إتصل بنا من نحن إجعلنا صفحتك الرئيسية

الأوكسجين القاتل .. لماذا وصل الأردن إلى هنا؟


الكاتب : فارس حباشنة

عمان جو - تصدرت حادثة مستشفى السلط وازمة نقص الاوكسجين وتوالي الاخبار عن وفيات المرضى على مدار يومين الصفحات الاولى في الصحف العربية، وحيث تبقت صحف، ونشرت الاخبار في الفضائيات العربية « الشامتة والحزينة والمتضامنة « والاجنبية المخاطبة للراي العام العربي، وفضلا عن وسائل التواصل الاجتماعي وبكثافة ملحوظة.
كنا نتابع هكذا اخبار شؤم وسوداء وسيئة قادمة من دول عربية قريبة وبعيدة. في العقد الاخير اصبح الاردن مصدرا للاخبار السيئة، وتحولنا الى مضرب مثل في سياسة الاهمال والادارة الفاشلة، ونموذج لعطب اصاب مؤسسات الدولة، وبناها الكلاسيكية العريقة: التعليم والصحة والبنى التحتية.
اخبار عن غرق طلاب مدارس، تذكرون حادثة البحر الميت في عهد حكومة عمر الرزار، والاطفال الابرياء الذين ذهبوا ضحايا لاهمال وسوء ادارة لم يعاقب ويحاسب عليها اي مسؤول رسمي.
وكما تذكرون ايضا اخبار واقعة «غرق عمان» قبل عامين، وما دب من خراب ودمار نتيجة الامطار الغزيرة وانهيار منظومة البنى التحتية في وسط البلد، وقد ادى الى خسائر مالية فادحة، وخسائر بشرية، ولولا مشئية الله لكانت عمان القديمة ذهبت في خبر كان.
اخبار عن عبث وخراب منظم تختلط في انهيار النظام العام. الاردن كان دولة تتباهى بالادارة العامة «البروقراط « والتعليم والصحة والنقل العام ومنظومة البنى التحتية. ويضرب المثل بها عربيا واقليميا، ولربما ان التجربة الاردنية كان سابقة لتركيا واسرائيل ودول الخليج.
في تسعينات القرن الماضي حلم الاردن بان يكون سنغافورة، ودب الحلم في خيال الدولة وساستها. وكان الراحل الملك حسين تحدث بصراحة عن الاردن ليكون سنغافورة العرب.
فماذا قد تبقى من الحلم اليوم ؟ وهل ما زال الحلم صالحا لاستعادة سرده وروايته على مسامع الناس، ولفك شفيرات الحلم وترجمتها لغة وواقعا في حياة الاردنيين اليوم الملطخة باخبار الشؤم والسوء والخراب والفوضى، واللامبالاة.
وهل كان من الممكن ان يصبح الاردن سنغافورة العرب، وماذا حصل في العقود التالية للحلم الاردني ؟ سواء بوعي او لا وعي تراكمت الخيبات والمرارات. ولربما ما يستبطن السؤال خوفا اكبر من اغتيال حلم الاردنيين، واحلام وامال كبرى علقها الاردنيون على شوق عظيم للتطور والتقدم وبناء دولة وطنية حديثة، وفتح الطريق لغد افضل.
حادثة السلطة لم استفق من يومين لاكتب عنها بوضوح. ومازالت الصدمة تستوطن راسي وعقلي وخيالي. موت بسبب الاهمال والعبث واللامبالاة. واقلامنا انبرت وحبرنا جف واصواتنا تعبت من شدة ما حذرنا من ازمة القطاع الصحي، ومخاوف الانهيار في ظلال تبعات ازمة كورونا، وما يواجه الكودار الطبية من تحد وصعاب.
وازمة نقص الاوكسجين كانت السؤال الاكثر الحاحا طرقا لمسامع رئيس الحكومة ووزير الصحة المقال. تبخرت الاسئلة القلقة وذابت في ماء الاسيد، وتحول الواقع الى خبر مزعج ومؤلم وموجع لفقد عشرات من المرضى الابرياء، ولدق ناقوس الخطر بما يصيب القطاع الصحي العام، ويدعو الدولة لتشغيل كل المجسات قبل ان توقد النيران في اجساد الهيكل الصحي العام.
هذا التعليق والشهادة لو كانت متاخرة عن واقعة السلط. وللراحلين اسفا من اهلنا السلطية الملطومين والصابرين، لروحكم الرحمة والسلام.




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمان جو الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :