الأردن: ثلاثية عباس – السيسي – الكاظمي في مواجهة كلفة «التمحور»
عمان جو - بسام البدارين - تبدو هوامش المناورة السياسية للأردن، إقليمياً، مفتوحة على خيارات غير مسبوقة هذه المرة عنوانها الأعرض التنويع في الاتصالات وبناء التحالفات، وعمقها الأقرب هو ترك الهواجس والمخاوف التي كانت ترافق دوماً حسابات الدبلوماسية الأردنية عندما يتعلق الأمر بالتحالفات الكلاسيكية والقديمة.
لكن في المقابل، حالة التمحور التي تجتاح المنطقة قد تضع الدبلوماسية الأردنية في حالة مواجهة مكلفة، خصوصاً إذا أصبحت الخلفية المحور الإيراني ومغادرة القوات الأمريكية الاستراتيجية للمنطقة بالتدريج والانسحاب منها.
المستجد الأردني يتمثل في مغادرة تامة دبلوماسية على الأرجح لعقدة الخلافات القديمة التي تجدد بعضها في منظومة النادي الخليجي.
والمستجد نفسه يؤشر هذه المرة إلى فتح نوافذ وأنصاف أبواب، إن جاز التعبير، في اتجاه دول إقليمية كبيرة من بينها تركيا، وأيضاً في اتجاه المحور القطري تحديداً، وقبل ذلك فتح كل الأبواب في اتجاه مصر والعراق، وسط حالة تفاعل كيميائي سياسي غير مسبوقة يقال إنها تضع البيض الأردني بشكل يثير بعض المخاوف في سلتي كل من الدكتور مصطفى الكاظمي والجنرال عبد الفتاح السيسي.
مثل هذا التنويع بدأ يشكل ثوابت في البوصلة الأردنية، وهي بوصلة يعيد الناطق الرسمي باسم الحكومة الوزير صخر دودين، أمام «القدس العربي» التذكير بأن معيارها مصلحة الأمة أولاً، ومصلحة القضية الفلسطينية ثانياً باعتبارها من المفاصل والمحاور الأساسية في مجمل الرؤى المرجعية الأردنية.
يبدو الوزير دودين متحمساً وهو يمسك بتفاصيل المناورات السياسية الحصيفة والمبادرات التي تؤسس لها القيادة الأردنية بصورة تحافظ على وزن الأردن النوعي والإقليمي الذي لا يستطيع أحد تجاوزه أو تجاهله اليوم، هذا أولاً. كما تحافظ على هوامش مبادرة تعلي من القيمة السياسية للمصالح الوطنية الأردنية العليا، وهذا ثانياً. ووفق هذا المعيار يمكن الاستمرار في رصد التحولات في مستجدات الانفتاح الأردني على أكثر من صعيد وفي أكثر من اتجاه، فالدور المصري شريك أساسي في تقديم وإسناد الحق الفلسطيني وفقاً للوزير دودين، وتركيا دولة جارة وشقيقة وفقاً لرئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة، والعلاقات معها الآن في أفضل أحوالها.
استثمارات قطرية؟
العنصر اللافت للنظر أكثر هو التدحرج الملموس مؤخراً للعلاقات مع دولة قطر، لا بل وضع ضمانات لإنضاج هذه العلاقات وتطويرها في الاتجاه السياسي أولاً، وفي السياق الاقتصادي الثنائي ثانياً، وعلى صعيد الاستثمار حصرياً.
قطر، كما يفهم من سفيرها في عمان، في طريقها لتعزيز بنيتها الاستثمارية في الأردن. والعاصمة الأردنية، كما فهمت» القدس العربي» من مسؤولين كبار، في طريقها لتوفير كل التسهيلات اللازمة التي تعكس روح العلاقة الأخوية مع الشقيق القطري.
في الأثناء، لا يخفي المراقبون ما يمكن تسميته بتمكين التنويع الإقليمي الأردني عبر الانفتاح أكثر مع تركيا هذه المرة بعد التمكن وبجهد أردني متواصل من المساهمة في فتح قنوات بين القصر الجمهوري المصري ونظيره التركي، وبالتأكيد وسط غطاء من إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن.
الاتصالات الأردنية التركية تقطع الآن شوطاً كبيراً بعنوان تجاوز الخلافات والتجاذبات، والاتصالات الأردنية القطرية قطعت فعلاً شوطاً أكبر، والأمل منعقد -على الأقل في مكتب رئيس الوزراء الأردني- بأن يساهم ذلك في التنويع الاستثماري والاقتصادي أيضاً وسط توقعات وسيناريوهات بأن يساهم بالضرورة في توحيد النظرة على الأقل، ولاحقاً توحيد الحراك والجهد في اتجاه ملفات يرى دودين وغيره من المسؤولين الأردنيين أنها مفصلية وأساسية وتتطلب تكثيفاً للجهد مع الأصدقاء والحلفاء ودول الجوار.
نقطة الجذب
أطلق دودين قبل أسابيع على التنويع السياسي الإقليمي لبلاده اسماً لطيفاً بعنوان تدوير الزوايا السياسية، وإن كان لم يقصد حصراً منظومة العلاقات الإقليمية والعربية.
لكن تلك الملفات المشتركة مرحلياً قابلة للتطور، وقد يكون أهمها الاستثمار في البنية القطرية المهمة لقراءة واستشعار مرحلة ما بعد المستجد الأفغاني، والاستثمار أيضاً في البوصلة التركية للحفاظ على وتيرة دولية تمثل مصلحة للبلدين في ملف اللجوء السوري.
ونقطة الجذب الأساسية بالنسبة للدبلوماسية الأردنية مع تركيا وقطر ثم مصر هو توفير رافعة في المجتمع الدولي لبقاء القضية الفلسطينية تحديداً ضمن الأولويات، وهنا حصرياً لاحظ الخصاونة أكثر وقبل غيره، وتعلم مؤسسات بلاده بأن القضية الفلسطينية لم تكن ضمن نطاق هوامش الأولويات إطلاقاً بالنسبة لإدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، لكن الأمر تغير قليلاً إيجابياً بعد الصراع العسكري الأخير بين إسرائيل وحركة حماس.
وتبدل الأمر نفسه أيضاً إيجابياً بعد تركيز الملك عبد الله الثاني الشديد على الملف الفلسطيني إثر زيارته المهمة والأخيرة لواشنطن، خلافاً لتركيزه على انخراط تركيا ودعم وتثبيت الدور المصري تحديداً، والأهم إظهار جدية الأردن في دعم السلطة الوطنية الفلسطينية ومنع احتمالات تقويضها.
وليس سراً أن الهدف الأخير تطلب مؤخراً فقط إرسال طائرة لإحضار الرئيس محمود عباس إلى عمان قبل لقاء قمة ثلاثي لاحق في القاهرة والبقاء بمستوى الاشتباك التفصيلي مع المؤسسات المصرية والفلسطينية، كما أنه ليس سراً ما يقوله بعض قادة السلطة الفلسطينية من أن الصديق الوحيد لهم اليوم في معادلة الواقع الموضوعي هو الأردن أكثر من غيره.
التنويع السياسي والدبلوماسي الأردني حقيقة لا يمكن إخفاؤها اليوم، ومن نافلة القول التأشير على تحالفات مرنة أكثر تسقط معها بعض قوانين اللعبة الأردنية في الماضي القريب، والمرونة التي تظهر من مصر تسند التحالفات الأردنية الجديدة قيد الإنشاء والبناء، فيما تلتقط أنقرة والدوحة ورام الله تلك الإشارات التي صدرت من واشنطن في مسألة الحراك الأردني بعد الزيارة المشار إليها.
لكن السؤال مطروح حول ما إذا كان كل ذلك مؤهلاً لإعفاء الأردن سياسياً من كلفة التمحور.
"القدس العربي"
لكن في المقابل، حالة التمحور التي تجتاح المنطقة قد تضع الدبلوماسية الأردنية في حالة مواجهة مكلفة، خصوصاً إذا أصبحت الخلفية المحور الإيراني ومغادرة القوات الأمريكية الاستراتيجية للمنطقة بالتدريج والانسحاب منها.
المستجد الأردني يتمثل في مغادرة تامة دبلوماسية على الأرجح لعقدة الخلافات القديمة التي تجدد بعضها في منظومة النادي الخليجي.
والمستجد نفسه يؤشر هذه المرة إلى فتح نوافذ وأنصاف أبواب، إن جاز التعبير، في اتجاه دول إقليمية كبيرة من بينها تركيا، وأيضاً في اتجاه المحور القطري تحديداً، وقبل ذلك فتح كل الأبواب في اتجاه مصر والعراق، وسط حالة تفاعل كيميائي سياسي غير مسبوقة يقال إنها تضع البيض الأردني بشكل يثير بعض المخاوف في سلتي كل من الدكتور مصطفى الكاظمي والجنرال عبد الفتاح السيسي.
مثل هذا التنويع بدأ يشكل ثوابت في البوصلة الأردنية، وهي بوصلة يعيد الناطق الرسمي باسم الحكومة الوزير صخر دودين، أمام «القدس العربي» التذكير بأن معيارها مصلحة الأمة أولاً، ومصلحة القضية الفلسطينية ثانياً باعتبارها من المفاصل والمحاور الأساسية في مجمل الرؤى المرجعية الأردنية.
يبدو الوزير دودين متحمساً وهو يمسك بتفاصيل المناورات السياسية الحصيفة والمبادرات التي تؤسس لها القيادة الأردنية بصورة تحافظ على وزن الأردن النوعي والإقليمي الذي لا يستطيع أحد تجاوزه أو تجاهله اليوم، هذا أولاً. كما تحافظ على هوامش مبادرة تعلي من القيمة السياسية للمصالح الوطنية الأردنية العليا، وهذا ثانياً. ووفق هذا المعيار يمكن الاستمرار في رصد التحولات في مستجدات الانفتاح الأردني على أكثر من صعيد وفي أكثر من اتجاه، فالدور المصري شريك أساسي في تقديم وإسناد الحق الفلسطيني وفقاً للوزير دودين، وتركيا دولة جارة وشقيقة وفقاً لرئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة، والعلاقات معها الآن في أفضل أحوالها.
استثمارات قطرية؟
العنصر اللافت للنظر أكثر هو التدحرج الملموس مؤخراً للعلاقات مع دولة قطر، لا بل وضع ضمانات لإنضاج هذه العلاقات وتطويرها في الاتجاه السياسي أولاً، وفي السياق الاقتصادي الثنائي ثانياً، وعلى صعيد الاستثمار حصرياً.
قطر، كما يفهم من سفيرها في عمان، في طريقها لتعزيز بنيتها الاستثمارية في الأردن. والعاصمة الأردنية، كما فهمت» القدس العربي» من مسؤولين كبار، في طريقها لتوفير كل التسهيلات اللازمة التي تعكس روح العلاقة الأخوية مع الشقيق القطري.
في الأثناء، لا يخفي المراقبون ما يمكن تسميته بتمكين التنويع الإقليمي الأردني عبر الانفتاح أكثر مع تركيا هذه المرة بعد التمكن وبجهد أردني متواصل من المساهمة في فتح قنوات بين القصر الجمهوري المصري ونظيره التركي، وبالتأكيد وسط غطاء من إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن.
الاتصالات الأردنية التركية تقطع الآن شوطاً كبيراً بعنوان تجاوز الخلافات والتجاذبات، والاتصالات الأردنية القطرية قطعت فعلاً شوطاً أكبر، والأمل منعقد -على الأقل في مكتب رئيس الوزراء الأردني- بأن يساهم ذلك في التنويع الاستثماري والاقتصادي أيضاً وسط توقعات وسيناريوهات بأن يساهم بالضرورة في توحيد النظرة على الأقل، ولاحقاً توحيد الحراك والجهد في اتجاه ملفات يرى دودين وغيره من المسؤولين الأردنيين أنها مفصلية وأساسية وتتطلب تكثيفاً للجهد مع الأصدقاء والحلفاء ودول الجوار.
نقطة الجذب
أطلق دودين قبل أسابيع على التنويع السياسي الإقليمي لبلاده اسماً لطيفاً بعنوان تدوير الزوايا السياسية، وإن كان لم يقصد حصراً منظومة العلاقات الإقليمية والعربية.
لكن تلك الملفات المشتركة مرحلياً قابلة للتطور، وقد يكون أهمها الاستثمار في البنية القطرية المهمة لقراءة واستشعار مرحلة ما بعد المستجد الأفغاني، والاستثمار أيضاً في البوصلة التركية للحفاظ على وتيرة دولية تمثل مصلحة للبلدين في ملف اللجوء السوري.
ونقطة الجذب الأساسية بالنسبة للدبلوماسية الأردنية مع تركيا وقطر ثم مصر هو توفير رافعة في المجتمع الدولي لبقاء القضية الفلسطينية تحديداً ضمن الأولويات، وهنا حصرياً لاحظ الخصاونة أكثر وقبل غيره، وتعلم مؤسسات بلاده بأن القضية الفلسطينية لم تكن ضمن نطاق هوامش الأولويات إطلاقاً بالنسبة لإدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، لكن الأمر تغير قليلاً إيجابياً بعد الصراع العسكري الأخير بين إسرائيل وحركة حماس.
وتبدل الأمر نفسه أيضاً إيجابياً بعد تركيز الملك عبد الله الثاني الشديد على الملف الفلسطيني إثر زيارته المهمة والأخيرة لواشنطن، خلافاً لتركيزه على انخراط تركيا ودعم وتثبيت الدور المصري تحديداً، والأهم إظهار جدية الأردن في دعم السلطة الوطنية الفلسطينية ومنع احتمالات تقويضها.
وليس سراً أن الهدف الأخير تطلب مؤخراً فقط إرسال طائرة لإحضار الرئيس محمود عباس إلى عمان قبل لقاء قمة ثلاثي لاحق في القاهرة والبقاء بمستوى الاشتباك التفصيلي مع المؤسسات المصرية والفلسطينية، كما أنه ليس سراً ما يقوله بعض قادة السلطة الفلسطينية من أن الصديق الوحيد لهم اليوم في معادلة الواقع الموضوعي هو الأردن أكثر من غيره.
التنويع السياسي والدبلوماسي الأردني حقيقة لا يمكن إخفاؤها اليوم، ومن نافلة القول التأشير على تحالفات مرنة أكثر تسقط معها بعض قوانين اللعبة الأردنية في الماضي القريب، والمرونة التي تظهر من مصر تسند التحالفات الأردنية الجديدة قيد الإنشاء والبناء، فيما تلتقط أنقرة والدوحة ورام الله تلك الإشارات التي صدرت من واشنطن في مسألة الحراك الأردني بعد الزيارة المشار إليها.
لكن السؤال مطروح حول ما إذا كان كل ذلك مؤهلاً لإعفاء الأردن سياسياً من كلفة التمحور.
"القدس العربي"
تعليقات القراء
لا يوجد تعليقات