عمان والقاهرة و«اللعب في الوقت الضائع»: «تلطيف» أردني مع حماس ومكاسب «اقتصادية» وعودة «شرم الشيخ» دون «عملية سلام»
عمان جو - بسام البدارين - الأردن ومصر.. هل يلعبان في الوقت الضائع؟
.. سؤال يتجول برفقة استفسار سياسي وسط كل المعنيين بالتكثيف الشديد الذي حصل مؤخراً على صعيد حراك مصري أردني دبلوماسي، وأيضاً على مستوى القمة لأغراض أجندة ما، على الأرجح لها علاقة بالصراع والقضية الفلسطينية.
يميل كثيرون اليوم لاعتبار الحراك المصري – الأردني أقرب إلى صيغة الممر الإجباري أو إلى سيناريو «طهي الحصاة» ليس أكثر، فنخبة من كبار الساسة والخبراء مثل عدنان أبو عودة والدكتور مروان المعشر وغيرهما، تصر على ان الإدارة الأمريكية الجديدة -كما فهمت «القدس العربي» منهما- تتحدث عن خيار حل الدولتين وتدعمه عن بعد، لكنها ليس بصدد وضع خطة من أجله أو التحرك لتبنيه وسط المجتمع الدولي على أي نحو.
قالها المعشر بوضوح وهو يؤشر على أن القضية الفلسطينية أصلاً بكل تفصيلاتها ليست على سلم الأولويات بالنسبة للرئيس الأمريكي جو بايدن، معتبراً أن هذه المسألة واضحة ومعلنة وغير خاضعة للتأويلات. وقالها في الأثناء المفكر السياسي أبو عودة أيضاً عندما زار «القدس العربي» مؤخراً، مصراً على التمسك بتقديره القديم، وهو أن الإدارة الأمريكية الحالية تتعامل مع خيار حل الدولتين باعتباره مجرد كلمات منمقة أقرب إلى قصيدة الشعر أو أغنية فقط.
في منطقة أقرب إلى صناعة القرار في رئاسة الوزراء الأردنية، يقول المعنيون من الوزراء بأن بلادهم ليست بصدد التعامل مع الأوهام، فالحراك الدبلوماسي أساسي وجيد ومفيد، لكنه لن ينتهي بخطة سلام جديدة.
يبدو أن الأمريكيين أيضاً، وفي تفاعلهم مع محاولة الاختراق المهمة بتوقيع الملك عبد الله الثاني قبل عدة أسابيع، تقدموا ببلاغ واضح بسياق لا يقبل التأويل، أساسه أن الرئيس جو بايدن مهتم حصرياً بعدم التصعيد والتأزيم العسكري، وبالعودة إلى منهجية السلام الاقتصادي الاجتماعي حتى دون وجود هدف نهائي أو خطة.
وقال الأمريكيون في الغرف المغلقة للأردنيين وبوضوح، بأن كل ما سيقدمه الرئيس بايدن هو دعم أي اتفاق يصل إليه الإسرائيليون والفلسطينيون وجهاً لوجه مستقبلاً. دون ذلك، فالأردن على علم حقيقي بأن ما يريده بايدن لا يتعدى تقديم بعض الخدمات الاقتصادية للمجتمع الفلسطيني في كل من غزة والضفة الغربية، إضافة إلى العمل على هدنة طويلة الأمد مع المقاومة الفلسطينية.
لافت جداً للنظر هنا بأن عمان تتحرك بنشاط بالتنسيق مع مصر والرئيس محمود عباس، لاستغلال اللحظة التي توفرها إدارة بايدن الآن.
وهي تعلم مسبقاً بأنه لا أمل بالعودة للمفاوضات أو للعملية السياسية في وقت قريب، مع أن المقايضة التي يشعر الأردنيون بأنها منتجة ويمكن الاستثمار فيها عنوانها البقاء بالقرب من خطة بايدن غير المنتجة عملياً، باعتبار ذلك الخيار الأفضل من العودة لصفقة القرن الشهيرة إياها.
وهو بالتأكيد، بالقياسات المصرية والأردنية، الخيار الأفضل أيضاً؛ لمنع تأزيم عسكري وأمني ينقل الفوضى مجدداً ويعيد تصديرها إلى الأردن ومصر، مما يتطلب العمل بشكل ثنائي بين عمان والقاهرة مع رام الله وغزة على مجرد تلطيف الاتصالات مع حركة حماس.
هذا «التلطيف» لمسه الجميع مؤخراً، فالجيش المصري ومعه الأمن يواصلان التواصل مع يحيى السنوار ومجموعته، والثنائي خالد مشعل وإسماعيل هنية تمكنا من مصافحة الملاطفة الأردنية في عمان مؤخراً تحت إطار تشييع جثمان الراحل المهندس إبراهيم غوشة.
طبعاً، برأي حتى أبو عودة وغيره، فإن تلك ملاطفات لا تعني شيئاً محدداً، وليس بالضرورة أن تنتهي بعلاقات متكافئة مع حماس أو غيرها في المقاومة.
ويجعل ذلك المشهد ضمن معادلة تقول ضمنياً بأن إبعاد شبح ما تبقى من صفقة القرن ومغادرة مزالق النهايات التأزيمية لحكومة اليمين الإسرائيلية الحالية الهشة قد تطلب ملاطفات مع كل الجهات أيضاً، كان عنوانها احتضان عباس والسلطة -ولو قليلاً- بعد أزمة الحريات الأخيرة.
وكان بينها التواصل بالمقابل مع نفتالي بينيت الذي أظهر رغبته في التمايز عن بنيامين نتنياهو، عندما وافق على صفقة بيع الأردن حصته من المياه، وعندما جلس في محطة الرئيس عبد الفتاح السيسي في شرم الشيخ، التي تعود بدورها كمركز اتصال يستقبل ويودع، لكن في كل الأحوال دون مشروع حقيقي ودون إحياء لعملية السلام.
والأهم، دون خطة من أي نوع يمكن أن يدعمها الوزير الأمريكي توني بلينكن ويحولها إلى برنامج عمل، باستثناء وقف زحف سيناريو التصعيد العسكري والعمل هنا وهناك بين القطاع والضفة على إجراءات لها علاقة بالرواتب والكهرباء والغاز المصري والأسواق، بحيث تستطيع المنتجات الأردنية بعد الآن مشاركة الإسرائيلية ولو بجزء يسير من حصص أسواق الضفة الغربية.
تلك مكافأة الأردن الأساسية على الأرجح، فيما مكافأة مصر وشرم الشيخ لها علاقة مجدداً بالورقة التي تجعل القاهرة موجودة على الطاولة الإقليمية والسـياسية بالمنطقة عبر العمل كمقاول سياسي لبعض مشاريع إعادة إعمـار غزة وخـلافاً لـصمت إدارة بايدن، فـي المـقابل، على ملـف الحـريات العامة في مـصر.
تلك مكافآت سياسية واقتصادية الطابع تبرر الحراك الأردني المصري.
وأولئك الذين يصرون على عدم وجود خطة مفاوضات أو ضوء محدد آخر للنفق، لا يعلمون بل يتجاهلون حقيقة أن عمان والقاهرة تتحركان في اتجاه الملف الفلسطيني دون أوهام، وبالتالي قد تنطبق قاعد فكرة اللعب في الوقت الضائع، لكنه لعب اضطراري في هذه المرحلة، ولا بديل عنه؛ لأن البديل مع نفتالي بينيت في كل حال أسوأ وأخطر.
"القدس العربي"
.. سؤال يتجول برفقة استفسار سياسي وسط كل المعنيين بالتكثيف الشديد الذي حصل مؤخراً على صعيد حراك مصري أردني دبلوماسي، وأيضاً على مستوى القمة لأغراض أجندة ما، على الأرجح لها علاقة بالصراع والقضية الفلسطينية.
يميل كثيرون اليوم لاعتبار الحراك المصري – الأردني أقرب إلى صيغة الممر الإجباري أو إلى سيناريو «طهي الحصاة» ليس أكثر، فنخبة من كبار الساسة والخبراء مثل عدنان أبو عودة والدكتور مروان المعشر وغيرهما، تصر على ان الإدارة الأمريكية الجديدة -كما فهمت «القدس العربي» منهما- تتحدث عن خيار حل الدولتين وتدعمه عن بعد، لكنها ليس بصدد وضع خطة من أجله أو التحرك لتبنيه وسط المجتمع الدولي على أي نحو.
قالها المعشر بوضوح وهو يؤشر على أن القضية الفلسطينية أصلاً بكل تفصيلاتها ليست على سلم الأولويات بالنسبة للرئيس الأمريكي جو بايدن، معتبراً أن هذه المسألة واضحة ومعلنة وغير خاضعة للتأويلات. وقالها في الأثناء المفكر السياسي أبو عودة أيضاً عندما زار «القدس العربي» مؤخراً، مصراً على التمسك بتقديره القديم، وهو أن الإدارة الأمريكية الحالية تتعامل مع خيار حل الدولتين باعتباره مجرد كلمات منمقة أقرب إلى قصيدة الشعر أو أغنية فقط.
في منطقة أقرب إلى صناعة القرار في رئاسة الوزراء الأردنية، يقول المعنيون من الوزراء بأن بلادهم ليست بصدد التعامل مع الأوهام، فالحراك الدبلوماسي أساسي وجيد ومفيد، لكنه لن ينتهي بخطة سلام جديدة.
يبدو أن الأمريكيين أيضاً، وفي تفاعلهم مع محاولة الاختراق المهمة بتوقيع الملك عبد الله الثاني قبل عدة أسابيع، تقدموا ببلاغ واضح بسياق لا يقبل التأويل، أساسه أن الرئيس جو بايدن مهتم حصرياً بعدم التصعيد والتأزيم العسكري، وبالعودة إلى منهجية السلام الاقتصادي الاجتماعي حتى دون وجود هدف نهائي أو خطة.
وقال الأمريكيون في الغرف المغلقة للأردنيين وبوضوح، بأن كل ما سيقدمه الرئيس بايدن هو دعم أي اتفاق يصل إليه الإسرائيليون والفلسطينيون وجهاً لوجه مستقبلاً. دون ذلك، فالأردن على علم حقيقي بأن ما يريده بايدن لا يتعدى تقديم بعض الخدمات الاقتصادية للمجتمع الفلسطيني في كل من غزة والضفة الغربية، إضافة إلى العمل على هدنة طويلة الأمد مع المقاومة الفلسطينية.
لافت جداً للنظر هنا بأن عمان تتحرك بنشاط بالتنسيق مع مصر والرئيس محمود عباس، لاستغلال اللحظة التي توفرها إدارة بايدن الآن.
وهي تعلم مسبقاً بأنه لا أمل بالعودة للمفاوضات أو للعملية السياسية في وقت قريب، مع أن المقايضة التي يشعر الأردنيون بأنها منتجة ويمكن الاستثمار فيها عنوانها البقاء بالقرب من خطة بايدن غير المنتجة عملياً، باعتبار ذلك الخيار الأفضل من العودة لصفقة القرن الشهيرة إياها.
وهو بالتأكيد، بالقياسات المصرية والأردنية، الخيار الأفضل أيضاً؛ لمنع تأزيم عسكري وأمني ينقل الفوضى مجدداً ويعيد تصديرها إلى الأردن ومصر، مما يتطلب العمل بشكل ثنائي بين عمان والقاهرة مع رام الله وغزة على مجرد تلطيف الاتصالات مع حركة حماس.
هذا «التلطيف» لمسه الجميع مؤخراً، فالجيش المصري ومعه الأمن يواصلان التواصل مع يحيى السنوار ومجموعته، والثنائي خالد مشعل وإسماعيل هنية تمكنا من مصافحة الملاطفة الأردنية في عمان مؤخراً تحت إطار تشييع جثمان الراحل المهندس إبراهيم غوشة.
طبعاً، برأي حتى أبو عودة وغيره، فإن تلك ملاطفات لا تعني شيئاً محدداً، وليس بالضرورة أن تنتهي بعلاقات متكافئة مع حماس أو غيرها في المقاومة.
ويجعل ذلك المشهد ضمن معادلة تقول ضمنياً بأن إبعاد شبح ما تبقى من صفقة القرن ومغادرة مزالق النهايات التأزيمية لحكومة اليمين الإسرائيلية الحالية الهشة قد تطلب ملاطفات مع كل الجهات أيضاً، كان عنوانها احتضان عباس والسلطة -ولو قليلاً- بعد أزمة الحريات الأخيرة.
وكان بينها التواصل بالمقابل مع نفتالي بينيت الذي أظهر رغبته في التمايز عن بنيامين نتنياهو، عندما وافق على صفقة بيع الأردن حصته من المياه، وعندما جلس في محطة الرئيس عبد الفتاح السيسي في شرم الشيخ، التي تعود بدورها كمركز اتصال يستقبل ويودع، لكن في كل الأحوال دون مشروع حقيقي ودون إحياء لعملية السلام.
والأهم، دون خطة من أي نوع يمكن أن يدعمها الوزير الأمريكي توني بلينكن ويحولها إلى برنامج عمل، باستثناء وقف زحف سيناريو التصعيد العسكري والعمل هنا وهناك بين القطاع والضفة على إجراءات لها علاقة بالرواتب والكهرباء والغاز المصري والأسواق، بحيث تستطيع المنتجات الأردنية بعد الآن مشاركة الإسرائيلية ولو بجزء يسير من حصص أسواق الضفة الغربية.
تلك مكافأة الأردن الأساسية على الأرجح، فيما مكافأة مصر وشرم الشيخ لها علاقة مجدداً بالورقة التي تجعل القاهرة موجودة على الطاولة الإقليمية والسـياسية بالمنطقة عبر العمل كمقاول سياسي لبعض مشاريع إعادة إعمـار غزة وخـلافاً لـصمت إدارة بايدن، فـي المـقابل، على ملـف الحـريات العامة في مـصر.
تلك مكافآت سياسية واقتصادية الطابع تبرر الحراك الأردني المصري.
وأولئك الذين يصرون على عدم وجود خطة مفاوضات أو ضوء محدد آخر للنفق، لا يعلمون بل يتجاهلون حقيقة أن عمان والقاهرة تتحركان في اتجاه الملف الفلسطيني دون أوهام، وبالتالي قد تنطبق قاعد فكرة اللعب في الوقت الضائع، لكنه لعب اضطراري في هذه المرحلة، ولا بديل عنه؛ لأن البديل مع نفتالي بينيت في كل حال أسوأ وأخطر.
"القدس العربي"
تعليقات القراء
لا يوجد تعليقات