إتصل بنا من نحن إجعلنا صفحتك الرئيسية

وداعا متعب الصقار


الكاتب : فارس حباشنة

عمان جو - متعب الصقار احبه الاردنيون ليس لانه فنان . احبوه لانه ابن حوران و الرمثا الطيب و الدمث و الخلوق، و صاحب النكتة الفطرية، و لانه صاحب الروح الخفيفة . ويتكلم بلهجة الرمثا، و خشونة و عفوية وفطرية لهجات الاطراف الجميلة .
رحل الصقار في الموعد، و اجزم بان الفنانيين يموتون ويعرفون متى يموتوا . اختار موعد موته بعدما تعب من الغناء و الموسيقى، و ما دب من فرحة و سرور و بهجة في قلوب الناس .
عاش متعب الصقار حياته فنانا، و عاش قريبا من الناس، و عاش من اجل الفن .. و نثر غنائه من الفلكور الحوراني و البدوي و الريفي الاردني، وكلمات اغانيه لم ينقطع ارتداد صداها عن السنة الاردنيين .
لم يترك الصقار ابن الرمثا الطيبة مدينته التي ولد وعاش بها حياته كاملة . واجاد باحتراف اعادة انتاج التراث الفني والموسيقي الاردني .. و اكتشف المخبوء في الذاكرة الشعبية،و اهازيج و تراتيل و اغاني الحصادين و الفلاحين و الدراسين، و رعيان الاغنام، وحراس الليل، و السمار، و العشاق و المولهين في عجائب مدائن الصحراء ومجاهيلها .
ولان متعب الصقار من عشاق التراث، ولم يحرفه و يزيفه، و لم يحدث التراث و الفلوكور بطريقة و اسلوب اصاب روحه و خدش قيمته الرمزية و ودخائره الفلكورية من موسيقى وكلمات و الالحان، وغناء .
حافظ متعب الصقار في اغانيه على ذاك الصوت الرمثاوي الحوراني، والمنتمي الى حوران الكبرى . في الجغرافيا الثقافية المشرقية فان الشام التاريخية تتكون من شرق الاردن وحوران الكبرى . لربما ان حوارن فقدت هويتها الخاصة بالانفصل الجغرافي بفعل الاستعمار و سايكس بيكو، و لكنه نجدها في التواصل و الاشتباك الثقافي والاجتماعي، وذلك ما تجده في وحدة الشخصية والهوية الشامية .
صوت متعب الصقار الشجي و العذب تجده مسموعا في الاطراف الشامية من شرق الاردن الى سهول حوران و الى الجزيرة الفراتية، و اطراف من العراق . وهذه الوحدة « السوسيو ثقافية والديمغرافية» بين الشام واطرافها البعيدة و القريبة، وعلاقات العرق والدم في التاريخ، وما تحاول السياسة في الراهن ان تمحوه و تشطبه من الذاكرة، و تزرع بدائل عنه بالهويات الضيقة والفرعية، ووطنيات سايكس بيكو ووعد بلفور .
الصقار ..هذا هو الفنان المحلي، و ليس فنان معولم و من فناني الشرق الاوسط الجديد والروتانيات . فنان يعرف الصحراء و البادية و الارياف، ويعرف حكاية كل قرية اردنية و شامية . فنان مقاوم بالكلمة يعرف في كل نبضة قلب و كل جهد، و كل اغنية، وكل صوت، وكل حرف يؤثق خوضه لمعركة ضد الاستبدال، وثقافة الاستهلاك والتنميط، و التعليب الفني و الثقافي والحرب على الهويات الوطنية الثقافية والاجتماعية التاريخية .
هذا متعب الصقار عاش و مات، وهو يضحك .. و استطاع الصقار على ان يعرف كيف يخلد الكلمة و اللحن و الموسيقى . انه عاشق ابدي للفن
و للجمال، غادرنا و مل حياتنا بهجة فرح و حبا للحياة، و ترك مهرجان من الابداع .. سيبقى في وجداننا طويلا، و سنتذكر متعب الصقار كلما سمعنا دندنة حوارنية، وكلما اشتاقت قلوبنا الى « حبل المودع «، و احبال وصل الدبكة الرمثاوية والحورانية .




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمان جو الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :