إتصل بنا من نحن إجعلنا صفحتك الرئيسية

عائلات السجناء .. وصمة اجتماعية وشظف عيش في سجن لا قضبان له


عمان جو بعد تراكم الديون على زوجها إثر فشل مشروعه بتجارة السيارات، وبعد أن آل مصيره إلى السجن، وجدت سلوى (اسم مستعار) نفسها مسؤولة عن رعاية أبنائها الـ7، والذين غالبيتهم في سن المدرسة.
وفيما تعبر سلوى عن صدمتها أمام واقع يحمل في طياته "وصمة اجتماعية"، إلا أن "آثار العقوبة المحكوم بها السجين تمتد أيضاً إلى أسرته التي تعاني شظف العيش لكن بسجن أكبر لا قضبان له"، بحسب ما تقول دراسة أعدها المدير التنفيذي لجمعية الرعاية اللاحقة للسجناء وأسرهم عبدالله الناصر.
تقول سلوى إن هناك مشكلة لا تقل في مرارتها عن الأولى وهي "تدبر أمور أسرتها"، في وقت لا يبدو فيه خروج زوجها من السجن قريبا بسبب الكم الكبير من شكاوى الشيكات بلا رصيد المقيدة ضده.
"كان التحدي كبيرا، حيث وجدت نفسي فجأة أمام مسؤولية رعاية العائلة كاملة ومسؤولية الإنفاق عليها، خاصة أنه لم يسبق لي العمل"، بحسب سلوى التي تشير من جانب آخر الى ان "الخروج للعمل وترك الأطفال دون رعاية في المنزل كان خيارا مستحيلا، وفي المقابل هناك مصاريف يومية يجب الوفاء بها، إضافة إلى سداد الديون لإخراج زوجي من السجن".
ولأن الحاجة أم الاختراع كما يقال، تعرفت سلوى على جمعية الرعاية اللاحقة للسجناء وأسرهم، التي قدمت لها التأهيل المهني ودورات الدعم النفسي والاجتماعي.
وأسرة سلوى واحدة من 40 عائلة استفادت من دورات التأهيل المهني والدعم النفسي والاجتماعي التي تقدمها الجمعية، بحسب الناصر.
وتؤكد سلوى أنها "استفادت من دورة في إدارة المشاريع والجدوى الاقتصادية، فيما بدأت بمشروع صغير لبيع الاكسسوارات"، بدعم من الجمعية.
لكنها تضيف رغم أن "المرود ليس كبيرا ، لكنه جيد، ويكفيني اني اعمل من البيت دون الحاجة إلى الخروج والبقاء ساعات طويلة بعيدة عن ابنائي".
الناصر بدوره يؤكد أن "الجمعية عقدت دورات لنحو 20 عائلة في المفرق و20 اخرى باربد لعائلات السجناء للمساعدة في تأهيلهم اقتصاديا لمواجهة التحديات المادية، فضلا عن تقديم الدعم النفسي والاجتماعي".
ويوضح ان "الدورات تأتي ضمن برنامج يتضمن عدة مراحل، تبدأ الاولى بزيارة السجناء والاطلاع على اوضاعهم ومعرفة تخوفاتهم وكذلك تنظيم لقاءات مع اسرهم".
ويقول ان "الدورات تشمل الدعم النفسي والاجتماعي لعائلات السجناء التي تصطدم بالإقصاء والرفض الاجتماعي حيث تساعد هذه الدورات العائلات على مواجهة المجتمع وإعادة الاندماج من جديد"، مشيرا الى ان "وضع العائلة يزداد سوءا مع طول مدة التوقيف والحكم، حيث يمضي الشخص فترة طويلة في السجن تفوق في كثير من حالات الاحكام في قضايا المخدرات والسرقة".
ويقول ان الجمعية اعتمدت ثلاثة معايير لتحديد أكثر العائلات حاجة للاستفادة من برنامجها هي "طول مدة اقامة رب العائلة في السجن، عدد افراد الأسرة، ووجود مهارة لدى افراد العائلة يمكن تطويرها لتصبح مهنة مدرة للدخل".
ويؤكد أن "التحدي الاكبر للجمعية هو توفير دخل للعائلة دون اضطرار الأم إلى مغادرة المنزل والعمل ساعات طويلة، ومن هنا ركزت الدورات التدريبية على مجالات الخياطة، رعاية الأطفال، صناعة الاكسسوارات، والمواد الغذائية والمطبخ البيتي"، وهو ما يحقق دخلا للعائلة يساعدها في مواجهة الاعباء المالية دون أن يكون ذلك على حساب رعاية الابناء والمنزل.
لكن الناصر يلفت الى "أهمية تقديم الدعم من خلال صندوق المعونة الوطنية لمثل هذه العائلات حتى بعد خروج السجين وأن يكون قطع المعونة تدريجيا"، موضحا ان السجين يحتاج بعد الإفراج عنه "إلى فترة للعودة والاندماج في المجتمع، بالتالي فإن قطع المعونة عن العائلة سيعرضها لمصاعب اجتماعية ومالية".
وبحسب دراسة معمقة حول أوضاع السجناء، اجراها الناصر، فإن هناك حاجة ماسة لتوفير خدمات مجتمعية مساندة لعائلات السجناء، وتطوير وتهيئة فرص متنوعة للنزلاء، وتصميم برامج تعليمية مكافئة، واستحداث ما يسمى رد الاعتبار، أي امكانية اسقاط السابقة الاولى عن السجين الذي يرتكب الجنحة البسيطة لأول مرة حتى لا تقف عقبة امام طريق اصلاحه وتوبته واندماجه بالمجتمع مجددا.
وأوصت الدراسة بتعديل التشريعات بحيث تسمح بـ "الإفراج عن السجناء الذين قضوا ثلثي المدة وكان سلوكهم حسنا، ونقل ملف السجون من وزارة الداخلية إلى وزارة العدل، واستحداث مركز خاص لقضايا المخدرات".
وبحسب الدراسة التي حملت عنوان "صدمة الإفراج عن السجناء وادماجهم في المجتمع"، فإن "70 % من أسر السجناء، ليس لديهم مورد مالي، فيما بلغت نسبة تسرب أبناء السجناء من المدارس الى 13 %، أي أن آثار العقوبة المحكوم بها السجين تمتد أيضاً إلى أسرة السجين، ولكن بسجن أكبر لا قضبان له".




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمان جو الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :