إتصل بنا من نحن إجعلنا صفحتك الرئيسية

حروب الإعلام


الكاتب : فارس حباشنة

عمان جو - حرب الاعلام ..انها من اشد الحروب ضراوة . تسلل بنعومة و خفة و رشاقة ، و من خلال الميديا و مراكز الابحاث و المو?سسات الاعلامية . و هي معركة لها ضحايا و اسرى يتقتادون وراء افكار ومصطلحات و اراء .



ضحايا حروب الاعلام اخطر فتكا من الحرب العسكرية والميدانية . و ضحايا حروب الاعلام يقتادون دون وعي ، و تسلب ارادتهم وحريتهم ، و كما ان ضحايا حروب الاعلام يعيشون على هامش الثقافة و قارعة الطريق و الممرات و المسارب . ولذا يجدون انفسهم منجرين بالتفكير وراء ما يريده العدو «الاخر « ، و يقعون ضحايا لشباك صيد لافكار و اراء و

مفاهيم .سلسلة من مفاهيم واراء و افكار وليدة لعبت دورا خطيرا في انحراف الوعب و تجيير الوعي لصالح مصالح العدو . و انحراف الرو?ية ، و انشقاق مسارها الطبيعي و السليم ، و تعويم و تشتت الراي العام ، وتنطيق لافكار و اراء و تحميلها دلالات و شحنات من المعاني لاذكاء مصالح الطرف الاخر .

وما خطر ببالي لكتابة هذه السطور الحرب على غزة ، و العدوان الاسرايلي الغاشم و المتوحش .. وحرب الابادة الجماعية امام اعين العالم ، و حالة العزلة و الموت الجماعي الذي يواجه غزة ، وكيف تشتغل الماكينة الاعلامية والدعائية الاسرائيلية على تهجير مفاهيم و افكار و توظيفها و صياغتها لما يخدم سياستها و مصالحها و مشروعها ، وتبرير عدوانها الغاشم والمتوحش على الفلسطنيين .

غرف عمليات اعلامية ودعائية ، و خبراء و محللون و علماء في التاريخ و الاجتماع و السيكلوجي و الانثروبوجلي و الاديان .. ينحتون مفاهيم ينثرونها على الميديا و الاعلام العربي و الاعلامي ، و يجري تلقفها وتدوالها وتكرارها الببغاوي دون وعي و تمحيص و تدقيق .

اسرائيل من وعد بلفور ومن قبله « مو?تمر بال» الذي اعلن من خلاله عن اقامة وطن قومي لليهود ، فانها روجت لروايات كثيرة ملفقة و كاذبة حول تاريخها و مشروعية ولادتها ، و عن الحق التاريخي و الديني لاقامة دول اسرائيل ، و حرفت وشوهت تاريخ فلسطين و المشرق العربي ، و حرفت في تاريخ الحضارات القديمة الكنعانية و المو?ابية و الارامية و الاشورية و الفنيقية .

و في الحرب القائمة على غزة ، فانها اسرائيل تصور الفصائل الفلسطينية بالمتوحشة و الارهابية .. و تسرد رواية دينية ملفقة عن عن الشرعية الدينية التوراتية لاقامة عاصمة اوشليم القدس لدولة اسرائيل . والادهى و المثير للريبة ، ان هناك قنوات على اليوتيوب يبدو انها ممولة و مدعومة من اسرائيل و اصدقاءها العرب تروج لاكاذيب دينية ملفقة حول اعتراف القران بان القدس عاصمة لاسرائيل ، و يسرد باحث اسرائيلي من اصول عربية ايات و تفسير و احاديث ، و مرويات من كتب التاريخ و المراجع العربية تدعم الرواية الاسرائيلية .

القضية الفلسطينية بقدر ما تحتاج الى مقاومين و مقاتلين و ثوار و شهداء .. فانها بحاجة الى معجم تاريخي و اعلامي و سياسي يقاوم و يواجه الدعاية الاسرائيلية و ما يتداول في الفضاء الاعلامي كما لو انه مسلمات و حقائق تاريخية دامغة .

هناك امثلة كثيرة لمفاهيم وافكار اسرائيلية يجري تداولها و توظيفها ، وتبث عربيا و اقليميا و دوليا .. و في الاردن تابعنا المغرد الاسرائيلي اودي كوهين ، وما يقدم من فتاوي افتراضية في الازمات الاردنية ، وكيف يتسلل الى الراي العام الاردني ؟ و يتحول الى شريك و مو?ثر في التفكير العام ، واحيانا يفوق تاثيره وسائل الاعلام الرسمي .

و الافراط بالاهتمام في تغريدات كوهين ، و حالة البلبلة التي تصيب الراي العام الاردني جراء كل تغريدة لا تبعث على الثقة و الاطمئنان العام ، وبقدر ما تكشف كم الهوة و الفجوة و الخربطة التي تصيب المجتمع الاردني و تراكمها العامودي و الافقي .. و حالة عدم الثقة و البلبلة .. نعم ، يرد الاردنيون بغضب و سيل من الشتائم و السب و القذف على كوهين و غيره ، ولكن هل يحسم هذا المعركة ؟ و يفضح ماذا تريد اسرائيل من الاردن مثلا ؟

في القدس المعركة طويلة ، وثمة مقاربات تاريخية ودينية خطيرة تقدمها وتروج لها ماكينة الاعلام الاسرائيلي .. و روايات تبدد الحق الفلسطيني و العربي، واخرى تكسي الصراع الفلسطيني /الاسرائيلي طابعا دينيا بحتا .. و تحشر كل الروايات وتطورات الصراع في زوايا الصراع الديني .. و في قضية القدس و عموم الصراع الفلسطيني -الاسرائيلي فان العرب ينقصهم رواية وادوات ناعمة ثقافية و سياسية لادارة الصراع مع اسرائيل .




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمان جو الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :