بعد «إقصاء» ترامب: هل ينجح الأردن في «الاستثمار» في «حضن بايدن»؟
عمان جو - بسام البدارين - وضع الأردن «متقدم ومتميز» في الولايات المتحدة اليوم.. لماذا لا تستثمر عمان كما ينبغي في مثل هذا التموقع سياسياً ومالياً؟
سؤال قفز فجأة إلى الواجهة فيما كانت «القدس العربي» تحاول توفير قراءة أبعد وأعمق قليلاً لطبيعة العلاقات الأردنية الأمريكية عشية زيارة «مهمة جداً» كما توصف، سيقوم بها الملك عبد الله الثاني إلى واشنطن، وستبدأ قريباً جداً في غضون أيام، وقد يتخللها على الأرجح لقاء قمة مع الرئيس جو بايدن، سيكون الأول مع زعيم دولة عربية وإسلامية.
الاستعدادات على قدم وساق في الأردن لقطف ثمار هذا التواصل الأمريكي المهم. وعمان -لوجستياً ودبلوماسياً وحكومياً- مشغولة بأجندة وبرنامج هذه الزيارة التي بدأت في الجزء الخاص منها الخميس، بعدما حضر نخبة من كبار المسؤولين الأمريكيين إلى العاصمة طوال الأسابيع الستة الماضية.
تواصل
ولأكثر من غرض وسبب، بدأت تلك الزيارة بالسقف الزمني، وتطول إلى ما بعد العشرين من تموز الحالي؛ بمعنى التأسيس لحالة اشتباك مع المؤسسات الأمريكية، بما في ذلك الكونغرس ولجنتا الأمن والدفاع.
الأهم أن التواصل الرئاسي الأمريكي مع القيادة الأردنية سيحصل بعد سلسلة من التفاهمات مع المؤسسات العميقة في البلدين، فقد زار عمان سابقاً رئيس جهاز الاستخبارات وليم بيرنز، وبقي في ظل المشهد مع مناورات تشرح الأولويات وتنصح فيما ينبغي أن يفعله الأردن.
مبكراً، سألت «القدس العربي» السياسي الأردني الذي يعرف بيرنز جيداً، وهو وزير البلاط الأسبق الدكتور مروان المعشر، عن الزيارة وصاحبها وهدفها، فاعتبر أن بيرنز يستكشف، ولا يوجد لديه -شخصياً- علماً مسبقاً بأي تفاصيل. لكن لوحظ وسط نخبة عمان بعد وقفة بيرنز فيها، بأن حالة الجمود تحركت نسبياً بعد استقبال الدكتور المعشر، تحديداً في القصر الملكي، إثر سنوات من القطيعة والتباعد، لا بل أحياناً الاستقصاء والاستهداف البيروقراطي، حسب شخصيات معارضة أو ناشطة في التيارات المدنية.
في كل حال، لا يزاحم المعشر على المسرح أو الأحداث.
قراءة لطبيعة العلاقات بين البلدين عشية زيارة الملك «المهمة جداً» للبيت الأبيض
لكن من يراقب تشكيل لجنة عريضة في عمان قبل الجولة الملكية في واشنطن، مهمتها تحديث المنظومة السياسية، يلاحظ في المقابل أن رمزاً في الإصلاح الشامل والسياسي قد يكون متقدماً، مثل الدكتور المعشر، لم يكن طرفاً في تلك اللجنة، مع أنه ترأس سابقاً إحدى أهم وأشهر اللجان الملكية الإصلاحية منذ سنوات طويلة، وهي لجنة الأجندة الوطنية.
في كل حال، تردد أن المعشر عندما سئل مرجعياً عن استشارة أو نصيحة ما، أشار بوضوح إلى الأوراق النقاشية الملكية وسقفها، لكنه في وقت سابق أبلغ «القدس العربي» مباشرة بسلسلة تقييمات لها علاقة بوجود اهتمام لدى الإدارة الأمريكية الجديدة، لا بد من استثماره لمصلحة الأردن.
طوال الوقت، يمكن القول بأن سياسياً خبيراً مثل الدكتور المعشر كان يحتفظ بملاحظات بعنوان تفويت الفرصة وعدم الاستثمار الجيد في الماضي، وبعنوان التأخر في اتخاذ إجراءات إصلاحية أو اتخاذها في وقت غير ملائم.
وهو أمر مطروح الآن عشية التحضير لزيارة مهمة بعدما عانى الأردن طوال مرحلة الرئيس السابق دونالد ترامب من التهميش والإقصاء والضغط، حتى أن هذا الضغط في بعض حلقاته ظهر في الأدبيات التي حاولت فهم صدمة الفتنة المعلن عنها في عمان اعتباراً من الثالث من نيسان الماضي.
في كل حال، المشاورات الأمريكية الأردنية في عهد الرئيس بايدن زادت بمعدلات كبيرة، ومفكر اقتصادي مطّلع وخبير مثل الدكتور أنور الخفش تحدث أمام «القدس العربي» عن فرصة انطلاق لا بد من توظيفها واستثمارها بمستويات متقدمة من الاحتراف وعلى أساس أن الرؤية الملكية الأردنية في قضايا المنطقة برمتها أصلاً خبيرة ومتقدمة.
حتى ناشط فلسطيني أمريكي بارز مثل الدكتور سنان شقديح، لاحظ على هامش نقاش مع «القدس العربي» بأن وضع الأردن اليوم في ظل الإدارة الجديدة متمكن ومتقدم، مقترحاً أن تندفع المؤسسات والنخب الأردنية للاستثمار وعلى أساس وجود رغبة عارمة لدى طواقم الإدارة الأمريكية اليوم، ليس بدعم الأردن فقط لكن بالاستناد إليه وإزالة أي خلافات معه والمضي قدماً بالعلاقات الثنائية في إطار الدور الأردني المتمكن والمميز على صعيد الاستقرار العام في المنطقة.
وهو يضم صوته إلى أولئك الملاحظين بأن الأدوات المعنية أردنياً بمتابعة المصالح الأردنية تقدم مساهمة في حالة ملموسة من التأخر في «تكييش» تلك المصالح سياسياً واقتصادياً.
تساؤلات قديمة
يحصل ذلك رغم أن هيبة القيادة الأردنية تسمح باختراقات كبيرة وعميقة في جدار المعادلة الأمريكية، لكنها اختراقات تحتاج إلى حكومة وسفارة ووزارة خارجية ونخب وأدوات تستثمر فيها وتلتقط عبرها، الأمر الذي يعتقد أنه لا يحصل أحياناً، خصوصاً وسط قناعة الجميع -بما في ذلك المعارضة الأردنية الوطنية- بأن الجغرافيا السياسية الأردنية لا تتحول بين الحين والآخر إلى ورقة ضغط وقوة بيد الأردنيين عندما يلزم الأمر.
وضع الأردن مجدداً ووضع قيادته متقدم اليوم في عمق الإدارة الأمريكية الجديدة، بمعنى أنها إدارة مهتمة بدعم عمان وأرسلت موفدين كباراً يمثلون الدولة الأمريكية العميقة إليها، وأظهرت تلك الإدارة، بالتوازي، الحرص العلني على العمل مع الأردن ومصر في معادلة الصراع العربي الإسرائيلي.
فوق ذلك، يتحدث المراقبون عن بيت أبيض متفهم اليوم للاحتياجات الأردنية، ويتقصد أن يستقبل العاهل الأردني كأول زعيم عربي وإسلامي، ويطرح ملاحظات أو تحفظات تخص الليبراليين من الحزب الديمقراطي على الأداء الأردني بأكثر قدر محتمل من الدبلوماسية والنعومة.
كل ذلك يرافقه، حتى وسط النخب الأردنية، شعور بوجود مشكلة ما على مستوى الأدوات تحديداً لها علاقة بالاستثمار الأفضل، الأمر الذي يسمح مجدداً -عشية زيارة الملك المهمة لواشنطن- لطرح تساؤلات قديمة بعنوان: أين الخلل بصورة محددة؟
فهل الخلل في طاقم السفارة الأردنية في واشنطن؟
وهل الإشكال في طاقم الخارجية الأردنية؟
تلك أسئلة مطروحة على الأردنيين فيما بينهم وتخصهم، مع أن الانطباع المتشكل داخل الحكومة على الأقل يشير إلى أن عودة لاعب مثل الدكتور جعفر حسان، الذي تعرفه المؤسسات الأمريكية المانحة على الأقل، إلى إدارة طاقم مكتب الملك يمكن أن يكون خطوة نحو معالجة ذلك الخلل في الاتصال والتواصل والاستثمار و«التكييش».
ما يعيق أي جهد يمكن أن ينتج عن حسان وطاقمه هو تراثه الشخصي في العمل العام والانشغال في المحليات على حساب الاستراتيجيات.
عملياً، يقر الجميع بأن وضع الأردن في عهد بايدن أفضل منه بكثير في عهد ترامب. ومثل هذا الإقرار يدفع للتكرار عندما يتعلق الأمر بذلك الاستعصاء في الإنتاجية والأداء على صعيد الأدوات التنفيذية والحكومية والاستشارية، حيث ثمة عطب ما يعطل العوائد والمكاسب التي يمكن جنيها بعد الاختراقات الملكية، الأمر الذي ينبغي التركيز عليه من قبل دوائر ومؤسسات القرار المحلية في عمان.
"القدس العربي"
سؤال قفز فجأة إلى الواجهة فيما كانت «القدس العربي» تحاول توفير قراءة أبعد وأعمق قليلاً لطبيعة العلاقات الأردنية الأمريكية عشية زيارة «مهمة جداً» كما توصف، سيقوم بها الملك عبد الله الثاني إلى واشنطن، وستبدأ قريباً جداً في غضون أيام، وقد يتخللها على الأرجح لقاء قمة مع الرئيس جو بايدن، سيكون الأول مع زعيم دولة عربية وإسلامية.
الاستعدادات على قدم وساق في الأردن لقطف ثمار هذا التواصل الأمريكي المهم. وعمان -لوجستياً ودبلوماسياً وحكومياً- مشغولة بأجندة وبرنامج هذه الزيارة التي بدأت في الجزء الخاص منها الخميس، بعدما حضر نخبة من كبار المسؤولين الأمريكيين إلى العاصمة طوال الأسابيع الستة الماضية.
تواصل
ولأكثر من غرض وسبب، بدأت تلك الزيارة بالسقف الزمني، وتطول إلى ما بعد العشرين من تموز الحالي؛ بمعنى التأسيس لحالة اشتباك مع المؤسسات الأمريكية، بما في ذلك الكونغرس ولجنتا الأمن والدفاع.
الأهم أن التواصل الرئاسي الأمريكي مع القيادة الأردنية سيحصل بعد سلسلة من التفاهمات مع المؤسسات العميقة في البلدين، فقد زار عمان سابقاً رئيس جهاز الاستخبارات وليم بيرنز، وبقي في ظل المشهد مع مناورات تشرح الأولويات وتنصح فيما ينبغي أن يفعله الأردن.
مبكراً، سألت «القدس العربي» السياسي الأردني الذي يعرف بيرنز جيداً، وهو وزير البلاط الأسبق الدكتور مروان المعشر، عن الزيارة وصاحبها وهدفها، فاعتبر أن بيرنز يستكشف، ولا يوجد لديه -شخصياً- علماً مسبقاً بأي تفاصيل. لكن لوحظ وسط نخبة عمان بعد وقفة بيرنز فيها، بأن حالة الجمود تحركت نسبياً بعد استقبال الدكتور المعشر، تحديداً في القصر الملكي، إثر سنوات من القطيعة والتباعد، لا بل أحياناً الاستقصاء والاستهداف البيروقراطي، حسب شخصيات معارضة أو ناشطة في التيارات المدنية.
في كل حال، لا يزاحم المعشر على المسرح أو الأحداث.
قراءة لطبيعة العلاقات بين البلدين عشية زيارة الملك «المهمة جداً» للبيت الأبيض
لكن من يراقب تشكيل لجنة عريضة في عمان قبل الجولة الملكية في واشنطن، مهمتها تحديث المنظومة السياسية، يلاحظ في المقابل أن رمزاً في الإصلاح الشامل والسياسي قد يكون متقدماً، مثل الدكتور المعشر، لم يكن طرفاً في تلك اللجنة، مع أنه ترأس سابقاً إحدى أهم وأشهر اللجان الملكية الإصلاحية منذ سنوات طويلة، وهي لجنة الأجندة الوطنية.
في كل حال، تردد أن المعشر عندما سئل مرجعياً عن استشارة أو نصيحة ما، أشار بوضوح إلى الأوراق النقاشية الملكية وسقفها، لكنه في وقت سابق أبلغ «القدس العربي» مباشرة بسلسلة تقييمات لها علاقة بوجود اهتمام لدى الإدارة الأمريكية الجديدة، لا بد من استثماره لمصلحة الأردن.
طوال الوقت، يمكن القول بأن سياسياً خبيراً مثل الدكتور المعشر كان يحتفظ بملاحظات بعنوان تفويت الفرصة وعدم الاستثمار الجيد في الماضي، وبعنوان التأخر في اتخاذ إجراءات إصلاحية أو اتخاذها في وقت غير ملائم.
وهو أمر مطروح الآن عشية التحضير لزيارة مهمة بعدما عانى الأردن طوال مرحلة الرئيس السابق دونالد ترامب من التهميش والإقصاء والضغط، حتى أن هذا الضغط في بعض حلقاته ظهر في الأدبيات التي حاولت فهم صدمة الفتنة المعلن عنها في عمان اعتباراً من الثالث من نيسان الماضي.
في كل حال، المشاورات الأمريكية الأردنية في عهد الرئيس بايدن زادت بمعدلات كبيرة، ومفكر اقتصادي مطّلع وخبير مثل الدكتور أنور الخفش تحدث أمام «القدس العربي» عن فرصة انطلاق لا بد من توظيفها واستثمارها بمستويات متقدمة من الاحتراف وعلى أساس أن الرؤية الملكية الأردنية في قضايا المنطقة برمتها أصلاً خبيرة ومتقدمة.
حتى ناشط فلسطيني أمريكي بارز مثل الدكتور سنان شقديح، لاحظ على هامش نقاش مع «القدس العربي» بأن وضع الأردن اليوم في ظل الإدارة الجديدة متمكن ومتقدم، مقترحاً أن تندفع المؤسسات والنخب الأردنية للاستثمار وعلى أساس وجود رغبة عارمة لدى طواقم الإدارة الأمريكية اليوم، ليس بدعم الأردن فقط لكن بالاستناد إليه وإزالة أي خلافات معه والمضي قدماً بالعلاقات الثنائية في إطار الدور الأردني المتمكن والمميز على صعيد الاستقرار العام في المنطقة.
وهو يضم صوته إلى أولئك الملاحظين بأن الأدوات المعنية أردنياً بمتابعة المصالح الأردنية تقدم مساهمة في حالة ملموسة من التأخر في «تكييش» تلك المصالح سياسياً واقتصادياً.
تساؤلات قديمة
يحصل ذلك رغم أن هيبة القيادة الأردنية تسمح باختراقات كبيرة وعميقة في جدار المعادلة الأمريكية، لكنها اختراقات تحتاج إلى حكومة وسفارة ووزارة خارجية ونخب وأدوات تستثمر فيها وتلتقط عبرها، الأمر الذي يعتقد أنه لا يحصل أحياناً، خصوصاً وسط قناعة الجميع -بما في ذلك المعارضة الأردنية الوطنية- بأن الجغرافيا السياسية الأردنية لا تتحول بين الحين والآخر إلى ورقة ضغط وقوة بيد الأردنيين عندما يلزم الأمر.
وضع الأردن مجدداً ووضع قيادته متقدم اليوم في عمق الإدارة الأمريكية الجديدة، بمعنى أنها إدارة مهتمة بدعم عمان وأرسلت موفدين كباراً يمثلون الدولة الأمريكية العميقة إليها، وأظهرت تلك الإدارة، بالتوازي، الحرص العلني على العمل مع الأردن ومصر في معادلة الصراع العربي الإسرائيلي.
فوق ذلك، يتحدث المراقبون عن بيت أبيض متفهم اليوم للاحتياجات الأردنية، ويتقصد أن يستقبل العاهل الأردني كأول زعيم عربي وإسلامي، ويطرح ملاحظات أو تحفظات تخص الليبراليين من الحزب الديمقراطي على الأداء الأردني بأكثر قدر محتمل من الدبلوماسية والنعومة.
كل ذلك يرافقه، حتى وسط النخب الأردنية، شعور بوجود مشكلة ما على مستوى الأدوات تحديداً لها علاقة بالاستثمار الأفضل، الأمر الذي يسمح مجدداً -عشية زيارة الملك المهمة لواشنطن- لطرح تساؤلات قديمة بعنوان: أين الخلل بصورة محددة؟
فهل الخلل في طاقم السفارة الأردنية في واشنطن؟
وهل الإشكال في طاقم الخارجية الأردنية؟
تلك أسئلة مطروحة على الأردنيين فيما بينهم وتخصهم، مع أن الانطباع المتشكل داخل الحكومة على الأقل يشير إلى أن عودة لاعب مثل الدكتور جعفر حسان، الذي تعرفه المؤسسات الأمريكية المانحة على الأقل، إلى إدارة طاقم مكتب الملك يمكن أن يكون خطوة نحو معالجة ذلك الخلل في الاتصال والتواصل والاستثمار و«التكييش».
ما يعيق أي جهد يمكن أن ينتج عن حسان وطاقمه هو تراثه الشخصي في العمل العام والانشغال في المحليات على حساب الاستراتيجيات.
عملياً، يقر الجميع بأن وضع الأردن في عهد بايدن أفضل منه بكثير في عهد ترامب. ومثل هذا الإقرار يدفع للتكرار عندما يتعلق الأمر بذلك الاستعصاء في الإنتاجية والأداء على صعيد الأدوات التنفيذية والحكومية والاستشارية، حيث ثمة عطب ما يعطل العوائد والمكاسب التي يمكن جنيها بعد الاختراقات الملكية، الأمر الذي ينبغي التركيز عليه من قبل دوائر ومؤسسات القرار المحلية في عمان.
"القدس العربي"
تعليقات القراء
لا يوجد تعليقات