتني كنت أدري يا أبي يا ليتني كنت أدري..
أتعلم أي حزن يعبث في قلب ابنك وهو يحملك إلى الأجداث، يحملك إلى دار الانتقال والخلود!
ودَّعتُك وأبدلني الله بجميل ذِكرك، وبياض سيرتك، ودَّعتُك ولم أُودِّع مآثرك وكريم خصالك، ودَّعتُك ولم أنسَ إحسانك إلي، وصدق عطفك لا ينفك عني أبداً..
عزائي أنك أقبلتَ على مولاك بوجه مضيء، رافعاً سبابتك مُوحِّداً..
عزائي أنك أقبلتَ على من هو أرحم منَّا وأكرم منَّا، وأنك انتقلت من دار الفناء والبلاء إلى دار المستقر والبقاء..
عزائي يا أبي هو حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم: “إذا أراد الله بعبده خيراً استعمله قبل موته، قالوا: يا رسول الله! وكيف يستعمله؟ قال: يُوفِّقه لعملٍ صالح، ثم يقبضه عليه) رواه أحمد وصحَّحه الألباني.
اللهم إنك تعلم حبه لفعل الخيرات، وإعانته للضعفاء، ومحبته للمساكين، وقربه من الفقراء والمحتاجين
اللهم إنك تعلم إحسانه إلي منذ ولادتي حتى يوم وفاته
اللهم اجزِ والدي عنّي خير ما جزيت به والداً عن ولده، وخير ما جزيت به مُحسناً على إحسانه
اللهم اجعل قبره نوراً وحُفَّه بملائكتك
اللهم آنس وحشته
واغسله بالماء والثلج والبرد
اللهم عامله بما أنت أهله
واجعل الجنة داره وقراره
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
إنَّ العين لتدمع، وإنَّ القلب ليحزن، ولا نقول إلا ما يُرضي ربنا، وإنا على فراقك يا أبي لمحزونون..
إنّا لله وإنّا إليه راجعون
عمان جو - شادي سمحان
ليس هناك أقسى على النفس من رؤية حبيبك مُسجَّى بلا حِراك، تراه ولا يراك، تنظر إليه للمرة الأخيرة ولا تكاد تُصدِّق ما ترى، هَمَمْتُ مِراراً أن أسأل كل من يَمُرُّ بجانبي.. أحقاً مات أبي؟ أحقاً رحل ولن يعود؟ في المستشفى، في المغسلة، في المقبرة؛ أسألُ نفسي.. أين هو أبي؟ ولماذا لم يحضر معنا.. لا، لا، لم يمت حبيبي.. وإن مات فهو باقٍ في نفسي إلى أن ألحق به عند ربي في جِنان الخُلد..
يا أيها الطاهر النقي.. يا أيها الطيِّب السخي؛ لو علمتُ أنَّ رحيلك كان وشيكًا، لكُنتُ أعددتُ نفسي، وتقرَّبتُ منك أكثر، ولتزوَّدتُ من بِرِّك بما قد ينفعني بعد وفاتك، ولأخبرتك أنِّي لا أجد نفسي من دونك، ولا أعلم كيف سيصبح شكل حياتي بعدك، ليتك تسمعني الآن لأُخبرك أنَّ فراقك ينتزع الحياة من روحي، ويقذف بي إلى أعماق الضياع.
الحقيقة الوحيدة أنَّك غادرت الدنيا إلى الأبد!
رحلتَ وفي القلب غُصَّة وفي النفس حسرة؛ منحتنا كل شيء، ولم تأخذ منَّا شيئاً، كنت تشاطر أبناءك لقمتك، وتكدح في سبيل راحتهم، وتَضيق بك الدنيا من أجلهم، وفي كل يوم تحمل فوق كتفيك الخيرات إليهم، قدَّمتَ لنا ما لم يقدمه أبٌ لأبنائه، ومنذ أن عرفتُ الحياة وأنتَ لنا العطاء والاحتواء، والصبر والوفاء، وكنت أنت البارَّ بنا ولم ينلك البِرُّ منَّا كما يجب أن يكون البِرُّ.
زرعت فينا كرم الخُلُق، وسماحة النفس، ولين الطباع، وصِدق التواضع، وحُبَّ المساكين، والإحسان إلى المُسيئين، لم أسمعك يوماً تذكر أحداً بسوء، ولم أشاهد في حياتي أحداً يُبغضك، كنت تُوصيني بالهدوء والتثبُّت قبل إطلاق الأحكام وإحسان الظن في الجميع، لم تأتِ يوماً مدافعاً عن الباطل أو ساكتاً عنه؛ فيا لعظيم خِصالك يا أبي..
سأفتقدك أنا يا أبي..
فقدتُّك ويغلبني بكاءٌ مرير، رحلتَ وتركتني أتجرُّع ألم فراقك، فقدتُّك كثيراً، وأشعر أن الدنيا تضيق بي، ويا ليتني كنت أدري يا أبي يا ليتني كنت أدري..
أتعلم أي حزن يعبث في قلب ابنك وهو يحملك إلى الأجداث، يحملك إلى دار الانتقال والخلود!
ودَّعتُك وأبدلني الله بجميل ذِكرك، وبياض سيرتك، ودَّعتُك ولم أُودِّع مآثرك وكريم خصالك، ودَّعتُك ولم أنسَ إحسانك إلي، وصدق عطفك لا ينفك عني أبداً..
عزائي أنك أقبلتَ على مولاك بوجه مضيء، رافعاً سبابتك مُوحِّداً..
عزائي أنك أقبلتَ على من هو أرحم منَّا وأكرم منَّا، وأنك انتقلت من دار الفناء والبلاء إلى دار المستقر والبقاء..
عزائي يا أبي هو حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم: “إذا أراد الله بعبده خيراً استعمله قبل موته، قالوا: يا رسول الله! وكيف يستعمله؟ قال: يُوفِّقه لعملٍ صالح، ثم يقبضه عليه) رواه أحمد وصحَّحه الألباني.
اللهم إنك تعلم حبه لفعل الخيرات، وإعانته للضعفاء، ومحبته للمساكين، وقربه من الفقراء والمحتاجين
اللهم إنك تعلم إحسانه إلي منذ ولادتي حتى يوم وفاته
اللهم اجزِ والدي عنّي خير ما جزيت به والداً عن ولده، وخير ما جزيت به مُحسناً على إحسانه
اللهم اجعل قبره نوراً وحُفَّه بملائكتك
اللهم آنس وحشته
واغسله بالماء والثلج والبرد
اللهم عامله بما أنت أهله
واجعل الجنة داره وقراره
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
إنَّ العين لتدمع، وإنَّ القلب ليحزن، ولا نقول إلا ما يُرضي ربنا، وإنا على فراقك يا أبي لمحزونون..
إنّا لله وإنّا إليه راجعون