الغارديان: مكالمة من السفارة الأمريكية وتحرك أردني للكشف عن مؤامرة كادت تطيح بالملك عبدالله وتُغيّر المنطقة
عمان جو - إبراهيم درويش
نشرت صحيفة “الغارديان” تقريرا أعده مارتن شولوف ومايكل صافي قالا فيه إن “الفتنة” المزعومة داخل العائلة الهاشمية الحاكمة في الأردن كانت تقف وراءها قوى خارجية تهدف لإعادة تشكيل المنطقة.
وتحت عنوان “هل حاول حلفاء الأردن القريبون الإطاحة بالملك عبدالله؟”، قال الكاتبان إن مكالمة هاتفية هزت الحكومة الأردنية في الأسبوع الثاني من شهر آذار/مارس هذ العام. واتصلت السفارة الأمريكية في عمان بمدير المخابرات العامة الأردنية، طالبة مقابلة من أجل أمر عاجل يتعلق بالأمن القومي. ودهش مسؤولو المخابرات من الطلب. وقيل لهم إن المخاطر تتخمر في البلد وقد تتحول إلى خطر على العرش الهاشمي قريبا.
وقامت المخابرات الأردنية سريعا بتحويل مصادرها المتعددة باتجاه أهم الأمراء وهو الأمير حمزة بن الحسين، الأخ غير الشقيق للملك عبد الله الثاني، الذي شك الأمريكيون بأنه يقود مؤامرة ويعبئ أنصاره. وبحلول نيسان/إبريل قام المسؤولون بوضع الأمير حمزة تحت الإقامة الجبرية واتهموه علنا بالتآمر للإطاحة بالملك. وتقول الصحيفة: “في الوقت الذي يواجه فيه متآمران المحكمة فإن الصورة الأوسع عن الأسابيع الثلاثة التي هزت العائلة المالكة بدأت بالظهور”.
وحصل محامو الإدعاء على أشرطة تنصت على مكالمات هاتفية سجلت المحادثات والتي ستحدد الأدلة حول الفتنة، ضد كل من باسم عوض الله المستشار السابق للملك عبد الله والشريف حسن بن زيد، أحد أقارب الملك.
ويقول المراسلان إن الخلاف العائلي تغذّى من قوى خارجية. فالأعمال المزعومة التي قام بها الأمير حمزة والمتآمران المتهمان ينظر إليها على أنها جزء من مؤامرة أوسع غذاها حلفاء الأردن الأقرب، وربما عرّضت العرش الأردني للخطر لو فاز دونالد ترامب بولاية ثانية كرئيس للولايات المتحدة.
وفي الوقت الذي تراجعت فيه مخاطر فترة ترامب الثانية، فإن تداعيات محاولاته لإعادة رسم خريطة إسرائيل وفلسطين عبر خطته التي أطلق عليها “صفقة القرن” بدأت تتضح. وعبر المسؤولون في إدارة جوزيف بايدن الذين أعادوا النهج التقليدي للتعامل الدبلوماسي مع المنطقة، عن مخاوفهم من تمزق المصالح الأردنية لو فاز ترامب بولاية ثانية ولكانت قيادة المملكة ضحية من ضحايا خطته.
ويتحدث المسؤولون في المنطقة عن إمكانية وجود رابط بين أفعال الأمير حمزة التي وصفها المسؤولون في عمان بالفتنة وليس انقلابا والنهج الذي حركه صهر ومستشار الرئيس ترامب، جاريد كوشنر وبدعم من أصدقائه في المنطقة. وتركزت الاتهامات للأمير حمزة على تحركاته خلال ثلاثة أحداث: وفاة سبعة أشخاص في مستشفى السلط بشهر آذار/مارس بسبب نقص الأوكسجين والإهمال، وذكرى معركة الكرامة بين الجيش الأردني والمقاومة الفلسطينية مع الجيش الإسرائيلي عام 1968، وولادة حركة الشباب الأردني قبل عقد تقريبا.
وقال مسؤول بارز “جاء الأمير حمزة إلى السلط وكنا نعرف أنه يخطط مع مساعديه لعمل قضية” و”من ثم تحولت الأمور من أفكار مجردة إلى أمر أكثر تماسكا وتنظيما. وكانت هناك خطابات محفزة واستخدام للأساليب مثل التأثير على المعنويات وطرق للتركيز على مصاعب الناس”.
وتكشف المكالمات التي تم التنصت عليها واستمعت إليها “الغارديان” عن تنسيق بين الأمير حمزة والشريف حسن. وعادة ما تحدث الرجلان بالإنكليزية وأشار إلى “برو” (الأخ) باسم عوض الله.
وتقول الصحيفة إن كوشنر والأمير محمد بن سلمان برزا بشكل واسع في الأيام الأولى لإدارة ترامب في المشهد الإقليمي وعبرا عن استعداد للجمع بين القوة السياسية والمصالح التجارية. ونظر كل منهما لنفسه على أنه عامل تغيير وكسر للحواجز من خلال الإكراه والاستفزاز ورفض الحلفاء الذين رفضوا القبول بمطالبهم.
ووصلت العلاقة الوثيقة المنيعة والتعاون الأمني بين الولايات المتحدة والأردن التي تم بناؤها على مدى نصف قرن، إلى نقطة الانهيار في فترة ترامب الأولى، وذلك حسب مسؤولين أردنيين. وبخاصة أن البيت الأبيض نفذ سياساته في الشرق الأوسط عبر مجموعة من الموالين الذين اختارهم، ووهمّش المسؤولين الذين تعامل عادة الأردن معهم.
وكان من بين خطط إدارة ترامب الأولى، محاولة عقد سلام بين إسرائيل والفلسطينيين، عبر تحطيم كل القواعد التي غطت محادثات السلام عبر العقود الماضية وكسرت كل التفاهمات حول طبيعة الحل النهائي وشكله.
ورغم تأثر الأردن بالخطة لكن عمان لم تعرف أي شيء عن ملامحها حتى إعلانها في بداية 2019. وعندما تم الكشف عنها شعر الأردنيون بالمخاطر القاتلة من النوايا المضمنة حول التشارك في الحرم الشريف بالقدس والذي تعتبر العائلة الهاشمية وصية عليه منذ عام 1924.
وبعيدا عن هذا فقد رفضت الخطة الكثير من النقاط المهمة في محادثات السلام ووافقت على ضم إسرائيل لـ 30% من الضفة الغربية ووادي الأردن ورفض المطلب الرئيسي للفلسطينيين عن القدس الشرقية كعاصمة لدولتهم.
وكان العرض غير مقبول للأردن لدرجة حذر فيها رئيس الوزراء في حينه عمر الرزاز أن معاهدة السلام الاردنية – الإسرائيلية باتت في خطر.
وتعتبر رعاية الأماكن المقدسة في القدس جزءا من الشرعية للعائلة الهاشمية وهي سابقة على نشوء دولة إسرائيل.
وعلق مسؤول أمريكي “التشارك في الحرم الشريف بين السعوديين والإسرائيليين هو أمر فكرت به بالتأكيد (إدارة ترامب)” و”كانوا في حالة يائسة لتحقيق هذا ولم يتوانوا عن ابتزاز الصديق والعدو. بالنسبة للإمارات كانت أف-35، أما السودانيون فهي شطبهم عن قائمة الإرهاب. وكانت الجائزة للبلدين هي الرعاية الأمريكية والخبرة الفنية الإسرائيلية”. وبحلول منتصف عام 2020 كان الملك عبد الله يتعرض لضغوط متزايدة من الرياح السيئة القادمة من واشنطن والريح الباردة القادمة عبر الحدود من السعودية.
واعتمد الأردن على البلدين، دعم أمريكا الأجهزة الأمنية والسعودية القطاع العام. وعبرت السعودية بشكل سري عن عدم رضاها من موقف الأردن الرافض للموافقة على سياسة ترامب في الشرق الأوسط، حسب مسؤولين أردنيين وسعوديين. فخطة كوشنر كانت كفيلة بفتح الطريق أمام دور مركزي للسعودية في المنطقة التي أعيد تشكيلها وتعبيد الطريق أمام سلام مع إسرائيل.
وقال مسؤول إقليمي بارز إن “رفض الشرق الأوسط الجديد عنى انهيار كل الخطة” و”من جهة أخرى فقد كان البعض مستعدا لدعم الصيغة”. وزادت الضغوط من أجل تحقيق صفقة في الأيام الأخيرة من ترامب. لكن تحدي الأردن ورفضه أغضب كوشنر وبن سلمان الذي لم يكن راضيا عن تردد الرئيس الفلسطيني محمود عباس.
وقال رجل أعمال سعودي مرتبط بالعائلة السعودية عن القيادة الردنية “نظر إليهم كاللبنانيين” “يأخذون كثيرا ولا يعطون شيئا. لكن النظام الجديد كان يريد العودة للاستثمار وارتبط في التفكير هذا مع كوشنر”.
وفي الوقت الذي ازدهرت فيه علاقة كوشنر مع بن سلمان، عادة في النقاشات الليلية بخيمة في الصحراء السعودية، تطورت علاقة باسم عوض الله مع الرياض. وكوزير سابق للمالية في الأردن انضم إلى لجنة مبادرة استثمار المستقبل في الرياض عام 2019، وكان معروفا من الشخصيات البارزة في الرياض لدوره الآخر كمبعوث أردني للسعودية.
ومع رحيل ترامب بقي عماد واحد من صفقة القرن المسطحة: السعودية التي حاول ولي عهدها إخراج الأردن من العزلة. فبعد اعتقال عوض الله في 3 نيسان/إبريل، سافر وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان إلى عمان للقاء المسؤولين الأردنيين. وكان الأمير حمزة تحت الإقامة الجبرية، حيث لا يزال. وفهمت “الغارديان” أن فرحان طلب الإفراج عن عوض ولكن طلبه رفض. لكن السعودية قالت إن زيارة فرحان كانت للتعبير عن التضامن مع الأردن. وفي ذلك الوقت كانت المخابرات الأردنية العامة تدرس وتحلل مئات المكالمات الهاتفية التي تم التنصت عليها منذ 15 آذار/مارس. وقال المسؤولون الأردنيون إنه في الوقت الذي قام فيه الشريف حسن بالاتصال مع السفارة (حيث تفهم الغارديان أنها السفارة الأمريكية في عمان) بحثا عن دعم للأمير حمزة، وهو ما قاد السفارة للتحذير والبحث عن طرق لمعرفة ما يحدث.
وقال مصدر أمني إقليمي “النتيجة هي أن ترامب خسر وانهار كل شيء” و”لو أعيد انتخابه لرأينا منطقة مختلفة”. إلا أن المسؤولين الأردنيين لم يكونوا راغبين بمناقشة جانبا أجنبيا للمؤامرة ورفضوا تأكيد تلقيهم تحذيرات من السفارة الأمريكية في عمان. لكنهم يشعرون بالراحة أن الإدارة الجديدة أعادت العلاقات الأمنية التقليدية والتي انتهكت تحت إدارة ترامب. ولكن المسؤولين قالوا للغارديان إن الأشهر الأخيرة من عام 2020 شهدت محاولات من الإدارة البحث عن استشارة يمكن من خلالها تخفيض التمويل للأردن والذي لا يحتاج لموافقة الكونغرس وبدون مناقشة. لكن عمان نجت من قطع التمويل.
وبعد دخول بايدن البيت الأبيض تنفس قادة الأردن الصعداء وفضلوا عدم الحديث عن الإطاحة بالملك عبد الله إن كانت هناك محاولة من صديقين مقربين له. وعوضا عن ذلك يفضلون التركيز على البعد المحلي للمؤامرة. فالمكالمات التي تم اعتراضها والتنصت عليها تكشف رغبة المنظمين أن ينحصر الاتصال مع المسؤولين العسكريين بسبعة أشخاص وأن لا تزيد المقابلات مع قادة العشائر عن 15 زعيما. و”بالإضافة لذلك، فلم يكونوا ينفذون نهجا منظما يعمل على بناء إجماع شرق أردني فقط بل وجذب الفلسطينيين كجزء من الديمغرافية الأردنية”. ومع أن المسؤولين الأردنيين يرفضون الانجرار للحديث عن دور سعودي، إلا أن الترتيبات الثنائية على ما يفهم قد توقفت في الوقت الذي تم فيه الكشف عن المؤامرة. ففي كل خريف، يأتي الجراد من السعودية وينطلق إلى شمال الأردن وسوريا ولبنان. وعادة ما يأتي الجراد على ثلاث موجات، وتم وضع نظام تحذير لمنح المزارعين الاردنيين الفرصة لحماية محاصيلهم، وفي هذا العام لم يحصل تحذير.
القدس العربي
عمان جو - إبراهيم درويش
نشرت صحيفة “الغارديان” تقريرا أعده مارتن شولوف ومايكل صافي قالا فيه إن “الفتنة” المزعومة داخل العائلة الهاشمية الحاكمة في الأردن كانت تقف وراءها قوى خارجية تهدف لإعادة تشكيل المنطقة.
وتحت عنوان “هل حاول حلفاء الأردن القريبون الإطاحة بالملك عبدالله؟”، قال الكاتبان إن مكالمة هاتفية هزت الحكومة الأردنية في الأسبوع الثاني من شهر آذار/مارس هذ العام. واتصلت السفارة الأمريكية في عمان بمدير المخابرات العامة الأردنية، طالبة مقابلة من أجل أمر عاجل يتعلق بالأمن القومي. ودهش مسؤولو المخابرات من الطلب. وقيل لهم إن المخاطر تتخمر في البلد وقد تتحول إلى خطر على العرش الهاشمي قريبا.
وقامت المخابرات الأردنية سريعا بتحويل مصادرها المتعددة باتجاه أهم الأمراء وهو الأمير حمزة بن الحسين، الأخ غير الشقيق للملك عبد الله الثاني، الذي شك الأمريكيون بأنه يقود مؤامرة ويعبئ أنصاره. وبحلول نيسان/إبريل قام المسؤولون بوضع الأمير حمزة تحت الإقامة الجبرية واتهموه علنا بالتآمر للإطاحة بالملك. وتقول الصحيفة: “في الوقت الذي يواجه فيه متآمران المحكمة فإن الصورة الأوسع عن الأسابيع الثلاثة التي هزت العائلة المالكة بدأت بالظهور”.
وحصل محامو الإدعاء على أشرطة تنصت على مكالمات هاتفية سجلت المحادثات والتي ستحدد الأدلة حول الفتنة، ضد كل من باسم عوض الله المستشار السابق للملك عبد الله والشريف حسن بن زيد، أحد أقارب الملك.
ويقول المراسلان إن الخلاف العائلي تغذّى من قوى خارجية. فالأعمال المزعومة التي قام بها الأمير حمزة والمتآمران المتهمان ينظر إليها على أنها جزء من مؤامرة أوسع غذاها حلفاء الأردن الأقرب، وربما عرّضت العرش الأردني للخطر لو فاز دونالد ترامب بولاية ثانية كرئيس للولايات المتحدة.
وفي الوقت الذي تراجعت فيه مخاطر فترة ترامب الثانية، فإن تداعيات محاولاته لإعادة رسم خريطة إسرائيل وفلسطين عبر خطته التي أطلق عليها “صفقة القرن” بدأت تتضح. وعبر المسؤولون في إدارة جوزيف بايدن الذين أعادوا النهج التقليدي للتعامل الدبلوماسي مع المنطقة، عن مخاوفهم من تمزق المصالح الأردنية لو فاز ترامب بولاية ثانية ولكانت قيادة المملكة ضحية من ضحايا خطته.
ويتحدث المسؤولون في المنطقة عن إمكانية وجود رابط بين أفعال الأمير حمزة التي وصفها المسؤولون في عمان بالفتنة وليس انقلابا والنهج الذي حركه صهر ومستشار الرئيس ترامب، جاريد كوشنر وبدعم من أصدقائه في المنطقة. وتركزت الاتهامات للأمير حمزة على تحركاته خلال ثلاثة أحداث: وفاة سبعة أشخاص في مستشفى السلط بشهر آذار/مارس بسبب نقص الأوكسجين والإهمال، وذكرى معركة الكرامة بين الجيش الأردني والمقاومة الفلسطينية مع الجيش الإسرائيلي عام 1968، وولادة حركة الشباب الأردني قبل عقد تقريبا.
وقال مسؤول بارز “جاء الأمير حمزة إلى السلط وكنا نعرف أنه يخطط مع مساعديه لعمل قضية” و”من ثم تحولت الأمور من أفكار مجردة إلى أمر أكثر تماسكا وتنظيما. وكانت هناك خطابات محفزة واستخدام للأساليب مثل التأثير على المعنويات وطرق للتركيز على مصاعب الناس”.
وتكشف المكالمات التي تم التنصت عليها واستمعت إليها “الغارديان” عن تنسيق بين الأمير حمزة والشريف حسن. وعادة ما تحدث الرجلان بالإنكليزية وأشار إلى “برو” (الأخ) باسم عوض الله.
وتقول الصحيفة إن كوشنر والأمير محمد بن سلمان برزا بشكل واسع في الأيام الأولى لإدارة ترامب في المشهد الإقليمي وعبرا عن استعداد للجمع بين القوة السياسية والمصالح التجارية. ونظر كل منهما لنفسه على أنه عامل تغيير وكسر للحواجز من خلال الإكراه والاستفزاز ورفض الحلفاء الذين رفضوا القبول بمطالبهم.
ووصلت العلاقة الوثيقة المنيعة والتعاون الأمني بين الولايات المتحدة والأردن التي تم بناؤها على مدى نصف قرن، إلى نقطة الانهيار في فترة ترامب الأولى، وذلك حسب مسؤولين أردنيين. وبخاصة أن البيت الأبيض نفذ سياساته في الشرق الأوسط عبر مجموعة من الموالين الذين اختارهم، ووهمّش المسؤولين الذين تعامل عادة الأردن معهم.
وكان من بين خطط إدارة ترامب الأولى، محاولة عقد سلام بين إسرائيل والفلسطينيين، عبر تحطيم كل القواعد التي غطت محادثات السلام عبر العقود الماضية وكسرت كل التفاهمات حول طبيعة الحل النهائي وشكله.
ورغم تأثر الأردن بالخطة لكن عمان لم تعرف أي شيء عن ملامحها حتى إعلانها في بداية 2019. وعندما تم الكشف عنها شعر الأردنيون بالمخاطر القاتلة من النوايا المضمنة حول التشارك في الحرم الشريف بالقدس والذي تعتبر العائلة الهاشمية وصية عليه منذ عام 1924.
وبعيدا عن هذا فقد رفضت الخطة الكثير من النقاط المهمة في محادثات السلام ووافقت على ضم إسرائيل لـ 30% من الضفة الغربية ووادي الأردن ورفض المطلب الرئيسي للفلسطينيين عن القدس الشرقية كعاصمة لدولتهم.
وكان العرض غير مقبول للأردن لدرجة حذر فيها رئيس الوزراء في حينه عمر الرزاز أن معاهدة السلام الاردنية – الإسرائيلية باتت في خطر.
وتعتبر رعاية الأماكن المقدسة في القدس جزءا من الشرعية للعائلة الهاشمية وهي سابقة على نشوء دولة إسرائيل.
وعلق مسؤول أمريكي “التشارك في الحرم الشريف بين السعوديين والإسرائيليين هو أمر فكرت به بالتأكيد (إدارة ترامب)” و”كانوا في حالة يائسة لتحقيق هذا ولم يتوانوا عن ابتزاز الصديق والعدو. بالنسبة للإمارات كانت أف-35، أما السودانيون فهي شطبهم عن قائمة الإرهاب. وكانت الجائزة للبلدين هي الرعاية الأمريكية والخبرة الفنية الإسرائيلية”. وبحلول منتصف عام 2020 كان الملك عبد الله يتعرض لضغوط متزايدة من الرياح السيئة القادمة من واشنطن والريح الباردة القادمة عبر الحدود من السعودية.
واعتمد الأردن على البلدين، دعم أمريكا الأجهزة الأمنية والسعودية القطاع العام. وعبرت السعودية بشكل سري عن عدم رضاها من موقف الأردن الرافض للموافقة على سياسة ترامب في الشرق الأوسط، حسب مسؤولين أردنيين وسعوديين. فخطة كوشنر كانت كفيلة بفتح الطريق أمام دور مركزي للسعودية في المنطقة التي أعيد تشكيلها وتعبيد الطريق أمام سلام مع إسرائيل.
وقال مسؤول إقليمي بارز إن “رفض الشرق الأوسط الجديد عنى انهيار كل الخطة” و”من جهة أخرى فقد كان البعض مستعدا لدعم الصيغة”. وزادت الضغوط من أجل تحقيق صفقة في الأيام الأخيرة من ترامب. لكن تحدي الأردن ورفضه أغضب كوشنر وبن سلمان الذي لم يكن راضيا عن تردد الرئيس الفلسطيني محمود عباس.
وقال رجل أعمال سعودي مرتبط بالعائلة السعودية عن القيادة الردنية “نظر إليهم كاللبنانيين” “يأخذون كثيرا ولا يعطون شيئا. لكن النظام الجديد كان يريد العودة للاستثمار وارتبط في التفكير هذا مع كوشنر”.
وفي الوقت الذي ازدهرت فيه علاقة كوشنر مع بن سلمان، عادة في النقاشات الليلية بخيمة في الصحراء السعودية، تطورت علاقة باسم عوض الله مع الرياض. وكوزير سابق للمالية في الأردن انضم إلى لجنة مبادرة استثمار المستقبل في الرياض عام 2019، وكان معروفا من الشخصيات البارزة في الرياض لدوره الآخر كمبعوث أردني للسعودية.
ومع رحيل ترامب بقي عماد واحد من صفقة القرن المسطحة: السعودية التي حاول ولي عهدها إخراج الأردن من العزلة. فبعد اعتقال عوض الله في 3 نيسان/إبريل، سافر وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان إلى عمان للقاء المسؤولين الأردنيين. وكان الأمير حمزة تحت الإقامة الجبرية، حيث لا يزال. وفهمت “الغارديان” أن فرحان طلب الإفراج عن عوض ولكن طلبه رفض. لكن السعودية قالت إن زيارة فرحان كانت للتعبير عن التضامن مع الأردن. وفي ذلك الوقت كانت المخابرات الأردنية العامة تدرس وتحلل مئات المكالمات الهاتفية التي تم التنصت عليها منذ 15 آذار/مارس. وقال المسؤولون الأردنيون إنه في الوقت الذي قام فيه الشريف حسن بالاتصال مع السفارة (حيث تفهم الغارديان أنها السفارة الأمريكية في عمان) بحثا عن دعم للأمير حمزة، وهو ما قاد السفارة للتحذير والبحث عن طرق لمعرفة ما يحدث.
وقال مصدر أمني إقليمي “النتيجة هي أن ترامب خسر وانهار كل شيء” و”لو أعيد انتخابه لرأينا منطقة مختلفة”. إلا أن المسؤولين الأردنيين لم يكونوا راغبين بمناقشة جانبا أجنبيا للمؤامرة ورفضوا تأكيد تلقيهم تحذيرات من السفارة الأمريكية في عمان. لكنهم يشعرون بالراحة أن الإدارة الجديدة أعادت العلاقات الأمنية التقليدية والتي انتهكت تحت إدارة ترامب. ولكن المسؤولين قالوا للغارديان إن الأشهر الأخيرة من عام 2020 شهدت محاولات من الإدارة البحث عن استشارة يمكن من خلالها تخفيض التمويل للأردن والذي لا يحتاج لموافقة الكونغرس وبدون مناقشة. لكن عمان نجت من قطع التمويل.
وبعد دخول بايدن البيت الأبيض تنفس قادة الأردن الصعداء وفضلوا عدم الحديث عن الإطاحة بالملك عبد الله إن كانت هناك محاولة من صديقين مقربين له. وعوضا عن ذلك يفضلون التركيز على البعد المحلي للمؤامرة. فالمكالمات التي تم اعتراضها والتنصت عليها تكشف رغبة المنظمين أن ينحصر الاتصال مع المسؤولين العسكريين بسبعة أشخاص وأن لا تزيد المقابلات مع قادة العشائر عن 15 زعيما. و”بالإضافة لذلك، فلم يكونوا ينفذون نهجا منظما يعمل على بناء إجماع شرق أردني فقط بل وجذب الفلسطينيين كجزء من الديمغرافية الأردنية”. ومع أن المسؤولين الأردنيين يرفضون الانجرار للحديث عن دور سعودي، إلا أن الترتيبات الثنائية على ما يفهم قد توقفت في الوقت الذي تم فيه الكشف عن المؤامرة. ففي كل خريف، يأتي الجراد من السعودية وينطلق إلى شمال الأردن وسوريا ولبنان. وعادة ما يأتي الجراد على ثلاث موجات، وتم وضع نظام تحذير لمنح المزارعين الاردنيين الفرصة لحماية محاصيلهم، وفي هذا العام لم يحصل تحذير.
القدس العربي