إتصل بنا من نحن إجعلنا صفحتك الرئيسية

الإعلام الغربي يفشل مجددًا في امتحان المهنية


عمان جو أبرز تداول عدد من كبريات وكالات الأنباء ووسائل الإعلام العالمية، خبرًا عن مقتل مدنيين خلال عملية "درع الفرات" العسكرية، التي يقودها الجيش التركي شمالي سوريا، بالاستناد على ما أعلنه، "المرصد السوري لحقوق الإنسان"، الذي سبق أن شككت بعض من تلك الوسائل في مصداقيته، أن وسائل الإعلام العالمية الكبرى، عندما يتعلق الأمر بتركيا، تتخلى بسهولة عن المبادئ الأخلاقية البديهية.

ونشرت وكالاتا أنباء رويترز وأسوشيتد برس، أول أمس نقلًا عن المرصد، سقوط 35 مدنيًا في الغارات الجوية ضمن عملية درع الفرات، فيما نقلت عنه فرانس برس، سقوط 40 مدنيًا، ومالبث الخبر أن انتشر على نطاق واسع، دون أن يتساءل أحد عن مصداقية مصدره، أو عن سبب التضارب في أعداد القتلى في الأخبار المنقولة عن نفس المصدر.

وبدأ تداول تلك المزاعم مع نشر الصفحة العربية للمرصد على الفيس بوك، والصفحة الشخصية لمؤسس المرصد أسامة سليمان، "مقتل 15 مدنيا في العمارنة، و20 مدنيا في جب الكوسا، في قصف للقوات التركية".

وهنا يثار التساؤل حول ما يدفع كبريات وسائل الإعلام العالمية إلى نشر، ما يعلن عنه المرصد، دون أن تجد حاجة إلى تمحيصه والتحقق منه.

يقول أسامة سليمان، تاجر الملابس، إنه سجن ثلاث مرات خلال عهد حافظ الأسد، بسبب أنشطته المعارضة، وسافر بعد ذلك إلى بريطانيا، خوفا من أن يسجن مرة أخرى في عهد بشار الأسد. ويقيم سليمان حاليا في مدينة كوفنتري البريطانية، حيث يستمر في العمل في تجارة الملابس.

ووفقًا لسليمان، فقد قام وحده بإنشاء المرصد السوري لحقوق الإنسان، ويقوم وحده بإدارته، ويساعده شخص واحد فقط، لترجمة الأخبار إلى اللغة الإنجليزية بسبب عدم إلمامه بها، كما يقول سليمان إنه يتواصل مع حوالي 200 ناشط داخل سوريا، حيث يمدونه بالمعلومات، ويقوم هو بتجميعها ونشرها.

ويحاول سليمان إثبات مصداقية المرصد وحياديته، عبر الإشارة إلى أنه يتلقى الانتقادات من العلويين والسنة على حد سواء، إلا أنه يصبح من المنطقي التساؤل هنا عم إذا كانت هناك آلية للتحقق من ادعاءات مؤسسة تزعم وقوفها على مسافة متساوية من أطراف الصراع.

من المفيد في هذه الحالة العودة إلى تاريخ تلك المؤسسة، ومع البحث نجد أن عدة وسائل إعلام عالمية، تساءلت، وإن في مرات نادرة، عن مصداقية المرصد، الذي أسس عام 2006.

ونشرت صحيفة "زود دويتشه تسايتونج" الألمانية في 26 نوفمبر/ تشرين ثاني 2012، خبرا بتوقيع مراسلها في لندن "يوناس شايبل"، عدد فيه أسماء عدة شخصيات بينها مصعب عزاوي، قال إنهم المؤسسين الأوائل للمرصد، وأن سليمان قام بعد ذلك بإبعادهم. وكانت الأخبار التي تنشرها وسائل إعلام مثل "بي بي سي" والجزيرة، نقلا عن المرصد، تحمل في تلك الأيام بالفعل توقيع عزاوي وليس سليمان.

وتبع ذلك نشوب خلاف بين تلك المجموعة وأسامة سليمان، ونجم عن ذلك نشوء عدة مواقع تنشر باسم المرصد السوري لحقوق الإنسان، كما ظهر أن اسم "رامي عبد الرحمن" ، الذي أعلن أسامة سليمان، أنه كان يستخدمه كاسم مستعار لنشر الأخبار، كان مستخدما من قبل كل من ينشر الأخبار في المرصد، وأن المجموعة المختلفة مع سليمان استمرت في استخدامه، وهكذا فقد نقلت وسائل الإعلام، خلال عام 2012، أخبارا عن سليمان، وعن المجموعة المختلفة معه، موقعة جميعها باسم رامي عبد الرحمن، ونشرت باعتبارها صادرة عن المرصد.

وانتقد الكاتب تشارلي سكيلتون، في مقال نشره في صحيفة الغارديان البريطانية، في 12 يوليو/ تموز 2012، قيام وسائل الإعلام بالاعتماد على مؤسسة يقوم فيها شخص واحد بجمع المعلومات عبر الهاتف، ونشر وسائل الإعلام جميع المعلومات الصادرة عن تلك المؤسسة دون تمحيص.

كما أشارت "روسيا اليوم" في 6 أكتوبر/ تشرين أول 2015، إلى أن المرصد نشر في صفحته الإنجليزية، أن غارة روسية أدت إلى مقتل 30 مدنيا في سوريا، في حين نشر عن نفس الغارة في صفحته العربية، أن طائرات النظام هي من نفذتها، وأنها أسفرت عن سقوط 27 قتيلا.

كما شهد عام 2011، واقعة غريبة بين "سي إن إن" والمرصد، إذ نشرت يوم 7 أغسطس/ أب، خبرا أسندته إلى المرصد، قالت فيه إن النظام السوري قطع الكهرباء عن مستشفى حماة خلال المظاهرات المعارضة له، ما أسفر عن وفاة 8 رضع، كانوا في الحاضنات، وبعد نشر "سي إن إن" للخبر، نشرت صفحة المرصد نفس الخبر نقلا عن سي إن إن، ونشرت معه صورة التقطت في إحدى المستشفيات المصرية في إبريل/ نيسان بنفس العام. وأصرت سي إن إن على أنها نشرت خبرها استنادا على المرصد.

ويأتي نقل وسائل إعلام عالمية، أمس، عن المرصد، خبرا يتضمن اتهامات للجيش التركي، رغم التساؤلات التي سبق أن وجهتها تلك الوسائل لمصداقية المرصد، ونشر وسائل الإعلام تلك، دون تمحيص، معلومات تنشرها مؤسسة يديرها شخص واحد، ليظهر بوضوح، أنه عندما يتعلق الأمر بتركيا، فإن وسائل الإعلام الغربية الكبرى، تتجاهل بكل بساطة، المبادئ الأخلاقية البديهية في عالم الصحافة.




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمان جو الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :