قطر: إعادة صياغة مفهوم القوة
عمان جو -د. حاتم الجازي - يقول المحلل الفرنسي باسكال بونيفاس المتخصص في العلوم الجيوسياسية:" واليوم من الصعب على اية دولة أن تكون لها شهية نحو قطر أن تقدم على اية محاولة، طالما أن قطر باتت تملك تلك الرؤية والوضوح، وصارت قوة عظمى صغيرة لأنها تؤدي دورًا دبلوماسيًا يفوق ثقلها السكاني".
ادت الثورة المعلوماتية التي شهدها القرن العشرين إلى إعادة صياغة العديد من المفاهيم السياسية وعلى رأسها مفهوم القوة، فبعد أن كان ينحصر بالعامل العسكري، اتسع ليشمل مفاهيم حضارية اوسع كالقوة السياسية والاقتصادية والثقافية والتقنية. الخ. وفي كتابه (وثبة نحو القيادة) عام 1992 صاغ الاكاديمي الامريكي (جوزيف ناي) مصطلح القوة الناعمة ولأول مرة في الكتابات السياسية، وعرفها لاحقا في كتابه (القوة الناعمة: وسيلة النجاح في السياسة الدولية) الصادر عام 2004 بأنها: القدرة على صياغة خيارات الآخرين، والحصول على ما تريد عبر الجاذبية والسحر بدلا من القهر والإكراه".
قطر كغيرها من الدول الصغيرة، لجأت إلى تبني استراتيجيات لحماية كيانها وسيادتها، حيث اعتمدت على مبدأ سياسة حسن الجوار، والتحالفات الإقليمية والدولية، وتوظيف الفوائض النقدية الهائلة بطريقة تخدم مصالح وأهداف الدولة، وقيادة طموحة تمتلك ذراع دبلوماسي نشط يدرك جيداٌ بأن امتلاك عناصر القوة وحدها لا يكفي، بل لا بدَّ أن يرتبط بقدرتها على تحويلها إلى عناصر ضغط وتأثير خدمةٌ لسياستها الخارجية.
في عام 2008 رسمت قطر أهدافها في عدة مجالات من خلال (رؤية قطر 2030)، وبالتالي استطاعت النجاح ببناء سمة وطنية تمر بمراحل متدرجة لخصها وزير الخارجية الأسبق حمد بن جاسم" إن تحقيق الرؤية الوطنية، مسؤولية جماعية، تحفزها وتقودها الدولة، يشارك فيها القطاع الخاص والمجتمع المدني ورجال الفكر والعلم".
نجحت قطر إلى حد كبير في إنشاء قوتها الناعمة، وزعتها على عدة أدوات أبرزها الدبلوماسية النشطة التي تتبنى دور الوسيط المحايد، ففي محاضرة له أكد مدير المعهد الدبلوماسي القطري" أن الوساطة وحل النزاعات بالطرق السلمية باتت جزاٌ لا يتجزأ من الهوية السياسية للدوحة"، بالإضافة إلى امتلاكها لواجهة إعلامية تتمثل بقناة الجزيرة، والتي انطلقت عام 1996، والتي اصبحت قناة إعلامية صانعة للأحداث أو على الاقل مشارك فيه، لتتبوأ مكانةٌ لا تقل عن شبكات إعلامية عالمية مثل " سي أن أن"، " بي بي سي". إن النجاح في ادراك اهمية توجيه الإمكانيات الاقتصادية الضخمة لحماية كيانها وتعزيز دورها في الساحة الإقليمية والدولية قاد صندوق الثروة السيادي إلى الاستثمار في اهم الشركات والمؤسسات المالية العالمية في أوروبا وأمريكا والصين وغيرها.
كان للرياضة حيزا كبيرا لدى الاستراتيجية القطرية في تقوية نفوذ قوتها الناعمة، وتحسين صورتها في الخارج، فقد نجحت الدوحة في استضافة كأس العالم لعام 2022، بالإضافة لاستحواذها على حصص مسيطرة في نادي باريس سان جيرمان الفرنسي.
ومنذ عام 2008 توسطت قطر في العديد من القضايا الإقليمية والعالمية، وقد نجحت وساطتها في الكثير من القضايا، حتى أصبح من النادر أن تذكر جهود دولية لحل النزاعات والقضايا دون أن يذكر اسم الدوحة، حتى ارتبط مصطلح "التشابك الإيجابي مع القضايا الإقليمية والدولية بالسياسة الخارجية القطرية. وفي كلمة له خلال منتدى الدوحة التاسع عشر عام 2019، يقول امير قطر" نحن عملنا على الإسهام في حل النزاعات سلميا عبر الوساطة وتوفير فضاء للحوار".
وفي مؤشر القوة الناعمة الصادر عن مؤسسة (براند فإيناس) احتلت قطر المرتبة 26 عالميا لعام 2021، ومن أبرز المعايير التي يستند اليها هذا المؤشر هو الحضور والتأثير العالمي في قطاعات منها: العلاقات الدولية والأعمال والتجارة والثقافة والتراث والإعلام والاتصالات، بالإضافة لتطبيق الحوكمة. ويشار إلى أن عدد سكان قطر يبلغ ثلاثة ملايين نسمة يشكل القطريون ما نسبته(0،04%) من عدد السكان يتوزعون على (11.571) كيلو متر مربع تقريباٌ، وقد حصلت على استقلالها عام 1971.
د.حاتم الجازي
aljazihatem@yahoo.com
ادت الثورة المعلوماتية التي شهدها القرن العشرين إلى إعادة صياغة العديد من المفاهيم السياسية وعلى رأسها مفهوم القوة، فبعد أن كان ينحصر بالعامل العسكري، اتسع ليشمل مفاهيم حضارية اوسع كالقوة السياسية والاقتصادية والثقافية والتقنية. الخ. وفي كتابه (وثبة نحو القيادة) عام 1992 صاغ الاكاديمي الامريكي (جوزيف ناي) مصطلح القوة الناعمة ولأول مرة في الكتابات السياسية، وعرفها لاحقا في كتابه (القوة الناعمة: وسيلة النجاح في السياسة الدولية) الصادر عام 2004 بأنها: القدرة على صياغة خيارات الآخرين، والحصول على ما تريد عبر الجاذبية والسحر بدلا من القهر والإكراه".
قطر كغيرها من الدول الصغيرة، لجأت إلى تبني استراتيجيات لحماية كيانها وسيادتها، حيث اعتمدت على مبدأ سياسة حسن الجوار، والتحالفات الإقليمية والدولية، وتوظيف الفوائض النقدية الهائلة بطريقة تخدم مصالح وأهداف الدولة، وقيادة طموحة تمتلك ذراع دبلوماسي نشط يدرك جيداٌ بأن امتلاك عناصر القوة وحدها لا يكفي، بل لا بدَّ أن يرتبط بقدرتها على تحويلها إلى عناصر ضغط وتأثير خدمةٌ لسياستها الخارجية.
في عام 2008 رسمت قطر أهدافها في عدة مجالات من خلال (رؤية قطر 2030)، وبالتالي استطاعت النجاح ببناء سمة وطنية تمر بمراحل متدرجة لخصها وزير الخارجية الأسبق حمد بن جاسم" إن تحقيق الرؤية الوطنية، مسؤولية جماعية، تحفزها وتقودها الدولة، يشارك فيها القطاع الخاص والمجتمع المدني ورجال الفكر والعلم".
نجحت قطر إلى حد كبير في إنشاء قوتها الناعمة، وزعتها على عدة أدوات أبرزها الدبلوماسية النشطة التي تتبنى دور الوسيط المحايد، ففي محاضرة له أكد مدير المعهد الدبلوماسي القطري" أن الوساطة وحل النزاعات بالطرق السلمية باتت جزاٌ لا يتجزأ من الهوية السياسية للدوحة"، بالإضافة إلى امتلاكها لواجهة إعلامية تتمثل بقناة الجزيرة، والتي انطلقت عام 1996، والتي اصبحت قناة إعلامية صانعة للأحداث أو على الاقل مشارك فيه، لتتبوأ مكانةٌ لا تقل عن شبكات إعلامية عالمية مثل " سي أن أن"، " بي بي سي". إن النجاح في ادراك اهمية توجيه الإمكانيات الاقتصادية الضخمة لحماية كيانها وتعزيز دورها في الساحة الإقليمية والدولية قاد صندوق الثروة السيادي إلى الاستثمار في اهم الشركات والمؤسسات المالية العالمية في أوروبا وأمريكا والصين وغيرها.
كان للرياضة حيزا كبيرا لدى الاستراتيجية القطرية في تقوية نفوذ قوتها الناعمة، وتحسين صورتها في الخارج، فقد نجحت الدوحة في استضافة كأس العالم لعام 2022، بالإضافة لاستحواذها على حصص مسيطرة في نادي باريس سان جيرمان الفرنسي.
ومنذ عام 2008 توسطت قطر في العديد من القضايا الإقليمية والعالمية، وقد نجحت وساطتها في الكثير من القضايا، حتى أصبح من النادر أن تذكر جهود دولية لحل النزاعات والقضايا دون أن يذكر اسم الدوحة، حتى ارتبط مصطلح "التشابك الإيجابي مع القضايا الإقليمية والدولية بالسياسة الخارجية القطرية. وفي كلمة له خلال منتدى الدوحة التاسع عشر عام 2019، يقول امير قطر" نحن عملنا على الإسهام في حل النزاعات سلميا عبر الوساطة وتوفير فضاء للحوار".
وفي مؤشر القوة الناعمة الصادر عن مؤسسة (براند فإيناس) احتلت قطر المرتبة 26 عالميا لعام 2021، ومن أبرز المعايير التي يستند اليها هذا المؤشر هو الحضور والتأثير العالمي في قطاعات منها: العلاقات الدولية والأعمال والتجارة والثقافة والتراث والإعلام والاتصالات، بالإضافة لتطبيق الحوكمة. ويشار إلى أن عدد سكان قطر يبلغ ثلاثة ملايين نسمة يشكل القطريون ما نسبته(0،04%) من عدد السكان يتوزعون على (11.571) كيلو متر مربع تقريباٌ، وقد حصلت على استقلالها عام 1971.
د.حاتم الجازي
aljazihatem@yahoo.com
تعليقات القراء
لا يوجد تعليقات