إتصل بنا من نحن إجعلنا صفحتك الرئيسية

النابلسي: الاحزاب العقائدية أكل عليها الدهر وشرب


عمان جو - كتب عضو اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية المحامي زيد عمر النابلسي:

فيما يتعلق بالافتراءات الظالمة واللغط المثار حول مخرجات لجنة قانون الأحزاب بأنها "مصيبة المصائب"، وبأنها مخرجات "عُرفية" و"سلطوية" و"تعجيزية" و"غير إصلاحية" و"غير تنويرية" إلى آخره من باقي التهكمات المضللة، إليكم الحقائق لتحكموا بأنفسكم...

يوجد اليوم في الأردن 49 حزباً سياسياً و11 حزباً تحت التأسيس، أي أن بلد صغير كالأردن يعاني من التأخر في الحياة السياسية لأسباب عديدة، لديه ستون حزباً سياسياً، بينما العدد الطبيعي في أي دولة ديمقراطية ناضجة هو أن يكون هنالك ثلاثة أو أربعة أحزاب كبيرة قوية ذات برامج وخطط محددة، لديها تمثيل واسع في كافة أرجاء الدولة والقدرة على استقطاب الأصوات عن طريق إقناع الشعب ببرامجها الواقعية، وبالتالي تشكيل الحكومات البرلمانية من كوادر تلك الأحزاب، تماماً كما جاء في الأوراق النقاشية لجلالة الملك، والتي أدعو جميع الأردنيين والأردنيات للاطلاع عليها بإمعان وتدقيق...

أما أحزابنا الستون في الأردن، فأغلبها – وليس كلها للإنصاف فهنالك أحزاب حقيقية أقدرها وأحترمها – ما هي إلا دكاكين شخصية لأصحابها ومخاتيرها، فلا برامج لديها ولا أعضاء حقيقيين ولا مكتب سياسي ولا لجان حزبية ولا تفاعل شعبي ولا وجود في الشارع ولا ما يحزنون...

وباقي الأحزاب العقائدية، فمن لم يعف عليها الزمن، فقد أكل عليها الدهر وشرب، بل وأصبحت ضعيفة وغير منتجة، يحكمها أمين عام لم يتغير منذ عقود، ولا تحصل في الانتخابات النيابية إلا على بضع عشرات من الأصوات من الأقارب والمعارف، وتفوز بمقعد واحد فقط في أفضل الحالات "إن طبشها القرد"، أي أنها تحصد عدد أصوات لا يتعدى ربع عدد اللايكات التي يحصل عليها أي شخص عادي كتب منشور على الفيسبوك يقول فيه "صباح الخير"، فيأتيه خمسمائة إعجاب وألفي تعليق...

هذه الأحزاب أيها السادة هي التي تهاجم اليوم مخرجات قانون الأحزاب للجنة الملكية وتصفه بأنه "تعجيزي"، وتخيلوا ما هو السبب الوحيد لديهم؟

هذه الأحزاب مستاءة وغاضبة وتنذر بالهول والثبور وعظائم الأمور فقط لأن النص الذي توافقت عليه لجنة الأحزاب يضع شرطاً على الأحزاب أن يكون لديها على الأقل ألف منتسب!!

نعم أيها السادة، هذه هي كبيرة الكبائر التي أغضبت هذه الفئات في نص القانون التقدمي الحديث المقترح من لجنة الأحزاب!!

فهم لم يستاؤوا من المهزلة الممثلة بوجود عدد أحزاب في الأردن يفوق عدد الأحزاب الرئيسية الفاعلة في فرنسا وبريطانيا وإيطاليا وإسبانيا وبلجيكا وهولندا وألمانيا والنمسا والسويد والدنمارك وفنلندا والنرويج مجتمعين، لا أبداً، هذا الوضع المأساوي التراجيكوميدي لم يثر استياءهم...

ما أثار غضبهم هو أن مشروع القانون الذي توافقت عليه لجنة الأحزاب جاء بالدواء للوضع الحالي المختل عن طريق تحفيز الأحزاب على الاندماج والانصهار والتوحد والتكتل لتقليل عددها وتخفيف الازدحام الذي أعاق الحركة ونفر الناس من الأحزاب – فوق العوامل الأخرى المنفرة التي عالجها مشروع القانون – فثارت هذه الأحزاب على خسارة مكتسباتهم التي يقبضونها كل عام من أموال دافعي الضرائب دون وجه حق...

هم مشكلتهم مع العدد ألف، بينما كلنا يعلم أن أصغر جاهة لعرس في الأردن يأتيها أكثر من ألف شخص بكل سهولة...

أما حزب يدعي أنه يريد أن ينافس على مقاعد البرلمان وأن يسعى بأن يشكل حكومة لها ولاية عامة تتحكم بمصائر عشرة ملايين إنسان، فهل يعقل أن يجد صعوبة في تجميع ألف شخص حوله يؤمنون بمبادئه؟

لهذا السبب يصبون جام غضبهم على الشرط الذي يكشف ضعفهم ويتطلب منهم أن يمارسوا العمل السياسي الحقيقي في الشارع، بدلاً من التنظير الفارغ والبيانات الرنانة...

هذا هو ما أثار حنقهم، فهذه الأحزاب باتت مستكينة إلى تمويل سنوي حكومي بالملايين من أموال دافعي الضرائب دون أن تفعل شيئاً في المقابل سوى ترميم دكاكينهم الهزيلة التي أضحت نوادي اجتماعية بينها وبين العمل السياسي الحقيقي ما بين الأرض والسماء...

مشروع قانون الأحزاب لم يُقَر بعد من الهيئة العامة في اللجنة الملكية، والنص أيضاً يجب أن يمر بمراحله الدستورية أمام البرلمان بشقيه النواب والأعيان، ولذك أنصح كل الأردنيين والأردنيات أن يتمهلوا وأن يقرأوا نصوص القانون بأنفسهم بعد أن يتم إقراره، وأن يحكّموا عقولهم وضمائرهم وأن لا ينساقوا وراء الاتهامات المغرضة...

أقولها بكل صدقِ وتجرد، إن مشروع قانون الأحزاب الجديد الذي وضعناه بفضل تعب وسهر وجهود زملائي وزميلاتي الكرام في اللجنة الفرعية للأحزاب أعتبره من أكثر قوانين الأحزاب تقدماً وتحرراً وحداثة وعصرية في العالم وليس فقط في العالم العربي، وأتحدى أن يجد أحداً فيه مادة واحدة فقط مما أسموه "مواداً عُرفية"، وكل ما يقال غير ذلك فمصدره أصحاب المصالح الضيقة والمنافع الشخصية الذين يؤثرون أنفسهم على مصلحة الوطن، وهذا عهد لكم مني بصحة ما أقول...




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمان جو الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :