«الحمص» أردني و«المولد» أمريكي… هل يحضر بلينكن معه «هدية سياسية» منتظرة؟
عمان جو - بسام بدارين
مجدداً تبحث العاصمة الأردنية عمان عن أفضل صيغة ممكنة للاستثمار في الزيارة التي يقوم بها وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن على هامش جولته الحالية في المنطقة.
البحث عن تلك الصيغة هو الخيار الدبلوماسي الأفضل في هذه المرحلة، الأمر الذي دفع عمان لاستقبال وزير الخارجية المصري سامح شكري، بعد تواصل ملكي مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، ووسط تنامي التقييم السياسي الداخلي الذي يحذر من غياب الأردن عن الطاولة بعد غيابه عن مسار النقاشات المتعلقة بوقف الهدنة وإطلاق النار. ينشط الأردن بوضوح لإعادة كل الأضواء الممكنة إلى عملية السلام والمفاوضات، وفي الأثناء ساهمت منظومته الأمنية في التواصل مع الزعيم السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، ولأول مرة، على أساس إظهار مباركة أردنية ودعم لجهود وقف إطلاق النار والإبلاغ بتوجيهات ملكية لتقديم الإغاثة والمساعدة لأهالي القطاع.
وفي الأثناء أيضاً، يبدو أن عمان حافظت على التوازن ودعمت مجدداً خيارها المتمثل بشرعية السلطة عبر التأكيد على أهمية حديث الرئيس جو بايدن مع الرئيس محمود عباس حتى لا تحتكر حركة حماس الميكروفون ومسرح الأحداث.
تلك خطوات يعتقد سياسياً بأن عمان تسعى من خلالها إلى الدفع مجدداً باتجاه عملية تفاوض والعودة إلى الطاولة تحت يافطة وجود إمكانية للتحدث مع قادة حماس الآن والبقاء في حالة إسناد للدور المصري المرحلي. بمثل هذه الاستعدادات، تنتظر عمان بشغف وصول الوزير بلينكن.
حسب الراشح من المعطيات البروتوكولية وترتيبات السفارة الأمريكية، نصح الأمريكيون حكومة الأردن بتجنب خطوات دبلوماسية تصعيدية مع إسرائيل في هذه المرحلة وقبل زيارة بلينكن وعلى أساس أن الأخير يحضر للمنطقة بأجندة أبعد من وقف إطلاق النار. لكن الخبير السياسي والاستراتيجي وزير البلاط الأسبق الدكتور مروان المعشر، يقف مجدداً مع «القدس العربي»، داعياً إلى قراءة الواقع على الأرض وفي الميدان، مطالباً حتى بمقاربة أردنية جديدة في الاشتباك الدبلوماسي.
وبعيداً عن زيارة بلينكن نفسها وتفصيلاتها، يعيد المعشر التأكيد على ضرورة قراء التحولات وتجنب كمائن الأوهام، متحدثاً عن الفارق بين الاهتمام الأمريكي المرحلي بوقف إطلاق النار والاهتمام بقضية الصراع نفسها، التي حظيت بأولوية الآن بسبب مسارات العنف، دون أن يعني ذلك أن إدارة الرئيس بايدن ستنخرط أكثر في الأسابيع المقبلة في التفاصيل، وتحديداً في حل الدولتين الذي يصر المعشر على قصور في الرؤيا والتحليل في حال الاعتقاد بأن الولايات المتحدة معنية بأكثر من الكلام عنه.
لا أحد يعلم بصورة محددة كيف تقرأ عمان التحولات، سواء تلك التي في عمق المعادلة الفلسطينية أو حتى في المتغير الإقليمي والدولي. لكن العاصمة الأردنية تبدو مهتمة بأن تخرج بأي قدر من «حبات الحمص من المولد السياسي» والكرنفال الاحتفالي الإعلامي الذي يرافق جولة بلينكن في منطقة الشرق الأوسط بعدما فرضها العنف الإسرائيلي العسكري، فيما فرضت صواريخ كتائب القسام إيقاعاً من الاهتمام على الجميع.
بعيداً عن وجود خطة أمريكية أو عدم وجودها، وعن صفقة أو عدم وجودها، يمكن تصور وترسيم عدد حبات الحمص التي ترغب عمان بحيازتها سياسياً وهي تشتبك دبلوماسياً. مساحة الإنجاز الوحيد أردنياً، وباللغة الأردنية المتاحة، قد تكون إقناع كل أطراف اللعبة بأن الترتيبات في القدس تحديداً مع الوصي الهاشمي هي الملاذ، بدلاً من غرق المنطقة لسنوات طويلة في حرب دينية الطابع إذا ما ترك التأثير لصواريخ القسام من جهة، ولحسابات نتنياهو اليمينية المتشددة مع المستوطنين من جهة أخرى.
قيل ذلك للأمريكيين خلف الكواليس، وقيل ذلك لطواقم السفارة الأمريكية وهي تحاول ترتيب أوراق وقفة بلينكن ورفاقه على المحطة الأردنية، وما يرد من واشنطن يوحي بمرونة أمريكية أوسع من العادة بعد تثبيت وقف إطلاق النار باتجاه تثبيت دور الوصاية الهاشمية الأردنية في إدارة الأوقاف الإسلامية والمسيحية في القدس، مع الضغط على نتنياهو لإجباره على تجنب استفزاز الدور الأردني في هذا الملف الذي مازال يحظى بالدعم الفلسطيني ولا تعترض عليه المقاومة وتقره السلطة.
يعني ذلك أن مساحة المناورة الأساسية على طاولة بلينكن لها علاقة باستعادة الوصاية والتأكيد عليها في القدس، والتوافق على منحها فرصة سياسية بعيداً عن التجاذب وفي إطار الاحتواء. ذلك مطلب ينسجم مع مزاج الشارع الأردني. والمعطيات التي رشحت من واشنطن تفيد بأن الوزير بلينكن وقبل ساعات من حضوره إلى عمان، قد يحمل معه هدية سياسية خلافاً لأخرى مالية يمكن بحثها لاحقاً، وقد تتمثل هذه الهدية بإعلان أمريكي صريح يقول بالولاية الدينية للأردنيين على أوقاف المسلمين والمسيحيين في القدس.
إذا ما صدقت المعلومات وحصل الأردن على إعلان قوي بهذا الخصوص، تكون عمان قد صبرت على أذى اليمين الإسرائيلي ولعبت بالتوازن وعادت للجلوس على الطاولة وفي عمق الحيلولة دون تحول الصراع إلى الشعارات الدينية.
القدس العربي
عمان جو - بسام بدارين
مجدداً تبحث العاصمة الأردنية عمان عن أفضل صيغة ممكنة للاستثمار في الزيارة التي يقوم بها وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن على هامش جولته الحالية في المنطقة.
البحث عن تلك الصيغة هو الخيار الدبلوماسي الأفضل في هذه المرحلة، الأمر الذي دفع عمان لاستقبال وزير الخارجية المصري سامح شكري، بعد تواصل ملكي مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، ووسط تنامي التقييم السياسي الداخلي الذي يحذر من غياب الأردن عن الطاولة بعد غيابه عن مسار النقاشات المتعلقة بوقف الهدنة وإطلاق النار. ينشط الأردن بوضوح لإعادة كل الأضواء الممكنة إلى عملية السلام والمفاوضات، وفي الأثناء ساهمت منظومته الأمنية في التواصل مع الزعيم السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، ولأول مرة، على أساس إظهار مباركة أردنية ودعم لجهود وقف إطلاق النار والإبلاغ بتوجيهات ملكية لتقديم الإغاثة والمساعدة لأهالي القطاع.
وفي الأثناء أيضاً، يبدو أن عمان حافظت على التوازن ودعمت مجدداً خيارها المتمثل بشرعية السلطة عبر التأكيد على أهمية حديث الرئيس جو بايدن مع الرئيس محمود عباس حتى لا تحتكر حركة حماس الميكروفون ومسرح الأحداث.
تلك خطوات يعتقد سياسياً بأن عمان تسعى من خلالها إلى الدفع مجدداً باتجاه عملية تفاوض والعودة إلى الطاولة تحت يافطة وجود إمكانية للتحدث مع قادة حماس الآن والبقاء في حالة إسناد للدور المصري المرحلي. بمثل هذه الاستعدادات، تنتظر عمان بشغف وصول الوزير بلينكن.
حسب الراشح من المعطيات البروتوكولية وترتيبات السفارة الأمريكية، نصح الأمريكيون حكومة الأردن بتجنب خطوات دبلوماسية تصعيدية مع إسرائيل في هذه المرحلة وقبل زيارة بلينكن وعلى أساس أن الأخير يحضر للمنطقة بأجندة أبعد من وقف إطلاق النار. لكن الخبير السياسي والاستراتيجي وزير البلاط الأسبق الدكتور مروان المعشر، يقف مجدداً مع «القدس العربي»، داعياً إلى قراءة الواقع على الأرض وفي الميدان، مطالباً حتى بمقاربة أردنية جديدة في الاشتباك الدبلوماسي.
وبعيداً عن زيارة بلينكن نفسها وتفصيلاتها، يعيد المعشر التأكيد على ضرورة قراء التحولات وتجنب كمائن الأوهام، متحدثاً عن الفارق بين الاهتمام الأمريكي المرحلي بوقف إطلاق النار والاهتمام بقضية الصراع نفسها، التي حظيت بأولوية الآن بسبب مسارات العنف، دون أن يعني ذلك أن إدارة الرئيس بايدن ستنخرط أكثر في الأسابيع المقبلة في التفاصيل، وتحديداً في حل الدولتين الذي يصر المعشر على قصور في الرؤيا والتحليل في حال الاعتقاد بأن الولايات المتحدة معنية بأكثر من الكلام عنه.
لا أحد يعلم بصورة محددة كيف تقرأ عمان التحولات، سواء تلك التي في عمق المعادلة الفلسطينية أو حتى في المتغير الإقليمي والدولي. لكن العاصمة الأردنية تبدو مهتمة بأن تخرج بأي قدر من «حبات الحمص من المولد السياسي» والكرنفال الاحتفالي الإعلامي الذي يرافق جولة بلينكن في منطقة الشرق الأوسط بعدما فرضها العنف الإسرائيلي العسكري، فيما فرضت صواريخ كتائب القسام إيقاعاً من الاهتمام على الجميع.
بعيداً عن وجود خطة أمريكية أو عدم وجودها، وعن صفقة أو عدم وجودها، يمكن تصور وترسيم عدد حبات الحمص التي ترغب عمان بحيازتها سياسياً وهي تشتبك دبلوماسياً. مساحة الإنجاز الوحيد أردنياً، وباللغة الأردنية المتاحة، قد تكون إقناع كل أطراف اللعبة بأن الترتيبات في القدس تحديداً مع الوصي الهاشمي هي الملاذ، بدلاً من غرق المنطقة لسنوات طويلة في حرب دينية الطابع إذا ما ترك التأثير لصواريخ القسام من جهة، ولحسابات نتنياهو اليمينية المتشددة مع المستوطنين من جهة أخرى.
قيل ذلك للأمريكيين خلف الكواليس، وقيل ذلك لطواقم السفارة الأمريكية وهي تحاول ترتيب أوراق وقفة بلينكن ورفاقه على المحطة الأردنية، وما يرد من واشنطن يوحي بمرونة أمريكية أوسع من العادة بعد تثبيت وقف إطلاق النار باتجاه تثبيت دور الوصاية الهاشمية الأردنية في إدارة الأوقاف الإسلامية والمسيحية في القدس، مع الضغط على نتنياهو لإجباره على تجنب استفزاز الدور الأردني في هذا الملف الذي مازال يحظى بالدعم الفلسطيني ولا تعترض عليه المقاومة وتقره السلطة.
يعني ذلك أن مساحة المناورة الأساسية على طاولة بلينكن لها علاقة باستعادة الوصاية والتأكيد عليها في القدس، والتوافق على منحها فرصة سياسية بعيداً عن التجاذب وفي إطار الاحتواء. ذلك مطلب ينسجم مع مزاج الشارع الأردني. والمعطيات التي رشحت من واشنطن تفيد بأن الوزير بلينكن وقبل ساعات من حضوره إلى عمان، قد يحمل معه هدية سياسية خلافاً لأخرى مالية يمكن بحثها لاحقاً، وقد تتمثل هذه الهدية بإعلان أمريكي صريح يقول بالولاية الدينية للأردنيين على أوقاف المسلمين والمسيحيين في القدس.
إذا ما صدقت المعلومات وحصل الأردن على إعلان قوي بهذا الخصوص، تكون عمان قد صبرت على أذى اليمين الإسرائيلي ولعبت بالتوازن وعادت للجلوس على الطاولة وفي عمق الحيلولة دون تحول الصراع إلى الشعارات الدينية.
القدس العربي