إتصل بنا من نحن إجعلنا صفحتك الرئيسية

كونابيل: عدم انسياق الأردن وراء تجاذبات الإقليم سيبقيه مستقرا


  عمان جو - استبعد الباحث الاستراتيجي، ومحلل السياسة الدولية الرئيسي، في مؤسسة راند الاميركية، بين كونابيل ان يقرر الرئيس الأميركي باراك اوباما ارسال قوات برية الى سورية، "الا في حال وقوع حادثة كبرى تجبر الادارة الاميركية على ارسال تلك القوات".

واعتبر البروفيسور الجامعي، والمتقاعد العسكري المتخصص بالمنهجية الاستخباراتية ومسائل الحرب غير النظامية، في مقابلة اجرتها معه "الغد" مؤخرا في واشنطن، ان اميركا "ترى ان الأردن أوثق حليف لها في الشرق الأوسط حاليا"، مشيدا بقدرة المملكة على الحفاظ على استقرارها، والذي أرجعه الى "نهجها الوسطي" بخصوص كل القضايا.

ورأى كونابيل الذي يعمل على قضايا تتعلق بالحروب في الشرق الأوسط ومناطق اخرى، في "راند"، انه ستكون هناك دائما محاولات من دول معينة للضغط على الأردن باتجاه معين، اضافة الى مواجهته لتهديدات من "داعش" وجماعات ارهابية، لدفع الأردن لان "يقوم بفعل متطرف"، "الا ان عدم انسياقه وراء هذه التجاذبات والتهديدات، سيبقيه مستقرا".

ويعتقد كونابيل، صاحب العديد من الأبحاث حول تنظيم "داعش" الارهابي واستراتيجيات هزيمته، وعن العراق، ان التهديد الحقيقي للأردن حاليا هو "اقتصاد الدولة"، وانه في حال وصلت الأمور الى عدم توفر الطعام للاجئين السوريين، و"ان يجوع الأردنيون، فهذه اكبر المخاوف"، نظرا لأن الأردن اصبح "معتمدا جدا على الدعم الخارجي"، ما يعني ان "اي فجوة في هذا الدعم تمثّل خطرا كبيرا جدا على الأردن".

وقال ان اميركا ودولا داعمة اخرى "لا يجب عليها فقط ان تستمر بدعمها للأردن، بل عليها ان تزيده، لأن الأردن يتحمل تهديدا هائلا الآن"، وفيما أقر بأن بلاده هي الداعم الأكبر للأردن، الا انه اعتبر ان "هذا الدعم ما يزال غير كاف"، وانه من الأفضل ان يتم انفاق الأموال، التي تصرف على الحرب، على اللاجئين. واكد على ان "اميركا لن تسمح ابدا، بأن يقع اي اذى على الأردن، وانه يحظى بدعم كامل من اميركا امنيا، الى جانب المساعدات الاقتصادية الهائلة، في الوقت الذي تتعاظم فيه احتياجات المملكة".

وفيما يلي نص الحوار:
* هل تعتقد بامكانية ان تقوم اميركا وتركيا، او غيرهما بارسال قوات برية لمحاربة "داعش" على الأرض؟
- حتى الان، بالنسبة لسياسة اميركا، هذا لن يحصل، ومن غير المرجح بشكل كبير ان يأخذ الرئيس الأميركي مثل هذا القرار، ولكن ان حصل امر ما بشكل خاطئ جدا، او بحال حصلت حادثة كبيرة بمكان ما، فمن الممكن ان يكونوا مجبرين لارسال قوات.

* حادثة مثل ماذا؟
- هجمة ارهابية كبيرة ضد اميركا مثلا، او ضد الأردن، او شيء مماثل، ولكني لا اعتقد ان هذه هي الخطة.

* هل تعني انه، لو لا سمح الله حصل حادث ارهابي تجاه الأردن، ستقدم اميركا على ذلك؟
- اميركا ترى الأردن، على الأغلب، كأوثق حليف لها بالشرق الأوسط حاليا، رغم اختلاف البعض حول من هو الحليف الأوثق.

*من برأيك انت، هو الحليف الأوثق، بعد ما يمكن تسميته بغياب مصر؟
- الأردن من دون شك، وذلك بعد ما اسميه انا بفشل مصر. علاقة اميركا مع مصر صعبة جدا، وعلاقة اميركا مع السعودية صعبة، ايضا بسبب ما حصل في مصر وامور اخرى، مثل ايران. الامارات حليف وثيق لأميركا، وهذا مفيد جدا. العلاقة مع قطر تتفاوت، ولكنهم داعمون جدا، ويوجد قاعدة جوية اميركية في قطر. الأردنيون كانوا داعمين بشكل مستمر وهادئ، بعدة طرق لا يعرف عنها الكثير من الأميركيين. الكثير من اعضاء الكونغرس والمسؤولين العسكريين يسافرون عبر الأردن عند زيارتهم العراق وافغانستان، لذا اصبح الأردن نقطة رئيسية للزائرين، والجميع تعرّف على هذه العلاقة، لذا اعتقد أن هناك تقديرا كبيرا بالكونغرس والجيش الأميركي للمساهمة التي يقدمها الأردن.

* تتحدث عن ما قبل الحرب على الارهاب و"داعش"؟
- نعم، منذ زمن طويل قبل ذلك. في العقد الأخير او اكثر. اعتقد ان الأمر الصعب هو ان الأردن دائما حافظ على ارضية معتدلة تجاه كل الأمور. أبقى على علاقات جيدة مع الروس والحكومة السورية، ولا يذهب بشكل تام باتجاه واحد او اكثر. هذا باعتقادي هو السبب لاستقرار الأردن، وهو نهج الحل الوسط. ويقلقني قليلا عندما يلتزم الأردن كثيرا، اي اذا اخذ مواقف حازمة، سواء مع او ضد اي امر. ولكن المشكلة الان مع تنظيم "الدولة الاسلامية- داعش" اصبحت خطيرة جدا، وهو امر من الضروري اخذ مواقف مختلفة فيه. ثانيا، حزب الله اللبناني اصبح على الحدود الان في جنوب سورية، وهذا بالطبع امر مقلق بشكل كبير.

*هل تعتقد ان الوقت الان يتطلب من الأردن ان يأخذ مواقف اكثر حزما تجاه عدد من القضايا والمواقف والتجاذبات بين الدول العربية؟
- لا. اعتقد ان الملك عبدالله الثاني محق بأن يتبع النهج الوسطي. كلما فعل المزيد للبقاء في الوسط فان ذلك سيكون افضل لمستقبل الأردن، وسيكون هناك دائما اوقات، سيحاول فيها، مثلا، الأميركيون او السعوديون الضغط على الأردن باتجاه معين، او الضغط من قبل اعداء الدولة الأردنية، مثل "داعش"، فقد يحاولون تهديد الأردنيين، لجعلهم يقومون برد فعل متطرف. اعتقد ان الاعتدال يبقى الحل لاستقرار الأردن.

*رغم انك تعلم ان الأردن دولة قليلة الموارد، وتعتمد كثيرا على مساعدات من دول معينة، كيف يمكن إحداث هذا التوازن بين اخذ مواقف حازمة ومستقلة وصلبة، وبنفس الوقت ارضاء حلفائه او الدول الداعمة له؟

- هذا توازن دقيق، ولا اعتقد ان لديّ جوابا واضحا. اعتقد ان الأمر يتطلب التفاوض حول كل خطوة بوقتها، فالاغراءات نحو اتجاه واحد، او اتجاه اخر موجودة. وكما قلت، الأردن ليس لديه الكثير من الموارد، وقوته بحجم متوسط، والأفضل البقاء بوضع متوازن. الأمر شائك لأن الأردن اصبح نقطة بؤرية (وسط)، لكل هذه المشاكل، هو هناك تماما وسط كل ما يجري، مثل جزيرة استقرار في بحر من الفوضى.

* ما المطلوب عمله لبقاء هذه الجزيرة مستقرة؟
- كتبت عن تأثير اللاجئين السوريين، واعتقد ان هذا هو التحدي الأكبر، لكنه ايضا الفرصة الأكبر للأردنيين. التحدي هو ان عدد اللاجئين السوريين يفوق بشكل ساحق الخدمات على مستوى البلديات، لذا، فان المدن الاردنية، وميزانياتها، بمناطق مثل المفرق واربد والرمثا، يتم سحقها، وتزداد صعوبة إيصال الخدمات للأردنيين. لكن بنفس الوقت، فان الأردن يتلقى اموالا كثيرة لدعم ازمة اللاجئين.

* من يتلقى اموالا كثيرة، الأردن ام المنظمات الدولية العاملة في الأردن مع اللاجئين؟
- هذه هي المشكلة، الأموال تذهب لمنظمات غير حكومية، بعضها يذهب عبر الحكومة الأردنية، ولكن البراعة تكمن في ايصال الأموال للمكان الصحيح. هذه الأموال تتلقاها حاليا المنظمات غير الحكومية، ويجب ان تذهب للبلديات. ان استطاع الأردن الحفاظ على هذا المستوى، وان استمر المانحون بتقديم هذا المستوى من المساعدة، فيما تقوم الحكومة باعادة توجيه الأموال للبلديات، فاعتقد حينها ان الأردن سيستفيد من وضع اللاجئين السوريين، بحيث يحسّن خدماته. العديد من انتقادات الأردنيين، بناء على استطلاعات الرأي التي تابعتها، تتمركز حول الفرص الاقتصادية والخدمات وجودة الحياة، لذا فان استطاعوا استخدام الأموال لرفع مستوى جودة الحياة، فسيعالج ذلك بعض المشاكل، حتى وان لم يؤثر ذلك على امور مثل الفساد او القضايا الأخرى، التي تشكل مصدر قلق كبير للأردنيين.

* اميركا هي البلد الوحيد، الذي يدعم ميزانية الأردن بشكل مباشر؟
- نعم، وهناك اموال من الخليج تذهب الى اماكن اخرى، وكذلك من اوروبا.

* بريطانيا تعلن انها تقدم دعما فقط للمنظمات الدولية، وتقوم بانشاء مشاريع لمساعدة الأردنيين المتأثرين باللجوء السوري، هذه هي المعضلة، هل ترى هذا مناسبا مع الوضع الذي يعاني منه الأردن حاليا جراء اللجوء السوري؟

- هنا المشكلة. المنظمات غير الحكومية لن تقوم ابدا بحل المشاكل ذات الطابع طويل الأمد. عملها جميعا مصمم لحل المشاكل قصيرة الأمد، مثل المحافظة على ان لا يجوع اللاجئون، وتوفير مسكن مؤقت وغذاء، ومحاولة توفير مهارات ووظائف لهم، ومدارس للأطفال، لكن ان لم يتم دمج هذا الدور مع دور الحكومة بشكل ناجح، وان لم تر الحكومة تحسنا في الخدمات، اذاً ليس هناك خطة طويلة الأمد.

اعرف ان الحكومة حاولت بجدية كبيرة، ان تدمج المنظمات غير الحكومية في عمليات المدى الطويل، وقد قاموا بعمل جيد ولافت، ولكن بالنهاية، الأموال يجب ان تجد طريقها لميزانيات البلديات على مستوى المدن، وان لم يحصل هذا، تستطيع المنظمات غير الحكومية انفاق كل الأموال، التي تريدها على خدمات للاجئين، ولكنها لن تغير الحقيقة؛ الشوارع تتآكل، انابيب المياه تتفتت، وتتأثر خدمات جمع النفايات. اعتقد انه يجب اعادة النظر بهذا النهج، مزيد من الأموال يجب ان تتجه للحكومة، ويمكن اشتراط ان تذهب بشكل مباشر للبلديات، قد يكون هذا حل مناسب.

* قرأت ما كتبته عن ان استقبال اللاجئين السوريين في الولايات المتحدة، يساهم في الحرب ضد "داعش"؟
- نعم. برأيي أن اللاجئين السوريين في اغلبهم عائلات يائسة، تحاول الهرب من وضع سيئ جدا، وبينهم عدد من الشباب، ممن هم مجندون محتملون لمنظمات ارهابية، سواء "داعش" او القاعدة او غيرها. الابقاء عليهم في الظروف البائسة بمخيمات اللاجئين، او بعيدا عن اميركا وعن الأماكن الآمنة، يجعلهم عرضة اكثر للانضمام للمنظمات الارهابية.

* أي عندما يكونون أقرب الى سورية؟
- عندما يكونون اقرب لسورية، ويعيشون في مخيمات مؤقتة، وعندما ينعدم الأمل لديهم بالمستقبل، وهم محرومون من حقوقهم. الناس الذين يشعرون بذلك يكونون اكثر عرضة للتجنيد لدى تلك المنظمات. لذا فان احدى وجهات النظر هي نقلهم من هذه البيئة، والثانية هي ان اميركا تحاول دائما تمثل مبادئ الديمقراطية والحرية، ومحاولة شرح هذه الأمور بشكلها العالمي وتطبيقها على الجميع، لذا فان رفضنا أخذ لاجئين، وقد فعلنا هذا في العديد من المرات سابقا، فهذا يضر بسمعتنا وقدرتنا على اقناع الناس، بأن يقفوا مع اميركا بالظروف الصعبة جدا.

لذا، المطلوب المزيد من الكرم من قبلنا. المزيد من فتح الأبواب سيؤدي الى تصديق المزيد من الناس في الشرق الأوسط ومناطق اخرى ان ما نقوله صحيح، عندما نقول اننا نريد ان يتمتع الجميع بحرية التعبير وحرية الأديان وكل هذه الأمور.

* ما رأيك بهذه الحرب بشكل عام. تحالف يتكون من 62 دولة فيما الحرب ضد "داعش" ما تزال قائمة، لماذا لا نرى نتائجها، ولماذا يتوسع "داعش" ببعض المناطق وبشكل عالمي؟
- نعم في ليبيا وافغانستان واندونيسيا التنظيم يتقدم.

* على ألأقل يمكن ايقافهم، هل يعقل ان 62 دولة، بما في ذلك الولايات المتحدة، التي تملك اقوى جيش بالعالم، غير قادرة على ايقافهم؟، هل السبب هو ان الضربات مقتصرة على الهجمات الجوية ام ماذا؟

- وزارة الدفاع تقول انهم نجحوا، ويدفعون ويضغطون "الدولة الاسلامية" الى مناطق اصغر. انا ارى اننا نستخدم قوة عسكرية لمحاولة حل مشكلة سياسية واجتماعية. "تنظيم الدولة" لم يكن ليوجد لو كانت هناك حكومات شرعية في سورية والعراق، وكان شعبيهما يؤمنان بهما. تنظيم الدولة يحتاج لناس يعانون الحرمان، ليدعموه بوجوده. اذا، المشكلة الأساسية هي سياسية واجتماعية، بينما نحن نستخدم القوة بمحاولة حلها. اذا هي اداة خاطئة لهذه المهمة، وكل ما سنجنيه جراء استخدام القوة هو الابقاء على الأمور بحيث لا تتدهور اكثر مما هي عليه. المشكلة اننا لا نستطيع احتواء فكرة، ولا يمكن ان نسيطر على امور، يتم بثها عبر فيديوهات الانترنت، لا يهم كم هو قوي جيشنا، هذا امر غير ذي صلة، اذا لم يكن لدينا الرسالة والخطة الصحيحة، اذا لم يكن لدينا حل حقيقي للمشكلة.

مثلا في العراق، أتحدث مع عراقيين بشكل دائم وافهم شكاواهم، وبعضهم من السنة، من الأنبار، حيث يشكون من ان الحكومة العراقية لا تريدهم ان يكونوا جزءا من الدولة. المشكلة ان حكومة العراق فعلت القليل جدا لمعالجة شكاواهم تلك، لذا عندما اتحدث مع زعماء عشائر عراقيين، وقادة عسكريين سابقين ورجال اعمال، فانهم يقولون انهم لا يريدون "داعش"، ولا يريدون حكومة العراق، ولا احد يملك حلا، لذا نحن نجلس في الوسط، ونرى الحكومة و"داعش" تتحاربان.

هذا يعني ان "داعش" قد تستمر للأبد، لأنه حتى ايجاد حل سياسي للمشكلة، فلن يتغير احد، ولن يكون هناك حركة صحوات اخرى في العراق، ان لم يتم حل المشكلة بين الحكومة والشعب. "داعش" لا تمثل سكان الأنبار، بل تمثل الفوضى، التي تحصل عندما لا تدعم الحكومة شعبها.

* اذاً، انت لا تؤمن ان تجربة الصحوات قد تتكرر؟
- قد تتكرر فقط في حال ان الناس شعروا ان الحكومة ستدعمهم.

*وكيف سيشعر الشعب بذلك؟
-يجب عليهم تغيير الدستور. سفير العراق لدى اميركا قال انه يؤمن ان تغيير الدستور قد يكون فكرة جيدة، وهو ممثل رسمي عن الحكومة. واعتقد انه يجب ان يكون الدستور بالتوافق. وبالنسبة لفكرة الفيدرالية، فانها ستكون كارثية. الان، رئيس العراق كردي، ورئيس الوزراء شيعي، ورئيس البرلمان سني، كيف يمكن تغيير هذا التقسيم بالدستور الجديد ليلائم العراق؟ اولا على الدستور ان يحمي حقوق الانسان، حاليا يشتكي السنة من استخدام المادة الرابعة من الدستور لقمعهم، لذا لا بد من التعامل مع هذه المادة. الخطأ الكبير الذي ارتكب عند كتابة الدستور العام 2003 هو اننا جعلنا التقسيم بين السنة والشيعة والأكراد رسميا. نحن عززنا الفكرة، بانه لا بد من التقسيم بناء على الطائفة والعرق. ليس ذلك ما كانوا هم يريدونه. لا استطيع ان اتحدث بالنيابة عن الأكراد، ولكن اكيد ان السنة لا يريدون ان يقسموا بناء على طائفتهم، لأن هذا سيؤدي الى خسارتهم. الذين تحدثت معهم في الأنبار هم وطنيون، يريدون ان يكونوا جزءا من الدولة، لا يريدون ان ينظر اليهم وكأنهم سنة فقط، ولا يريدون التقسيم على شكل دول مختلفة، لذا، الدستور الجديد سيكون فعالا اكثر لو قلّل من التشديد على التقسيم الطائفي والعرقي.

المشكلة الكبرى انه لا يوجد من يمثل السنة، فهم لا يمثلًّون بقيادة في الحكومة حاليا، عندما لا تجد من يتحدث باسمك فكيف ستفاوض، هذه المشكلة يجب حلها.

* هل تعتقد ان دعم بعض السنة لـ"داعش" في الانبار بالعراق يزداد؟
- ثمة فرق بين الدعم وامور اخرى. اجرينا تحليلا للتواصل الاجتماعي في الأنبار العام الماضي، واظهر دعما قليلا جدا لتنظيم الدولة، لا اعتقد ان الدعم كان قويا باي مرحلة من المراحل. المشكلة هي ليست انهم يدعمون "داعش" بل انهم لا يعارضونه.
ويجب ان نتذكر ان بعض من يقانلون مع "داعش" هم ايضا مسلحون قوميون، ينتمون لجماعتين او ثلاث مختلفة، وسيغيرون توجهاتهم بسرعة كبيرة، مثل "ثورة 1920" والجيش الاسلامي، بعض اعضائهم ينضمون ويحاربون مع البعث ومع "داعش"، ولكن اذا ضعف "داعش" وبدأ يخسر، فانهم سيهجرونها. المشكلة هي انه يجب ان تعطي هؤلاء الناس شيئا اخر ليؤمنوا به.

عليك ان تعطيهم املا بمستقبل مختلف. حاليا لا يوجد ما يمكن اعطاؤهم اياه. اعتقد ان افضل ما يعطيهم الامل هو ان الدستور سيتغير لحماية حقوق السنة، والتأكيد لهم انه سيكون لديهم تمثيل عادل في الحكومة. هذا مفتاح النجاح في اي مكان، إنهم الشعب، عليك ان تضع نفسك بمكانهم وتفكر بالطريقة التي يفكرون بها؛ اذا كانت الحكومة تخرجني من الحياة المدنية، فماذ افعل؟ وما الذي سيعيدني؟، اعتقد ان الاجابات ليست سهلة.

*ماذا عن سورية، وتأجيل المفاوضات بين المعارضة والنظام، بينما تعد هذه المفاوضات هي الخطوة الأهم حتى الأن في تاريخ الأزمة السورية؟
- الوضع معقد اكثر، نعم هذه المفاوضات هي اهم ما وصلنا اليه، ولكنني غير متفائل.

*ما هي برأيك العناصر التي افشلت او اجلت المفاوضات، ولم تجعلها كما كان مأمولا منها؟
- لانهم لم يوقفوا القتال. الجميع تعب، ولكن الان لدينا روسيا تدعم النظام السوري، وهم يحققون مكاسب على الأرض، وهم واثقون انهم سيستعيدون الكثير من المناطق، لديهم حافز صغير جدا لاجراء مفاوضات سلام حقيقية، اما قادة المعارضة فيؤمنون انهم اذا اتموا صفقة مع الأسد، فبالنهاية سيقتلون، لذا هم ايضا لديهم حافز قليل. وتنظيم الدولة لا يتفاوض مع اي احد، والنصرة كذلك، الوضع معقد جدا، الكثير من الأمور تجري، ولا اعتقد ان الظروف جيدة الان لتسوية تفاوضية، وقد اكون مخطئا.

* ماذا تتوقع لهذه الأزمة.. هل ستحل سلميا، ام سيكون هناك حرب.. ربما تكون عالمية ثالثة؟
- اعتقد ان الحكومة السورية تستعيد الكثير من المناطق، بسبب دعم روسيا. التدخل الروسي زود النظام بحياة وزخم جديد، فاذا كان هناك امل بأن النظام منهك، وجاهز للتفاوض، فقد ذهب هذا الأمل الان.

* كيف تحلل الموقف الروسي هذا؟
- روسيا لديها تاريخ طويل من دعم حليف الاتحاد السوفييتي النظام السوري، هناك روابط ثقافية واجتماعية كبيرة بين السوريين والروس، وروسيا لديها مرفأ مهم بسورية، لديهم مطالبة معقولة للقول ان هذا الأمر مهم استراتيجيا لهم، رغم ان اميركا تعترض، والمشكلة الان بدخولهم، انهم قد ازالوا فرصة لمفاوضات حقيقية. اعتقد ان الروس يرون املا باستعادة نظام الأسد السيطرة على البلاد، وكلما استعاد مزيدا من المناطق، كانت الحكومة مستقرة اكثر، واقوى كحليف لروسيا، واحتمال اكبر للابقاء على مينائهم في المتوسط، هذا ما يحركهم. هم لا يحاولون التعطيل او الاعاقة، بل يرونه امرا استراتيجيا.

طالما ان الحكومة التي يدعمونها تنتصر، فلماذا سيهتمون بالمفاوضات؟ الشيء الوحيد الذي قد يوقفهم هو التكلفة المالية الباهظة لحرب يومية، ومع انخفاض اسعار البترول حتما سيصبح التمويل قضية كبرى لروسيا، ولكن ان لم يحصل هذا، اذا كانوا مستعدين لخسارة اموالهم يوميا، فسيستمرون.

* هل تعتقد انهم يريدون بقاء الأسد، ام يريدون دعم شخص آخر من نظامه ليحل مكانه؟
- مما اقرأه، لا اعتقد أن هناك علاقة شخصية بين الأسد والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ورأيت مؤشرات على انها ليست جيدة، اعتقد انهم يريدون التأكد من وجود نظام موال لروسيا في دمشق.

* ما رأيك بالتقارب والتفاهمات الأميركية الروسية؟
- كانت للبلدين دائما علاقة قوية، واعتقد ان اميركا وروسيا لديهما مصالح مختلفة جدا، ولا اظن ان هذا مفيد للولايات المتحدة، ولن يقود بالضرورة الى مفاوضات ناجحة، بل قد يستغل الروس ذلك، ولا اظن ان هذا سيؤدي لانهاء الحرب.

* لماذا لا تقدم اميركا على مساعدة ما تسمى المعارضة السورية المعتدلة، باستعادة مناطق في سورية، كما يفعل الروس مع النظام؟
- هذا سؤال جيد. المشكلة انه مع الدعم الجوي الروسي، فان منطقة مثل شمال درعا، حيث توجد معارضة ونظام، توفر القوات الروسية ضربات جوية للحكومة، اذا وفرنا كاميركيين ضربات للمعارضة فسيربحون، وهذا خطر للجميع.

* كيف سيكون ذلك خطرا؟

- اذا ذهبت اميركا وروسيا الى حرب فهذا هو الخطر. لا يمكن دعم المعارضة دون وجود اتصال مع الروس، وهذا ما نخشاه، اذا كانت طائرات اميركية تطير هنا، واخرى روسية تطير هناك.

الكثيرون انتقدوا سياسة الادارة الأميركية حول سورية، انا قلت في العام 2014 ان القصف لن يحل المشكلة، وانه ليس لدينا طريق واضح امامنا، وليس لدينا ابدا خطة واضحة صلبة حول سورية. لا احسد الادارة على ذلك، اعتقد انها مشكلة صعبة جدا، ولا اقول ان لديّ حلا واضحا.

اعتقد ان ما سيجري لاحقا هو ان سورية ستقسم، لن يكون هناك حكومة مركزية، ولا اعتقد ان الأمر نفسه سينطبق على العراق، الذي يمكن الابقاء عليه موحدا، ولكن في سورية سنرى منطقة سنية وعلوية وكردية.

*هل تعتقد انه الحل الأفضل؟
- لا، ولكنه قد يحدث بشكل افتراضي اذا انتهت الحرب.

* هل تظن ان اميركا او اي طرف آخر يريد هذا السيناريو، أي تقسيم سورية؟
- لا اعتقد ان اي أحد يريد هذا، ولكن لا يوجد بديل.

* العراقيون يريدون ذلك ولكنه لم يتحقق؟ الأكراد مثلا اصبح لديهم اقليم، رغم انه ليس دولة رسميا؟
- السنة العراقيون لا يريدون ذلك. الأكراد اصبحوا مفلسين ماليا. لا يملكون اموالا، وهم غير مستقلين، ولم يعلنوا الاستقلال، ولم يعلنوا حتى عن استفتاء لذلك، لديهم منطقة، ليس لديهم القدرة المالية لتمويل منطقتهم، لكي يعلنوا الاستقلال الان. لا اعتقد ان هذا سيحصل. الكثير من الأمور التي يخمنها البعض حول العراق خاطئة، قد اكون مخطئا عن سورية.

* ما رأيك بوضع الاردن وسط كل ما يجري في المنطقة، ما هي التهديدات التي تحيط بنا؟

- الأخبار الجيدة، هي ان احتمال اي هجوم عسكري ضد الأردن، هو منخفض جدا، بينما احتمال تهديد هجمة ارهابية هو عال جدا، لكن الهجمة الارهابية لن تقضي على الأردن. لذا التهديد الحقيقي الفيزيائي هو اقل، مما كان عليه في اعوام سابقة.

المشكلة هي إنْ انهارت الموزانة او تضرر الاقتصاد الاردني. حاليا لا يشكل اللاجئون السوريون تهديدا، ولكن ان لم يتوفر لهم الطعام، وجاع الأردنيون، هذا هو اكبر المخاوف. الأردن بات الان معتمدا كثيرا على الدعم الخارجي، ما يعني ان اي فجوة بهذا الدعم تضر الأردن.

اميركا ودول داعمة اخرى يجب ان تستمر بدعمها للأردن، وان تزيد منه. ويجب عليهم ذلك، لأن الأردن يتحمل تهديدا هائلا، فلديه مئات الآلاف من اللاجئين السوريين، اضافة الى كل اللاجئين الفلسطينيين والعراقيين. ومثّل الأردن ملجأ آمنا لبقية المنطقة، وان لم يكن الأردن هناك، فلنا ان نتخيل كم ستكون المشكلة سيئة.

* هل ترى ان ما يحصل عليه الأردن كاف؟
- اعتقد انه يجب فعل وتقديم المزيد. واذا كنا نتحدث عن احباط الناس، فماذا تستطيع اميركا ان تفعل؟ بالطبع عليها دعم الدول التي تدعم اللاجئين، والتأكد من ان لديهم ما يحتاجون. حاليا الدعم ليس كافيا، وسيكون الحال اسوأ لو انخفض هذا الدعم. اميركا تقدم الدعم الأكبر للأردن، انا لا انتقد الادارة، بل اقترح فعل المزيد، وافضل ان أرى الأموال التي تصرف على الحرب تصرف على اللاجئين، وهذه افضل مكافأة.

* هل تعتقد ان اميركا يجب ان تدعم الاردن اكثر من ناحية عسكرية ام دعما اقتصاديا؟
-اميركا لن تسمح ابدا، على الأقل في المستقبل المنظور، بأن يحدث اي اذى او ضرر للأردن. اميركا تساعد الاردن في امن الحدود، والتدريب والتجهيز العسكري، وانشطة مكافحة الارهاب، لذا الأردن يحظى بدعم كامل من اميركا امنيا. وهو يحصل على دعم اقتصادي هائل، اميركا ملتزمة تماما بالأردن، والأهم هو ان لا ينخفض هذا الدعم، وان يزداد مع ازدياد الاحتياجات.

* اذا، هل تعتقد ان تحسين مستوى حياة الناس، يقود الى أردن مستقر أكثر؟
- اذا نظرنا الى عدم الاستقرار في الشرق الأوسط، ولماذا حصل، نرى أن الشعوب شعرت ان حكوماتها خذلتها، وحتى الان لم نصل لهذه المرحلة في الأردن، ويجب التأكد من اننا لن نصل الى هذه المرحلة. الأردن قام بأمر جيد جدا من خلال السماح للاخوان المسلمين بالاحتجاج وامور اخرى. يجب الابقاء على هذه الحريات، من اجل الحفاظ على الاستقرار. هو امر صعب، وقد كان هناك بعض القيود على الحريات الصحفية. واذا اعتقدنا ان الاستقرار الداخلي هو الأهم، اذا يجب الحفاظ على الدعم الشعبي، وافضل طريقة لذلك هي اعطاء الناس ليس فقط الخدمات التي يريدونها، بل ايضا الحريات والحماية التي يحتاجونها تحت القانون.

اذا كانت الاصلاحات، مثل قانون الانتخاب تحظى بتأييد شعبي، ويراها الناس مفيدة، اذا هي جيدة، ومهمة للحفاظ على الأردن. وقد قدمتُ في تقرير لي، ان العديد من الأردنيين نظروا حولهم الى المنطقة، وقالوا: "نعم لدينا الكثير من المشاكل في بلدنا، ولكننا لا نريد ان نصبح مثل سورية او العراق او مصر".




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمان جو الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :