إتصل بنا من نحن إجعلنا صفحتك الرئيسية

توجيهي


الكاتب : فارس حباشنة

عمان جو - طلاب توجيهي امس تجمهروا في مواكب احتفالا في النجاح، وهتفوا بعبارة.. خاوة خاوة.
احتفالات غريبة، اطلاق عيارات والالعاب نارية، ومواكب سيارات، وتشحيط.. وطلاب جابوا عمان بسيارات سياحية نمرتها خضراء.
ولو نتوقف قليلا في التعليق حول عبارة.. خاوة خاوة. في التعليم المدرسي لا يهم كثيرا تحصيلك الدراسي، وكم تحصل على معدل في الثانوية العامة والتوجيهي، فالمهم هو التربية والاخلاق، والقيم الفردية والمجتمعية التي تزرع في نفسية وشخصية الطالب بالمدرسة والعائلة والمجال الاجتماعي العام.
الجاهة والسلطة والنفوذ قد يجلب بالمال وشراء الذمم والنفوس. ولكن العلم والمعرفة من الصعب، بل المستحيل.. ومهما تشوهت العملية التعليمية، ومهما غرقنا في وحل «بزنس التعليم» المدرسي والجامعي، وتضخم اقتصاد التعليم البديل والموازي، والمدارس الخاصة، والدروس الخصوصية، والتعليم الاستهلاكي، وما دشن من ارضية لـ»تعليم طبقي»!.
عندما كنت توجيهي عرفت بالصدفة نتيجيتي بعد 3 أيام من اعلانها رسميا. وكنت الاول على المدرسة، والثاني او الثالث لا اذكر بالضبط على الكرك. ولما بلغني الخبر اصاب الفرح قلبي، وبكيت يومها ليس من اجل البكاء، وهزتني مشاعر النجاح بالتحدي، والشكر لله، ولكل من علمني حرفا، وفي تلك الايام وليست بعيدة، كانت النتائج تنشر ورقيا على لوحات غرفة «ادارة المدرسة».
ونجاح الغلابة بطعم الملح. فنحن المستثنون من المنح، نجاحنا الدراسي مكلف ماليا. وهنا يبدأ السؤال ماذا ستدرس؟ والاهم، كم كلفة الدراسة؟ فيما ينعم دون حسد اخرون وما اكثرهم في ميزات الاستثناء في الجامعة والقبول الجامعي والتخصصات الدراسية والتعليم المجاني.
من لحظة نجاحي الاولى ايقنت اني سوف امتطي درب العناء والبلاء، وان النجاح نقطة بداية في رسم شقاء لـ»هامشي» يقارع طريق العلم والمعرفة، وهي طريق الحق والخير، ولما يكون الفرح ثقيل على القلوب المتعبة والمشبعة بالحزن.
وفوق ذاك اليقين ادركت ان الحياة لست حلوة ولا سهلة، وانها قتال وحرب على حق ضائع ومفقود. وهذا ليس حقي انا شخصيا، انما حق كل طالب هامشي «ناجح ومجتهد».
تقاتل لكي تحصل على حقك في مقعد دراسي، وتقاتل لكي لا يسرق المقعد الدراسي بالواسطة، وتقاتل لكي تقدر توفر تكاليف ومصاريف الجامعة، وتقاتل لكي تدفع رسوم الجامعة، وتقاتل لتحصل على تحصيل جامعي متفوق، وتبقى متيقظا بعين الحارس الخائف لكي لا يتم سرقة علامتك وتجييرها بالواسطة والتدخلات لطالب اخر، ويختطف تفوقك.
فلمن اذن يقول طلاب التوجيهي.. خاوة خاوة. ولمن يوجهون الرسالة، وقد بحت اصواتهم وهم يجولون عمان امس، هاتفهم يعلو على زمير السيارات واصوات الرصاص، يرددوننها دون خجل.. خاوة خاوة.
لست معنيا هنا بسؤال «طالب التوجيهي» لماذا يردد هذا الكلام؟! لربما هناك شريحة تعبر هكذا عن فرحها بالنجاح التعليمي، واي نجاح في الحياة. الم نسمع هذه العبارة في الانتخابات النيابية ـ وترددت كثيرا في الدورتين الاخيرتين لمجلس النواب.
من حقك ان تفرح كيفما سرت على طريق النجاح. فالذي اشترى نجاحه بالمال من حقه ان يفرح هكذا، ويردد كلمة خاوة خاوة بصوت اعلى.
وما لا يقال، فان اولئك الطلاب جاهروا بـ»سر سياسي» في البلد. هذا ليس احتفالا في نجاح توجيهي، انه عقل باطن ولا وعي جماعي يخفي سرا في النظر الى البلاد، ويشهر اسلحته دون وعي في اوقات الازمات والفرح والصدمات الايجابية والسلبية.




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمان جو الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :