إتصل بنا من نحن إجعلنا صفحتك الرئيسية

مقبرة وادي السير


الكاتب : فارس حباشنة

عمان جو - يتداول على السوشل ميديا فيديو لاعتداءات وانتهاكات لمقبرة وادي السير ، واتهامات لعابثين يقومون بنبش القبور وبيعها لموتى جدد .
قبور تباع وتشترى ، وقبور تختفي .. للقبور حرمة ، وفي بلدان انهكتها الحروب والصراعات الفرقاء والمتحاربون لا يجرؤون على العبث والاقتراب من القبور .
و يمرون في معاركهم من جوار المقابر يطرحون السلام عن البعيد او يمرون بصمت دون دعاوي وطلب استغفار او دعاوي لبئس المصير .
داعش وفصائلها الإرهابية اقتربوا من مقابر المسلمين واهل الذمة ، وعبثوا بها ونبشوها وحرقوها ، واعتبروا ذلك ركنا من الجهاد وعقيدة قتال الاعداء واقامة دولة الخلافة واحياء حكم الله على الارض .
تابعنا مشاهد لمقاتلي داعش قاسية على الابصار ، كيف احرقوا مقابر اليزيديين والمسيحيين في سورية والعراق .. ذروة العنف والانتقام ، وذروة العدوانية والكراهية للاخر ، انسان ميت يرقد في قبره ، وفي عقيدة المسلمين يقال عن الميت انه في دار الحق ونحن الاحياء في دار الباطل « الحياة الدنيا « .
ماذا اصاب قبور الناس ؟ ولماذا تسلل العبث الى القبور ؟ ومن يحمى الموتى ؟ عرفنا جازمين ان الاحياء لا حرمة لهم ، وانهم معروضون للانتقام .. ولكن رقصة العبث تدق مراقد الموتى ، فهذا اكبر من سوال عاجل ، وبرقية لكل ما يجري من حولنا .. فهل يريدون ايضا ان نموت دون ان ندفن ، نموت ونرمى في عرض الاهمال والعراء .
عبث القبور مرض خبيث .. وكيف تتحول الكراهية الى عقيدة ، والغدر الى فقه حياة ، وما من حرمة لانسان في الحياة والموت .. فهل علمتنا كتب السماء ان نهين ونعبث ونبيع ونشتري في قبور الموتى ؟
احيانا اللغة تعجز عن التعبير ، ولا اتصور ما قد يقال ويكتب عن عابثي القبور . اللغة كالدخان تحجب احيانا حقائق ، اللغة تراوغ وتكون اداة سيئة لايصال الرسالة والمعنى ، ولا ادرى ما هو التعبير الافضل لنقل صورة عبث القبور البشعة والخبيثة .
العابث بالقبور ، هو العابث بالحياة ، وهو المفرط بارواح الناس ، وهو القاتل السري ، وهو بادق التوصفيات من يتلذذ بالموت والانتقام ما بعد الموت . ولكي كيف تختبر وتكتشف انسانية واخلاق اي مجتمع ، اسال عن قبورهم ؟
ماذا نقول وكيف نعتذر للموتى ؟ وندعو كل يوم لهم بالرحمة والغفران ، و قبورهم تداس وتدنس ، وتباع وتشترى . نبدو بالغي السذاجة اذا ما اعترفنا بان اخلاقنا وانسانيتنا بازمة ، وان المسالة اكبر من عبث بقبور ، انها من معادلات قتل الحياة ، فاي زمان اصبح الانسان به ضحية للحياة والموت معا .




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمان جو الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :