حقُّ التَّعليم للطَّلبة في الدُّستور الأردنيِّ والمواثيق والاتِّفاقيات الدَّوليَّة ( 1 ) ..
حقُّ التَّعليم للطَّلبة في الدُّستور الأردنيِّ والمواثيق والاتِّفاقيات الدَّوليَّة ( 1 )...
أولاً : حقُّ التَّعليم في الدُّستور الأردني.
عمان جو - لا أحد منا يُشكِّكُ بأنَّ التعليمَ هو أحدُ الحقوقِ الأَساسيَّة التي كفلت تحقَيقها جميعُ الدَّساتير في العالم ومن قبلها الأديانُ التي حضَّت جميعُها على التَّعليم والتفكر، ونحن في الأردن دولةَ التَّسامح والعيش المشترك، فدستورنا قد تم تشريعه من خلال أنَّنا من أمة ( إقرأ ) والتي كانت أولُ آيةٍ في القرآن الكريم أنزلها على نبيه محمد صلى الله عليه وسلَّم.
لقد كفل الدستور الأردني في الفقرة الثالثة من المادة 6 حقَّ التعليم من خلال نصًّ واضح : - (تكفل الدولة العمل والتعليم ضمن حدود امكانياتها وتكفل الطمأنينة وتكافؤ الفرص لجميع الاردنيين. )
إن نصَّ هذه المادة صريحٌ لا يقبل التأويلَ أو الاجتهاد، فالتعليم حقٌّ متأصِّل في الدستور كفلت الدولة تحقيقه من خلال القوانين والتشريعات الناظمة لإحقاق هذا الحق .
وقد رأينا أن الحكومة ووزارة التربية ومنذ بداية جائحة كورونا قد بذلت اقصى الجهود والطاقات وحسب المتاح خلال الجائحة لمواصلة تقديم هذا الحق للطلبة من خلال التعليم الالكتروني، في الوقت الذي حُرِم أكثر من 400 مليون طفل في العالم من أصل مليار ونصف من هذا الحق، حيث لم يتم تقديم أي نوع من التعليم لهم بسبب الجائحة، وهذا الرقم صادر عن تقارير عن بعض المنظمات التابعة للأمم المتحدة.
وقد بدأت الحكومة السابقة، حكومة دولة الدكتور عمر الرزاز، بمأسسة التعليم الالكتروني وذلك عبر أوامر الدفاع الصادرة حينها.
وبكل صراحة فإن الحكومة حينها ووزارة التربية والتعليم وكان على رأسها معالي الأستاذ تيسير النعيمي لم تجد أيَّ بديلٍ عن التعليم الالكتروني عن بعد خلال الجائحة التي ما زلنا نعيشها لغاية هذه اللحظة ، ففي ظل انتشار الفيروس كانت أمام ثلاث خيارات : إما أن يبقى الطلبة بدون تعليم ويتم تعطيلهم وبالتالي إسقاط العام الدراسي على جميع الطلبة وضياع السنة الدراسية أو الاستمرار في التعليم الوجاهي والمغامرة في الوضع الوبائي بحيث تصبح المدارس بُؤرًا لنقل العدوى لأنها مكان لتجمع مئات الطلبة والمعلمين في مكان واحد أو التوجه إلى التعليم عن بعد لضمان ديمومة تقديم هذا الحق للطلبة .
لقد بدأت حكومة الدكتور بشر الخصاونة ووزارة التربية والتعليم بترجمة رؤى جلالة الملك عبد الله الثاني حفظه الله من خلال خطاب التكليف السامي حينما وجه جلالته انه ( يجب على الحكومة مواصلة العمل على تطوير منظومة التعلم عن بعد وتقييم التجربة وإنضاجها، وفق أفضل الممارسات التي تضمن حق الطلبة في التعليم، إلى جانب الاستمرار في تطوير منظومة التعليم برمتها. )
وها نحن نرى حكومة دولة الدكتور بشر الخصاونة تمؤسس التعليم عن بعد سواءً في التعليم العام أو التعليم العالي من خلال تطوير التشريعات والمنصات التعليمية بما يتماشى مع متطلَّبات العصر.
اما وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي ومن خلال الوزير الأستاذ الدكتور "محمد خير" ابو قديس والأمينين العامين للوزارة وكافة الكوادر المعنيَّة فهم يواصلون الليل بالنهار لإنضاج عملية التعليم عن بعد لاستخدامها حين الحاجة ومن المؤكَّد أن الطالب وولي الأمر سيَلمسون هذا التقدم.
من هنا نجد أنَّ حقَّ التعليم مصانٌ حتى في أحلك الظروف، فقد رأينا بعض الدول التي عانت من الحروب والكوارث الطبيعية والوبائية لكن التعليم بقي فيها مستمرّاً.
ثانيًا : حقُّ التعليم في المواثيق والمعاهدات الدولية المُوقَّعة من قبل حكومات المملكة الأردنيَّة الهاشميَّة .
أ- لقد كفلت الفقرة الأولى من المادة 26 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان حقَّ التعليمِ نصّاً : (لكلِّ شخص حقٌّ في التعليم. ويجب أن يُوفَّر التعليمُ مجَّانًا، على الأقل في مرحلتيه الابتدائية والأساسية. ويكون التعليمُ الابتدائيُّ إلزاميًّا. ويكون التعليمُ الفنِّي والمهني متاحًا للعموم. ويكون التعليمُ العالي مُتاحًا للجميع تبعًا لكفاءتهم. )
لقد جاءت هذه المادة لتؤكد حقَّ كلِّ شخص في أي دولة موقِّعة على هذا الإعلان على حقه في التعليم المجاني في مرحلتيه الابتدائية والأساسية على الأقل وأن يكون التَّعليمُ المِهْنِيُّ متاحًا لجميع الطلبة حسب إمكاناتهم ونتائجهم المدرسية وكفاءتهم .
ب- ضَمِنَ العهدُ الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والثقافية والاجتماعية حقَّ التعليم للجميع في الفقرة الأولى من المادة 13 نصّاً : ( تقر الدول الأطراف في هذا العهد بحق كل فرد في التربية والتعليم.
في هذا النص التزام من جميع الدول الموقِّعة على ضمان حقِّ كلِّ فرد في التعليم.
كما أن كافة التشريعات الأردنية في هذا المجال ومنها قانون التربية والتعليم قد ضمنت حقَّ الطالب في التعليم وجعلته إلزاميًّا في المرحلة الأساسية.
ثالثًا : هل تتعارض الإضرابات مع ضمان حقِّ التعليم؟
لم يغفل المشرِّعُ الوطنيُّ أو الدوليُّ عن هذا الأمر، لذلك كانت هناك نصوصا في المواثيق والمعاهدات الدولية والتشريعات الوطنية حول هذا الأمر :
أ- إن المادة 30 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لم تجز لأي دولة أو جماعة تأويل أي نص في الإعلان لهدم أي من الحقوق المنصوص عليها في الإعلان . المادة 30 (ليس في هذا الإعلان أيُّ نصٍّ يجوز تأويله على نحو يفيد انطواءه على تخويل أيَّة دولة أو جماعة، أو أيِّ فرد، أيَّ حقٍّ في القيام بأيِّ نشاط أو بأيِّ فعل يهدف إلى هدم أيٍّ من الحقوق والحرِّيات المنصوص عليها فيه. )
ب- الفقرة الأولى من المادة 15 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والثقافية والاجتماعية نصت صراحةً على : (ليس في هذا العهد أي حكم يجوز تأويله على نحو يفيد انطواءه على أي حق لأي دولة أو جماعة أو شخص بمباشرة أي نشاط أو القيام بأي فعل يهدف إلى إهدار أي من الحقوق أو الحريات المعترف بها في هذا العهد أو إلي فرض قيود عليها أوسع من تلك المنصوص عليها فيه. )
ج- منحت الفقرتان ( ج ) و ( د ) من المادة 8 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الحق للدول بوضع قيود على الإضرابات لضمان حقوق الآخرين وللحفاط على النظام العام كما قيدت حق الإضراب بممارسته ضمن قوانينِ البلد المعني.
وبناءً على تلك الفقرات فإن العهود والمواثيق والمعاهدات الدولية لم تعطِ الحق بالإضراب عندما يتعلق الأمر بمنع حقوق أساسية منصوص عليها في المواثيق الدولية - والتعليم هو من ضمن هذه الحقوق - كما أنها أعطت الدول الموقعة الحق بتنظيم الإضرابات ضمن القوانين والأنظمة الوطنية.
وهذا منطقي لأنَّه لا يعقل أن تكفل الدولة حقًّا أساسيًّا للمواطن في مادة دستورية وبنص واضح لا يقبل التأويل وفي نفس الوقت تبيح المساس أو الإضرار بهذا الحق في مادة أخرى.
لكنَّ البعض حاولَ ليَّ أعناقِ النصوص أو إخفاءَ نصوصٍ واضحة في الدستورِ والمواثيقِ والاتفاقياتِ الدولية لتنسجم معَ أهدافهم لتحقيقِ مكاسبَ خاصَّة، فالاتفاقيات والمواثيق الدوليَّ تسمو في التطبيق على القوانين الوطنيَّة وهذا عرف سائد لدى القانونيين المختصين بهذا الشأن.
عبد الغفور القرعان
أولاً : حقُّ التَّعليم في الدُّستور الأردني.
عمان جو - لا أحد منا يُشكِّكُ بأنَّ التعليمَ هو أحدُ الحقوقِ الأَساسيَّة التي كفلت تحقَيقها جميعُ الدَّساتير في العالم ومن قبلها الأديانُ التي حضَّت جميعُها على التَّعليم والتفكر، ونحن في الأردن دولةَ التَّسامح والعيش المشترك، فدستورنا قد تم تشريعه من خلال أنَّنا من أمة ( إقرأ ) والتي كانت أولُ آيةٍ في القرآن الكريم أنزلها على نبيه محمد صلى الله عليه وسلَّم.
لقد كفل الدستور الأردني في الفقرة الثالثة من المادة 6 حقَّ التعليم من خلال نصًّ واضح : - (تكفل الدولة العمل والتعليم ضمن حدود امكانياتها وتكفل الطمأنينة وتكافؤ الفرص لجميع الاردنيين. )
إن نصَّ هذه المادة صريحٌ لا يقبل التأويلَ أو الاجتهاد، فالتعليم حقٌّ متأصِّل في الدستور كفلت الدولة تحقيقه من خلال القوانين والتشريعات الناظمة لإحقاق هذا الحق .
وقد رأينا أن الحكومة ووزارة التربية ومنذ بداية جائحة كورونا قد بذلت اقصى الجهود والطاقات وحسب المتاح خلال الجائحة لمواصلة تقديم هذا الحق للطلبة من خلال التعليم الالكتروني، في الوقت الذي حُرِم أكثر من 400 مليون طفل في العالم من أصل مليار ونصف من هذا الحق، حيث لم يتم تقديم أي نوع من التعليم لهم بسبب الجائحة، وهذا الرقم صادر عن تقارير عن بعض المنظمات التابعة للأمم المتحدة.
وقد بدأت الحكومة السابقة، حكومة دولة الدكتور عمر الرزاز، بمأسسة التعليم الالكتروني وذلك عبر أوامر الدفاع الصادرة حينها.
وبكل صراحة فإن الحكومة حينها ووزارة التربية والتعليم وكان على رأسها معالي الأستاذ تيسير النعيمي لم تجد أيَّ بديلٍ عن التعليم الالكتروني عن بعد خلال الجائحة التي ما زلنا نعيشها لغاية هذه اللحظة ، ففي ظل انتشار الفيروس كانت أمام ثلاث خيارات : إما أن يبقى الطلبة بدون تعليم ويتم تعطيلهم وبالتالي إسقاط العام الدراسي على جميع الطلبة وضياع السنة الدراسية أو الاستمرار في التعليم الوجاهي والمغامرة في الوضع الوبائي بحيث تصبح المدارس بُؤرًا لنقل العدوى لأنها مكان لتجمع مئات الطلبة والمعلمين في مكان واحد أو التوجه إلى التعليم عن بعد لضمان ديمومة تقديم هذا الحق للطلبة .
لقد بدأت حكومة الدكتور بشر الخصاونة ووزارة التربية والتعليم بترجمة رؤى جلالة الملك عبد الله الثاني حفظه الله من خلال خطاب التكليف السامي حينما وجه جلالته انه ( يجب على الحكومة مواصلة العمل على تطوير منظومة التعلم عن بعد وتقييم التجربة وإنضاجها، وفق أفضل الممارسات التي تضمن حق الطلبة في التعليم، إلى جانب الاستمرار في تطوير منظومة التعليم برمتها. )
وها نحن نرى حكومة دولة الدكتور بشر الخصاونة تمؤسس التعليم عن بعد سواءً في التعليم العام أو التعليم العالي من خلال تطوير التشريعات والمنصات التعليمية بما يتماشى مع متطلَّبات العصر.
اما وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي ومن خلال الوزير الأستاذ الدكتور "محمد خير" ابو قديس والأمينين العامين للوزارة وكافة الكوادر المعنيَّة فهم يواصلون الليل بالنهار لإنضاج عملية التعليم عن بعد لاستخدامها حين الحاجة ومن المؤكَّد أن الطالب وولي الأمر سيَلمسون هذا التقدم.
من هنا نجد أنَّ حقَّ التعليم مصانٌ حتى في أحلك الظروف، فقد رأينا بعض الدول التي عانت من الحروب والكوارث الطبيعية والوبائية لكن التعليم بقي فيها مستمرّاً.
ثانيًا : حقُّ التعليم في المواثيق والمعاهدات الدولية المُوقَّعة من قبل حكومات المملكة الأردنيَّة الهاشميَّة .
أ- لقد كفلت الفقرة الأولى من المادة 26 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان حقَّ التعليمِ نصّاً : (لكلِّ شخص حقٌّ في التعليم. ويجب أن يُوفَّر التعليمُ مجَّانًا، على الأقل في مرحلتيه الابتدائية والأساسية. ويكون التعليمُ الابتدائيُّ إلزاميًّا. ويكون التعليمُ الفنِّي والمهني متاحًا للعموم. ويكون التعليمُ العالي مُتاحًا للجميع تبعًا لكفاءتهم. )
لقد جاءت هذه المادة لتؤكد حقَّ كلِّ شخص في أي دولة موقِّعة على هذا الإعلان على حقه في التعليم المجاني في مرحلتيه الابتدائية والأساسية على الأقل وأن يكون التَّعليمُ المِهْنِيُّ متاحًا لجميع الطلبة حسب إمكاناتهم ونتائجهم المدرسية وكفاءتهم .
ب- ضَمِنَ العهدُ الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والثقافية والاجتماعية حقَّ التعليم للجميع في الفقرة الأولى من المادة 13 نصّاً : ( تقر الدول الأطراف في هذا العهد بحق كل فرد في التربية والتعليم.
في هذا النص التزام من جميع الدول الموقِّعة على ضمان حقِّ كلِّ فرد في التعليم.
كما أن كافة التشريعات الأردنية في هذا المجال ومنها قانون التربية والتعليم قد ضمنت حقَّ الطالب في التعليم وجعلته إلزاميًّا في المرحلة الأساسية.
ثالثًا : هل تتعارض الإضرابات مع ضمان حقِّ التعليم؟
لم يغفل المشرِّعُ الوطنيُّ أو الدوليُّ عن هذا الأمر، لذلك كانت هناك نصوصا في المواثيق والمعاهدات الدولية والتشريعات الوطنية حول هذا الأمر :
أ- إن المادة 30 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لم تجز لأي دولة أو جماعة تأويل أي نص في الإعلان لهدم أي من الحقوق المنصوص عليها في الإعلان . المادة 30 (ليس في هذا الإعلان أيُّ نصٍّ يجوز تأويله على نحو يفيد انطواءه على تخويل أيَّة دولة أو جماعة، أو أيِّ فرد، أيَّ حقٍّ في القيام بأيِّ نشاط أو بأيِّ فعل يهدف إلى هدم أيٍّ من الحقوق والحرِّيات المنصوص عليها فيه. )
ب- الفقرة الأولى من المادة 15 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والثقافية والاجتماعية نصت صراحةً على : (ليس في هذا العهد أي حكم يجوز تأويله على نحو يفيد انطواءه على أي حق لأي دولة أو جماعة أو شخص بمباشرة أي نشاط أو القيام بأي فعل يهدف إلى إهدار أي من الحقوق أو الحريات المعترف بها في هذا العهد أو إلي فرض قيود عليها أوسع من تلك المنصوص عليها فيه. )
ج- منحت الفقرتان ( ج ) و ( د ) من المادة 8 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الحق للدول بوضع قيود على الإضرابات لضمان حقوق الآخرين وللحفاط على النظام العام كما قيدت حق الإضراب بممارسته ضمن قوانينِ البلد المعني.
وبناءً على تلك الفقرات فإن العهود والمواثيق والمعاهدات الدولية لم تعطِ الحق بالإضراب عندما يتعلق الأمر بمنع حقوق أساسية منصوص عليها في المواثيق الدولية - والتعليم هو من ضمن هذه الحقوق - كما أنها أعطت الدول الموقعة الحق بتنظيم الإضرابات ضمن القوانين والأنظمة الوطنية.
وهذا منطقي لأنَّه لا يعقل أن تكفل الدولة حقًّا أساسيًّا للمواطن في مادة دستورية وبنص واضح لا يقبل التأويل وفي نفس الوقت تبيح المساس أو الإضرار بهذا الحق في مادة أخرى.
لكنَّ البعض حاولَ ليَّ أعناقِ النصوص أو إخفاءَ نصوصٍ واضحة في الدستورِ والمواثيقِ والاتفاقياتِ الدولية لتنسجم معَ أهدافهم لتحقيقِ مكاسبَ خاصَّة، فالاتفاقيات والمواثيق الدوليَّ تسمو في التطبيق على القوانين الوطنيَّة وهذا عرف سائد لدى القانونيين المختصين بهذا الشأن.
عبد الغفور القرعان
تعليقات القراء
لا يوجد تعليقات