تعليمُ المستقبل عالمٌ جديدٌ في نظامٍ تربويٍ مختلف
عمان جو - زيد أبو زيد
العالم تغير فعلًا، وهي الحقيقية الثابتة عندي وعند كل مدقق في طبيعة ما يحدث في نمط الاقتصاد العالمي وطرائق التعليم وأساليبه، وحتى في سيكولوجيات البشر وثقافاتهم وعاداتهم وتقاليدهم.
صحيح أنه وعبر التاريخ لم يكن التغيير يحدث بشكل مفاجئ، وإنما بشكل تدريجي، ولكن الصحيح أيضًا أن أحداثًا تاريخية كالحروب والأزمات المتنوعة كمثل الأوبئة والأمراض سرعت من وتيرة التغيرات التي تحصل في الإنسان وبيئته، وربما أيضًا بطئت أحداثًا من طبيعة بعض التغيرات، وفي شواهد التاريخ كثير من الأمثلة عن النموذجين إلا أن الزمن الحالي وبفعل التطور التكنولوجي المتسارع والكبير فقد أصبحت التغييرات تأخذ طابعًا أكثر وضوحًا، وفي وقت أقصر بكثير مما يعتقده كثيرون، وفي نموذج التعليم وتطور أدواته مثال حيّ على ذلك. وهنا حتى لا يذهب البعض إلى التفكير في ما طبق من نموذج للتعليم عن بعد في بلد هنا أو هناك فأنا أتحدث عن أوسع من ذلك بكثير أي أنماط السلوك وطرائق التدريس وأساليب التعليم ووسائل التعليم وتكنولوجيا التعليم وثقافة المدرسة والأسرة وطرائق التدريب وبرامج التدريب وخصائص المعلمين والمتعلمين وغيرها كثير.
صحيح أنَّ للتاريخ منطقه في التطور التدريجي البطيء في معظم الأحيان حتى يعجز معظمنا عن مراقبة التطور الحاصل من حولنا، ولكن التسارع اليوم ليس كالأمس، وعلينا فقط رصد النبض القوي الخافت للتحولات الكبرى التي تحدث حولنا من دون أن يشغلنا ضجيج الأحداث والحروب والنزاعات والفوضى عن مشاهدة ما يحصل فعلًا، والتعليم اليوم مثال حيّ لذلك.
لقد أدّت جائحة كورونا "كوفيد19" التي ضربت العالم سنة 2019 إلى وضع فرضية التغيير على المحك، وكشفت عن الثغرات البنيوية في المنظومات كافة صحيًا وتعليميًا وفي منظومات الأمن الغذائي والدوائي وطرائق ووسائل السفر ، وأخيرًا انهيار منظومات بكاملها في معظم دول العالم أمام وباء كورونا، ولكن المفاجأة كانت في قدرة البشرية على إعادة التموضع من جديد، وتشكيل مدخل لتسارع التطور في كل المجالات، ولا يعني هذا أن البديل جاهز تمامًا، لكن الأكيد أن كل نهاية في نقطة ما هي بدايةٌ في نقطة ما.
وهنا فالجائحة الكارثية لوباء كوفيد 19 وتحولاتها العديدة ستنتهي يومًا كما بدأت، فمعامل البحث الطبي تجهد ليس فقط في اكتشاف وتطوير المطاعيم بل وعلاجات شافية من آثار المرض الفيروسي على الجسد، ولكن المؤكد أنّه لا شيء من آثارها في الأنظمة السياسية اقتصاديًا واجتماعيًا سيختفي كما ظهر، فقد عملت مسرعات التطور فعلها في كل مظاهر الحياة، وغيرت أساليب الحياة وسلوك الأفراد وعاداتهم وحتى في أنماط الاقتصاد، وبالتأكيد لم تكن أساليب وطرائق التدريس بل وكل مفردات الأنظمة التربوية غائبة، وإن بدأ تطورها قبل ذلك بفعل الثورات التكنولوجية، ولكن الوتيرة تسارعت لأن الحاجة أملت ذلك.
وفي إطار التطور والتسارع لا بد من ذكر حقيقة تربوية معروفة كمسلمة أنّ الطالب محور العملية التعليمية -التعلمية، إلا أن التجارب أثبتت أن المعلم هو الركيزة الأساسية في أي نظام تعليمي، وبدونه قد لا يستطيع أي نظام تعليمي تحقيق أهدافه حتى مع مناهج وكتب جديدة على أهميتها وضرورتها العاجلة، ومع دخول العالم عصر العولمة والاتصالات والتقنيات من أوسع أبوابه، ومرور العالم بجائحة كورونا لسرعة انتشارها وتأثيراتها على كل جوانب الحياة، واتخاذ معظم دول العالم تجربة التعليم عن بعد، فقد ازدادت الحاجة إلى المعلم المدرب الذكي الواعي لدوره المواكب للتطور، ليلبي الحاجات المتغيرة للطالب والمجتمع معاً، ومن هنا ظهرت الحاجة إلى إستراتيجيات جديدة تضمن استمرار مجاراة المعلم للعصر الذي يعيش فيه، وأهمها إستراتيجية ” التعلم مدى الحياة للمعلم” والتي تجعل من المعلم مهنيًّا منتجًا للمعرفة ومطورًا باستمرار لممارساته المهنية؛ ما يغير بشكل جذري الرؤى التقليدية في التعليم والنظام المدرسي، ويقدم عملية الوعي بأن التعليم والتدريب هي عملية مستمرة مدى الحياة، وتحتاج إلى التخلص من نموذج المدارس الصغيرة والكتاب المليء بالحشو واللغو إلى فضاءات المدارس الكبرى التي يحولها المعلم المتطور بمساعدة المنهاج الذكي والكتاب الموجه إلى عالم افتراضي تفاعلي عميق بكل مفرداته.
ومع استعداد معظم دول العالم اليوم للعودة إلى التعليم الوجاهي فإنها لن تكون عودة تماثل ما قبل الانقطاع، فالنظام التربوي طور نفسه ولا يزال ككائن حي يعالج ثغراته ويسدها سائرًا بعزم إلى فضاء الثورة العالمية العلمية الجديدة لما بعد الجائحة، ومعه فقد أصبح التعليم أكثر مرونة وسهولة وفاعلية ومواءمة بين التعلم عن قرب وعن بعد وتقليديًّا وإلكترونيًّا، وفيه دور المعلم لا يتوقف على الأداء داخل الحصة الصفية بل هو دور مستمر لتوجيه الطلبة والإشراف على تعلمهم داخل الحصة الصفية وخارجها؛ لأنَّ المعلم مكوّن رئيس للتعلم عن بعد وعن قرب من خلال استحداث وسائل وطرائق جديدة في مساعدة الطلبة على التعلم والبحث واستحداث النشاطات الإثرائية التي تغني العقل.
إن تطبيق ” التعلم مدى الحياة للمعلمين” يشكل تحدياً مطلوباً للمعلمين للارتقاء بالأساليب والطرائق التي يستخدمونها للتدريس، ويمنحهم دوراً مهمـــــاً في المجتمع، وهو ما أثبتته تجربة التعليم عن بعد؛ ما يؤدي إلى تحقيق إعادة تشكيل مهنة التدريس برمتها، وإعادة الاعتبار للمعلم وللمدرسة الرقمية الشريكة والمزاوجة للمدرسة التقليدية، ليفتح بذلك مجالات مهنية جديدة تدعم جهد المعلمين والطلبة معا ليكونوا هم أنفسهم متعلمين مدى الحياة.
إن مبررات تبني هذا المفهوم تأتي من حقيقة أن المعلمين داخل صفوفهم يواجهون ضغوطاً كثيرة ومطالب متعددة نتيجة تغير المجتمع ودخوله عصر العولمة محاولين في ذلك التعامل مع تلك المطالب بنجاح.
ولأن التربية قادرة على تغيير المجتمع نحو الأفضل، فالعالم الجديد الذي نود بناءه يحتاج إلى إنسان جديد، وليس هناك من طريق إلى ذلك إلا طريق التربية، ولا أحد يمتلك مقود التغيير وتحريكه إلا المعلم، ولن يكون تغيير جذري ونوعي في مؤسسات
العالم تغير فعلًا، وهي الحقيقية الثابتة عندي وعند كل مدقق في طبيعة ما يحدث في نمط الاقتصاد العالمي وطرائق التعليم وأساليبه، وحتى في سيكولوجيات البشر وثقافاتهم وعاداتهم وتقاليدهم.
صحيح أنه وعبر التاريخ لم يكن التغيير يحدث بشكل مفاجئ، وإنما بشكل تدريجي، ولكن الصحيح أيضًا أن أحداثًا تاريخية كالحروب والأزمات المتنوعة كمثل الأوبئة والأمراض سرعت من وتيرة التغيرات التي تحصل في الإنسان وبيئته، وربما أيضًا بطئت أحداثًا من طبيعة بعض التغيرات، وفي شواهد التاريخ كثير من الأمثلة عن النموذجين إلا أن الزمن الحالي وبفعل التطور التكنولوجي المتسارع والكبير فقد أصبحت التغييرات تأخذ طابعًا أكثر وضوحًا، وفي وقت أقصر بكثير مما يعتقده كثيرون، وفي نموذج التعليم وتطور أدواته مثال حيّ على ذلك. وهنا حتى لا يذهب البعض إلى التفكير في ما طبق من نموذج للتعليم عن بعد في بلد هنا أو هناك فأنا أتحدث عن أوسع من ذلك بكثير أي أنماط السلوك وطرائق التدريس وأساليب التعليم ووسائل التعليم وتكنولوجيا التعليم وثقافة المدرسة والأسرة وطرائق التدريب وبرامج التدريب وخصائص المعلمين والمتعلمين وغيرها كثير.
صحيح أنَّ للتاريخ منطقه في التطور التدريجي البطيء في معظم الأحيان حتى يعجز معظمنا عن مراقبة التطور الحاصل من حولنا، ولكن التسارع اليوم ليس كالأمس، وعلينا فقط رصد النبض القوي الخافت للتحولات الكبرى التي تحدث حولنا من دون أن يشغلنا ضجيج الأحداث والحروب والنزاعات والفوضى عن مشاهدة ما يحصل فعلًا، والتعليم اليوم مثال حيّ لذلك.
لقد أدّت جائحة كورونا "كوفيد19" التي ضربت العالم سنة 2019 إلى وضع فرضية التغيير على المحك، وكشفت عن الثغرات البنيوية في المنظومات كافة صحيًا وتعليميًا وفي منظومات الأمن الغذائي والدوائي وطرائق ووسائل السفر ، وأخيرًا انهيار منظومات بكاملها في معظم دول العالم أمام وباء كورونا، ولكن المفاجأة كانت في قدرة البشرية على إعادة التموضع من جديد، وتشكيل مدخل لتسارع التطور في كل المجالات، ولا يعني هذا أن البديل جاهز تمامًا، لكن الأكيد أن كل نهاية في نقطة ما هي بدايةٌ في نقطة ما.
وهنا فالجائحة الكارثية لوباء كوفيد 19 وتحولاتها العديدة ستنتهي يومًا كما بدأت، فمعامل البحث الطبي تجهد ليس فقط في اكتشاف وتطوير المطاعيم بل وعلاجات شافية من آثار المرض الفيروسي على الجسد، ولكن المؤكد أنّه لا شيء من آثارها في الأنظمة السياسية اقتصاديًا واجتماعيًا سيختفي كما ظهر، فقد عملت مسرعات التطور فعلها في كل مظاهر الحياة، وغيرت أساليب الحياة وسلوك الأفراد وعاداتهم وحتى في أنماط الاقتصاد، وبالتأكيد لم تكن أساليب وطرائق التدريس بل وكل مفردات الأنظمة التربوية غائبة، وإن بدأ تطورها قبل ذلك بفعل الثورات التكنولوجية، ولكن الوتيرة تسارعت لأن الحاجة أملت ذلك.
وفي إطار التطور والتسارع لا بد من ذكر حقيقة تربوية معروفة كمسلمة أنّ الطالب محور العملية التعليمية -التعلمية، إلا أن التجارب أثبتت أن المعلم هو الركيزة الأساسية في أي نظام تعليمي، وبدونه قد لا يستطيع أي نظام تعليمي تحقيق أهدافه حتى مع مناهج وكتب جديدة على أهميتها وضرورتها العاجلة، ومع دخول العالم عصر العولمة والاتصالات والتقنيات من أوسع أبوابه، ومرور العالم بجائحة كورونا لسرعة انتشارها وتأثيراتها على كل جوانب الحياة، واتخاذ معظم دول العالم تجربة التعليم عن بعد، فقد ازدادت الحاجة إلى المعلم المدرب الذكي الواعي لدوره المواكب للتطور، ليلبي الحاجات المتغيرة للطالب والمجتمع معاً، ومن هنا ظهرت الحاجة إلى إستراتيجيات جديدة تضمن استمرار مجاراة المعلم للعصر الذي يعيش فيه، وأهمها إستراتيجية ” التعلم مدى الحياة للمعلم” والتي تجعل من المعلم مهنيًّا منتجًا للمعرفة ومطورًا باستمرار لممارساته المهنية؛ ما يغير بشكل جذري الرؤى التقليدية في التعليم والنظام المدرسي، ويقدم عملية الوعي بأن التعليم والتدريب هي عملية مستمرة مدى الحياة، وتحتاج إلى التخلص من نموذج المدارس الصغيرة والكتاب المليء بالحشو واللغو إلى فضاءات المدارس الكبرى التي يحولها المعلم المتطور بمساعدة المنهاج الذكي والكتاب الموجه إلى عالم افتراضي تفاعلي عميق بكل مفرداته.
ومع استعداد معظم دول العالم اليوم للعودة إلى التعليم الوجاهي فإنها لن تكون عودة تماثل ما قبل الانقطاع، فالنظام التربوي طور نفسه ولا يزال ككائن حي يعالج ثغراته ويسدها سائرًا بعزم إلى فضاء الثورة العالمية العلمية الجديدة لما بعد الجائحة، ومعه فقد أصبح التعليم أكثر مرونة وسهولة وفاعلية ومواءمة بين التعلم عن قرب وعن بعد وتقليديًّا وإلكترونيًّا، وفيه دور المعلم لا يتوقف على الأداء داخل الحصة الصفية بل هو دور مستمر لتوجيه الطلبة والإشراف على تعلمهم داخل الحصة الصفية وخارجها؛ لأنَّ المعلم مكوّن رئيس للتعلم عن بعد وعن قرب من خلال استحداث وسائل وطرائق جديدة في مساعدة الطلبة على التعلم والبحث واستحداث النشاطات الإثرائية التي تغني العقل.
إن تطبيق ” التعلم مدى الحياة للمعلمين” يشكل تحدياً مطلوباً للمعلمين للارتقاء بالأساليب والطرائق التي يستخدمونها للتدريس، ويمنحهم دوراً مهمـــــاً في المجتمع، وهو ما أثبتته تجربة التعليم عن بعد؛ ما يؤدي إلى تحقيق إعادة تشكيل مهنة التدريس برمتها، وإعادة الاعتبار للمعلم وللمدرسة الرقمية الشريكة والمزاوجة للمدرسة التقليدية، ليفتح بذلك مجالات مهنية جديدة تدعم جهد المعلمين والطلبة معا ليكونوا هم أنفسهم متعلمين مدى الحياة.
إن مبررات تبني هذا المفهوم تأتي من حقيقة أن المعلمين داخل صفوفهم يواجهون ضغوطاً كثيرة ومطالب متعددة نتيجة تغير المجتمع ودخوله عصر العولمة محاولين في ذلك التعامل مع تلك المطالب بنجاح.
ولأن التربية قادرة على تغيير المجتمع نحو الأفضل، فالعالم الجديد الذي نود بناءه يحتاج إلى إنسان جديد، وليس هناك من طريق إلى ذلك إلا طريق التربية، ولا أحد يمتلك مقود التغيير وتحريكه إلا المعلم، ولن يكون تغيير جذري ونوعي في مؤسسات
تعليقات القراء
لا يوجد تعليقات