إتصل بنا من نحن إجعلنا صفحتك الرئيسية

هل يعلنون نهاية العولمة ؟


الكاتب : فارس حباشنة

عمان جو- لم يكن فوكوياما يتصور ان نهاية العولمة ستكون بفعل ازمة الامن الغذائي .
و باسم ازمة الغذاء تدعو الحكومات الى منع التصدير واغلاق الحدود ، وتشديد اجراءات التصدير ، والاكتفاء الذاتي ، والعودة الى مربع القرية الصغيرة .
و بعدما قطع العالم شوطا في التجارة الحرة وعولمة الاقتصاد ، وما قدم من اطروحات غزت البشرية باسم نهاية التاريخ بمعناه الكلاسيكي ، وشطبت الهويات والقوميات المحلية باسم الانسانوية .
وزير الدفاع الامريكي السابق روزفلت صاحب اشهر عبارة عن العولمة ، وقال : ان قدر العالم هو ان يتامرك . وهذا ما اراده الامريكان ، وهو حقيقة في عولمة امريكية حاولت ترسيخ مفاهيم امريكية حول الحريات وحقوق الانسان واقتصاد السوق والتجارة العالمية ، والحرب على الارهاب ، ومفاهيم من انتاج مطابخ القرار في واشنطن .
فهل انقلب اليوم السحر على الساحر ؟ فماذا يقول اليوم مبشرو العولمة ؟ والعالم قد بلغ مقاما مؤلما بازمة الامن الغذائي ، وملايين البشر مهددون بالانضمام الى جحافل فقراء ما بعد كورونا وحرب اوكرانيا .
و الهند اكبر منتج للقمح قرر منع التصدير وتنوي منع السكر ، واندونسيا منعت تصدير زيت النخيل ، والارجنتين منعت تصدير زيت الصويا ، والجزائر منعت تصدير المعركونة ومشتقات القمح والسكر ، والزيت النباتي .
و مصر منعت تصدير الذرة والقمح والعدس والفاصوليا ، وايران اوقفت تصدير لحوم البقر والضان والزبدة والخضروات ، وتركيا حظرت تصدير الزيوت والخضراوت واللحوم على شتى انواعها ، والبقوليات .و روسيا منعت تصدير السكر والذرة والقمح والشوفان والشعير ، والاسماك والزيوت .
في اوروبا 40 منتجا أساسيا معرض بشدة الى الاختفاء من الاسواق بسبب ازمة سلاسل التوريد ومحدودية التنويع ، وباتت دول اوروبية تحت قصف ازمة الحرب الاوكرانية وتداعياتها على الامن الغذائي .
وفيما تتجه الحكومات نحو التوسع في سياسة الحمائية والانطواء الذاتي ، واغلاق الحدود ، ومنع التصدير وحماية المنتج المحلي ، ولاحظنا ذلك في انعاكسه على بريكست وامريكا اولا .. مفردات كادت ان تنقرض في زمن العولمة ، وتعود اليوم للتصدر واجهات الاخبار .
في سريلانكا اعلن رئيس الحكومة انهيار اقتصاد بلاده .. وتمتد مظاهرات واعمال عنف في بلدان كثيرة احتجاجا على ازمة الغذاء وارتفاع اسعار السلع الاساسية واجور النقل وخدمات اللوجستية والتضخم ، وضعف القدرة الشرائية ، وعجز الدولة عن توفيرها وعجز المواطنين عن شرائها ان توفرت .


توماس فريدمان الكاتب المشهور في جريدة نيوريوك تايمز بشر في كاتبه المعنون ب « العالم مسطح « بقرب حلول عالم يعيش فيه بفضل العولمة لا يسمح بنشوب نزعات بين الدول ، ونظرية «الاقواس الذهبية» التي ترمز الى سلاسل مطاعم شهيرة التي انتشرت كالسرطان في بقاع الكرة الارضية من الهند الى بريطانيا واستراليا وكندا والمغرب ، ومصر ، وباكستان .
و فريدمان وغيره من مبشري العولمة اعتبروا ان هذه المطاعم، هو عنوان الصدارة للثقافة الشعبية الامريكية وتصديرها الى العالم ، ويقول فريدمان ، ما لم تحققه الدبلوماسية والمؤتمرات والمفاوضات في سالف عصر وزمان ، فسوف تحقق السلام وتمنع التوترات التي تسبب نشوب حروب ونزاعات بين الدول.
خيال وجراءة في قراءة المستقبل ، ولا اعرف كيف يحاكمها فريدمان ومدرسته اليوم ، وذلك في ضوء ما تواجه البشرية من تحديات لحروب ونزاعات وازمة الغداء ، وتشقق العولمة الاقتصادية والثقافية ، وانهيارها ؟!
روسيا من بداية حرب اوكرانيا اعلنت اغلاق مطاعم ماكدونالز .. وكثير من الساسة الامريكان كانوا يتصورون ان هزيمة الاتحاد السوفيتي ونهاية الحرب الباردة لم تكن بانهيار جدران برلين ، بل اعلان افتتاح اول فرع لماكدونالز في موسكو عام 1990 .
لا نبالغ بالقول ان العولمة ماتت وقد انتهت ، وما بعد العولمة تحول لاشلاء وهم وخرافة واسطورة امريكية وغربية .. واللافت ان العولمة قتلت في موطن مولدها ، ومن منشئها .. ومن لا يدري لعل موت العولمة سيكون بداية لنهاية الاستعمار الامريكي والاوروبي الجديد ، وبداية لتصدع في بيوت ثقافة مركزية غربية استعلائية وامبرالية ، ولا تؤمن الا بالرجل الابيض وعقد نقصه واسطورة تفوقه حضاريا وانسانيا .




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمان جو الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :