العبيني
عمان جو - عبدالهادي راجي المجالي - اجبد- مات المهندس أحمد العبيني ...
هكذا بهدوء وصمت دون أن يخبر أحدا منا أنه قرر الرحيل , دون أن يهاتفني ..دون أن يكتب تعليقا على الفيس بوك , ودون أن نكمل أمر الوليمة التي رتبناها لأصدقاء العمر ...وظن أننا سنلم جميع الذين خدمنا معهم في أمانة عمان ..ونتذكر شغبنا والحب , وما مر على البلد من وجع ...
مات هكذا ...وقد أخبرني أنه هذا الصيف سيسافر إلى رومانيا , وياما حدثني عن أولاده وحجم الحب للأحفاد وعن سند , وعن اربد وأمه ....وياما تحدثنا عن أيام الكرك التي عاش فيها وعشقها , حين كان والده مديرا لمدرسة الربه الزراعية , ومديرا لزراعة الكرك ...
أحمد العبيني عمان كلها كانت تعرفه , لقد خدم لأكثر من (30) عاما في كل دوائر أمانة عمان ..وهو من أسس الكثير منها , والأهم أنه خدم لأكثر من أربعين عاما في سلك الكرم والحب , ولم يتقاعد منه , كان يحضرنا لمنزله فقط لأجل الولائم التي تندلع ..وتطبخ على المحبة وليس على النار ..كان يلمنا لأجل أن نطلق ضحكاتنا على صهوة الريح , وكانت يداه ...مختلفة عن أيدينا فهي مثل بر حوران كل شيء ينبت فيها ..القمح , والزيتون , والهوى ,والدفء ,والوطن .
سأفتقد رحيلنا لمأدبا حين تضيق بنا عمان , وسأفتقد الضحكات التي كنا نطلقها ..حين كان أحمد ينتقد سوء صناعة السيارات الكورية ,بعد أن نعيد الكرسي لاخر مدى ..وأنا كنت أضحك وأقول له : المشكلة ليست في السيارة ولكنها في أقدامك الطويلة ....سنفتقد هروبنا للأغوار لجمال المصالحة حين يشتد برد عمان , والمكالمات التي تأتي من الأحفاد ..وسند الذي حاولنا مرارا إقناعه أن يأتي معنا ولم يحضر ...والسجائر التي نسيها في المنزل وعدنا لإحضارها , والعتب على الناس الذين انقطعت أخبارهم ...
منذ عامين وهو في كل إسبوع يضع صورة أمه على الفيس بوك , ويكتب عن اشتياقه لها , كأنه أحس بالموت قد اقترب , أو انه قرر الرحيل ....لكنه سيبقى المحب الطيب الذي جاء من حوران وطاف الأردن كلها , وما من جلسة أو لقاء أو دعوة مرت عليه ..إلا وترك على القلوب بصمة ...
على كل حال أحمد مات , لم يكن وزيرا ولا مسؤولا كبيرا ...لكنه كان عملاقا في التفاني , لم يتسلم مشروعا في أمانة عمان إلا ونهض به , وأعاد انتاجه بشكل يليق بالمؤسسة ...لم يتسلم دائرة إلا وأعاد بنائها كما يجب , واتذكر عقل بلتاجي -رحمه الله -..حين كان يستعصي عليه أمر , كان يقول جملة واحدة : (جيبوا العبيني) ..وكان يتصدى للمهمة وينجزها , ثم يعود لمنزله في مرج الحمام ...فالأحفاد قد حضروا ...
رحمك الله , يا ابن حوران ...يا اعذب الناس ..وستبقى في وجداننا : طعم السكر , والنسمة السكرى التي تخترق شغاف القلب , ستبقى أحمد ..الذي حول كل ركام اليأس إلى مصانع للفرح والبهجة والحب والحياة .. رحمك الله .
abdelhadi18@yahoo.com
الرأي
هكذا بهدوء وصمت دون أن يخبر أحدا منا أنه قرر الرحيل , دون أن يهاتفني ..دون أن يكتب تعليقا على الفيس بوك , ودون أن نكمل أمر الوليمة التي رتبناها لأصدقاء العمر ...وظن أننا سنلم جميع الذين خدمنا معهم في أمانة عمان ..ونتذكر شغبنا والحب , وما مر على البلد من وجع ...
مات هكذا ...وقد أخبرني أنه هذا الصيف سيسافر إلى رومانيا , وياما حدثني عن أولاده وحجم الحب للأحفاد وعن سند , وعن اربد وأمه ....وياما تحدثنا عن أيام الكرك التي عاش فيها وعشقها , حين كان والده مديرا لمدرسة الربه الزراعية , ومديرا لزراعة الكرك ...
أحمد العبيني عمان كلها كانت تعرفه , لقد خدم لأكثر من (30) عاما في كل دوائر أمانة عمان ..وهو من أسس الكثير منها , والأهم أنه خدم لأكثر من أربعين عاما في سلك الكرم والحب , ولم يتقاعد منه , كان يحضرنا لمنزله فقط لأجل الولائم التي تندلع ..وتطبخ على المحبة وليس على النار ..كان يلمنا لأجل أن نطلق ضحكاتنا على صهوة الريح , وكانت يداه ...مختلفة عن أيدينا فهي مثل بر حوران كل شيء ينبت فيها ..القمح , والزيتون , والهوى ,والدفء ,والوطن .
سأفتقد رحيلنا لمأدبا حين تضيق بنا عمان , وسأفتقد الضحكات التي كنا نطلقها ..حين كان أحمد ينتقد سوء صناعة السيارات الكورية ,بعد أن نعيد الكرسي لاخر مدى ..وأنا كنت أضحك وأقول له : المشكلة ليست في السيارة ولكنها في أقدامك الطويلة ....سنفتقد هروبنا للأغوار لجمال المصالحة حين يشتد برد عمان , والمكالمات التي تأتي من الأحفاد ..وسند الذي حاولنا مرارا إقناعه أن يأتي معنا ولم يحضر ...والسجائر التي نسيها في المنزل وعدنا لإحضارها , والعتب على الناس الذين انقطعت أخبارهم ...
منذ عامين وهو في كل إسبوع يضع صورة أمه على الفيس بوك , ويكتب عن اشتياقه لها , كأنه أحس بالموت قد اقترب , أو انه قرر الرحيل ....لكنه سيبقى المحب الطيب الذي جاء من حوران وطاف الأردن كلها , وما من جلسة أو لقاء أو دعوة مرت عليه ..إلا وترك على القلوب بصمة ...
على كل حال أحمد مات , لم يكن وزيرا ولا مسؤولا كبيرا ...لكنه كان عملاقا في التفاني , لم يتسلم مشروعا في أمانة عمان إلا ونهض به , وأعاد انتاجه بشكل يليق بالمؤسسة ...لم يتسلم دائرة إلا وأعاد بنائها كما يجب , واتذكر عقل بلتاجي -رحمه الله -..حين كان يستعصي عليه أمر , كان يقول جملة واحدة : (جيبوا العبيني) ..وكان يتصدى للمهمة وينجزها , ثم يعود لمنزله في مرج الحمام ...فالأحفاد قد حضروا ...
رحمك الله , يا ابن حوران ...يا اعذب الناس ..وستبقى في وجداننا : طعم السكر , والنسمة السكرى التي تخترق شغاف القلب , ستبقى أحمد ..الذي حول كل ركام اليأس إلى مصانع للفرح والبهجة والحب والحياة .. رحمك الله .
abdelhadi18@yahoo.com
الرأي
تعليقات القراء
لا يوجد تعليقات