إتصل بنا من نحن إجعلنا صفحتك الرئيسية

عبد الكريم الكباريتي يبكي حضور حفل تابين الدكتور الحوراني


عمان جو - نعى دولة عبدالكريم الكباريتي الاخ والصديق الدكتور المرحوم  أحمد الحوراني مؤسس جامعة عمان الاهلية في كلمة معبرة ومؤثرة تحمل دلالات اخوية وصادقة وذكريات كان لها النصيب الاكبر من ذاكرته فهو حسبما قال الاخ والصديق الوفي واتم الناس ميثاقا وعهدا في في حفل تأبينه في جامعة عمان الاهلية يوم الاثنين 29/2/2016 .

 

وقال الكباريتي في الحوراني انه غال كغلاء تراب فلسطين. ولام الوجع كيف يمكنه ان يسكن في قلب رجل عظيم كالحوراني وتساءل بكل اسف والم انه كيف للوجع ان يسرق موضعا في قلبه.

 

كانت كلمة الكباريتي الاخ قبل المسؤول لها وقع وصدى كبير على نفس الحاضرين حيث استرسل في رثائه وذكره والدمع يترقق في عينيه حتى ساد الصمت وسط الحضور الكبيروخيم الحزن على قلوب ووجوه الحاضرين الذين اثارتهم كلمات ليس كأي كلمات وعبارات شامخات تحمل كل معاني الصدق والوفاء لرجل بألف رجل، فكانت الكلمات قنابل مدوية تحمل معها وجع مكتوم ومكلوم قرأه دولة عبد الكريم الكباريتي بقلبه ومشاعره واحاسيسه التي نطقت ألما وامطرت وجعا ودمعاً.

 

وفيما يلي النص الكامل لكلمة "ابو عون" التي صفق لها الجميع وربما وصلت الى روح صاحبها فطيبت هذا الحوراني واينعت روحا وزهرا:

 

 

بسم الله جل جلاله في علاه ...

 

والحمدالله على الائه وبلائه ونعمائه ...

 

واحمد الكريم ... ان يجعل لوفاء الاصادق اهلا ولاتم الناس ميثاقاً وعهداً فطوبى للحضور الكرام ولهم الشكر اجزله واوفاه ... والشكر موصول للخطباء فيض مشاعرهم وصدق وفائهم وروعة خطابهم فقد كفوا ووفوا اجادوا واشادوا بما جاد احمد وشاد وما اشتمل عليه من شيم وشمائل .. وتمام المكارم والفضائل .. طاب مثواه ونعم ذكراه...

 

يا عظيم الشأن ... سلام على روحك والشوق اليك وضاء فأن العظائم كفؤها العظماء ... بذكراك نزهو ... وذكرك يعلو .. وروحك في المنتهى والسدرة العصماء واقف اجلالا في هذا المقام في الجامعة التى ارسى احمد اوتادها واعلا عمادها فصارت تعرف به ويعرف بها دره انجازاته وسجل حكمته ومواقفه وقيمه ... سكب فيها روحه وثورة  نفسه... لتكون قبس نور ومنارة علم ومعقل حكمة ومنطلقاً للمستقبل وتمكينا للمعالي

 

فيا صانع المعالي يا غالي مثل تراب فلسطين ... يا توام الروح توامه طولكرم لجنين بأبي انت وامي عليك السلام وقد استحلفتك ان تكتب وكنت تتأوه وتجيب .. وكيف يكتب الوجع ... وكنت اعجب كيف للوجع ان يستقر في قلب كقلبك الكبير ... قلب الحياة الذي يملؤه الحب والحماس والاندفاع

 

كيف للوجع ان يسرق له موضعا عند فارس اعتلى صهوة العز والانجاز ... مدارس وجامعه تلد النور وتنبت المعالي علما وخلقا ومجدا ... والاحلام التى عمَرت في ضميرك حققتها عمائر ومصانع وفنادق ومزارع ... فماذا كنت تريد اكثر ؟؟؟!!

 

كنت تحب الحياة ففتحت لك الحياة اعماقها وأدنتك من اسرارها ... وكان الاقدام لك ركابا تقدح الصخر قدحاً( وانك كادح الى ربك كدحا )... فأثابك الصادق العظيم من اسباب الكمال وبلوغ الامال ما لم يحققه اعظم الرجال .. ولم افهم واستحلفتك ان تكتب فتتأوه وتعيد كيف يكتب الوجع ... ولم افهم..

 

وكنت احسبك محظوظا .. على الرغم ان الحظ لم يلعب دورا في نجاحاته ولا انجازاته فقد تجلت عبقريته بأنه صنع حظه,و وتوهجت عظمته في ان الاثراء والنعم ما غيرته.. وما اغرته، بل زادته حماسا وعزما وكداحا وتواضعا ومهابة ..

 

يا صاحبي ... صاحبتك وعايشت عنفوان حيويتك ومهابتك، وصهيال صوتك الهادر ووعيد غضبك الثائر ... وكنت كالبحر كالموج كالطوفان ..." سخيا بالحق بخيلا في الباطل" ترضى حين الرضا وتسخط حين السخط... يتوهج وجهك ضياءً حين ترضى وناراً وغضبا حين تسخط وتكره التردد والتخاذل والتكاسل ... ولا تطيق الكذب والبخل ... ويررد الاثير نشيدك اليومي .. ( اذا كنت ذا رأي فكن ذا عزيمة – فان فساد الراي ان تترددا ) ... فكنت مهيبا مهابا يحسبك المرء رجلا بلا عواطف جبلا لا تحركه العواصف ولا تزيله القواصف .. واسألك : هل بكيت مره يا دكتور ؟ فتضحك وتقول : ربما بكيت عند ولادتي .. فبالله من اين ياتيك الوجع؟

 

وتأتي لحظة .. لحظة يتوقف فيها الزمان.. لحظة الشهادة التي يوافق فيها السر الاعلان.. والقلب مع العين واللسان.. وتسطع حقيقة الانسان.. يومها كان احمد يجلس الى جانبي في السيارة وفي طريقنا الى مناسبة فرح، وكان دوما يخشى قيادتي للسيارة ولا يثق بها، وعندما أوقفت السيارة فجأة ارتعب وثار غضبه وقال :"ولك مين علمك السواقة؟" قلت :"ابوي" فرد:"..... نزلني نزلني " فضحكت وقلت له: بتعرف يا دكتور كان ابوي عندما يغضب يغنيلي .. وانت زي ابوي .. شو رأيك تغنيلي طالما احنا رايحين على فرح.. فينتفض ويرد بلكي بدك اطبلك كمان.. انكب ولك، نزلني نزلني .. وتأتي تلك اللحظة يسكت فيها قليلا.. يفكر، يهدأ ويسألني "طب شو كان يغنيلك ابوك؟" فأنشدت له ماكان ينشد والدي حقيقة عند الغضب .. اذ كان يهيجن بالبدوية: "يهودي وش لك عندنا.. تغير علينا القايله وان قدر الله نذبحك عند الحرم وديارنا واللي يموت خليه يموت، خليه يزور المقبرة.."

 

ولا يهدأ الألم ولا يستكين.. وتقول الأم لوالده:"حرام عليك الولد مسكين" ويرد الوالد :"ماعليكي انه فطين مكين، انه ابن فلسطين.. سلام على روحك..

 

ويتوحد تراب فلسطين ومع جلد وروح الفطين المكين.. وتقدر الاقدار ويخيم الذل والانكسار وتغمر الدموع والدماء هضبات فلسطين ويفرض عليه ان يهجر الارض ويرمي المنجل ويرحل..

 

وتتسع رقعة الفجيعة ويتعاظم الوجع.. وما عاد الفطين ولدا بل رجلا مكينا طماحا، نعم خرج من فلسطين لكنها لم تخرج أبدا من قلبه ، خالدة في ضميره خلود الحق، ومن دراسة قمح بلاده ينتقل الى دراسة توسيع افاقه فالفقر صوت يلهب ظهره الطامح قرأ ان النوابغ والجبابرة وأعاظم الرجال كانوا من الذين عاشوا في الخيام والاكواخ واذاقهم الدهر لباس الجوع والفقر.. هكذا درس وتعلم..

 

وكان يرضى من العيش مضغة.. ومن الحطام يستنبت الكتابة والعلم والورق ورغم الالم والقلق يتقدم اكثر واكثر.. حصان جامح لا يتعثر في زحام المخذولين والمتخاذلين (ويتدكتر )احمد وينال شهادة الدكتوراة ولا تستقر روحه ابدا ويظل حالما واثقا بانتظار يوم عيد وميلاد جديد... بانتظار الرجل بانتظار البطل الذي يقودنا الى حطين ويحي صلاح الدين ويكسر الحصار ويمحي الذل والانكسار ويحقق الانتصار ويعيد فلسطين ... ويقتحم الدكتور ميدان العمل في البنك المركزي ويكدح ويزاحم ... ليتخذ له حيزا مميزا، مما اثار حسد الحاسدين وحفيظة "الهمل" موظفي الجهل والكسل من الحاقدين والواشين والاقليميين ويترك صاحب النفس الجبارة يترك العمل ويرحل .. كما ترك سابقا المنجل ويتسع الفتق والرتق ويرجع الوجع الذي يكتم ولا يكتب ..

 

سلام على روحك احمد .. فما استسلمت ولا حقدت ولم تهن ولم تستكن فانت الرجل الرجل .. الفطين المكين تحليت بحلي الصبر وتوشحت برداء العلم ولبست ثوب العقل واستكملت اسباب وشروط النجاح بالكد بالجهد بالكفاح ... وتبدأ مسيرة جديدة .. مسيرة انجاز واعجاز ... اعليت فيها البناء حجرا .. وغرست الارض شجرا..

 

واضئت منارات العلم دررا ... فجنيت العز والمجد والثراء ثمرا .. وانبت في المكارم رغم الوجع اثرا... ايها الحوراني ... حرة روحك انت ... نوارني كالبدر آنا التفت .. واي شوط عظيم في مضمار الحياة قطعته ... احداث تزلزل الجبال وتقهر الرجال فلم تكسر ولم تقهر ... يا كريم يا جواد

 

وبيتك بيت الكرام والمحامد ..

 

يا وهج الشهامة يا نور الكبرياء الماجد..

 

يا من ارتقى العلياء ... لم تعمل الخير رياء .. ولم تتركه حياء .. فتزودت من نفسك لنفسك ... ومن دنياك لاخرتك ومن الحياة قبل الموت فتقدمت وقدمت لمقامك .. وأديت الى الله طاعته واتقيته بحقه فانابك بجواره وخلدك في داره ... اذهب يا شقيق الروح نقي الثوب قليل العيب ارجع الى حيث لا وجع .. فقد اضناك دبيبه ... ونال منك فحيحه ... فاترك الوجع لنا والفجيعة بنا

 

فالقدس اضعناها ..

 

والشام حرقناها

 

وبغداد نحرناها

 

والاحداث يزداد شرها

 

والنفوس يسرها ما يضرها

 

والريات السود قابضة على خمر الاحلام تستبيح حرمات الانسان وعظمة الاسلام..

 

اترك الوجع لنا ، ونم قرير العين في ظل العرش العظيم .. فيا ايتها الروح المطمئنة ارجعي الى ربك راضية مرضية ... وبمعراج رجوعك الى الرفيق الاعلى وانت بثوب احرامك ... اكمل فريضة طوافك على اسوار القدس وضياء الاقصى ... وكبّر  ( الله اكبر ) (الله اكبر ) .. عائدون عائدون ... فوعد الله لا يخون ... وانا لله وانا اليه راجعون - اولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة واولئك وهم المهتدون

 

تحياتي الى الحوراني ... اصدقائي الاصادق ... الحضور الكرام ... كل الاجلال والاعظام والاحترام والسلام...

 




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمان جو الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :