حلب .. "مجزرة" القرن الواحد والعشرين
عمان جو_نال القرن العشرين نصيبه من الحروب، حيث إن هذا القرن كان شاهدا على الحربين العالميتين، ومازالت تلك الذكريات المؤلمة راسخة في أذهاننا.
عندما نتذكر غزو قوات موسوليني لإثيوبيا واحتجاج الإمبراطور الإثيوبي لدى محكمة جونيف في 1936، أو ارتكاب سلاح الجو النازي لمجزرة في بلدة غرنيكا، التي كانت مصدر إلهام الرسام الإسباني بيكاسو سنة 1937، نعلم أن الرجلين حذّرا -كلٌ بطريقته- من اندلاع حرب عالمية ثانية، رغم ضعف آرائهم في ذاك العصر.
كما شهدنا المجزرة الكمبودية، عندما وقع اجتياح قرية “فنوم بنه” التي تعرضت لإبادة جماعية من قبل الخمير الحُمر سنة 1975، ما أعاد إلى أذهاننا مجزرة “أوسشويتز”، وشهدنا أيضا استعمال الغاز السام ضد أكراد العراق من قبل جيش صدام الحلبي سنة 1988، كذلك مجزرة رواندا التي لفخت آلاف القتلى سنة 1985، أيضا إجرام الجيش الصربي في حق مسلمي “سريبرينكا” حيث قتل 8 آلاف مسلم بوسني سنة 1995، دون أن ننسى ملايين القتلى المنسيين في حروب الكونغو الديمقراطية.
إن القاسم الوحيد المشترك بين كل هذه الحروب الدموية والمجازر البشعة، هو عجز المجتمع الدولي على إيقافها، وتردد كل الأطراف في دعوة دول العالم إلى اتخاذ إجراءات كافية لمنع أو وقف عمليات القتل الجماعي. بالنظر إلى ما يحدث في القرن الواحد والعشرين، يجب وضع سورية على رأس هذه القائمة، جنبا إلى جنب مع مدن غرنيكا وسربرينيكا، التي شهدت طيلة أشهر من الحرب عمليات عنيفة ووحشية، وقصف جماعي وعشوائي، حوّلها إلى مدن أشباح خلال أيام قليلة.
ويشاهد العالم كل ذلك في دهشة وذهول، دون أن يحرك ساكنا لوقف هذه المجازر، ووقع الإعلان عن التشابه بين حلب وغرنيكا وسريبرينكا يوم الأحد 25 كانون الأول/ديسمبر في نيويورك، بمناسبة الاجتماع العاجل لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة من أجل سورية، على لسان السفير الفرنسي لدى الأمم المتحدة “فرانسوا ديلاتر”، وهذا التشبيه لم يأتي صدفة، لأن حلب تتشارك نفس نقاط التشابه مع أخواتها من المدن التي لم يتحرك العالم خطوة واحدة لوقف نزيف آلامها.
أسس مجلس الأمن بعد الحرب العالمية الثانية، ليكون السلطة العليا التي تحافظ على السلم العالمي، إلا أنه أصبح يمثل مركز اللامبالاة، لكن منذ الحرب الباردة دخلت الأمم المتحدة كلها في أزمة ثقة٠
خلال كل إبادة، تقع مجزرة بشرية هائلة ونسمع نفس تلك الصرخة “لم يحصل هذا سابقا” تطفو من جديد. وأصبح السوريون أنفسهم ضحايا هذا العجز العالمي عن وقف هذا الاقتتال منذ 5 سنوات، ما جعل هذه المحنة الإنسانية تتجاوز حدود المعقول، بعد كل ذلك لا ننسى أن منظمة الصليب الأحمر أسست على أنقاض معركة “سولفيرينو” سنة 1859 من قبل هنري دنون. ودخول معاهدات جينيف الإنسانية حيز التنفيذ كان سنة 1949، أي مباشرة بعد الحرب العالمية الثانية رغم إصدارها منذ قرن ونصف، عرقل كل هذا الجهود الدولية لوقف الحروب أو حتى لوضع حد لمعانات المدنيين.
تعاني سورية نوعين من الألم: الأول هو تحالف النظام الديكتاتوري، المستعد لفعل أي شيء من أجل البقاء، مع قوة عالمية سابقة، وهي روسيا التي تستعرض قواها على حساب الشعب السوري، كذلك التحالف مع قوة إقليمية تتميز بحكم ديني وعسكري، وهي إيران الباحثة عن لعب كل أوراقها الاستراتجية في سورية.
أما الثاني: فإن سورية تعاني من التردد الغربي. فالرئيس الأمريكي مثلا جاء للحكم من أجل إخراج بلاده من مستنقع الحرب في أفغانستان والعراق، وهو غير مستعد لتوريط بلاده في حرب ثالثة، كذلك فإن مشروع التدخل العسكري المباشر، الذي أعلنته فرنسا يوحي بنتائج وخيمة كما حصل في العراق سنة 2003 وليبيا سنة 2011.
إذن ما الحل لوقف نزيف حلب
الحل في هذه المحنة ليس في وعود الأمم المتحدة، خلال أسابيع من بداية الانتخابات الرئاسية الأمريكية، تمنى الأمريكيون إيجاد حل خلال المباحثات الثنائية بين كيري ولافروف، أما فرنسا فهي خارج السباق بعد عدم اعترافها بنظام الأسد، إضافة إلى دخول الجهاديين على خط المنافسة.. هؤلاء مثل الآخرين اختاروا لعب دور المتفرج على اغتصاب مدينة حلب، كما فعلوا سابقا مع غرنيكا.
عندما نتذكر غزو قوات موسوليني لإثيوبيا واحتجاج الإمبراطور الإثيوبي لدى محكمة جونيف في 1936، أو ارتكاب سلاح الجو النازي لمجزرة في بلدة غرنيكا، التي كانت مصدر إلهام الرسام الإسباني بيكاسو سنة 1937، نعلم أن الرجلين حذّرا -كلٌ بطريقته- من اندلاع حرب عالمية ثانية، رغم ضعف آرائهم في ذاك العصر.
كما شهدنا المجزرة الكمبودية، عندما وقع اجتياح قرية “فنوم بنه” التي تعرضت لإبادة جماعية من قبل الخمير الحُمر سنة 1975، ما أعاد إلى أذهاننا مجزرة “أوسشويتز”، وشهدنا أيضا استعمال الغاز السام ضد أكراد العراق من قبل جيش صدام الحلبي سنة 1988، كذلك مجزرة رواندا التي لفخت آلاف القتلى سنة 1985، أيضا إجرام الجيش الصربي في حق مسلمي “سريبرينكا” حيث قتل 8 آلاف مسلم بوسني سنة 1995، دون أن ننسى ملايين القتلى المنسيين في حروب الكونغو الديمقراطية.
إن القاسم الوحيد المشترك بين كل هذه الحروب الدموية والمجازر البشعة، هو عجز المجتمع الدولي على إيقافها، وتردد كل الأطراف في دعوة دول العالم إلى اتخاذ إجراءات كافية لمنع أو وقف عمليات القتل الجماعي. بالنظر إلى ما يحدث في القرن الواحد والعشرين، يجب وضع سورية على رأس هذه القائمة، جنبا إلى جنب مع مدن غرنيكا وسربرينيكا، التي شهدت طيلة أشهر من الحرب عمليات عنيفة ووحشية، وقصف جماعي وعشوائي، حوّلها إلى مدن أشباح خلال أيام قليلة.
ويشاهد العالم كل ذلك في دهشة وذهول، دون أن يحرك ساكنا لوقف هذه المجازر، ووقع الإعلان عن التشابه بين حلب وغرنيكا وسريبرينكا يوم الأحد 25 كانون الأول/ديسمبر في نيويورك، بمناسبة الاجتماع العاجل لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة من أجل سورية، على لسان السفير الفرنسي لدى الأمم المتحدة “فرانسوا ديلاتر”، وهذا التشبيه لم يأتي صدفة، لأن حلب تتشارك نفس نقاط التشابه مع أخواتها من المدن التي لم يتحرك العالم خطوة واحدة لوقف نزيف آلامها.
أسس مجلس الأمن بعد الحرب العالمية الثانية، ليكون السلطة العليا التي تحافظ على السلم العالمي، إلا أنه أصبح يمثل مركز اللامبالاة، لكن منذ الحرب الباردة دخلت الأمم المتحدة كلها في أزمة ثقة٠
خلال كل إبادة، تقع مجزرة بشرية هائلة ونسمع نفس تلك الصرخة “لم يحصل هذا سابقا” تطفو من جديد. وأصبح السوريون أنفسهم ضحايا هذا العجز العالمي عن وقف هذا الاقتتال منذ 5 سنوات، ما جعل هذه المحنة الإنسانية تتجاوز حدود المعقول، بعد كل ذلك لا ننسى أن منظمة الصليب الأحمر أسست على أنقاض معركة “سولفيرينو” سنة 1859 من قبل هنري دنون. ودخول معاهدات جينيف الإنسانية حيز التنفيذ كان سنة 1949، أي مباشرة بعد الحرب العالمية الثانية رغم إصدارها منذ قرن ونصف، عرقل كل هذا الجهود الدولية لوقف الحروب أو حتى لوضع حد لمعانات المدنيين.
تعاني سورية نوعين من الألم: الأول هو تحالف النظام الديكتاتوري، المستعد لفعل أي شيء من أجل البقاء، مع قوة عالمية سابقة، وهي روسيا التي تستعرض قواها على حساب الشعب السوري، كذلك التحالف مع قوة إقليمية تتميز بحكم ديني وعسكري، وهي إيران الباحثة عن لعب كل أوراقها الاستراتجية في سورية.
أما الثاني: فإن سورية تعاني من التردد الغربي. فالرئيس الأمريكي مثلا جاء للحكم من أجل إخراج بلاده من مستنقع الحرب في أفغانستان والعراق، وهو غير مستعد لتوريط بلاده في حرب ثالثة، كذلك فإن مشروع التدخل العسكري المباشر، الذي أعلنته فرنسا يوحي بنتائج وخيمة كما حصل في العراق سنة 2003 وليبيا سنة 2011.
إذن ما الحل لوقف نزيف حلب
الحل في هذه المحنة ليس في وعود الأمم المتحدة، خلال أسابيع من بداية الانتخابات الرئاسية الأمريكية، تمنى الأمريكيون إيجاد حل خلال المباحثات الثنائية بين كيري ولافروف، أما فرنسا فهي خارج السباق بعد عدم اعترافها بنظام الأسد، إضافة إلى دخول الجهاديين على خط المنافسة.. هؤلاء مثل الآخرين اختاروا لعب دور المتفرج على اغتصاب مدينة حلب، كما فعلوا سابقا مع غرنيكا.
تعليقات القراء
لا يوجد تعليقات