عين الأردن على درعا ومخاوف من النزوح والميليشيات الإيرانية
عمان جو - طارق الديلواني
في موازاة التطورات الميدانية الجارية في مدينة درعا السورية، يتصاعد قلق أردني على بعد كيلومترات من الحدود المشتركة مع سوريا، خشية أن تتسبب في حركة نزوح جماعية جديدة للسوريين في اتجاه الأردن، فضلاً عن مخاوف إزاء النشاط المتزايد للميليشيات الإيرانية إضافة إلى نشاط كثيف ومتزايد لتهريب المخدرات من سوريا في اتجاه الأراضي الأردنية.
وتُرجم القلق الأردني على الفور عبر قرار بإغلاق معبر "جابر – نصيب" الحدودي مع سوريا الأسبوع الماضي، بعد ساعات فقط على إعادة فتحه، نتيجة تطورات الأوضاع الأمنية في الجانب السوري. وتسعى عمان إلى إعادة الهدوء إلى درعا، لبدء التشغيل الكامل للمعبر الذي يعتبر بمثابة شريان حياة للتجارة الأردنية، إذ تفجر العنف مجدداً بين قوات المعارضة وقوات النظام في المدينة السورية الأقرب إلى الأردن مذ استعادت دمشق السيطرة على المنطقة الجنوبية قبل ثلاثة سنوات.
مخاوف ديموغرافية وأمنية
ويخشى الأردن من أن يؤدي الاقتتال في درعا إلى حركة نزوح جماعية للسكان في اتجاه الحدود، ما يضاعف الأعباء التي أثقلت كاهله منذ عام 2011، بسبب استضافته أكثر من مليون لاجئ سوري على أراضيه.
وارتفع منسوب القلق الأردني أكثر بعد تقارير تتحدث عن وجود مكثف لقوات وميليشيات إيرانية قرب الحدود وداخل مدينة درعا.
ويُعتبر الأردن من أكثر دول العالم تأثراً بما تشهده جارته الشمالية، إذ يمكن سماع أصوات القصف في درعا في القرى والمدن الأردنية المجاورة.
وكان العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني عبر بوضوح عن هذه المخاوف خلال مقابلته الأخيرة التي أجراها مع شبكة" سي أن أن" الأميركية، وأشار فيها إلى تعرض بلاده للهجوم من طائرات مسيرة إيرانية الصنع، داعياً للتوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية وضرورة تغيير سلوك النظام باعتباره باقياً ومستمراً على حد تعبيره.
ويربط مراقبون بين تصريحات العاهل الأردني واتفاقية الدفاع المشترك بين عمان وواشنطن، التي استقدم بموجبها آلاف الجنود الأميركيين من قواعد أميركية في المنطقة إلى الأراضي الأردنية، في إشارة إلى دور أردني مرتقب في مواجهة إيران في سوريا، على اعتبار أن عمان حليف استراتيجي مهم للولايات المتحدة، ودور آخر في ملف إعادة إعمار البلد المجاور الذي مزقته الحرب.
درعا المشكلة الأردنية
ولطالما ردد النظام السوري عبارة "درعا مشكلة أردنية" كلما احتد السجال مع عمان بشأن مخاوفها الأمنية من المنطقة التي تشكل خاصرة رخوة بالنسبة للحدود الأردنية. ولا تكف السلطات الأردنية عن إبداء قلقها حيال سيطرة عناصر "الفرقة الرابعة" على معبر نصيب الحدودي.
ونص اتفاق أميركي- روسي تم التوصل إليه في عام 2018 على إبعاد الميليشيات الإيرانية من المنطقة الواقعة قرب الحدود الأردنية - السورية، لمسافة 60 كيلومتراً، إلا أن ذلك لم يتحقق.
ويحاول الأردن التوصل إلى اتفاق يتم بموجبه نشر قوات من اللواء الثامن السوري المدعوم من روسيا في درعا لإنهاء الوجود الإيراني. وهو لواء عسكري ضمن "الفيلق الخامس" الذي شُكل من فصائل معارضة عدة، قبلت بالتسوية مع النظام السوري برعاية روسية باعتبارها الطرف الضامن، وأغلب المنتمين إليه هم من أبناء درعا والمنطقة الجنوبية التي تحظى كثير من عائلاتها وعشائرها بامتداد ديمغرافي في الأردن.
وتسعى روسيا والأردن إلى دعم هذا الفصيل بهدف منع ارتكاب خروقات في منطقة جنوب سوريا والحفاظ على اتفاق التسوية، فضلاً عن ضمان عودة اللاجئين السوريين في الأردن طوعاً إلى مناطق آمنة في بلادهم، بخاصة وأن معظمهم من منطقة درعا.
سنوات من التوتر
وشهدت العلاقات الأردنية - السورية توتراً لافتاً بعد سلسلة اعتقالات طالت أردنيين عبروا إلى الجانب السوري عبر معبر "نصيب – جابر" الحدودي الذي أغلق منذ عام 2011 وحتى عام 2018. ومع بدء تطبيق قانون "قيصر" الأميركي على النظام السوري، توقف التبادل التجاري بين البلدين اللذين يرتبطان بحدود طولها 375 كيلومتراً.
وكانت الحكومة الأردنية طردت السفير السوري السابق في عمان بهجت سليمان في عام 2014 بسبب "إساءاته المتكررة" للأردن. وتبادلت عمان ودمشق القرارات الاستفزازية خلال الفترة الماضية، إذ قررت الحكومة الأردنية حظر استيراد المنتجات السورية، رداً على قرار أصدرته دمشق أدى إلى توقف حركة حافلات نقل البضائع.
قانون قيصر
ويرى الكاتب ماهر أبو طير أن "ثمة مأزقاً في علاقة الأردن بسوريا، على الرغم من إقناع عمان واشنطن بإعادة تأهيل النظام السوري سياسياً، بخاصة وأن عقوبات قيصر أثرت على الأردن تجارياً، بحيث يكون المخرج الحصول على استثناءات وحصول انفتاح كامل في العلاقات الاقتصادية بين دمشق وعمان". وأضاف أبو طير أن "الاتصالات السياسية بين الأردن وسوريا، ارتفع مستواها دون إشهار رسمي، فيما الاتصالات الفنية على مستوى الوزراء، باتت علنية في الإعلام، بقبول الجانبين الأردني والسوري، لكن المفارقة أن هناك طرفاً ثالثاً، لا يريد للحياة أن تعود إلى طبيعتها في جنوب سورية".
وأكد أبو طير أن "للأردن مصلحة كبرى في التهدئة النهائية في جنوب سوريا، لاعتبارات اقتصادية، وأمنية، لكن ثمة أطرافاً لديها حسابات مختلفة، وقادرة على إعادة خلط الأوراق".اندبندت عربية
عمان جو - طارق الديلواني
في موازاة التطورات الميدانية الجارية في مدينة درعا السورية، يتصاعد قلق أردني على بعد كيلومترات من الحدود المشتركة مع سوريا، خشية أن تتسبب في حركة نزوح جماعية جديدة للسوريين في اتجاه الأردن، فضلاً عن مخاوف إزاء النشاط المتزايد للميليشيات الإيرانية إضافة إلى نشاط كثيف ومتزايد لتهريب المخدرات من سوريا في اتجاه الأراضي الأردنية.
وتُرجم القلق الأردني على الفور عبر قرار بإغلاق معبر "جابر – نصيب" الحدودي مع سوريا الأسبوع الماضي، بعد ساعات فقط على إعادة فتحه، نتيجة تطورات الأوضاع الأمنية في الجانب السوري. وتسعى عمان إلى إعادة الهدوء إلى درعا، لبدء التشغيل الكامل للمعبر الذي يعتبر بمثابة شريان حياة للتجارة الأردنية، إذ تفجر العنف مجدداً بين قوات المعارضة وقوات النظام في المدينة السورية الأقرب إلى الأردن مذ استعادت دمشق السيطرة على المنطقة الجنوبية قبل ثلاثة سنوات.
مخاوف ديموغرافية وأمنية
ويخشى الأردن من أن يؤدي الاقتتال في درعا إلى حركة نزوح جماعية للسكان في اتجاه الحدود، ما يضاعف الأعباء التي أثقلت كاهله منذ عام 2011، بسبب استضافته أكثر من مليون لاجئ سوري على أراضيه.
وارتفع منسوب القلق الأردني أكثر بعد تقارير تتحدث عن وجود مكثف لقوات وميليشيات إيرانية قرب الحدود وداخل مدينة درعا.
ويُعتبر الأردن من أكثر دول العالم تأثراً بما تشهده جارته الشمالية، إذ يمكن سماع أصوات القصف في درعا في القرى والمدن الأردنية المجاورة.
وكان العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني عبر بوضوح عن هذه المخاوف خلال مقابلته الأخيرة التي أجراها مع شبكة" سي أن أن" الأميركية، وأشار فيها إلى تعرض بلاده للهجوم من طائرات مسيرة إيرانية الصنع، داعياً للتوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية وضرورة تغيير سلوك النظام باعتباره باقياً ومستمراً على حد تعبيره.
ويربط مراقبون بين تصريحات العاهل الأردني واتفاقية الدفاع المشترك بين عمان وواشنطن، التي استقدم بموجبها آلاف الجنود الأميركيين من قواعد أميركية في المنطقة إلى الأراضي الأردنية، في إشارة إلى دور أردني مرتقب في مواجهة إيران في سوريا، على اعتبار أن عمان حليف استراتيجي مهم للولايات المتحدة، ودور آخر في ملف إعادة إعمار البلد المجاور الذي مزقته الحرب.
درعا المشكلة الأردنية
ولطالما ردد النظام السوري عبارة "درعا مشكلة أردنية" كلما احتد السجال مع عمان بشأن مخاوفها الأمنية من المنطقة التي تشكل خاصرة رخوة بالنسبة للحدود الأردنية. ولا تكف السلطات الأردنية عن إبداء قلقها حيال سيطرة عناصر "الفرقة الرابعة" على معبر نصيب الحدودي.
ونص اتفاق أميركي- روسي تم التوصل إليه في عام 2018 على إبعاد الميليشيات الإيرانية من المنطقة الواقعة قرب الحدود الأردنية - السورية، لمسافة 60 كيلومتراً، إلا أن ذلك لم يتحقق.
ويحاول الأردن التوصل إلى اتفاق يتم بموجبه نشر قوات من اللواء الثامن السوري المدعوم من روسيا في درعا لإنهاء الوجود الإيراني. وهو لواء عسكري ضمن "الفيلق الخامس" الذي شُكل من فصائل معارضة عدة، قبلت بالتسوية مع النظام السوري برعاية روسية باعتبارها الطرف الضامن، وأغلب المنتمين إليه هم من أبناء درعا والمنطقة الجنوبية التي تحظى كثير من عائلاتها وعشائرها بامتداد ديمغرافي في الأردن.
وتسعى روسيا والأردن إلى دعم هذا الفصيل بهدف منع ارتكاب خروقات في منطقة جنوب سوريا والحفاظ على اتفاق التسوية، فضلاً عن ضمان عودة اللاجئين السوريين في الأردن طوعاً إلى مناطق آمنة في بلادهم، بخاصة وأن معظمهم من منطقة درعا.
سنوات من التوتر
وشهدت العلاقات الأردنية - السورية توتراً لافتاً بعد سلسلة اعتقالات طالت أردنيين عبروا إلى الجانب السوري عبر معبر "نصيب – جابر" الحدودي الذي أغلق منذ عام 2011 وحتى عام 2018. ومع بدء تطبيق قانون "قيصر" الأميركي على النظام السوري، توقف التبادل التجاري بين البلدين اللذين يرتبطان بحدود طولها 375 كيلومتراً.
وكانت الحكومة الأردنية طردت السفير السوري السابق في عمان بهجت سليمان في عام 2014 بسبب "إساءاته المتكررة" للأردن. وتبادلت عمان ودمشق القرارات الاستفزازية خلال الفترة الماضية، إذ قررت الحكومة الأردنية حظر استيراد المنتجات السورية، رداً على قرار أصدرته دمشق أدى إلى توقف حركة حافلات نقل البضائع.
قانون قيصر
ويرى الكاتب ماهر أبو طير أن "ثمة مأزقاً في علاقة الأردن بسوريا، على الرغم من إقناع عمان واشنطن بإعادة تأهيل النظام السوري سياسياً، بخاصة وأن عقوبات قيصر أثرت على الأردن تجارياً، بحيث يكون المخرج الحصول على استثناءات وحصول انفتاح كامل في العلاقات الاقتصادية بين دمشق وعمان". وأضاف أبو طير أن "الاتصالات السياسية بين الأردن وسوريا، ارتفع مستواها دون إشهار رسمي، فيما الاتصالات الفنية على مستوى الوزراء، باتت علنية في الإعلام، بقبول الجانبين الأردني والسوري، لكن المفارقة أن هناك طرفاً ثالثاً، لا يريد للحياة أن تعود إلى طبيعتها في جنوب سورية".
وأكد أبو طير أن "للأردن مصلحة كبرى في التهدئة النهائية في جنوب سوريا، لاعتبارات اقتصادية، وأمنية، لكن ثمة أطرافاً لديها حسابات مختلفة، وقادرة على إعادة خلط الأوراق".اندبندت عربية