الأردن من «المتوسط» إلى التلامس التركي وصولاً إلى العراق وسوريا: خليط «الخبرة» والمعلومة الأمريكية… ماذا ينتج؟
عمان جو - بسام البدارين
يبدو جلياً لغالبية المراقبين والدبلوماسيين الغربيين في الأردن تحديداً أن تكرار حديث العاهل الملك عبد الله الثاني عن التكامل التجاري الثلاثي بين بلاده والعراق ومصر أصبح أقرب إلى مشروع سياسي يتدحرج، خصوصاً أن الأردن مهتم جداً بهذا المشروع، وله سياقات في البعد والمسار الإقليمي يمكن أن تؤدي، كما صرح الملك مؤخراً، إلى تكريس التعاون على المستوى العربي أيضاً.
بمعنى أو بآخر، مشروع التكامل الثلاثي أقرب إلى مشروع سياسي إقليمي يعيد الأردن صياغة موقفه منه في اتجاه مقاربة جديدة تضع الأردن مجدداً في المستوى الإقليمي على الخارطة.
فرصة متاحة
ويعني ذلك عملياً، أن الأردن بصدد مقاربة إقليمية الطابع هذه المرة، مبنية على أساس تقاطع المصالح الاستراتيجية الذي تمأسس بعد زيارة الملك التاريخية الأخيرة إلى واشنطن، حيث انفتاح غير مسبوق على البوصلة الأردنية، وعلى الفهم الأردني لبعض القضايا والملفات الأساسية في المنطقة من قبل إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، وهو ما لمسه الوفد الأردني المرافق للملك.
بداية الزيارة كان لها علاقة بما ذكر في القصر الملكي قبل إنجازها تحت عنوان التحدث باسم زعماء المنطقة. بالتالي، يمكن القول بأن الفرصة متاحة الآن أكثر من أي وقت مضى أمام المؤسسة الأردنية للتحدث بعد التفاهمات الخاصة مع كل من رئيس الوزراء العراقي الدكتور مصطفى الكاظمي، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، لصالح التحدث من زاوية موحدة في الرأي تجاه العديد من القضايا.
وهو عموماً وضع تكتيكي واستراتيجي يمكن الأردنيين من قاعدة معلومات وبيانات لم تكن متاحة لهم في عهد الرئيس الأمريكي الراحل دونالد ترامب، وبالتالي لدى المؤسسة الأردنية اليوم خبرة أكبر في طريقة تفكير الإدارة الأمريكية، خصوصاً أن الوفد الأردني تمكن من الحصول على معلومات قيمة جداً حول تصورات الإدارة الأمريكية الجديدة وأولوياتها في أكثر من اتجاه وبصورة تخص كل الملفات.
إلى هنا، يبقى التحدي الأساسي هو ذلك المتعلق بكيفية التصرف مع قاعدة البيانات والمعلومات والتقديرات التي أتيحت للخبرة الأردنية وبكيفية، والأهم- برأي محلل سياسي ووزير وبرلماني وخبير اقتصادي سابق هو الدكتور محمد الحلايقة، في كيفية الاستثمار في اللحظة وفي المساحة التي توفرت لدولة مثل الأردن للاطلاع والمتابعة، والأهم أيضاً؛ لنقل الخبرة، حيث إن خبرة الأردن قديمة ومتراكمة في قضايا المنطقة، ويمكن زراعتها -برأي الحلايقة وغيره من كبار المراقبين، كما فهمت» القدس العربي»- في سياق تطوير المواقف الأمريكية، لا بل صياغة بعض التطورات في تلك المواقف وبعيدة عن الكلاسيكيات المألوفة في البوصلة الأمريكية.
طبعاً، يمكن القول إن تلك ميزة استراتيجية تحصلت أمام صانع القرار الأردني، والسؤال مطروح بقوة في عمان هذه الأيام عن آلية وكيفية وتقنية الاستثمار في تلك الميزة.
بمعنى أن الحراك الملكي الأردني بعد زيارة واشنطن، لوحظ بأنه تكثف بثلاثة اتجاهات رئيسية، فقد دعم الملك مجدداً التكامل الثلاثي مع العراق، وطالب المجتمع الدولي علناً مرتين بدعم حكومة الرئيس مصطفى الكاظمي ثم أعاد إنتاج البؤرة الأساسية في مشروع التكامل الثلاثي العراقي الأردني المصري.
من زاوية أخرى، أوفد وزير الخارجية أيمن الصفدي، إلى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي؛ لوضعه في صورة تفاصيل ما حصل في واشنطن، ثم حضر إلى عمان وزير الخارجية العراقي، الأمر الذي يعني أن حراكاً أردنياً في اتجاهات العراق ومصر بدأ بعد زيارة واشنطن أو محطة واشنطن المثيرة للاهتمام.
حراك يصل إلى سوريا
وهو حراك يوازيه الآن رسائل خاصة وجهت أيضاً إلى دمشق وإلى الرئيس السوري بشار الأسد. ورسائل موازية وجهت إلى القيادة التركية وعبر سلسلة تواصلات خلف الستارة كشف النقاب عنها مؤخراً فقط، دفعت في اتجاه بحث الأردن مع الأمريكيين تطورات الملف السوري على أساس ضرورة إحياء التنسيق الرباعي مع روسيا وتركيا والأردن ودول الجوار والولايات المتحدة.
في الأثناء، بدا واضحاً لجميع الأطراف بأن القمة الثلاثية بين الأردن واليونان وقبرص على ضفاف المتوسط، عقدت بصورة مباشرة قبل عدة أيام وبعد الإطلالة الأمريكية على خزينة المعلومات والتقديرات الأمريكية، وهي قمة يبدو أن لها مغازيها وتسهم في وجود الأردن على الطاولة عندما يتعلق الأمر بملف الغاز والطاقة وبالملف الليبي وبملف الصراع اليوناني التركي، ومن المرجح أن أنقرة على صلة بهذه القمة الثلاثية عبر النافذة الأردنية.
ومن المرجح أيضاً أن الجانب التركي لديه معطيات ومعلومات وتقديرات أردنية بخصوص التواصل مع اليونان وقبرص، وبالتالي حجم تبادل المعلومات خلال الأسبوعين الماضيين بين عمان وأنقرة بعد الإطلالة على واشنطن، قدم مساهمة فعالة في بناء شكل من أشكال التنسيق والتشاور والتقييم المتبادل مع الجانب التركي، بعيداً عن تحفظات الخلافات السياسية والأمنية بين الجانبين.
دعم التطبيع التركي – المصري
وقد ظهر ذلك لجميع الأطراف مع دعم وإسناد الأردن الخلفي القوي لكل محاولات تطبيع العلاقات واستعادة الاتصالات بين مصر والجانب التركي، وبدا ظاهراً أيضاً من خلال دعوة الأردن في واشنطن للتنسيق مع الأتراك بشأن الملف السوري وعلى أساس وقف محاولات تغيير وإسقاط النظام السوري الذي لن يسقط، كما صرح الملك عبد الله الثاني شخصياً، وإنما العمل على تغيير سلوكه وعبر التفاهم معه ومع دول الجوار.
الاعتقاد يزيد سياسياً في الأردن الآن بأن الإصرار على الحديث عن مشروع التكامل الثلاثي مع مصر والعراق هو نقطة الارتكاز الأساسية في حركة أردنية نشطة تريد أن تقدم للإدارة الأمريكية، هذه المرة، أحد أشكال التحدث الجماعي باسم زعماء المنطقة، على أمل أن ينعكس ذلك لاحقاً على مستويات متقدمة من بقية الأنظمة العربية.
وهو ما ألمح له عدة مرات رئيس الوزراء الأردني الدكتور بشر الخصاونة، عندما أبلغ «القدس العربي» في عدة محطات نقاشية، بأن بلاده تعتبر الثقل لعلاقاتها وبوصلتها ومصالحها في الاتجاهين العراقي والمصري، بطبيعة الحال.
عمان جو - بسام البدارين
يبدو جلياً لغالبية المراقبين والدبلوماسيين الغربيين في الأردن تحديداً أن تكرار حديث العاهل الملك عبد الله الثاني عن التكامل التجاري الثلاثي بين بلاده والعراق ومصر أصبح أقرب إلى مشروع سياسي يتدحرج، خصوصاً أن الأردن مهتم جداً بهذا المشروع، وله سياقات في البعد والمسار الإقليمي يمكن أن تؤدي، كما صرح الملك مؤخراً، إلى تكريس التعاون على المستوى العربي أيضاً.
بمعنى أو بآخر، مشروع التكامل الثلاثي أقرب إلى مشروع سياسي إقليمي يعيد الأردن صياغة موقفه منه في اتجاه مقاربة جديدة تضع الأردن مجدداً في المستوى الإقليمي على الخارطة.
فرصة متاحة
ويعني ذلك عملياً، أن الأردن بصدد مقاربة إقليمية الطابع هذه المرة، مبنية على أساس تقاطع المصالح الاستراتيجية الذي تمأسس بعد زيارة الملك التاريخية الأخيرة إلى واشنطن، حيث انفتاح غير مسبوق على البوصلة الأردنية، وعلى الفهم الأردني لبعض القضايا والملفات الأساسية في المنطقة من قبل إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، وهو ما لمسه الوفد الأردني المرافق للملك.
بداية الزيارة كان لها علاقة بما ذكر في القصر الملكي قبل إنجازها تحت عنوان التحدث باسم زعماء المنطقة. بالتالي، يمكن القول بأن الفرصة متاحة الآن أكثر من أي وقت مضى أمام المؤسسة الأردنية للتحدث بعد التفاهمات الخاصة مع كل من رئيس الوزراء العراقي الدكتور مصطفى الكاظمي، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، لصالح التحدث من زاوية موحدة في الرأي تجاه العديد من القضايا.
وهو عموماً وضع تكتيكي واستراتيجي يمكن الأردنيين من قاعدة معلومات وبيانات لم تكن متاحة لهم في عهد الرئيس الأمريكي الراحل دونالد ترامب، وبالتالي لدى المؤسسة الأردنية اليوم خبرة أكبر في طريقة تفكير الإدارة الأمريكية، خصوصاً أن الوفد الأردني تمكن من الحصول على معلومات قيمة جداً حول تصورات الإدارة الأمريكية الجديدة وأولوياتها في أكثر من اتجاه وبصورة تخص كل الملفات.
إلى هنا، يبقى التحدي الأساسي هو ذلك المتعلق بكيفية التصرف مع قاعدة البيانات والمعلومات والتقديرات التي أتيحت للخبرة الأردنية وبكيفية، والأهم- برأي محلل سياسي ووزير وبرلماني وخبير اقتصادي سابق هو الدكتور محمد الحلايقة، في كيفية الاستثمار في اللحظة وفي المساحة التي توفرت لدولة مثل الأردن للاطلاع والمتابعة، والأهم أيضاً؛ لنقل الخبرة، حيث إن خبرة الأردن قديمة ومتراكمة في قضايا المنطقة، ويمكن زراعتها -برأي الحلايقة وغيره من كبار المراقبين، كما فهمت» القدس العربي»- في سياق تطوير المواقف الأمريكية، لا بل صياغة بعض التطورات في تلك المواقف وبعيدة عن الكلاسيكيات المألوفة في البوصلة الأمريكية.
طبعاً، يمكن القول إن تلك ميزة استراتيجية تحصلت أمام صانع القرار الأردني، والسؤال مطروح بقوة في عمان هذه الأيام عن آلية وكيفية وتقنية الاستثمار في تلك الميزة.
بمعنى أن الحراك الملكي الأردني بعد زيارة واشنطن، لوحظ بأنه تكثف بثلاثة اتجاهات رئيسية، فقد دعم الملك مجدداً التكامل الثلاثي مع العراق، وطالب المجتمع الدولي علناً مرتين بدعم حكومة الرئيس مصطفى الكاظمي ثم أعاد إنتاج البؤرة الأساسية في مشروع التكامل الثلاثي العراقي الأردني المصري.
من زاوية أخرى، أوفد وزير الخارجية أيمن الصفدي، إلى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي؛ لوضعه في صورة تفاصيل ما حصل في واشنطن، ثم حضر إلى عمان وزير الخارجية العراقي، الأمر الذي يعني أن حراكاً أردنياً في اتجاهات العراق ومصر بدأ بعد زيارة واشنطن أو محطة واشنطن المثيرة للاهتمام.
حراك يصل إلى سوريا
وهو حراك يوازيه الآن رسائل خاصة وجهت أيضاً إلى دمشق وإلى الرئيس السوري بشار الأسد. ورسائل موازية وجهت إلى القيادة التركية وعبر سلسلة تواصلات خلف الستارة كشف النقاب عنها مؤخراً فقط، دفعت في اتجاه بحث الأردن مع الأمريكيين تطورات الملف السوري على أساس ضرورة إحياء التنسيق الرباعي مع روسيا وتركيا والأردن ودول الجوار والولايات المتحدة.
في الأثناء، بدا واضحاً لجميع الأطراف بأن القمة الثلاثية بين الأردن واليونان وقبرص على ضفاف المتوسط، عقدت بصورة مباشرة قبل عدة أيام وبعد الإطلالة الأمريكية على خزينة المعلومات والتقديرات الأمريكية، وهي قمة يبدو أن لها مغازيها وتسهم في وجود الأردن على الطاولة عندما يتعلق الأمر بملف الغاز والطاقة وبالملف الليبي وبملف الصراع اليوناني التركي، ومن المرجح أن أنقرة على صلة بهذه القمة الثلاثية عبر النافذة الأردنية.
ومن المرجح أيضاً أن الجانب التركي لديه معطيات ومعلومات وتقديرات أردنية بخصوص التواصل مع اليونان وقبرص، وبالتالي حجم تبادل المعلومات خلال الأسبوعين الماضيين بين عمان وأنقرة بعد الإطلالة على واشنطن، قدم مساهمة فعالة في بناء شكل من أشكال التنسيق والتشاور والتقييم المتبادل مع الجانب التركي، بعيداً عن تحفظات الخلافات السياسية والأمنية بين الجانبين.
دعم التطبيع التركي – المصري
وقد ظهر ذلك لجميع الأطراف مع دعم وإسناد الأردن الخلفي القوي لكل محاولات تطبيع العلاقات واستعادة الاتصالات بين مصر والجانب التركي، وبدا ظاهراً أيضاً من خلال دعوة الأردن في واشنطن للتنسيق مع الأتراك بشأن الملف السوري وعلى أساس وقف محاولات تغيير وإسقاط النظام السوري الذي لن يسقط، كما صرح الملك عبد الله الثاني شخصياً، وإنما العمل على تغيير سلوكه وعبر التفاهم معه ومع دول الجوار.
الاعتقاد يزيد سياسياً في الأردن الآن بأن الإصرار على الحديث عن مشروع التكامل الثلاثي مع مصر والعراق هو نقطة الارتكاز الأساسية في حركة أردنية نشطة تريد أن تقدم للإدارة الأمريكية، هذه المرة، أحد أشكال التحدث الجماعي باسم زعماء المنطقة، على أمل أن ينعكس ذلك لاحقاً على مستويات متقدمة من بقية الأنظمة العربية.
وهو ما ألمح له عدة مرات رئيس الوزراء الأردني الدكتور بشر الخصاونة، عندما أبلغ «القدس العربي» في عدة محطات نقاشية، بأن بلاده تعتبر الثقل لعلاقاتها وبوصلتها ومصالحها في الاتجاهين العراقي والمصري، بطبيعة الحال.