ومات خالد الزبيدي .. يا ماهر!
عمان جو -:
اسامة الرنتيسي
ومات خالد الزبيدي..
خالد ليس بالزميل والصديق العادي، وليس بالمحلل والخبير الاقتصادي الطبيعي، فهو من أهم مَن كشف عن عيوب في منظومتنا الاقتصادية.
هو خريج جامعة بغداد في نهاية السبعينيات، وهو أحد نشطاء الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في الكويت عندما كانت حاضنة للعمل الفدائي الفلسطيني.
خسارتنا كبيرة في غياب خالد الزبيدي….
أعرفه منذ عام 1997، عندما بدأنا العمل في صحيفة “العرب اليوم”، وبرز خالد عندما كشف عن فضيحة سرقة أنابيب خط التابلاين، واستمر في السبوقات الصحافية المميزة، حتى اختلف مع الناشر الأول للصحيفة وذهب إلى القضاء وتسبب بسجن الناشر الذي اختلف أيضا مع رئيس الوزراء.
واستمر خالد في حضوره المميز، حتى كان الفيديو الذي كشف فيه عن فروقات أسعار النفط، والمليارات التي تجنيها الحكومات من هذه الفروقات يسيطر على الفضاء الإلكتروني الأردني، وللآن يتم نبشه كلما جاء الحديث عن الطاقة وأسعار النفط.
ولأن خالد ليس بالشخص العادي، فقد استقبل قرار الموت بعد أن علم أن فيروس كورونا تمكن كثيرا منه بنشر بوست على صفحته الشخصية فيس بوك قبل وفاته “صباح الخير كل الأصدقاء حاولت هزم الفيروس لكن التعقيدات تتزايد .. احموا أنفسكم وأسركم .. هذا الوباء ثقيل عسى ان نخرج بأقل الخسائر الممكنة .. ونلتقي في دار الحق “.
خسارتنا لا تعوض بفقدان خالد الزبيدي، ومهما ذرفنا الدموع والحسرات على غيابه فلن نوفيه حقه.
أوجعتنا يا خالد؛ ولعلمك قبل أن تدفن في بطن الأرض، لقد كان الصديق ماهر سلامة يرتب للقاء تكون أنت ضيف شرفه في “دارة ماهر” حتى نستمع منك إلى آخر بلاوي جائحة كورونا علينا وعلى العالم.
ثمة ميتة رحيمة، وثمة ميتات تأتي على حين غَرّة، تقصف عمر الإنسان من دون استئذان، لا تحاوره، لأنها تعرف أنها لا تستطيع مواجهته بالحوار، هي هكذا تغشى الجسد المتعب حتى تمنع النَّفَس عنه.
لا تنظر إلى أن هذا الجسد سكنه القهر والظلم، فولج صاحبه إلى زاوية في العتمة هربا من سياط الواقع لا خوفا ولا ترددا، لكنها لحظة مداعبة لموت لا يقبل المزاح.
أيها الموت.. أعرف أنك لا تصوم، وأعرف أنك لا تقبل المساومات حتى لو دعوناك لتجلس في صدر البيت، أعرف أنك لا تستجيب لنا، لكننا نتمنى أن تكون رحيما بمن أحبَّ الحياة، أتمنى ألا تمارس سياسة الخطف، فهي ليست لك بل للمجرمين والقتلة.
أيها الموت، أعرف أنك لا يمكن أن تصاحبني لأحدّثك عن أحباب خطفتهم، ونحن نرجو لهم حياة أطول، فهم أرق من غدرك، وأكثر لطفا من لحظة اقترابك.
أيها الموت ألا تقبل أن ندعوك إلى فنجان قهوة، لعلنا نعقد معك صفقة، فتقبل بهدنة حتى لا تأتي غفلة، وإذا أمكن أن تأخذ غفوة قليلة فترحل عن عمرنا الذي سرق منا، فواتير مدفوعة لأبناء قادمين، يحلمون بالحياة، والحياة أصعب من قرط حجر الصوان.
أيها الموت ابتهج وافعل ما تراه مناسبا، لكن احذر الغدر…..
نم قرير العين يا صديقي، وخالص العزاء لأهلك ومحبيك وأصدقائك الكثيرين.
الدايم الله…
عمان جو -:
اسامة الرنتيسي
ومات خالد الزبيدي..
خالد ليس بالزميل والصديق العادي، وليس بالمحلل والخبير الاقتصادي الطبيعي، فهو من أهم مَن كشف عن عيوب في منظومتنا الاقتصادية.
هو خريج جامعة بغداد في نهاية السبعينيات، وهو أحد نشطاء الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في الكويت عندما كانت حاضنة للعمل الفدائي الفلسطيني.
خسارتنا كبيرة في غياب خالد الزبيدي….
أعرفه منذ عام 1997، عندما بدأنا العمل في صحيفة “العرب اليوم”، وبرز خالد عندما كشف عن فضيحة سرقة أنابيب خط التابلاين، واستمر في السبوقات الصحافية المميزة، حتى اختلف مع الناشر الأول للصحيفة وذهب إلى القضاء وتسبب بسجن الناشر الذي اختلف أيضا مع رئيس الوزراء.
واستمر خالد في حضوره المميز، حتى كان الفيديو الذي كشف فيه عن فروقات أسعار النفط، والمليارات التي تجنيها الحكومات من هذه الفروقات يسيطر على الفضاء الإلكتروني الأردني، وللآن يتم نبشه كلما جاء الحديث عن الطاقة وأسعار النفط.
ولأن خالد ليس بالشخص العادي، فقد استقبل قرار الموت بعد أن علم أن فيروس كورونا تمكن كثيرا منه بنشر بوست على صفحته الشخصية فيس بوك قبل وفاته “صباح الخير كل الأصدقاء حاولت هزم الفيروس لكن التعقيدات تتزايد .. احموا أنفسكم وأسركم .. هذا الوباء ثقيل عسى ان نخرج بأقل الخسائر الممكنة .. ونلتقي في دار الحق “.
خسارتنا لا تعوض بفقدان خالد الزبيدي، ومهما ذرفنا الدموع والحسرات على غيابه فلن نوفيه حقه.
أوجعتنا يا خالد؛ ولعلمك قبل أن تدفن في بطن الأرض، لقد كان الصديق ماهر سلامة يرتب للقاء تكون أنت ضيف شرفه في “دارة ماهر” حتى نستمع منك إلى آخر بلاوي جائحة كورونا علينا وعلى العالم.
ثمة ميتة رحيمة، وثمة ميتات تأتي على حين غَرّة، تقصف عمر الإنسان من دون استئذان، لا تحاوره، لأنها تعرف أنها لا تستطيع مواجهته بالحوار، هي هكذا تغشى الجسد المتعب حتى تمنع النَّفَس عنه.
لا تنظر إلى أن هذا الجسد سكنه القهر والظلم، فولج صاحبه إلى زاوية في العتمة هربا من سياط الواقع لا خوفا ولا ترددا، لكنها لحظة مداعبة لموت لا يقبل المزاح.
أيها الموت.. أعرف أنك لا تصوم، وأعرف أنك لا تقبل المساومات حتى لو دعوناك لتجلس في صدر البيت، أعرف أنك لا تستجيب لنا، لكننا نتمنى أن تكون رحيما بمن أحبَّ الحياة، أتمنى ألا تمارس سياسة الخطف، فهي ليست لك بل للمجرمين والقتلة.
أيها الموت، أعرف أنك لا يمكن أن تصاحبني لأحدّثك عن أحباب خطفتهم، ونحن نرجو لهم حياة أطول، فهم أرق من غدرك، وأكثر لطفا من لحظة اقترابك.
أيها الموت ألا تقبل أن ندعوك إلى فنجان قهوة، لعلنا نعقد معك صفقة، فتقبل بهدنة حتى لا تأتي غفلة، وإذا أمكن أن تأخذ غفوة قليلة فترحل عن عمرنا الذي سرق منا، فواتير مدفوعة لأبناء قادمين، يحلمون بالحياة، والحياة أصعب من قرط حجر الصوان.
أيها الموت ابتهج وافعل ما تراه مناسبا، لكن احذر الغدر…..
نم قرير العين يا صديقي، وخالص العزاء لأهلك ومحبيك وأصدقائك الكثيرين.
الدايم الله…